يزكيهم

يزكيهم

01/03/2014

منهج العلّامة الطّباطبائيّ في التّزكية


منهج العلّامة الطّباطبائيّ في التّزكية

الحذر من مُدَّعِي الكرامات، ومِن مُنكرِيها

------- العلّامة الرّاحل السّيّد محمّد حسين الطّهرانيّ قدّس سرّه-------

السّيّد محمّد حسين الطّهرانيّ قدّس سرّه، فقيهٌ، متعدِّد الاختصاصات في الفلسفة والحديث والتّفسير والتّاريخ، وهو التّلميذ الأبرز والأشهر للعلّامة الكبير، والفقيه، والفيلسوف النّوعيّ، والمفسِّر الأوّل، السّيّد محمّد حسين الطّباطبائيّ قدّس سرّه، وتُعدّ نصوصُ السّيّد الطّهرانيّ الّتي كَتَبها في التّعريف بِفِكْر العلّامة الطّباطبائيّ وسيرتِه ومناهجِه في العلوم المختلفة، أفضل ما كُتِب عنه قدّس سرّه.

اختارت «شعائر» لهذا العدد ما كتبه السّيّد الطّهرانيّ حول منهج العلّامة الطّباطبائيّ في تزكية النّفس. 

 

كان العلّامة (الطّباطبائيّ) غائباً عن الدّنيا، فقد جاء غائباً ورحل غائباً.

﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ مريم:15.

وأمّا من جهة الشَّرع، فقد كان نفسه فقيهاً متشرّعاً، يُعنى برعاية السُّنن والآداب بكلّ ما في الكلمة من معنًى، حتّى أنّه لم يقصِّر عن الإتيان بأبسط المستحبّات، وكان ينظر إلى الّذين جاؤوا بالشَّرع المبين نَظَرَ إعظامٍ وإجلالٍ وتبجيلٍ. وكان يعترض على بعض الصُّوفيّة الّذين لا يُولون الشَّرعَ المقدّس من الاهتمام ما هو أهلُه، وينتقدُهم ويعدُّ نهجَهُم مقروناً بالخطأ، ويعتبرُه غير مُنتهٍ بهم إلى المنزل المقصود.

وكان يمتدحُ كثيراً هذه العبارة في (الرّسالة المنسوبة إلى بحر العلوم)، وترجمتُها كما يلي:

«وأمّا الأستاذُ العامُّ، فلا يُعرَف إلّا بمصاحبتِه في الخلاء والملاء، وبالمعاشرةِ الباطنيّة، وبكمالِ إيمانِ جوارحه ونفسِه. وحذارِ من الانخداعِ بمتابعتِه لِظُهورِ خوارقِ العادات، وبيانِ دقائق النّكات، وإظهارِ الخفايا الآفاقيّة، والخبايا الأنفُسيّة، وتبدّلِ بعض حالاته؛ لأنّ الإشرافَ على الخواطر، والاطّلاعَ على الدّقائق، والعبور على النّارِ والماءِ، وطيَّ الأرضِ والهواءِ، والإحضارَ من المستقبل وأمثالها، إنّما تحصلُ في مرتبة المكاشفة الرُّوحيّة، وما أكثر المنازل والمراحل الّتي تَعقبُ هذه المرحلة إلى المنزل المقصود، إذ الطَّريقُ بلا نهاية؛ وما أكثرَ السّالكين الّذين اجتازوا هذه المرحلة ثمّ انحَرفوا بعد ذلك عن الجادّة، فدَخلوا وادي اللُّصوص والأبالسة! وما أكثرَ الكفّار الّذين حصلوا على اقتدارٍ على كثيرٍ من الأمور في هذا السّبيل!».

وكان كثيراً ما يشرحُها لِتلاميذه، ويستندُ عليها كراراً، ويُبيِّن السَّببَ في عدم إدراك الواقع، عند عدم رعاية الشَّرع المطهَّر.

وكان للأستاذ العلّامة تواضعٌ وخضوعٌ جمٌّ مقابل القرآن الكريم خاصّةً، وكان يحفظ الآيات القرآنيّة إلى حدٍّ ما، وقد وُلِدَ له، إثرَ الممارسة، نوعٌ من التَّعشُّق بالآيات، فكان يعدُّ تلاوة القرآن في آنَاءِ اللّيل وَأطْرَافِ النَّهَارِ أفضلَ وأسمى عملٍ له، وكان يمرُّ على آيةٍ فينتقلُ منها إلى أخرى، ثمَّ إلى أخرى وهكذا، فكان يَنغمرُ في عالمٍ من البهجةِ والمسرّةِ خلال تجواله في هذه الجنّات القرآنيّة.

وكان العلّامة يُعيبُ بشدّةٍ على بعض المُتَنسّكين من ذوي الظّواهر المقدّسة، الّذين صادروا الشّرعَ، فانتَقدُوا بعنوان حماية الدّين، والتّرويج للشّرع المبين، جميعَ أصناف أولياء الله المتمسّكين بالمراقبة والمحاسبة، والّذين يقومون أحياناً بسجداتٍ طويلة. وكان أوّلُ عملٍ لهم انتقادَ بعض أعلام العرفان وذمَّهم، كالخواجة حافظ الشّيرازيّ، ومولانا محمّد البلخيّ الرّوميّ صاحب كتاب (المثنويّ).

وكان العلّامة يعدُّ هذا النّوع من التّفكير ناشئاً من الجهلِ، والجمودِ، والنُّزوع إلى التّحجُّر، وهي أمورٌ تَنفرُ منها روحُ الشّريعة.

وكان يقول إنّ التّهجُّم على الفلسفة والعرفان، وهما دعامتان عظيمتان من دعائم الشَّرع المبين، ناشئٌ عن الجمود الفكريّ والخمود الذّهنيّ، ويقول: يجبُ الاستعاذة بالله من شرّ هؤلاء الجهّال، فهم الَّذين قَصَموا ظهرَ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله، وذلك في قوله: «قَصَمَ ظَهرِي صِنفَانِ: عَالم مُتَهَتِّكٌ، وَجَاهِلٌ مَتَنَسِّكٌ».

وكذلك كان العلّامة بالنّسبة إلى أصحاب القوّة العقليّة وقرّاء الحكمة والفلسفة، الّذين هم ضعفاءُ في الأمورِ الشّرعيّة، فلم يكُن يُظهِر اعتناءً بهم، ويقول: «إنَّ الحكمةَ الّتي لا تجلس على عرش الرُّوح فتَسوقها إلى اتّباع الشّريعة، ليست حكمةً حقيقيّةً».

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

01/03/2014

دوريّات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات