حوارات

حوارات

20/12/2014

حوار قرآني – فلسفي بين العلّامة الطباطبائي وتلميذه السيّد الطهراني


حوار قرآني – فلسفي بين العلّامة الطباطبائي وتلميذه السيّد الطهراني

في حقيقة معنى: «النَّفْسُ جِسْمَانِيَّةُ الحدُوثِ روحَانِيَّةُ البَقَاء»

 

يعتبَر مبحث النفس في  مُبتدئها ومآلها من أهم وأعقد المباحث في عالم الفلسفة. لكن هذا المبحث سيأخذ مداه وعمقَه الكبيرَين في الفلسفة الإسلامية منذ الفارابي وابن سينا وصولاً إلى الحكيم الإلهي صدر الدين الشيرازي (صاحب الحكمة المتعالية).

في المرحلة المتأخّرة عكف الفيلسوف الإسلامي العلّامة السيد محمد حسين الطباطبائي على شرح وتأصيل هذا المبحث، مضيفاً - إلى ما جاءت به الحكمة الصدرائيّة – الحقيقة القرآنية للنفس، مستعيناً بالآيات الدالّة على حقيقة النفس في حدوثها الجسماني وبقائها الروحاني.

في هذا الحوار، المقتطف من كتاب (الشمس الساطعة)، يردّ العلّامة الطباطبائي على أسئلة أحد تلاميذه (العلامة السيد محمد حسين الطهراني) حول هذا الموضوع.

«شعائر»

 

السيد الطهراني: بالنسبة إلى هذا المطلب: (النَّفْسُ جِسْمَانِيَّةُ الحدُوثِ روحَانِيَّةُ البَقَاءِ)، والذي هو مطلب نفيس جداً ومتين وراسخ ومُحكَم، والذي أسّس قواعده وشيّد بناءه المرحوم الآخوند، رضوان الله عليه، على أساس الحركة الجوهريّة، وتدلّ عليه آيات القرآنيّة. فما هي أفضل الآيات وأوضحها للوصول إلى هذا المعنى؟

 

العلّامة الطباطبائي: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ المؤمنون:12-14.

- يقول الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات: لقد خلقنا الإنسان من الطين الخالص، فأصلُ خِلقة الإنسان، إذاً، من سلالة الطِّين، ومعلومٌ أنّ الطين جسم، فحدوث الإنسان بدأ من الطين الجسمانيّ.

- ثمّ بعد خلْقه من الطين جعلناه (أي ذلك الإنسان الطينيّ) نُطْفَة. فعلى أساس الحركة الجوهريّة تحوّل الطين إلى نطفة، ويُلاحَظ هنا تبديله إلى جسم، أي أنّ جسماً قد تبدّل إلى جسمٍ آخر.

- ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً..﴾: أي على هيئة قطعة دم متخثّر. وهنا تبديلُ جسمٍ بجسمٍ آخر.

- ﴿.. فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً..﴾: أي مثل قطعة من اللّحم ممضوغة. وهنا أيضاً تبديل جسمٍ بجسم آخر.

- ﴿.. فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا..﴾: وهنا أيضاً تبديل جسم بجسم آخر.

- ثمّ كسا الله سبحانه وتعالى تلك العظام لحماً.

- ﴿.. ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ..﴾: أي أنّنا جعلنا هذا الإنسان الجسماني روحانيّاً. فتبدّلت حقيقة وروح هذه الأجسام إلى النفس الإنسانيّة الناطقة.

وفي: ﴿.. ثُمَّ أنشَأنَاهُ خَلْقًا ءَاخَرَ..﴾ تنحّت المادّة جانباً، وتبدّلت إلى النفس المجرّدة.

وبناءً على ما جاء في الآية فإنّ ما قاله الحكماء القدماء من أنّ الإنسان حين خِلقته يبدأ أوّلًا بالوجود الجنينيّ حتّى يصل إلى المرحلة التي يصبح فيها مستعدّاً لولوج الروح ونفْخها، وهناك - ودفعةً واحدة - يوجد الله النفس مُتَعَلِّقَةً بِالمَادَّةِ، فهذا الأمر مخالفٌ للآية المباركة.

الحكماء القدماء كانوا يقولون بأنّ الإنسان مركّبٌ من الروح والبدن، ولكنّ الآية لا تعطي هذا المعنى (أي التركيب)، بل تتحدّث بصراحة عن التبديل.

فهي تقول: بأنّ الانسان من سلالة من طين، ثم يصبح كذا، ثمّ كذا ... ثمّ تسير الخِلقة الإلهيّة على أساس المسار المادّيّ خطوةً خطوة، حتّى تصل إلى أن تترك المادة: ﴿.. ثُمَّ أنشَأنَاهُ خَلْقًا ءَاخَرَ..﴾، إذ تتبدّل المادة إلى خِلقة أخرى. فعلى إثر الحركة الجوهريّة تتبدّل المادة إلى موجود مجرّد، ويتحوّل الجسم إلى نفس ناطقة.

فهذه الآية واضحة جدّاً. ولكن في نفس الوقت لدينا آيات أخرى من القرآن الكريم تعطي نفس المعنى، منها قوله تعالى:

- ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ طه:55: وفي هذه الآية تصريحٌ بأنّ الإنسان قد خُلق من الأرض؛ وعليه، فبدء خِلقة الإنسان من الجسم.

- ومنها أيضاً: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾ نوح:17: فإنبات الإنسان من الأرض يدلّ على جسمانيّة أصل خِلقته وماديّته.

وهناك أربعة تعابير وردت في القرآن المجيد حول أصل الخلقة:

1- ﴿..  مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ الحجر:26.

2- ﴿..  مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾ الرحمن:14.

3- ﴿.. مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ المؤمنون:12، ﴿.. وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ السجدة:7.

4- ﴿.. مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ السجدة:8.

* أمّا «حَمَإٍ مَّسْنُونٍ»، فهو عبارة عن الوَحل المتعفّن، لأنّ الحَمَأ بمعنى الطين الأسود، ومَسْنُون: بمعنى الرائحة الكريهة أو الطَّعم الكريه، وفي كلّ الأحوال فإنّ أصل خلقة الإنسان من طين متعفّن ذي رائحة كريهة أو طعم كريه.

* وأمّا «صَلْصَالٍ كالْفَخَّارِ»، فالصَّلصال هو الطين المتيبّس المتشقّق الذي إذا سِيرَ عليه سُمع له صَلْصَلَة، وفَخَّار بمعنى الطين المطبوخ بالنار، أي: أننا خلقنا الإنسان من طين يابس له صَلصَلة كالفخّار.

الآيات الدالّة على الخَلق الإنساني

وهناك ستّ آيات في القرآن المجيد تدلّ على أنّ أصل خلقة الإنسان من التراب. منها قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا..﴾ فاطر:11.

وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ..﴾ آل عمران:59.

وخلاصة القول إنّ مجموع هذه الآيات، ومن دون أيّ شكّ أو تردّد، يبيّن أنّ أصل خلقة النفس الإنسانيّة من الجسم والمادّة. هذه المادّة التي كانت بصورة الصَّلصال أو الحَمأ المسنون أو غيرهما. ثمّ تحوّلت على أثر التطوّرات والتبدّلات الحاصلة في جوهرها إلى نُطفة، ثمّ عَلَقة، ثمّ مُضْغَة. أو أنّ آدم أبا البشر قد أُلبس رداء الوجود بعد خلقه من التراب بكلمة «كُنْ» التي هي نفس المشيئة الإلهيّة، وكان هذا بواسطة الحركة في الجوهر.

أي أنّ نفس الجوهر في كينونته متحرّك، ففي البداية كان الجوهر في ماهيّة سُلالةٍ من طين مثلًا، ثم تحوّل من خلال الحركة في جوهره وذاته إلى عالم النُطفة، فتبدّل إلى ماهيّة النُّطفة. ثم تحرّكت النُّطفة في جوهرها وذاتها إلى عالم العَلَقة، فصارت عَلَقة وتبدّلت إلى ماهيّة العلَقة، ثمّ تبدّلت العلَقة إثر الحركة الجوهريّة إلى ماهيّة المُضغة، ثمّ تحرّكت المُضغة في جوهرها وتبدّلت إلى عِظام.

وبعد نبات اللّحم على العظم تبدّلت دفعةً واحدة إلى النفسٍ المجردّة: ﴿.. ثُمَّ أنشَأنَاهُ خَلْقًا ءَاخَرَ..﴾. فصارت المادّة نفساً ناطقة وروحاً متعلّقة بالمادّة؛ روحاً في قالب الجسد.

وعندما تخرج من هذا العالَم، تترك هذه الروح المجرّدة المادّة دفعةً واحدة وتُلقي بها، فتبقى المادّة في الأرض لوحدها دون تعلّق النفس؛ فيتحقّق: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ﴾ المؤمنون:15.

ثم تستمرّ النفس الناطقة - بعد تجرّدها عن المادّة، وبعد الموت - بالسَّير التكاملي من خلال الحركة في جوهرها. وبعد عبور عالَم البرزخ تصل إلى التجرّد القيامتي، وترتدي حلّة القيامة: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾ المؤمنون:16.

كلّ هذا يحدث بسبب الحركة في الجوهر. وما دام الإنسان مادّةً محضة، كانت الحركة في المادة، وعندما أصبح نفساً ناطقة كانت حركتُه الجوهريّة في النفس الناطقة.

ويُمكن تشبيه هذه التحوّلات في الإنسان على إثر الحركة الجوهريّة بنور المصباح الذي يخرج من الفتيل. فأصلُ هذا النور كان زيتاً، أو بذور صغيرة من زيت الخَروع، أو حطب ووقود. وعلى إثر صفاء الاحتراق، يتبدّل الزيت والوقود وغيرهما إلى شُعلة نورانيّة. وتتبدّل الشُّعلة إلى غاز، ويخرج شُعاعها ليُنيرَ المحيط.

مدارجُ كمال النفس

السيد الطهراني:  وفي هذه الحالة ماذا يحدث بقوس النزول والصّعود؟ يوجد روايات تقول إنّ الله تعالى خلق الأرواح قبل ألفَي سنة من أجسادها، وكذلك هناك روايات مختلفة بمضامين أخرى تدلّ إجمالًا على أنّ الأرواح قد خُلقت قبل الأجساد. وبشكل عامّ تدلّ الروايات على وجود عوالم قبل عوالم الطَّبع والمادّة. وكان الإنسان فيها وكانت له محادثات. ثمّ تنزّل من تلك العوالم واحداً بعد الآخر حتّى وصل إلى هذا العالم.

 

العلّامة الطباطبائي: تلك المجموعة من الروايات لا تتنافى أبداً مع القول بكون بدء خلق الإنسان من الأصل الجسمانيّ. فليس الإنسان وحدَه له روح وملكوت، بل جميع موجودات عالَم المادّة. وحقيقة الروح والملكوت ليست من عالَم الجسم والمادّة، بل من العوالم العليا التي وجدت لها نوعَ‏ تَعلُّقٍ بالمادّة.

وللنّطفة ملكوت وكذلك للعلَقة، ولكلٍّ من الحَجر والشَّجر والماء والأرض ملكوت، فالحيوانات والطيور والكواكب والنجوم لها ملكوت، ونفوس مختصّة بها.

جميع هذه النفوس و«الملكوت» ليست من عالَم الجسم والجسمانيّة، بل من العوالم العليا وقد تنزّل كلّ واحدٍ بحسب ذاته من نقطة خاصّة، ووجد نوعاً من التعلّق بالمادّة.

ومن جملتها نفسُ الإنسان التي هي من العوالَم المجرّدة العليا، ولأنّها لا تستطيع أن تكتسب عدّة جهات من الكمال بسبب تجرّدها، وتلك الجهات موجودة في عالَم الكَثَرات والعوالم السُّفلى، لهذا تنزّلت للحصول على كمالات الكَثَرات. وبعد الحصول عليها ترتفع صاعدةً مرّةً أخرى إلى أن تنال الحضور لدى حضرة الحقّ تعالى، فهي في الواقع كانت في الأعلى ثمّ تنزّلت إلى الأسفل ثمّ ارتفعت مجدّداً.

وبيان ذلك: أنّ هذه الروح المسكينة بحسب الظاهر كانت في المرحلة الأولى في الأعلى، ثم تنزّلت درجةً درجة، وكانت وجهة سيرها نحو النّزول. وفي طيّ هذه المراحل النزوليّة لم تكن هادفة إلّا إلى الحصول على الكَثَرات التي تعلّقت بالمادّة عن طريق الماديّة، وكان هذا هو توجّهها وهدفها الوحيد، لأنّه إذا كان للإنسان هذه الإنسانيّة، ولم يكن له شي‏ء ممّا وراء الإنسانيّة لما استفاد من هذه الكثرات شيئاً (أي الكَثَرات التي تصدر من الإنسان في هذه النشأة) ولَما امتلكت الروح المجرّدة الخارجيّة أنواع وأقسام الأعمال والأفعال والأوصاف.

ولقد نزلت الروح إلى عالم الكَثَرات لكي تجمعها وترتفع بها إلى العالم العُلويّ. ثمّ إذا [متى] أرادت الهبوط من الأعلى إلى الأسفل فانّها تجمعُها وتنزّلها معها، وتُنهي الأمر.

وأثناء نزولها إلى هذا العالم تتّخذ في مسيرها صبغةَ كلّ عالمٍ تعبر منه. وكلّما عبرتْ مرحلةً تتحوّل إلى فردٍ من تلك المرحلة. وعند الوصول إلى عالَم المِثال في قوس النزول تصبح تماماً كواحدة من الموجودات المثالية، لها صورة مثاليّة وفرداً منها.

وعندما تصل إلى عالَم الطّبع والمادّة تصبح تماماً فرداً مادّيّاً، ومادة مَحضة حقيقتُها النُّطفة. وقد تنزّلت تلك الرّوح المجرّدة إلى الدرجة التي أضحت فيها مجرّد روح لنُطفة. وقد تبدّلت روح النطفة هذه على إثر الحركة الجوهريّة إلى صوَر وماهيّات مختلفة. لتعبر مرّة أخرى من المادّة وتصبح مجرّدة. فهناك، وعلى إثر الحركة، تحصل على الاختيار، وتوجد الروح.

النطفة بداية حقيقة النفس

إذاً، فعندما يكون الإنسان نطفة تكون حقيقته قد تنزّلت إلى هذا الحدّ وأصبحت نطفة حقيقيّة، وبعد التبدّلات والتحوّلات الصوريّة تصل إلى: ﴿.. أنشَأنَاهُ خَلْقًا ءَاخَرَ..﴾. وتتبدّل حقيقة العَظم واللّحم الذي نبت عليه إلى النفس النّاطقة المجرّدة التي تعبر المراحل اللّاحقة أيضاً. ولا يعني هذا أنّ الجسم منفصل والروح تنفَخ فيه فيجتمعان لأيام معدودة ثمّ ينفصلان.

فكمالات الإنسان تحصل بواسطة نشأة الكَثرة إذا لم يتنزّل وليصبح مادّة محضة، ثمّ يشرع مجدداً في سيره إلى العوالم العليا لما كان له كمال.

هذه الروح التي تنزّلت من الأعلى إلى الأسفل لم تكن إلّا واحداً. فعندما تنزّلت شرعت باكتساب الفعليّات وأخْذ الخصوصيّات وتحصيل الكثَرات. فجمَعَتها كلَّها وحمَلَتْها معها مرتفعةً بها إلى الأعلى، فارتفعت وارتفعت‏.

 

تحقُّق النَّفس بالبَدن

كان قدماء الفلاسفة المُتألّهين من اليونانيّين والمُسلمين، مثل ابن سينا، يعتقدون بأنّ النّفس خُلقت منذ الأزل، فهي تتعلّق بالبدن للقيام بأفعالها. وأنّ البدن ليس في الحقيقة إلّا آلة لأعمال النّفس. بَيد أنّ صدر المتألّهين أثبت بواسطة «الحركة الجوهريّة» أنّ النّفس تحتاج إلى البدن في أصل ماهيّتها الوجوديّة، وأنّها تتحقّق بالبدن أصولًا، وأنّ الإنسان عبارة عن موجود تدريجيّ أوّله مادّة وآخره عقل. فنفسُ الآدميّ تبدأ من نطفة هي خليّة أحاديّة، ثمّ تصل بعد تكوّنها وعبورها لمراحل الحسّ والخيال والوهم؛ إلى مرتبة العقل فتصبح مجرّدة وتبقى على الدّوام.

إنّ نفس الإنسان كمثل الفراشة في الشّرنقة، ومثل الجنين في الرَّحِم، أو مثل لُبّ اللّوز والجوز الذي يكون بدء تكوّنه ممزوجاً بالقشر؛ فهو يتكوّن ويتحقّق بالبدن، ثم يتحرّك في مسيرته التّكامليّة فيبقى مدّةً مع البدن، ثمّ إنّه يصبح بعد البدن قائماً بنفسه بواسطة استكمال الجوهر فيستغني عن البدن وينفصل كمثل زيت اللّوز وزيت الجوز، أو كالفراشة التي تخرج من الشّرنقة، أو كالحيوان الذي يبدّل جلده؛ فيخلع البدن ويعيش من دون مادّة، أي من دون البدن، ويصبح مجرّداً.

(الشمس الساطعة: هامش ص 217)

 

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

20/12/2014

دوريّات

نفحات