بصائر

بصائر

03/12/2013

كلُّ يومٍ عاشوراء، خصوصاً في محرَّم وصفر


كلُّ يومٍ عاشوراء، خصوصاً في محرَّم وصفر

ماذا عن استمرار مجالس العزاء في البيوت؟*

 ـــــ الشّيخ حسين كوراني ـــــ


هل انتَهَت عاشوراء فإذا بنا تفرَّقنا وتَرَكنا مجالس عاشوراء؟

هل انتهى الحزنُ بحلولِ ظهر اليوم العاشر من محرَّم أو عصره، أو بانتهاء  اليوم الثَّالث عشر، أم أنَّ الحزنَ بدأ آنذاك؟

إذا كنّا نحن قد تركنا لبسَ السَّواد، وتركنا الحِدادَ، وظننَّا أنَّ عاشوراء قد انتهت، فإنَّ سيّدَ النّبيّين المصطفى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ما يزال يعيشُ حزنَ عاشوراء على سِبْطِه الإمام الحسين عليه السَّلام.

إنّ الأمّ الّتي تُفجَعُ بعزيزها ولا تنساه حتّى بعد مرور عشرين سنة وخمسين سنة، تستطيع أنْ تعرفَ كيف أنَّ حزنَ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على الإمام الحسين حزنٌ مقيمٌ.

إذا كنّا نحنا قد فَرغْنا من عاشوراء، فإنّ أميرَ المؤمنين عليه السَّلام ما يزال حزنُه على عاشوراء يَعتصرُ قلبَه، وكذلك الإمام الحسن عليه السَّلام الّذي قال للإمام الحسين عليه السَّلام كما يُروى عنه: «لا يومَ كيومِكَ يا أبا عبد الله..».

كذلك كلّ أهل البيت عليهم السَّلام، خصوصاً إمامُ زمانِنا بقيّةُ الله في الأرضين.

**

 

حقّاً هل نسينا أنّ الإمامَ المُنتظَر عجّل اللهُ تعالى فرجَه الشَّريف، هو المُعَزَّى بالإمام الحسين عليه السَّلام؟

أوَليس هو الّذي يُخاطبُ جدَّه سيِّد الشُّهداء في ما رُوِيَ عنه -أرواح مَن سِواه فداه- فيقول: «فلأندُبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكيَنَّ عليك بدلَ الدُّموع دماً».

**

 

ثمَّ ما بالُنا ننسى موكب السَّبايا.. أين كانت زينب وأخوات زينب في مثلِ هذه الأيّام؟

أين كان إمامُنا الرّابع، إمامُ زمانِ مولاتنا زينب، الإمام السّجّاد عليه السَّلام؟

ما هو حالُ الأطفال في موكب السَّبايا..

**

أتُرى انتَهَت عاشوراء وانتَهينا من حملِ الهمِّ، همِّ سيِّد الشهداء وهمِّ أهل البيت، وهذا الهمّ نفسه هو همُّ الإسلام؟

هل يستطيعُ موالٍ لأهل البيت أنْ يَهْنَأ بطعامٍ ومسكنٍ وشرابٍ وملبسٍ وهو يتذكَّر أنَّ موكب السَّبايا يُساقُ بقسوةٍ وبغلظةٍ وبفظاظةٍ من بلدٍ إلى بلدٍ؟ وأنَّ هذا الموكب ينزل في مكانٍ في خَرِبةٍ، ويُستقبَل في مكان آخر بِشماتةٍ؟

حقّاً هل يمكننا -عندما نكون مُوالين للهِ تعالى ورسولِه وأهلِ البيت- أن تنتهي عاشوراء عندنا بمجرَّد حلول ظهيرة اليوم العاشر؟ أم أنَّنا على أقلِّ تقديرٍ ينبغي أن نبقى إلى أربعين سيِّد الشُّهداء نحملُ لوعةَ كربلاء، والحزن من مآسي كربلاء، وما لَحِقَ بأهل البيت بعد كربلاء؟

**

 

ربَّما كان موكب السَّبايا في مثل هذه الأيّام في الكوفة.

الكوفة حاكِمُها ابن زياد. الكوفة الّتي عَرَفَتْ زينبَ، وكانت نساؤها تتمنَّى زيارة زينب. تَدخلُها زينب سَبِيّة، وأبناء المصطفى أُسارى. أهل الكوفة -هؤلاء الَّذين كانوا بالأمس شيعتَهم وصاروا شيعة آل أبي سفيان- ها هُم اليوم يستقبلونهم والشّماتةُ باديةٌ على وجوه الكثيرين منهم.

هذا الموكب المحمديّ العلويّ الحسنيّ الحسينيّ الفاطميّ.. هل يمكنُ لِقلبِ الموالي إلَّا أن يكونَ معه في حِلِّه وتِرحاله؟

هل يمكن لنا بهذه البساطة أن نترك غدير إحياء أمر أهل البيت عليهم السَّلام وكَوْثرهم، الّذي يمكننا أن نخرجَ بهِ ومعه من الظَّلمات إلى النُّور، ونستحمَّ بِسَناه فنغسل عن قلوبنا الأدران والذُّنوب والمعاصي.

مِن أقلِّ واجباتنا أنْ تستمرَّ مجالسُ العزاء في البيوت، لِيُطَهِّرَ كلٌّ منّا بيتَه بأنوارِ حبِّ الله تعالى ورسولِه وأهلِ البيت عليهم السَّلام، من خلال استِلهام الدُّروس والعِبَر من أعتاب الحسين عليه السَّلام.

أنْسَتْ رزيَّتُكم رزايانا الّتي                سَلَفَتْ وهوَّنَتْ الرَّزايا الآتية

ومصائبُ الأيَّامِ تبقى مُدّةً               وتَزولُ وهي إلى القيامةِ باقِية

فلنسأل اللهَ تعالى ونُلِحّ في الطّلبِ أن لا يفرِّقَ بيننا وبين أهل البيت عليهم السَّلام، خصوصاً في أيَّام حزنهم الأبرزِ هذه، وأن نكون معهم في الدُّنيا «فمَعَكم معَكم لا معَ أعدائكم»، وأن نُوفَّق للأخذ بحُجزتهم في الآخرة، فيَحشرَنا اللهُ تعالى معهم.. إنَّه أرحمُ الرَّاحمين..

_____________________________________________________

 

* مختصر من بعض حلقات برنامج «في محراب كربلاء»، للشّيخ حسين كوراني

 كان يقدّم في إذاعة النّور في أواخر الثّمانينات.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

05/12/2013

دوريات

نفحات