تاريخ و بلدان

تاريخ و بلدان

12/11/2015

تاريخ و بلدان


اذْهَبوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقاءُ

في (الكافي) عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ مَكَّةَ يَوْمَ افْتَتَحَهَا، فَتَحَ بَابَ الْكَعْبَةِ، فَأَمَرَ بِصُوَرٍ فِي الْكَعْبَةِ فَطُمِسَتْ، فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ، فَقَالَ: (لَا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه، صَدَقَ وَعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، مَاذَا تَقُولُونَ؟ ومَاذَا تَظُنُّونَ؟) قَالُوا نَظُنُّ خَيْراً ونَقُولُ خَيْراً. أَخٌ كَرِيمٌ وابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ وقَدْ قَدرْتَ. قَالَ: (فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ: ﴿..لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾..)». [يوسف: 92]

وفي (مجمع البيان) للطبرسيّ: «ودخل صناديدُ قريشٍ الكعبة، وهم يظنّون أنّ السيف لا يُرفع عنهم، فأتى رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم البيتَ، وأخذ بعِضادتَي الباب، ثمّ قال: (لَا إِلَه إِلَّا اللهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ.. أَلا إِنَّ كُلَّ دَمٍ وَمالٍ وَمَأْثَرَةٍ كانَ في الجاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَوْضوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ، إِلّا سدانَةَ الكَعْبَةِ وَسِقايَةَ الحاجِّ، فَإِنَّهُما مَرْدودَتانِ إِلى أَهْليهِما، أَلا إِنَّ مَكَّةَ مُحَرَّمَةٌ بِتَحْريمِ اللهِ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كانَ قَبْلي، وَلَمْ تَحِلَّ لي إِلّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ، فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ إِلى أَنْ تَقومَ السّاعَةُ».

ثم قال: «أَلا لَبِئْسَ جيران النَّبِيِّ كُنْتُمْ، لَقَدْ كَذَّبْتُمْ وَطَرَدْتُمْ، وَأَخْرَجْتُمْ وَفَلَلْتُمْ، ثُمَّ ما رَضيتُمْ حَتّى جِئْتُموني في بِلادي تُقاتِلونَني، فَاذْهَبوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقاءُ».

فخرج القوم كأنّما أُنشروا من القبور، ودخلوا في الإسلام، وكان الله سبحانه أمكنَه من رقابهم عنوةً فكانوا له فيئاً، فلذلك سُمِّي أهل مكّة الطّلقاء!

 


فَخّ

فَخّ: بفتح الفاء، وتشديد الخاء: وادٍ بمكّة، وهو وادي الزّاهر، وفيه اغتسلَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو مُحرِمٌ لدخول مكّة. ويروى قول بلال عندما أصابته حُمّى:

أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً            بِفَخٍّ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ

وفي هذا الوادي جرت موقعة أو معركة بين الحسين بن عليّ (العابد)، بن الحسن المثلّث، بن الحسن المثّنى، بن الإمام الحسن السّبط، بن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، وبين العبّاسيّين في الثّامن من ذي الحجّة عام 169 للهجرة/786م، وعُرِفَت (بموقعة فخّ) نسبة إلى ذلك الوادي.

وكان مع الحسين المذكور جماعة من العلويّين الذّين بايعوه في المدينة المنوّرة؛ ولمّا قصد مكّة مع أصحابه، قاتله العبّاسيّون، فاستُشهد، كما استُشهد معه ابن عمّه سليمان بن عبد الله الكامل، وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا.

ويقال إنّهم غدروا به بعدما عرضوا عليه الأمان، إذ رشقه مبارك التّركيّ بسهمٍ فمات، وحُمل رأسه إلى موسى الهادي العبّاسي. كما قتلوا جماعةً من عسكره وأهل بيته، فبقيت أجسادهم الطّاهرة ثلاثة أيّام في العراء حتّى أكلتهم السّباع؛ ولهذا يُقال لم تكن مصيبةٌ بعد كربلاء أشدَّ وأفجع من مصيبة فخّ.

أمّا موضع شهداء فخّ فلا أثر له الآن، يقول السباعي في (تاريخ مكّة): «في هذا المكان - يعني فخّاً - تقرر مصير العلويّين حيث قُتل الحسين بن عليّ (العابد) وهو مُحْرِم، بعد أن أبلى بلاءً شديداً، وقُتل معه أكثر من مائة من أصحابه، وكانت قبورهم معروفة هناك، ويُشرف قبر زعيمهم الحسين على ربوة في الوادي».

وفي فخّ مقبرة معروفة تُعرف بمقبرة المهاجرين، كان يُدفن فيها كلّ مَنْ جاور مكّة منهم، ولا تزال موجودة معروفة.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

12/11/2015

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات