بسملة

بسملة

06/05/2016

«..رَحِمَ الله مَن أعانَني على شَهري»


 

رسالة الحنان النّبويّ:

«..رَحِمَ الله مَن أعانَني على شَهري»

§  بقلم: الشّيخ حسين كوراني

  «ألا إنّ شعبان شهري، فَرَحِمَ الله مَن أعانني على شهري»

      الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله

أراد سيّدُ النّبيّين أن يُلفت أنظار الأجيال إلى خصائص هذا المقطع الزّمنيّ الذي يُعرف باسم «شهر شعبان». اعتمدَ لتحقيق الإلفات بأجلى صوَره أسلوباً إعلاميّاً مبتكَراً.

قال «صفوان»: قال لي أبو عبد الله (الصّادق) عليه السّلام: «حُثَّ مَن في ناحيتِكَ على صومِ شعبان.

قلتُ: جُعلت فداك، ترى فيه شيئاً؟

قال: نعم! إنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وآله، كانَ إذا رأى هلالَ شعبانَ أمرَ مُنادياً فنادى في المدينة: يا أهلَ (يثربَ) إنّي رسولُ رسولِ اللهِ إليكم، ألا إنّ شعبانَ شَهري، فَرَحِمَ اللهُ مَن أعانَني عَلى شهري.

 ثمّ قال (الصّادق عليه السّلام): إنّ أميرَ المؤمنين عليه السّلامُ كانَ يقول: مَا فاتَني صومُ شعبانَ منذُ سمعتُ مُنادي رسولِ الله صلّى الله عليه وآله يُنادي في شعبان، فلن يَفوتني أيّامَ حياتِي صومُ شعبانَ إنْ شاءَ اللهُ تعالى».

خصائصُ في شهر شعبان، هي السّبب لهذه الدّعوة النّبويّة الحَنون.

تجدر الوقفة – إذاً - عند «الخَصائص» وعند «الدّعوة».

***

مفتاحُ الخصائص وعنوانها العامّ: «ألا إنّ شَعبان، شَهري».

عليه تتفرّعُ «شُعَبُ الخَيرات»:

* شعبان شهرُ رسول الله. رسولُ الله رحمةٌ للعالَمين. شعبان شهرُ العالَمين.

* رسولُ الله وأهل البيت، حقيقةٌ واحدة. الحقيقة المحمّديّة. شعبان شهرُ أهل البيت.

* رسولُ الله من الحسين، والحسين منه. شعبان شهرُ الحسين.

يحتضن شعبان أبرزَ المناسبات الحسينيّة. ذكريات مولد القادة الحُسينيّين - أي المحمّديّين - الأُوَل: مولد أبي الفضل العبّاس. حامل راية الحسين. مولد الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين، حامل الرّاية بعد أبي الفضل. مولدُ الطّالبِ بثَارِ ثارِ الله المهديّ المنتظَر.

***

المهديُّ المنتظر، هو التّاسعُ من المعوَّض بهم الحسين عن شهادته.

به ومعه يتحقّق الوعدُ الإلهيّ: ﴿.. لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ..﴾. [التّوبة:33]

ليلةُ النّصف من شعبان، ليلةُ القدر الصّاعدة. من الخَلق إلى الحقّ. عبوديّةً ورِقّاً. بُخوعاً وخضوعاً. بمولودها يملأُ الله الأرضَ قِسطاً وعدلاً. يُقيم الحكومة العالميّة العادلة.

ترنيمةُ المحمّديّين في ليلة النّصف من شهر سيّد النّبيّين:

قال الشّيخ الطّوسيّ:

«ويُستحبّ أن يُدعى فيها بهذا الدّعاء:

بحقّ ليلتنا ومولودِها

أللّهُمّ بحقِّ ليلتنِا وَمولودِها، وحُجّتِكَ ومَوعودِها التي قَرَنْتَ إلى فَضلِها فَضْلاً، فتمّتْ كلمتُكَ صِدقاً وعدلاً، لا مُبدّلَ لكلماتِك ولا مُعقِّبَ لآياتِك.

الغائبُ المَستور

نُورُكَ المُتألِّقُ، وَضِياؤكَ المُشرِقُ، والعَلَمُ النُّورُ، في طَخْياءِ الدَّيْجورِ. الغائبُ المَستور. جَلَّ مَوْلِدُه، وكَرُمَ مَحْتِدُه، والملائكةُ شُهَّدُه، واللهُ ناصِرُه ومُؤيِّدُه إذا آنَ مِيعادُه، والملائكةُ أَمْدادُه. سَيْفُ اللهِ الذي لا يَنْبُو، ونورُه الذي لا يَخْبُو، وذو الحِلْمِ الذي لا يَصبُو.

 مدار الدّهر مع سائر نواميس العصر

مَدارُ الدَّهر، ونواميسَ العَصر، ووُلاةَ الأَمر، والمنزّلَ عليهم مَا يتنزّلُ  في ليلةِ القَدر، وأصحابَ الحَشْرِ والنَّشْر، تراجمةُ وَحْيِه، ووُلاةُ أَمْرِه ونَهْيِه.

فَصَلِّ على قائمِهم، وأدرِكْ بنا أيّامَه

أللّهمّ، فَصَلِّ على خاتِمهم وقائمِهم المَستورِ عن عَوالمِهم، وأدرِكْ بنا أيّامَه وظهورَه وقيامَه، واجعلْنا من أنصارِه واقرِن ثارَنا بثاره، واكتُبنا في أعوانه وخُلصَائه، وأحيِنا في دَولتِه ناعِمين، وبصُحبَته غانِمين، وبحقِّه قائمين، ومن السّوءِ سالمين. يا أرحمَ الرّاحمين. والحمدُ لله ربّ العالَمين، وصلّى اللهُ عَلى محمّدٍ خاتَم النّبيّين والمرسلين وعَلى أهلِ بيتِه الصّادقين، وعِترتِه النّاطقين، والعَنْ جميعَ الظّالمين، واحكُمْ بينَنا وبينَهم، يَا أحكمَ الحاكِمين».

***

أما خصائص الدّعوة، فهي كما يلي:

* الأهمّيّة: قال الصّادق عليه السّلام: «مَنْ صامَ شعبانَ أدرَكَتْهُ رحمةُ اللهِ بدَعوةِ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم».

* الدّاعي: ﴿.. رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ التّوبة:128.

* مؤدّاها: مَن يُعِينُ رسولَ الله على شهره، فهو مَرحوم. تشملُه دعوة ﴿رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾. [الأنبياء:107]

* موردُ الإعانة: الولاية. العبادة. بَذْلُ المُهجة في الحسين عليه السّلام.

أما «الولاية» فيُوضحها أمران:

الأوّل: تعميقُ الولاية لأهل البيت عليهم السّلام، في شهر شعبان. قال رسولُ الله: «يَا عباَد الله، فَكَم مِن سعيدٍ في شَهرِ شعبانَ في ذلك، وكَم مِن شّقِيٍّ بِه هُناك، ألا أُنبِئكُم بمَثَل محمّدٍ وآلِه؟

قالوا: بلى يا رسولَ الله.

قال: محمّدٌ في عبادِ الله كَشَهرِ رمضانَ في الشُّهور، وآلُ محمّدٍ في عبادِ اللهِ كشَهرِ شعبانَ في الشّهور، وعليُّ بن أبي طالبٍ عليه السّلامُ في آلِ محمّدٍ كأَفضلِ أيّام شعبانَ ولياليه، وهو ليلةُ نِصفه ويومُه، وسائرُ المؤمنينَ في آلِ محمّدٍ كشَهر رجب في شهرِ شعبان، هم درجاتٌ عندَ الله وطبقاتٌ، فأَجَدُّهم في طاعةِ اللهِ أقربُهم شَبَهاً بآل محمّدٍ».

الثّاني: ستُّ فقَرات من دعاء «شَجرة النّبوّة» الذي يُقرأ عند الزّوال في كلِّ يومٍ من شعبان. تبدأ كلٌّ منها بقول الإمام السّجّاد عليه السّلام: «أللّهُمّ صَلِّ عَلى محمّدٍ وآلِ محمّدٍ».

وأما «العبادة»، فيُوضحها هذا المقطع من دعاء «شَجرة النّبوّة»:

«وهذا شهرُ نبيِّك، سيّدِ رُسُلِك، شعبانُ الّذي حفَفْتَهُ منكَ بالرّحمة والرّضوان، الّذي كانَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله يَدأَبُ في صيامِه وقيامِه، في لَياليه وأيّامِه، بُخُوعاً – خضوعاً - لكَ في إكرامِه وإعظامِه، إلى مَحَلِّ حِمامِه، أللّهُمّ فَأَعِنّا عَلى الاسْتِنانِ بسُنّتِه فيه، ونَيْلِ الشّفاعةِ لَديه..».

***

وأما بذْلُ المهجة في الحسين عليه السّلام، فممّا يوضحه، التالي:

* قولُ الإمام الحسين عليه السّلام: «مَن كانَ باذلاً فينا مُهْجتَه ومُوطِّنَاً على لقاءِ اللهِ نَفْسَه فَلْيَرحَلْ مَعَنا..».

* زيارة الإمام الحسين عليه السّلام، في الثّالث من شعبان، وهي - كزيارة أمين الله - إلى الدّعاء أقرب، فالتّوحيد هو الهدف من الزّيارة:

أللّهُمّ! إنّي أسألُك بحَقِّ المولودِ في هذا اليوم، الموعودِ بشَهادته قبلَ استهلالِه وَوِلادَتِه، بَكَتْهُ السّماءُ ومَن فيها، والأرضُ ومَن عليها، ولمّا يَطَأْ لابَتَيْها – جانبَيْها - قتيلِ العَبْرة، وسيّدِ الأُسرة، المَمْدُودِ بالنُّصْرَةِ يومَ الكّرّة – الرّجعة - المُعَوَّضِ من قَتْلِه أنّ الأئمّةَ من نَسْلِه، والشّفاءَ فِي تُربَتِه، والفوزَ معَه في أَوْبَتِه – رَجْعَتِه – والأوصياءِ من عِترتِه، بعدَ قائمِهم وغَيْبَتِه، حتّى يُدرِكوا الأوتارَ، ويثأَروا الثّارَ، ويُرضُوا الجبّارَ، ويَكونوا خيرَ أنصار، صلّى اللهُ عليهم معَ اختلافِ اللّيل والنّهار.

أللّهُمّ فَبِحقِّهم إليكَ أتوسَّلُ، وأسألُ سؤالَ مُقتَرِفٍ مُعتَرِفٍ مُسِيءٍ إلى نفسِه، ممّا فرَّطَ في يومِه وأَمْسِه، يسألُكَ العصمةَ إلى محلّ رَمْسِه، أللّهُمّ فَصَلِّ عَلى محمّدٍ وعِترَتِه، واحشُرْنَا في زُمْرَتِه، وبَوِّئْنا معَه دارَ الكرامةِ ومحلّ الإقامة.

أللّهُمّ وكَما أكرمْتَنا بمَعرفتِه، فأَكْرِمْنا بزُلفَتِه وارزُقنا مُرافقتَه وسابقتَه، واجعَلْنا ممّن يُسَلِّمُ لأَمرهِ، ويُكثِرُ الصّلاةَ عليه عندَ ذِكره، وعَلى جميعِ أوصيائه، وأهلِ أصفيائه، المَمدودينَ منكَ بالعَدد، الإثنَي عشَر، النّجومِ الزُّهْرِ، والحُجَجِ على جميعِ البَشر.

أللّهُمّ وَهَبْ لَنا في هذا اليومِ خيرَ مَوْهِبة، وأَنْجِحْ لنا فيه كُلَّ طَلِبَة، كمَا وهَبْتَ الحُسَينَ لمُحمّدٍ جَدِّه، وعَاذَ فُطْرُسُ بمَهدِه فنَحنُ عائذونَ بقَبره مِن بَعدِه، نَشهَدُ تُربتَه وننتظرُ أَوْبَتَه - رَجْعَتَه - آمينَ ربّ العالَمين.

***

بمُحمّديّته كان الحسينُ عليه السّلام قبلَ الخَلْق، ومع الخلق، وبعدَ الخلق، واللّافت: انتظارُ الخلق لِرَجعتِه التي تكرّر ذكرُها في هذا الدّعاء - الزّيارة، ثلاث مرّات.

يا حسين..

أينَ الطّالبُ بدمِ المقتول بكربلاء..

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

06/05/2016

دوريات

   إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات