شعر

شعر

05/12/2013

مشى الدَّهرُ يومَ الطَّفِّ أعمى


 

مشى الدَّهرُ يومَ الطَّفِّ أعمى

ـــــ أمير شعراء أهل البيت السّيّد حيدر الحلّيّ ـــــ

 

سوف يتجلّى لك أيّها القارئ الكريم من خلال هذه الأبيات المنتخَبة من إحدى قصائده، ما أدخلَه أميرُ شعراء أهل البيت السَيَد حيدر الحلَيَ رضوان الله عليه على فنِّ الرّثاء من أسلوبٍ بديعٍ، وفنٍّ مُبتكَر. ولو تأمَّلتَ في بيتٍ واحدٍ منها، يعني به عقائلَ آل البيت، لاستَشعرْتَ ما غمر أدب الرّثاء من الفنّ العجيب والأسلوب السّاحر بقوله:

مَشَى الدَّهْرُ يومَ الطَّفِّ أَعْمى فَلَمْ يَدَعْ      عِمَاداً لها إلّا وفيهِ تَعَثَّرا

         

أَهاشِمُ لا يَوْمَ لكِ ابْيَضَّ أو تُرى

جيادُكِ تُزْجي عارِضَ النَّقْعِ أَغْبَرا

ولا كَدَمٍ في كَرْبَلا طاحَ مِنْكُمُ

فَذاكَ لِأَجْفانِ الحَمِيَّةِ أَسْهَرا

غَداةَ أبو السَّجّادِ جاءَ يَقودُها

أَجادِلَ لِلْهَيْجاءِ يَحْمِلْنَ أَنْسُرا

قضى بَعْدَما رَدَّ السُّيوفَ على القَنا

ومُرْهَفُهُ فيها وفي المَوْتِ أَثَّرا

وماتَ كَريمَ العَهْدِ عِنْدَ شَبا القَنا

يُواريهِ مِنْها ما عَلَيْهِ تَكَسَّرا

فإنْ يُمْسِ مُغْبَرَّ الجَبينِ فَطالَما

ضُحَى الحَرْبِ في وَجْهِ الكَتيبَةِ غَبَّرا

وَإِنْ يَقْضِ ظمآناً تَفَطَّرَ قَلْبُهُ

فَقَدْ راعَ قَلْبَ المَوْتِ حَتّى تَفَطَّرا

وَأَلْقَحَها شَعْواءَ تَشْقَى بِها العِدَى

وَلودُ المَنايا ترضعُ الحَتْفَ مُمْقِرا

فَظاهَرَ فيها بَيْنَ دِرْعَيْنِ نَثْرَةٍ

وَصَبْرٍ، وَدِرْعُ الصَّبْرِ أَقْواهُما عُرا

سَطا وهو أَحْمَى مَنْ يَصونُ كَريمَةً

وَأَشْجَعُ مَنْ يَقْتادُ للحَرْبِ عَسْكَرا

فرائدهُ في حَوْمَةِ الضَّرْبِ مُرْهَفٌ

عَلَى قِلَّةِ الأَنْصارِ فيهِ تَكَثَّرا

تَعَثَّرَ حَتّى ماتَ في الهامِ حَدُّهُ

وَقائِمُهُ في كَفِّهِ ما تَعَثَّرا

كَأَنَّ أَخاهُ السَّيْفَ أُعْطِيَ صَبْرَهُ

فَلَمْ يَبْرَحِ الهَيْجاءَ حتّى تكسَّرا

له اللهُ مَفْطوراً مِنَ الصَّبْرِ قَلْبُهُ

وَلَوْ كانَ مِنْ صُمِّ الصَّفا لَتَفَطَّرا

وَمُنْعَطِفٍ أَهْوَى لِتَقْبيلِ طِفْلِهِ

فَقَبَّلَ مِنْهُ قَبْلَهُ السَّهْمُ مَنْحَرا

لَقَدْ وُلِدَا في سَاعَةٍ هُوَ والرَّدَى

وَمِنْ قَبْلِهِ في نَحْرِه السَّهْمُ كَبَّرا

وفي السَّبْيِ مِمّا يَصْطَفي الخِدْرُ نِسْوَةٌ

يَعزُّ على فِتْيانِها أَنْ تُسَيَّرا

حَمَتْ خِدْرَها يَقْظَى وودَّت بِنَوْمِهَا

تَرُدُّ عَلَيْها جَفْنَها لا عَلى الكَرَى

فَأَضْحَتْ ولا من قَوْمِها ذو حَفيظَةٍ

يَقومُ وَرَاءَ الخِدْرِ عَنْها مُشَمِّرا

مَشَى الدَّهْرُ يومَ الطَّفِّ أَعْمى فَلَمْ يَدَعْ

عِمَاداً لها إلّا وفيهِ تَعَثَّرا

وَجَشَّمَها الْمَسْرَى بِبَيْدَاءَ قَفْرَةٍ

وَلَمْ تَدْرِ قَبْلَ الطَّفِّ ما البيدُ وَالسُّرَى

وَلَمْ تَرَ حتَّى عَيْنُها ظِلَّ شَخْصِها

إِلَى أَنْ بَدَتْ في الغاضِرِيَّةِ حُسَّرا

 

    

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

05/12/2013

دوريات

نفحات