كتاباً موقوتا

كتاباً موقوتا

منذ 3 أيام

مسائل في أحكام القنوت ومستحبّاته

القنوت في الصلاة عند المُحقِّق الحلّيّ

أربع مسائل في أحكامها ومستحبّاتها

 

في سياق حديثه عن مندوبات الصّلاة أو مستحبّاتها، يشير أستاذ الفقهاء، الشّيخ أبو القاسم جعفر بن الحسن، المعروف بالمحقّق الحلّي (ت: 676 للهجرة) إلى أربع مسائل مرتبطة بالقنوت في الصّلوات، نوردها مختصرة نقلاً عن كتابه المرجعي (المعتبر في شرح النافع المختصر).
«شعائر»

 

القنوت: وهو مُستحبّ في كلّ [ركعة] ثانية، فرضاً كانت الصّلاة أو نفلاً، ويُستحبُّ في المفردة من الوتر، وفي الجمعة قنوتان أحدهما في الأولى قبل الرّكوع والآخر في الثّانية بعده. ولو نسيه قضاه بعد الرّكوع.

وفي الفصل مسائل:

 

المسألة الأولى: اتّفق الأصحاب على استحباب القنوت في كلّ صلاة فرضاً كانت أو نفلاً مرّة، وهو مذهبُ علمائنا كافّة. وقال الشّافعيّ: «يستحبّ في الصّبح خاصةً بعد الرّكوع..»، وبقوله قال أكثر الصّحابة، ومن الفقهاء مالك، قال: «وفي الوتر في النّصف الأخير من رمضان لا غير»، وقال أبو حنيفة: «ليس القنوت بمسنون بل هو مكروه إلّا في الوتر خاصّة فإنّه مسنون»، وقال أحمد: «إنْ قنتَ في الصّبح فلا بأس»، وقال: «يقنت أمراءُ الجيوش».

ولنا [أي رأينا وقولنا] أنّ القنوت دعاء، فيكون مأموراً به لقوله تعالى ﴿..ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.. غافر:60، وقوله تعالى: ﴿..وَقُومُوا لله قَانِتِينَ البقرة:238، ولأنّ الدّعاء أفضلُ العبادات فلا يكون منافياً للصّلاة.

[ولنا ما روي] عن البراء بن عازب قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وآله لا يصلّي صلاةً مكتوبةً إلّا قنتَ فيها». ورووا عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام: «أَنَّهُ قَنَتَ في الصَّلاةِ المَغْرِبِ عَلى أُناسٍ وَأَشْياعِهِمْ»...

 

المسألة الثّانية: قال ابن بابويه [الشيخ الصّدوق]: «القنوت سُنّة واجبة، مَن تركها عمداً أعاد، لقوله تعالى ﴿..وَقُومُوا لله قَانِتِينَ البقرة:238»، وروى ذلك ابن أُذَينة، عن وهب، عن أبي عبد الله، قال: «القُنوتُ في الجُمُعَةِ، وَالوَتْرِ، وَالعَشاءِ، وَالعَتْمَةِ، وَالغَداةِ، فَمَنْ تَرَكَ القُنوتَ رَغْبَةً عَنْهُ فَلا صَلاةَ لَهُ»، وبه قال ابن أبي عقيل، «واتّفقا أنّه لا يعيد الصّلاة لو تركه نسياناً».. وقال الباقون منّا [أي من فقهاء الإماميّة] بالاستحباب...

ويستحبّ فيه الإجهار، وقال علم الهدى [الشريف المرتضى]: «يجهر في المجهورة [الجَهريّة]، ويخافت في ما يخافت فيه»، وقد رُوي الجَهرُ به على كلّ حال، وقال الشّافعي: «يخافت به لأنّه مسنون فأشبهَ التّشهّد الأوّل»...

المسألة الثّالثة: القنوت في الجمعة مرّتان؛ في الأولى قبل الرّكوع وفي الثّانية بعده، قاله الشّيخان [الطوسي والمفيد] في (النّهاية) و(المبسوط) و(الخلاف) و(المقنعة)، وقال علم الهدى في (المصباح): «اختلفت الرّواية، فرُوي أنّ الإمام يَقنت في الأولى قبل الرّكوع وكذا مَن خلفه». ومَن صلّاها منفرداً، أو في جماعة ظهراً قنت في الثّانية قبل الرّكوع، وروي أنّه إذا صلّاها جمعة مقصورة قنت قنوتَين، في الأولى قبل الرّكوع، وفي الثّانية بعد الرّكوع. وأنكر ابن بابويه القنوتَين واقتصر على الواحد في الصّلوات كلّها...

المسألة الرّابعة: لو نسيَ القنوت قبل الرّكوع قضاه بعده، وهو اختيار الشّيخ [الطوسي] في (المبسوط)، وقال الشّيخان في (النّهاية) و(المقنعة): «لو لم يذكر حتّى ركع في الثّالثة قضاه بعد فراغه من الصّلاة لِما رواه أبو بصير، قال: (سمعته يذكر عند أبي عبد الله عليه السّلام، قال: الرَّجُلُ إِذا سَهى في القُنوتِ قَنَتَ بَعْدَما يَنْصَرِف، وَهُوَ جالِسٌ)».

ولنا ما رواه زرارة، ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السّلام في الرّجل ينسى القنوت حتّى يركع، قال: «يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكوعِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتّى يَنْصَرِفَ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ». ويمكن أن يقال بالتّخيير، وإن كان تقديمه على الرّكوع أفضل..

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

منذ 3 أيام

دوريّات

نفحات