كتاباً موقوتاً

كتاباً موقوتاً

07/03/2016

القائمُ بها يحصِّل أعلى المراتب


القائمُ بها يحصِّل أعلى المراتب

هل نأمر أهلنا بالصّلاة تأسّياً برسول الرحمة صلّى الله عليه وآله؟

____ إعداد: هيئة التحرير ____

من كتاب (كنز العرفان في فقه القرآن) للفقيه العارف المقداد السُّيُوري (ت: 826 هـ) اخترنا هذا النصّ حول الأمر بالصلاة للأهل وذوي القُربى استناداً إلى الآية الكريمة في الكتاب العزيز: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ طه:132.

هذا المقتطف هو تفسير وشرح للآية المباركة وبيان جملة من الفوائد الروحيّة والمعنويّة.

في هذه الآية الكريمة، كما يبيّن السيوري رحمه الله، فوائد يُدرجها في كتابه على النحو التالي:

1) أمَرَ الله تعالى النبيّ صلَّى الله عليه وآله، أن يأمر أهله بالصّلاة. أي صلِّ وأمرهم بها، فيجب علينا أيضاً أمر أهالينا بها لدلالة التأسّي به صلَّى الله عليه وآله، ويؤيّده قوله تعالى: ﴿..قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ..﴾ التحريم:6.

قال الباقر عليه السّلام: «أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَخُصَّ أَهْلَهُ دُونَ النَّاسِ، لِيَعلَمَ النّاسُ أنَّ لِأَهلِهِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً لَيْسِت لِلنَّاسِ، فَأَمَرَهُم مَع النَّاسِ عَامَّة، ثُمَّ أَمَرَهُم خَاصَّة».

2) ﴿.. وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا..﴾: أي احمل نفسك على الصّلاة ومشاقّها، وإنْ نازعتك الطَّبيعة إلى تركها طلباً للرّاحة، فاقهرها واقصد الصّلاة مبالِغاً في الصّبر، ليصير ذلك ملَكَة لك. ولذلك عدل عن الصّبر إلى الاصطبار، لأنّ الافتعال فيه زيادةُ معنًى ليس في الثّلاثيّ، وهو القصد والتّصرف. ولذلك قال الله تعالى: ﴿..لَهَا مَا كَسَبَتْ..﴾ البقرة:286، بأيّ نوعٍ كان من الفعل. ﴿..وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ..﴾ البقرة:286، بالقصد والتّصرف والمبالغة.. رحمةً منه تعالى بعباده.

وإذا وجب عليه، صلَّى الله عليه وآله، الاصطبار، وجب أيضاً علينا لما قلناه. والقائم بذلك يحصّل أعلى المراتب إذا لم يكن متحرّجاً منها ومستعظماً لها، كما قال الله تعالى: ﴿..وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ البقرة:45.

3) لمّا كان قبل هذه الآية النّهيُ عن النّظر إلى زخارف الدّنيا، في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ طه:131، وكان المقصود بالذّات من الأمر بالصّلاة الاشتغال بها عن النّظر إلى تلك الزّخارف الدنيويّة، فلا ينبغي أن يكون بشيءٍ من ذلك مشتغلاً عن الصّلاة، بل إذا عرض في النّفس شيءٌ من الميل إليها، ينبغي الإقبال على الصّلاة والاصطبار عليها ليكون ذلك صادّاً للطبيعة عن الميل إلى خلافه؛ ولذلك كان عروة بن الزّبير إذا رأى الزّخارف عند الملوك قرأ هذه الآية، ثمّ نادى: «الصّلاة الصّلاة رحمَكم الله».

4) لمّا كان النّهي عن النّظر إلى الزّخارف والأمر بالصّلاة؛ يُمكن أن يقال معه أنّ من جملة ذلك الرّزقَ الَّذي لا بدّ منه، أردف ذلك بقوله: ﴿..لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا..﴾ طه:132، أيّ طلبَ رزق، بل اكتفِ برزقٍ يأتيك ولا تكلِّف نفسك بالطَّلب، فإنّه يشغلك عن الآخرة، واطلبها بالعبادة والهداية نحن نرزقك. إذا قنعتَ بما يأتيك، كفيناك مؤونةَ الطَّلب.

إنْ قلتَ: إذا مُنِعَ صلَّى الله عليه وآله، من طلب الرّزق، فنحن أيضاً كذلك لدلالة التأسّي، لكنّه ليس كذلك بالإجماع.

قلتُ: الطَّلب على قدر المطلوب؛ ولمّا كان مطلوبه صلَّى الله عليه وآله، أعلى المطالب، جاز تكليفه بما لم يكلَّف به غيره، فيكون ذلك من خواصّه الَّتي لا يجب التأسّي به فيها.

5) أنّه لمّا كانت الزّخارف المنهيّ عن النّظر إليها قد تستعقب فائدةً وعاقبة، أردفَ ذلك بأنّ تلك ليست في الحقيقة فائدة ولا عاقبة، بل هي عدمٌ بالنّظر إلى عواقب العبادات اللَّذيذة الدّائمة، وإنّما العاقبة بالحقيقة أو العاقبة المحمودة لذوي التّقوى.

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

07/03/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات