مصطلحات

مصطلحات

02/01/2014

الاستراتيجيّة والتّكتيك

 


الاستراتيجيّة والتّكتيك

فنّ مطابقة الوسائل مع الغايات

_____مهى أرسلان_____


غالباً ما ترِد كلمة «استراتيجيّة» في مجالاتٍ عدّة من مشاغل التّفكير البشريّ؛ في السّياسة، والحرب، والفكر، والثّقافة، والاقتصاد. حتّى أنّ هذه الكلمة تحوّلت إلى مفهومٍ قابلٍ للاستعمال في المجالات المذكورة جميعاً. غير أنّ للكلمة/المفهوم أصولها الّتي تعود الى حقل النّزاع والتّنافس بين الدّول، وكيفيّة تحقيق الحسم والغلَبة في الحروب النّاشبة في ما بينها.

فيلسوف الحرب كلاوزفيتس يعرِّف الاستراتيجيّة بأنّها: «فنّ استخدام المعارك كوسيلةٍ للوصول إلى هدف الحرب». أي أنَّ الاستراتيجيّة تضع المخطَّط الإجماليّ، وتحدِّد التّطوّر المتوقَّع لمختلف المعارك الّتي تتألّف منها الحرب. لكن، ثمّة من العلماء مَن رأى، أنّ من عيوب هذا التّعريف، أنّه يُدخل هذه الفكرة في حقل السّياسة، او أنّه يضعها في أعلى مستوًى لقيادة الحرب، وهذه أمور تتعلّق بمسؤوليّة الدّولة لا بحدود عمل القادة العسكريّين الّذين تستخدمهم السّلطة الحاكمة ليقوموا بإدارة العمليّات وتنفيذها. وهناك من القادة التّاريخيّين مَن قدّم تعريفاً أكثر وضوحاً، حيث قال: «إنَّ الاستراتيجيّة هي: إجراء الملاءمة العمليّة للوسائل الموضوعة تحت تصرّف القائد إلى الهدف المطلوب».

أمّا المفكِّر العسكريّ ليدل هارت فيعرِّف الاستراتيجيّة بأنّها: «فنّ توزيع واستخدام مختلف الوسائط العسكريّة، لتحقيق هدف السّياسة». إذ إنّ الاستراتيجيّة لا تَعتمد على حركات الجيوش فحسب، ولكنّها تعتمد أيضاً على نتائج هذه الحركات، وعندما يؤدّي استخدام واسطة الحرب إلى معركةٍ حقيقيّة، فإنّ الاستعدادات الّتي تُتَّخذ لإعداد مثل هذا العمل وتنفيذه، تشكِّل ما يسمَّى «التّكتيك»، ويمكن الفصل بين الاستراتيجيّة والتّكتيك نظريّاً في أثناء الحديث، بينما يتعذَّر ذلك في الأمثلة العمليّة، نظراً لتشابكهما وتأثير كلّ واحدٍ منها في الآخَر.

ماذا الآن عن الاستراتيجيّة العليا، وما الّذي يميِّزها عن الاستراتيجيّة الدّنيا والتّكتيك؟

يلاحظ مفكِّرو الحرب وفلاسفتها، أنّ هذه المفاهيم (التّكتيك - الاستراتيجيّة - الاستراتيجيّة العليا) هي مستوياتٌ ثلاثة لمفهومٍ واحدٍ. وهي لا تنفصل عن بعضها البعض عندما يوضَع المخطَّط العامّ موضع النّظر والتّطبيق، فإذا كان التّكتيك هو تطبيق الاستراتيجيّة العليا على مستوًى أدنى، فإنّ «الاستراتيجيّة العليا» ليست سوى السّياسة الّتي تقود سَير الحرب.

ويُستعمل تعبير الاستراتيجيّة العليا لشرح فكرة «السّياسة خلال التّنفيذ»، وإيضاح أنّ دورها الحقيقيّ يكمن في توجيه كلّ إمكانيّات البلاد وتنسيقها، وايجاد التّكامل اللّوجستيّ بين أعضاء الحلف العسكريّ، بغية الحصول على الهدف السّياسيّ.

وينبغي إدراك أنّ القدرة الحربيّة هي عامل من عوامل الاستراتيجيّة العليا، الّتي تدخل في حسابها قوى الضّغط الماليّ، أو السّياسيّ، أو الدّبلوماسيّ، أو التّجاريّ، أو المعنويّ، وكلُّها عوامل مهمّة لإضعاف إرادة الخصم.

يُجمِع الخبراء على أنَّ مدى الاستراتيجيّة محدود بالحرب، ولكنّ الاستراتيجيّة العليا، تنظر إلى ما وراء الحرب، وبالتّالي نحو السّلم الّذي سيعقبها، إنّما عليها أن تنظِّم استخدامها بغية تفادي ما يؤذي السّلم المقبل، الّذي يجب أن يكون ثابتاً ويحقِّق حياةً أفضل.

يمكن القول إنّ بين الاستراتيجيّة والسّياسة تَوْأَمة يستحيل فصلها. ولذا فإنّ لكلِّ سياسةٍ معيّنة، استراتيجيّة مثلَّثة الحدود، بينما تسري هذه الحدود والمستويات في كلِّ خطّةٍ سياسيّة، يُراد من خلالها بلوغُ الهدف الأخير.

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

02/01/2014

دوريّات

نفحات