تحقيق

تحقيق

منذ 5 أيام

من تاريخ اليَمن واليمانيّين

من تاريخ اليَمن واليمانيّين

باركَ اللهُ في النَّخْع، ونِعْمَ الحيّ هَمْدان

____ إعداد: علاء الدين كوراني ____

 

تدلّ قصّة نبيّ الله سليمان، عليه السلام، والملكة بلقيس في القرآن الكريم، (سورة النمل: الآيات 20-44) على أنّ الله، تعالى، أدخل اليمن في اهتمامات أنبيائه الكبار، عليهم السلام، قبل ميلاد المسيح، عليه السلام، بألف عام. فقد كشفها هُدهُد سليمان، عليه السلام، وكان رسوله إلى ملكتها بلقيس، فجاءتْ إلى سليمان وأسلمت على يده، وأسلمت اليمن بإسلامها. وكان ذلك إشارة ربّانيّة إلى مكانة اليمن، ودورها في مستقبل الإسلام والعالم.

هذا التحقيق بمنزلة تعريف موجز بتاريخ اليمن قبل الإسلام وبعده، اقتبسناه من كتاب (اليمانيّون قادمون) لسماحة الشيخ علي كوراني، ومن مصادر متفرّقة أخرى.

 

اختلف اللّسانيّون وأهل الأخبار في تحديد معنى «اليمن»، ولهم عدة نظريّات بخصوص ذلك، فقيل: إنّه مشتقّ من اليُمن، أي البركة وهو نقيض الشّؤم؛ قالَ قُطْرُبٌ: «سُمِّي اليَمَنُ ليُمْنِهِ والشّأْم لشُؤْمِه».

وأطلق عليها الإغريق تسمية «العربيّة السّعيدة» أو (Arabia Felix) باللاتينيّة، وسمّاها  العرب «الیمن الأخضر» لأنّها أغنى المناطق مقارنةً بمناطق شبه الجزیرة العربیّة، بلحاظ تنوّع مُنْتَجاتها الزّراعیّة، وتوافر أحجارها الكريمة وغیرها من المعادن، وموقعها الجغرافيّ المطلّ على المحیط الهنديّ.

قديماً قامت في اليمن عدّة ممالك، منها «سبأ»، و«مَعين»، و«قتبان»، و«حضرموت»، و«حِمْيَر». وتُعدّ مملكة سبأ أقدم الممالك اليمنيّة العربيّة وأعرقَها، عاصمتُها «مَأْرب»، وقد حكمها «الهدهاد زيد»، ثمّ ملكَ بعدَه «تُبَّع الأوّل»، الذي طال عمره وطغى وبغى، فقتلته «بلقيس بنت الهدهاد» وملكتْ مكانه. وكانت من أعقل النساء، وبقيت ملكةَ سبأ حتّى توفّيت بعد وفاة سليمان، عليه السلام، بقليل، ثمّ ملَك «تُبَّع الأصغر»، وهو الذي جاء باليهود من أرض الحجاز إلى اليمن.

 

 

ثمّ ملَك «زرعة ذو نواس»، فتَهوّد ولم يرضَ من الناس إلّا باليهوديّة أو القتل، وهو صاحب الأخدود، وكان خَدَّ بنجران أخاديد فأوقد فيها النار ودعا أهلها إلى اليهوديّة، وكانوا على إرث دينٍ من دين عيسى عليه السلام، فلمّا أبوا عليه، ألقاهم في النار وحرق الإنجيل، وقتل منهم زهاء عشرين ألفاً بالسيف، سوى مَن أحرق بالنار ومَن مَثَّل بهم. وبسببه جاءت الحبشة [مملكة أكسوم في أثيوبيا] إلى اليمن فغلبتْ عليها لِما فعل بالنصارى، وقد أشار القرآن الكريم إلى قصّة أصحاب الأخدود في سورة البروج. (الآيات 4-8)


اليمن تحت سيطرة النجاشي ملك الحبشة

ذكر الطبري في (تاريخه) أنّ النجاشي ملك الحبشة غضب لِما حلّ بالنصارى، فأرسل إلى اليمن اثنين من قوّاده هما: «أرباط» و«أبرهة» في سبعين ألفاً، فخاف الملك ذو نواس، وهرب بفرسه وغرق في البحر. ولمّا استتبّ الأمر للحَبَشِ، انقلب أبرهة الأشرم على النجاشي، وقتل صاحبه أرباط، فحكم اليمن بمفرده وأذلّ أهلها، ثمّ بنى كنيسة القُلَّيس، وأراد هدم الكعبة المشرّفة، فكانت قصّته المعروفة المذكورة في القرآن الكريم في سورة (الفيل)، وفي تلك السنة كانت ولادة رسول الله صلّى الله عليه وآله.

بعد غَلَبة الحبشة على اليمن – وكانوا حلفاء الروم – قصد جماعةٌ من ملوك حِميَر اليمانيّين - في طليعتهم النعمان بن المنذر وذو يزن - كِسرى ملكَ الفرس، وخاطب ذو يزن الملكَ قائلاً: «أيّها الملك، إنّ السودان – يريد أهلَ الحبشة - قد غلبونا على بلادنا وركبوا منّا أموراً شنعة، فإنْ رأى الملك أن يوجّه معي جيشاً ينفون هذا العدوّ عن بلادنا فيَزدادها إلى مُلكه، فإنّها من أخصب البلدان».

 

 

فأمره كسرى أن يصبر، وطال انتظاره حتّى توفّي عند كسرى، فجاء ابنه سيف بن ذي يزن (وكان موحِّداً) واعترض كسرى وقد ركب، فصاح به: «أيّها الملك إنّ لي عندك ميراثاً... أنا ابن الشيخ اليماني ذي يزن الذي وعدتَه أن تنصره فمات ببابك وحضرتك!».

فأمر له كسرى بمال، فخرج الغلام فجعل ينثر الدراهم فانتهبها الناس، فأرسل إليه كسرى: «ما الذي حملك على ما صنعت؟»، قال: «إنّي لم آتِك للمال إنّما جئتك للرجال، ولتمنعني من الذلّ»، فأعجبَ ذلك كسرى، وجهّزه بثمانماية مُحارب، وأمّر عليهم كبير جنده «وِهْرِز»، فقاتلوا الأحباشَ – وعليهم مسروق بن أبرهة - في حضرموت وهزموهم شرّ هزيمة، ودخل وِهْرِز فركزَ رايته في صنعاء، وكتب إلى كسرى: «إنّي قد ضبطتُ لك اليمن وأخرجتُ مَن كان بها من الحبشة»، وبعث إليه بالأموال، فكتب إليه كسرى يأمره أن يملِّك سيفَ بن ذي يزن على اليمن.

وجاءت وفود العرب لتهنئة سيف بن ذي يزن، وكان وفد قريش، برئاسة عبد المطّلب، عليه السلام، سبعةً وعشرين زعيماً.

ولم تطل أيّام سيف بن ذي يزن حتّى اغتاله عبيده الأحباش، فتولّى وِهرز اليمنَ بعده، ومن بعده أولادُه، حتّى جاء الإسلام وعلى اليمن رجلٌ منهم يدعى باذان، فأسلم وأقرّه النبيّ، صلّى الله عليه وآله، عاملاً على اليمن.


فُتحت اليمن برسائل النبيّ صلّى الله عليه وآله وجهاد أمير المؤمنين عليه السلام

من فضائل اليمن أنّها أسلمتْ طوعاً استجابةً لرسائل النبيّ، صلّى الله عليه وآله، بين العام السادس للهجرة، وعام الوفود في السنة العاشرة، إلّا بعض مناطقها التي أعلنت العداء أو ارتدّت، فعالجها النبيّ، صلّى الله عليه وآله، بعليٍّ عليه السلام.

 

 

ومن أدلّة قوّة إيمان اليمنيّين أنّ الأسود العنسي ادّعى النُّبوّة وكثُر أتباعه، فلم يحتج النبيّ صلّى الله عليه وآله إلى إرسال قوّة لمعالجة أمره، بل عالجه ونسّق أمره بالرسائل بين الرؤساء لمحاربته، حتّى تمّ القضاء عليه.

لقد أثمرت رسائل النبيّ، صلّى الله عليه وآله، إلى اليمن فاستجابت له استجابةً واسعة، وتوالت وفودها إليه معلنةً إسلامها، وبعضهم ساق معه زكاة أنعامه. وحفلت مصادر السيرة برسائله، صلّى الله عليه وآله، إلى أهل اليمن، ووفودهم إليه، وذكرت من ذلك قبيلة همدان الكبيرة، وأنّها أسلمت في يومٍ واحد، عندما جاءها عليٌّ، عليه السلام، وقرأ عليها رسالة رسول الله، صلّى الله عليه وآله.

وروى أصحاب السّيرة عن البراء بن عازب، قال: «بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام. قال البراء: فكنتُ فيمن خرج مع خالد بن الوليد، فأقمنا ستّة أشهرٍ ندعوهم إلى الإسلام فلم يُجيبوا، فساء ذلك رسولَ الله صلّى الله عليه وآله.

ثمّ إنّ النبيّ، صلّى الله عليه وآله، بعث عليّ بن أبي طالب مكان خالد وأمره أن يُقْفِلَ خالداً ويعزلَه، وقال: مُرْ أصحاب خالد مَن شاء منهم أن يُعقِّب معك فليعقّب، ومن شاء فليُقبل..».

وقال الطبري: «وفيها – السنة العاشرة - وجّه رسول الله، صلّى الله عليه وآله، عليّ بن أبي طالب في سريّة إلى اليمن في [شهر] رمضان.. قال البراء.. فلمّا انتهينا إلى أوائل اليمن، بلغ القوم الخبر فجمعوا له فصلّى بنا عليٌّ الفجر، فلمّا بزغ، صفَّنا صفّاً واحداً، ثمّ تقدّم بين أيدينا فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قرأ عليهم كتاب رسول الله، صلّى الله عليه وآله، فأسلمت (همدان) كلّها في يومٍ واحد، وكتب بذلك إلى رسول الله، صلّى الله عليه وآله، فلمّا قرأ كتابه خرَّ ساجداً، ثمّ جلس فقال: السَّلامُ على هَمدان، السَّلامُ على هَمدان، ثمّ تتابع أهل اليمن على الإسلام».

فأقام فيهم أمير المؤمنين، عليه السلام، يُقرئهم القرآن ويعلّمهم الشرائع، وكتب إلى رسول الله كتاباً مع عبد الله بن عمرو المزني يخبره الخبر، فأتى رسولَ الله، فأمر رسولُ الله، صلّى الله عليه وآله، أن يوافيه الموسم، فانصرف عبد الله إلى عليٍّ، عليه السلام، بذلك، فانصرف عليٌّ، عليه السلام، راجعاً، فلمّا كان بالفَتْق [اسم موضع من مخاليف الطّائف] تعجّل إلى رسول الله، صلّى الله عليه وآله يخبره الخبر، فوافى رسول الله صلّى الله عليه وآله بمكّة قد قدمها للحجّ..».

وفي (الكافي) عن الإمام الصادق عليه السلام: «قالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآله إِلَى الْيَمَنِ، وقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ لَا تُقَاتِلَنَّ أَحَداً حَتَّى تَدْعُوَهُ، وأيْمُ اللهِ لأَنْ يَهْدِيَ الله عَلَى يَدَيْكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وغَرَبَتْ، ولَكَ وَلَاؤُه».

وروى الصفّار في (بصائر الدرجات)، أنّ النبيّ، صلّى الله عليه وآله، أرسل أمير المؤمنين، عليه السلام، إلى اليمن بمعجزة، وخبرُ المعجزة كما رواه الحاكم النيسابوري في (المستدرك) وصحّحه على شرط الشيخَين، قال: «قال عليّ رضي الله عنه: بَعَثَني رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إِلَى اليَمَنِ، قال: فَقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إِنّي رَجُلٌ شابٌّ وَإِنَّهُ يَرِدُ عَلَيَّ مِنَ القَضاءِ ما لا عِلْمَ لي بِهِ؟ قال: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلى صَدْري وَقالَ: (اللَّهُمَّ ثَبِّتْ لِسانَهُ، وَاهْدِ قَلْبَهُ). فَما شَكَكْتُ في القَضاءِ، أو في قَضاءٍ بَعْدُ».

وفي (أعيان الشيعة) للسيّد محسن الأمين رحمه الله: «بَعْثُ عليٍّ، عليه السلام، إلى همدان لم يكن سنة عشر، إنّما كان سنة عشر بعثُه إلى بني مذحج، وأمّا بعثه إلى همدان فكان سنة ثمانٍ بعد فتح مكّة، فيكون بعثُ عليٍّ عليه السلام إلى اليمن حصل مرّتين».

وقال ابن هشام في (سيرته): «غزوة عليّ بن أبي طالب، رضوان الله عليه، إلى اليمن، غزاها مرّتين، وتوغّل في مناطقها».

وفي (أمالي) الطوسي عن الإمام الرضا، عليه السلام، أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وآله، بعث عليّاً، عليه السلام، إلى اليمن فقال له وهو يُوصيه: «يا عَلِيُّ، أوصيكَ بِالدُّعاءِ فَإِنَّ مَعَهُ الإجابَة، وَبِالشُّكْرِ فَإِنَّ مَعَهُ المَزيد..».

وفي (مزار) المشهدي عن الإمام الصادق، عليه السلام، قال: «لَمّا أَرادَ أَميرُ المُؤْمِنينَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، الخُروجَ إِلى اليَمَنِ قالَ لَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَأَقْبِلْ إِلَيَّ حَتَّى أُعَلِّمَكَ دُعاءً يَجْمَعُ اللهُ بِهِ لَكَ خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ. قالَ مَوْلايَ، صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ: فَصَلَّيْتُ وَأَقْبَلْتُ إِلَيْهِ، فَقالَ لِي عَلَيْهِ السَّلامُ: قُلْ: اللَّهُمَّ إِنّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِلا ثِقَةٍ مِنّي بِغَيْرِكَ، وَلا رَجاءٍ يَأْوي بِي إِلّا إِلَيْكَ...» إلى آخر الدعاء.


تفضيل النبيّ صلّى الله عليه وآله أهل اليمن على غيرهم

روى الجميع أحاديث مدح النّبيّ صلّى الله عليه وآله لأهل اليمن، وتفضيلهم على غيرهم. ومن أشهرها:

- ما رواه البخاري، عن أبي هريرة، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: أَتاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَأَلْيَنُ قُلوباً، الإيمانُ يَمانٍ، وَالحِكْمةُ يَمانِيَّةٌ، وَالفَخْرُ وَالخُيَلاءُ في أَصْحابِ الإِبِلِ..».

- وأيضاً ما رواه البخاري عن ابن مسعود، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: الإيمانُ هاهُنا، وأشار بيده إلى اليمن، وَالجَفاءُ وَغِلَظُ القُلوبِ في الفَدّادينَ عِنْدَ أُصولِ أَذْنابِ الإِبِلِ، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنا الشَّيْطانِ، رَبيعَةُ وَمُضَرُ».

- وفي رواية: «دَعائِمُ أُمَّتي أَهْلُ اليَمَنِ».

 

- وفي رواية: «أَتاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، كَقِطَعِ السَّحابِ، خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ».

مدحَ النبيّ، صلّى الله عليه وآله، أهلَ اليمن - كما رأيت - وفضّلهم على غيرهم، وذمّ طوائف من أهل نجد، وكلمة «الفدّادين» في كلامه، صلّى الله عليه وآله، من «فَدَدَ» بمعنى «صرَّخ»، وليس من «فَدَنَ» بمعنى «فدّان الحراثة». فالمعنى أنّ الجفاء وغلظ القلوب في الفدَّادين أهل الصراخ والصياح على إبلهم وحيواناتهم وأنفسهم. وهم الذين صرخوا على النبيّ، صلّى الله عليه وآله من خارج بيته، وقالوا: أخرج إلينا يا محمّد! فقال الله تعالى عنهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ الحجرات:4. فالفدَّادون هم الذين يتكلّمون بالصراخ: ها، هوْ، هيْ. وهذه صفة النجديّين في حياتهم اليوميّة إلى يومنا.


وفود أهل اليمن على النبيّ صلّى الله عليه وآله

عقد ابن سعد في المجلّد الأوّل من (الطبقات) باباً بعنوان: وفادات أهل اليمن، وروى غيره شبيهاً به، وتبلغ أحاديث وفود اليمن إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله صفحات كثيرة، نكتفي منها بنماذج:

v      قدِم وفد طيء على رسول الله، صلّى الله عليه وآله، خمسة عشر رجلاً، على رأسهِم سيّدُهم زيدُ الخير.

v       قدم وفد هَمْدان على رسول الله، فقال صلّى الله عليه وآله: «نِعْمَ الحَيُّ هَمْدان، ما أَسْرَعَها إِلى النَّصْرِ، وَأَصْبَرَها عَلى الجَهْدِ، فيهِمْ أَبْدالٌ، وَفيهِمْ أَوْتادٌ».

ومن أبياتٍ لأمير المؤمنين، عليه السلام، في يوم صفِّين:

وَلَوْ أَنَّ يَوْماً كُنْتُ بَوّابَ جَنَّةٍ * لَقُلْتُ لِهَمْدانَ ادْخُلوا بِسَلامِ

v      بعث النخع رجلَيْن إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وافدين بإسلامهم، فدعا لهما رسول الله صلّى الله عليه وآله ولقومهما بخير، وقال: «اللَّهُمَّ بارِكِ النَّخْعَ». ثمّ وفدَ على رسول الله صلّى الله عليه وآله قومٌ آخَرون من النّخع، وكان فيهم مالك الأشتر، لكنّ رواة الخلافة حذفوا اسمه وعدّوه من التابعين وليس من الصحابة.


بشارة النبيّ صلّى الله عليه وآله بدور اليمن في مستقبل العالم

روت مصادر المسلمين الشيعة عن رسول الله، صلّى الله عليه وآله، وعن الأئمة المعصومين، عليهم السلام، أحاديث صحيحة السند حول اليماني، وأنّه يظهر قبل الإمام المهديّ، عليه السلام، ويمهِّد له، ويكون ناصرَه ووزيره.

من ذلك: حديث المنصور اليماني الذي رواه النعماني في (الغَيبة)، قال: «وفد على رسول الله صلّى الله عليه وآله أهلُ اليمن، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: جاءَكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ.. مِنْهُمُ المَنْصورُ يَخْرُجُ في سَبْعينَ أَلْفاً، يَنْصُرُ خَلَفي وَخَلَفَ وَصِيّي؛ حَمائِلُ سُيوفِهِمُ المِسْكُ». وفي رواية: «المسد».

وفي كتاب (الإمامة والتبصرة) للصدوق الأب: «عن أبي عبد الله الصادق، عليه السلام، قال: خَمْسٌ قَبْل قِيامِ القائِمِ: اليَمانِيُّ، وَالسُّفْيانِيُّ، وَالمُنادي يُنادي مِنَ السَّماءِ، وَخَسْفٌ بِالبَيْداءِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ».

وفي (غَيبة) الطّوسيّ، و(الخرائج) للقطب الرّاونديّ، عن أبي عبد الله الصادق، عليه السلام، قال: «خُروجُ الثَّلاثَةِ: الخَراسانِيِّ وَالسًّفْيانِيِّ وَاليَمانِيِّ في سَنَةٍ واحِدَةٍ، في شَهْرٍ واحِدٍ، في يَوْمٍ واحِدٍ، فَلَيْسَ فيها رايَةٌ بِأَهْدَى مِنْ رايَةِ اليَمانِيِّ، تَهْدِي إِلَى الحَقِّ».

في المقابل سعى الأمويّون والعبّاسيّون ومن خلَفَهم إلى تكذيب أحاديث اليماني أو تحويرها. فقد غضب معاوية على عبد الله بن عمرو بن العاص وسمّاه جاهلاً عندما بلغه أنّ عبد الله يُفشي بين الناس أحاديث اليماني الموعود.

 

 

 

قال البخاري في (صحيحه): «بلغَ معاوية... أنّ عبد الله عمرو بن العاص يُحدِّث أنّه سيكون ملكٌ من قحطان [أي عرب اليمن]، فغضب معاوية فقام خطيباً، ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّه بلغني أنّ رجالاً منكم يتحدّثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا تُؤْثَر عن رسول الله، فأولئك جُهّالكم! فإيّاكم والأماني التي تضلّ أهلها!».

وبهذا الغضب محا معاوية حديث اليماني، فأطاعه الرواة وغيّبوه أو حرّفوه! لكنّه كان معروفاً للناس، وأنّ اسم اليماني ثلاثة أحرف، وأنّه ناصر الإمام المهدي عليه السلام.

وهذا مقامٌ عظيمٌ لليماني يوجب على الأُمّة طاعتَه والانضواء تحت رايته. فقوله عليه السلام: «تَهْدي إِلَى الحَقِّ»، إشارة إلى قاعدة: ﴿..أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ يونس:35.

اخبار مرتبطة

  دوريّات

دوريّات

منذ 5 أيام

دوريّات

نفحات