حوارات

حوارات

25/04/2014

مع الفقيه الكبير الشّيخ الفضلي قدّس سرُّه


حوار مع الفقيه الكبير المجدِّد الشّيخ عبد الهادي الفضلي رحمه الله

تحديثُ تقنيّات الدّراسة الدّينيّة، مهمّة علميّة مركزيّة

ـــــ إعداد: حسين منصور الشّيخ* ـــــ

حينما يُذكر العلّامة الشّيخ الدّكتور عبد الهادي الفضلي رحمه الله، لا بدَّ وأن يُذكر التّجديد في المناهج، وحينما يُذكر هذا الأخير، فَلازِمُ ذلك أن يُذكر العلّامة الفضلي. هذا التّلازم ولّدته فاعليّة حضور الشّيخ الدّكتور في مسألة تجديد أساليب الدّراسة الحوزويّة.

في ما يلي، خلاصات من الحوار الشّامل الذي أجرته معه فصليّة «الكلمة» في عددها الخامس والخمسين، وقد ارتأينا نشرها نظراً لأهميّتها، ولا سيّما لجهة التّعرّف على التّجربة العمليّة لسماحة الشّيخ الفضلي، في صياغة مقرّرات تعليميّة جديدة، منها (خلاصة المنطق)، و(مبادئ أصول الفقه) كمادّتَين تمهيديّتَين لدراسة عِلمَي المنطق والأصول.

 

هل يمكن القول بأنّ لدراستكم الحوزويّة ومن ثَمَّ التحاقكم بالتّدريس النّظاميّ في الثّانويّات وكلّيّة الفقه، دوراً في المفاضلة بين تقنيّات التّعليم القديمة والجديدة؟

مسألةُ التّجديد جزءٌ مهمٌّ منها يتعلّق بشخصيّة الإنسان نفسه وما يمتلكه من موهبة، فهناك الكثيرون ممّن دمجوا بين الدّراستّين الحوزويّة والنّظاميّة ولم يفكّروا في مسألة التّغيير.

وأودّ أن أشير إلى أنّي من البدايات كنت أتأمّل الآية القرآنيّة: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَالمؤمنون:114، الّتي يمكن اعتبارها قانوناً وسنّةً إلهيّة، حيث تفيد هذه الآية أنّ هناك خطّاً وهدفاً يمشي نحوه الإنسان، ولا يوجد ما هو عبثيّ في هذه الحياة، بل هناك ما يتوخّاه الإنسان من حياته الّتي يعيشها، وهذه الغاية - بالاستفادة من النّصوص الأخرى - تكون لمصلحة الإنسان، وهذا أمر جعلني أضع أمامي هذا السّؤال في كلّ كتابٍ أدرسه وكلّ موضوع وباب فيه، بحيث أضع نصب عينيّ الفائدة من دراسته، وموقع هذه الفائدة داخل العلم وفي كلّ بابٍ منه.

وتجد هذه النّقطة واضحة جدّاً في كتاب (خلاصة المنطق)، حيث كنتُ أكتب في نهاية كلّ موضوع الفائدة من البحث. وهذه النّقطة كانت مفقودة في المقرّرات القديمة، وللأسف، فإنّ هذا الأمر لا زال قائماً في كثيرٍ من المقرّرات الدّراسيّة الّتي تظهر مؤخَّراً.

من ناحيةٍ ثانية، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هناك مَنْ بَدَأَ - قبل محاولاتي في إيجاد مقرّرات بديلة - بمحاولاتٍ جادّة في طرح البديل، فالحركة العلميّة التّجديديّة في النّجف كانت واعية لمسألة ضرورة تغيير المناهج، وكان هناك مَن يعمل بهذا الاتّجاه، فالشّيخ محمّد رضا المظفّر وضع مقرّراً لعلم المنطق، وآخَر في أصول الفقه، وآخرون كذلك كانت لهم بعض المحاولات.

 هل نستطيع أن نقول بأن تتلمذكم على الشّيخ المظفّر كان له دور أيضاً؟

ربّما يكون العامل المساعد في أن أتوجّه أنا وغيري للاهتمام بمسألة التّجديد في الحوزة، هو الجوّ العامّ في النّجف في ذلك الوقت، حيث كان هناك عوامل كثيرة تحفِّز بهذا الاتّجاه، فهناك مَن يعملون ويحاولون تطوير الدّراسة أو الوضع الدّراسيّ الدّينيّ في النّجف حتّى يصبح أكثر فائدة، فكان من هؤلاء: الشّيخ عبد الحسين الرّشتيّ، والشّيخ عبد الحسين الحلّيّ، ومنهم أيضاً الشّيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء، الّذي أنشأ مدرسةً نظاميّةً لتدريس المقرّرات الحوزويّة، ولكن لم يُكتب لها النّجاح. وكان منهم كذلك السّيّد محسن الحكيم.

وكان على خطاهم الشّيخ محمّد رضا المظفّر، الّذي خطا خطوات جادّة في هذا الاتّجاه، فأنشأ «جمعيّة منتدى النّشر»، وفتح مدارس تابعة لها، وأنشأ «كلّيّة الفقه».

في هذا الجوّ الّذي عاصرتُ فيه أكثر من تجربة للتّجديد، نشأتُ، كما أنّي التحقتُ مع بعض زملائي في الحوزة بكلّيّة الفقه الّتي أنشأها الشّيخ المظفّر، حيث درستُ فيها الموادّ الإضافيّة الّتي لم نكن ندرسها في الحوزة، فكنتُ مع بقيّة زملائي أوّل دفعةٍ نتخرّج من هذه الكلّيّة، ثمّ مارستُ التّدريس فيها ورئاسة قسم اللّغة العربيّة، وفي هذه الظّروف أمكنني أن أقارن بين نمط الدّراسة النّظاميّة الجامعيّة، والدّراسة الحرّة الحوزويّة.

باكورةُ الأعمال

ما هو أوّل ما ألّفتموه من الموادّ الدّراسيّة؟

(التّربية الدّينيّة)، وقد اعتُمد كمقرّرٍ دراسيٍّ في متوسّطات «جمعيّة منتدى النّشر». كان ذلك في السّتّينات الميلاديّة، حيث أذكر أنّي ألّفتُه بعد سقوط الملكيّة في العراق، أي بعد انقلاب عام 1958م.

كيف تبلوَرت فكرة تأليف هذا المقرّر؟

التّربية الدّينيّة – كما أشرتُ آنفاً - يُعتبر أوّل ما ألّفت من الكُتُب الدّراسيّة، وقد كان ذلك استجابةً لطلبٍ من «جمعيّة منتدى النّشر»، وذلك عندما بدأت هذه الجمعيّة بتأسيس مدارسها الابتدائيّة والمتوسّطة الأهليّة، حيث طلبوا منّي أن أضع كتاباً للتّربية الدّينيّة للمرحلة المتوسّطة.

فقد كانت الطّريقة المتّبعة والمألوفة في العراق بالنّسبة إلى المدارس الأهليّة - في ذلك الوقت - أن يدرس الطّالب المقرَّر الوزاريّ للمادّة كاملاً، بما في ذلك مادّة التّربية الدّينيّة، فإذا أرادت المدرسة الأهليّة أن تضيفَ على هذا المقرّر فلها الحقّ في ذلك، فالمدارس التّابعة لإخواننا أهل السُّنّة لهم الحقّ في أن يدرِّسوا طلّابهم مادّة التّربية الدّينيّة وفق مذهبهم السّنّيّ، وكذلك المسيحيّون لهم الحقّ في أن يدرِّسوا مادّة التّربية الدّينيّة وفق الدّيانة المسيحيّة.. وهكذا. وتطبيقاً لهذا القرار، أضافت مدارس «جمعيّة منتدى النّشر» كتاب التّربية الدّينيّة الّذي قمتُ بوضعه لهذه المادّة.

وقد أُخضع الكتاب للتّجربة فترةً من الزّمن قمتُ خلالها بتدريسه، وسجّلتُ ملاحظاتي الّتي ظهرت لي أثناء عمليّة التّعليم، ثمّ قام معلِّمون آخرون بتدريسه وسجَّلوا عليه ملاحظاتهم، وبعد هذه التّجربة قمتُ بصياغته صياغةً نهائيّة، وتعديله وفق الملاحظات الّتي ظهرت أثناء قيامنا بتدريسه.

وكانت أوّل طبعةٍ منه بمساعدة من السّيّد محسن الحكيم، وبعد ذلك تكرَّرت طبعات الكتاب. فالسّيّد الحكيم قدّس سرّه، قام بطبعه عدّة مرّات ليبعثه مع الرّسالة العمليّة ككتابٍ مبسّط عن أصول الدّين، حيث كانت الطّريقة المتّبعة قديماً أن يُقدَّم للرّسالة العمليّة بمقدّمة بسيطة عن أصول الدّين، ليَشرع الفقيهُ بعد ذلك بتناول فروع الدّين الّتي تمثّل مجمل أبواب الفقه.

كما أنّ السّيّد الشّهيد محمّد باقر الصّدر، قدّس سرّه، ساهم في طبعه ونشره. وبعد ذلك أخذ الكتاب طريقه إلى النّشر من قِبل النّاشرين دون علمٍ أو متابعةٍ من قِبلي.

وفي الفترة الّتي اعتُمد الكتاب كمقرّرٍ دراسيٍّ في متوسّطات «جمعيّة منتدى النّشر»، سلك طريقه أيضاً في حلقات الدّراسة الحوزويّة، بجانب ما يدرسه الطّالب في مرحلة المقدّمات، حيث يدرسه كمقدّمة لدراسة علم الكلام فيما بعد.

ربّما يكون كتاب (خلاصة المنطق) هو أكثر كُتبكم انتشاراً، ورّبما يكون ذلك من البدايات، أي منذ صدور الكتاب، ما السّبب الّذي دعا لانتشاره هذا الانتشار الواسع؟

ربّما أُرجِعُ سببَ انتشاره إلى سهولة تناول المادّة العلميّة فيه من حيث التّعبير ومن حيث تنظيم المادّة، فالمنطق كان يُدرَّس ولا يُذكَر في المقرّرات السّابقة الغاية من دراسة المنطق، إلّا على نحوٍ مجملٍ أو غير واضح، كأن يُذكر في البداية أنَّ الغاية من دراسة المنطق هو التّصوّر والتّصديق، من غير أن يشار إلى المقصود من هذه العبارة، ولذلك عندما قمتُ بتأليف (خلاصة المنطق). أوضحتُ أنّ المنطق يبحث في نقطتين أساسيّتَين، هما: التّعريف والاستدلال، حيث يمثّلان القسمين الرّئيسين في المنطق، فالغاية من دراسة المنطق أن يتمكّن الدّارس له من التّعريف والاستدلال وفقًا للقواعد المنطقيّة الصّحيحة.

الكتابة المنهجيّة

هل كان لسائر المنتمين لكليّة الفقه دورٌ مشابه في إيجاد المناهج الجديدة؟

لم يكن هناك من أساتذة الكلّيّة وطلّابها مَن اتّجه نحو تأليف المقرّرات والمناهج الدّراسيّة، باستثناء السّيّد محمّد تقيّ الحكيم والشّيخ المظفّر، ثمّ حاولتُ أن أتبع خطاهما في ذلك، ولا أذكر من مجايليَّ من طلّاب الكلّيّة وأساتذتها - بعد ذلك - مَن خطى في هذا الاتّجاه.

ولكنّ هناك مَن استفاد من جوّ التّطوير السّائد في النّجف الأشرف في تلك الفترة، ومن التحاقه بكلّيّة الفقه، ولكن ليس في جانب التّأليف، وهو الشّيخ الوائليّ رضوان الله عليه، حيث طوّر منبره، واستفاد من الدّراسة الحوزويّة والجامعيّة بحيث شكّل منبرُهُ مدرسةً خطابيّةً متميّزة، وهذا واضح عندما تستمع إلى مجالسه ومحاضراته.

هل هناك أساتذة في كلّيّة الفقه بحيث يكونون هم الّذين أبدعوا في مسألة تطوير المناهج، ثمّ جاء مَن يكمل بعدَهم المسير؟

السّيّد محمّد تقيّ الحكيم كان أستاذاً في الحوزة قبل أن يكون أستاذاً في الكلّيّة، ولكن عندما أنشأ الشّيخ المظفّر كلّيّة الفقه قام (الشّيخ المظفّر) بخطواتٍ عمليّة بإيجاد المناهج البديلة؛ فألّف (المنطق)، و(أصول الفقه)، ومشى على خطاه وأكمل مشروعه في تأليف كتاب أصول الفقه السّيّدُ محمّد تقيّ الحكيم، فألّف (الأصول العامّة في الفقه المقارن)، ليكمل الحلقة الّتي بدأها الشّيخ المظفّر.

هل تضعون نفسكم في هذه الحلقة؟

إلى حدٍّ مّا حاولتُ أن أنتمي إليها، ولكنّي حاولتُ أن أبدأ مع الطّالب من البداية، فألّفت (خلاصة المنطق) ليكون مقدّمةً لكتاب (المنطق) للشّيخ المظفّر، و(مبادئ أصول الفقه) كمقدّمة لأصول فقه المظفّر أيضاً.

 تتميّز كتابات الشّيخ بالتّجديدُ في هيكلة العلم.. كيف تحصَّلتم على هذا الوعي التّجديديّ في ذلك الوقت؟

هذا يأتي مع الممارسة، فقد ذكرتُ لك أنّي أتبع في مسألة تدوين كتب المقرَّرات الدّراسيّة طريقة أبدأ فيها في كلّ علمٍ وفي كلّ بابٍ بالتّساؤل التّالي: لماذا أدرس هذا العلم؟ ولماذا وُجِدَ هذا الباب في هذا العلم؟

وربما تكون هذه التّساؤلات وهذا التّفكير هو الّذي دفعني لمحاولة التّجديد في المناهج الدّراسيّة، بالإضافة إلى أنّني عشتُ في الوقت الّذي كانت النّجف تعيش موجةً من دعوى تجديد المناهج وأسلوب الدّراسة الحوزويّة.

ولكنّ الكتابة المنهجيّة بهذه الطّريقة المتقدّمة لا بدَّ وأن تسبقها بدايات جيّدة؟

تتلمذتُ على السّيّد محمّد تقيّ الحكيم، وقد كان يتمتّع بكتابةٍ منهجيّةٍ متميّزة، مع أنّه لم يدرس بالجامعة ولا حتّى في مدارس نظاميّة، بل درس كلّ علومه بالحوزة، ولكنّه كان موهوباً في خصوص ترتيب العلم والمنهج، أي أنّه موهوب من ناحية المنهجيّة. وقد أجد نفسي متوفِّراً على شيءٍ من هذه الموهبة الّتي أشرتُ إليها عند أستاذنا السّيّد التّقيّ الحكيم.

 

 


 في كتبكم المنهجيّة تحاولون ألَّا تقصوا رأيًا دون آخر؟

في الكتب الدّراسيّة - بالذّات - من المفترض بكاتب هذه المقرَّرات أن لا يركّز على ذاته. نعم، من المفترض أن تبرز شخصيّته العلميّة في الكتاب، ولكن ليس عن طريق التّركيز على ذاته، بل عن طريق ما يمتلك من علمٍ وموهبةٍ في إبراز الفكرة، فأصحاب أيّ علم - وإن كان المؤلِّف يختلف معهم - كلّهم ساهموا في إبراز أفكاره وعناصره وتقسيماته، فلا يصحّ من المؤلِّف - لأنّه لا يرتضي رأياً معيّناً - أن يُقصي هذا الرّأي أو ذاك، فقد يأتي مَن يرى صوّابيّة ما يرى المؤلّف خطأه. فالمفترض بالكتب العلميّة التّعليميّة ألّا تبخس حقّ أحد، لتتيح للطّالب حين دراسته أن يدرس كلّ ما يحيط بالفكرة.

وممّا يؤسَف له أنّ أغلب جامعاتنا العربيّة تفتقد مقرَّراتُها ومراجعُها النّاحية التّربويّة، فلا تربّي الطّالب علميّاً، فالطّالب الّذي ينشأ في الجوّ العلميّ يدرك أنّ الشّموليّة في المعرفة مطلوبة في مجال العلم والدّراسة.

المختصرات والمقرّرات الدّراسيّة

في كتابتكم المقرّراتِ الدّراسيّةَ تميلون كثيرًا إلى كتابة المختصَرات الدّراسيّة، لماذا؟

في البداية يحتاج الطّالب إلى هذه المختصرات، لأنّ غالبيّة هذه المقرَّرات الّتي دوِّنت كمختصراتٍ هي المقرَّرات التّأسيسيّة في كل مادّة، فهي أوّل ما يدرسه الطّالب في هذه العلوم.

ومن المفترض أن تكون هذه البدايات عبارة عن مختصرات دراسيّة، تكون حلقة في سلسلة المقرّرات الّتي تراعي مسألة التّدرّج في إعطاء الطّالب المعلومةَ، إلى أن يصل الطّالب إلى مرحلة التّخصُّص حيث بالإمكان التّوسُّع.

 

ما هي الشّروط التي تشترطونها في مؤلِّف المقرَّر الدّراسيّ؟

أوّلاً: لا بدَّ أن يكون موهوباً في وضع المقرَّر الدّراسيّ وفق المنهج العلميّ الحديث، الّذي يتدرَّج فيه مع الطّالب من المعلوم إلى المجهول، وفق ترتيبٍ منطقيٍّ متسلسل.

ثانياً: أن يكون لديه اطّلاع عمليّ على المناهج الأخرى حتّى يستفيد من الجيّد منها.

ثالثاً: أن ينظر نظرةً إلى المستقبل لا إلى الحاضر.. أي أن تكون نظرته أبعد من الحاضر.

 

وما هي الشّروط المطلوبة في المقرَّر الدّراسيّ؟

ما كرّرناه مراراً خلال مناسبات عدّة، وهو أن يحتوي المنهج على عنصرَي:

الجانب العلميّ والجانب التّربويّ (أي الجانب التّمرينيّ التّطبيقيّ، بمعنى تربية الذّهن على استيعاب المجرّدات). والتّربويّون يذكرون أنّ المناهج يجب أن يتوزّع فيها هذان الجانبان (العلميّ والتّربويّ) بما يتلاءم والمرحلة العمريّة، وذلك على النّحو التّالي:

* في مقرَّرات المرحلة الابتدائيّة يركّز المؤلِّف فيها على العنصر التّربويّ أكثر بنسبة خمسة وسبعين بالمائة لصالح النّاحية التّربويّة، بينما يترك الخمسة وعشرين بالمائة لصالح الجانب العلميّ.

* وفي المرحلة المتوسّطة يتوزّع هذان الجانبان النّسبةَ بينهما، بحيث يكون لكلٍّ منهما خمسون بالمائة من المقرّر.

* وفي الثّانويّة يكون للجانب العلميّ خمسة وسبعون بالمائة، والجانب التّربويّ خمسة وعشرون بالمائة.

* بينما المقرّرات الجامعيّة يتركّز المنهج التّعليميّ فيها بحيث يكون الجانب العلميّ فيه مائة بالمائة.

 

ربّما لا يفهم القارئ مقصودكم من مصطلح «الجانب التّربويّ» في المقرَّر الدّراسيّ، هل بالإمكان أن توضِّحوا لنا هذه النّقطة كعنصرٍ أساس في المنهج؟

سأضرب لذلك مثالاً، إذا أراد شخصٌ أن يكتب مقرَّرًا في اللّغة العربيّة، فالمطلوب منه في البداية - ليتدرّج مع الطّالب - أن يلقّن الطّالب تلقيناً، لأنّ ذهنيّته لا تتحمّل أن تكون ذهنيّة علميّة، لكنّ مع ذلك يحاول أن يحرّك هذا المقرَّر ذهنيّته شيئاً فشيئاً عن طريق التّمرينات في طيّاتِ الكتاب، ويُراعي في هذه التّمرينات أن تكوّن لدى الطّالب الذّهنيّة العلميّة الّتي تحاكم ما يطرح لديه من مادّةٍ علميّة.

فالمطلوب من كلّ الدّراسات في المرحلة المتوسّطة والثّانويّة قبل الجامعة - وكذلك الأمر في الحوزة في مرحلتَي المقدّمات والسّطوح قبل البحث الخارج - أن تكون الغاية من المقرّر الدّراسيّ فيها: تكوين الذّهنيّة العلميّة لدى الطّالب.

وما يكوّن الذّهنيّة العلميّة لدى الطلّاب ليس العلم والمادّة العلميّة فيه، وإنّما التّربية والممارسة، فالمدرِّس يستطيع أنْ يعلِّم الطّالب فقهاً وأصولاً وعلم رجال وعلم حديث، ولكن هذه العلوم - منفردةً - لا تكوِّن - داخل الحوزة مثلاً - المجتهد أو الفقيه، من دون أن يمارس هذه العلوم أثناء الدّراسة من خلال كتابة البحث - مثلاً - أو من خلال الأسئلة التّطبيقيّة في كلّ مادّةٍ منها.

 

* مختصر، نقلاً عن مجلّة «الكلمة».

اخبار مرتبطة

  ملحق شعائر 14

ملحق شعائر 14

  دوريّات

دوريّات

25/04/2014

دوريّات

نفحات