أيّها العزيز

أيّها العزيز

02/01/2014

الأنبياء مصدرُ كمال الإنسانيّة


الأنبياء مصدرُ كمال الإنسانيّة

إنَّ هذا المقدار من الكمال الموجود لدى البشر في العالم مصدرُه الأنبياء. لو لم يأتِ الأنبياء، لكان كلُّ النّاس، إلَّا القلّة منهم، ينهشُ بعضُهم بعضاً كحيوانات الغابة، بل وأسوأ. والآن أيضاً ترون أنَّ الذين هُم أقرب إلى حدود الإيمان هم الأبعد عن هذه الجرائم. حينما تراجعون عدليّات العالم والمحاكم القضائيّة في كلِّ مكانٍ، لا تجدون للمؤمنين ملفّاتٍ هناك. الملفّات للّذين لا إيمانَ لهم. ملفّاتُ القتل والسَّرقة والفحشاء وما إلى ذلك هي للَّذين لا يؤمنون بالإسلام أو بالله تعالى. حتّى هذا المقدار يُعدُّ نجاحاً كبيراً، حيث استطاع الأنبياء تربيةَ جماعاتٍ كبيرةٍ من البشر، ولو بهذا المقدار من التّربية، ولولا هذه التّربية لكان الجميع مثل «كارتر» ومثل «هتلر».

تربيةُ الأنبياء هي الّتي أنقذَت هؤلاء النّاس من حدود الحيوانيّة، ومن جنون الإنسان في نزعته إلى السُّلطة والشَّهوات. حصل نجاحٌ بمقدارٍ كبيرٍ، ولكن ليس بالمقدار وبالشّكل الّذي كان يتطلَّعُ إليه الأنبياء. لم يحصل الشّيء الَّذي أراده الأنبياء. كان النّبيّ يَتَحسَّر لأنَّه يدعو وما من إجابة ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ..﴾ الكهف:6. أحدُ هموم الأنبياء هو أنّهم لم يستطيعوا توظيف كلّ تعاليمهم بالشّكل الّذي يقتضيه التّعليم. أراد الرَّسول أن يجعلَ كلّ النّاس على شاكلةِ عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، لكنَّ هذا لم يحصل.

ولو لم يكن لبعثة النّبيّ صلّى الله عليه وآله من ثمرة إلّا وجود عليّ بن أبي طالب ووجود إمام العصر سلام الله عليهما لكان هذا نجاحاً كبيراً للغاية. لو أنَّ الله تبارك وتعالى بعث الرَّسول لتربية مثل هؤلاء النّاس المتكاملين لكان هذا جديراً، ولكنّهم أرادوا للجميع أن يكونوا على هذه الشّاكلة، وهذا ما لم يحصل.

الإسلام مجموعة أحكام هدفُها بناء الإنسان. والقرآن كتابٌ لبناء الإنسان، هدفُه أنْ يَصنعَ بشراً. والرّسول منذ أنْ بُعِثَ وإلى حين رحيله عن الدُّنيا، كان بِصَدد صناعة الإنسان. كان مهتمّاً بهذا الأمر. كلّ الحروب الّتي خاضها في الإسلام كانت من أجل إدخال هؤلاء المتوحّشين المفترسين داخل حدود الإيمان، لم يكُن في الأمرِ نزعةٌ إلى التّسلُّط، ولهذا نرى في سيرة النّبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسائر الأنبياء والإمام عليّ سلام الله عليه والأولياء العظام، نرى أنَّه لم تكن هناك في سيرتهم نزعة تسلُّطيّة أصلًا. ولولا أداء الواجب، ولولا الحرص على بناء هؤلاء البشر، لَمَا قبلوا حتّى هذه الخلافة الظّاهريّة، ولَتنحّوا جانباً، ولكنّه التّكليف. فالتّكليفُ الإلهيّ يجب أن يقبله حتّى يستطيع بناءَ الإنسانِ على قدرِ استطاعته. ولكنّه للأسف لم يَستطِع أنْ يجعلَ معاوية إنساناً، مثلما لم يستطع الرَّسول أنْ يَجعل أبا جهل وأبا لهب وأمثالهم أُناساً صالحين؛ فأمير المؤمنين لم يستطع جعل معاوية وأتباعه أناساً صالحين، لكنّهم جاؤوا لهذا الغرض.

لا تَظُنَنَّ أنَّ الإسلام امتشق السَّيف لأجل السُّلطة كباقي الحكومات. الحكمُ الإسلاميُّ ليس على هذا الغرار. إذا عمل المسلم لأجل السُّلطة وشَهَرَ سيفَه من أجل الاستيلاء على السُّلطة، فهو بعيدٌ عن الإسلام، ولم يدخل في الإسلام، إنَّه مُسلِمٌ في الظّاهر ولكنّه لا يتحلّى بالإيمان الّذي يجب أنْ يتحلَّى به.

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

02/01/2014

دوريّات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات