لمـاذا، قبل كربلاء؟

لمـاذا، قبل كربلاء؟

01/07/2011

أسرة التحرير

يتركَّز الحديث -عادةً- على أعتاب سيّد الشهداء، في إطار ما عُرف باسم «المَقتل»، أي ما يتناول سيرة الإمام الحسين عليه السلام، من هلاك معاوية وطلب يزيد البيعة، إلى كربلاء، وفي كثير من «المقاتل» يتمّ الحديث عن أجواء ولادته عليه السلام.

ما يلي، محاولة لتسليط الضَّوء على  ضرورة دراسة سيرة الإمام الحسين عليه السلام، كلّها، من دون اجتزاء، وسنجد تلقائيّاً أنّ هذه المنهجيّة الشاملة تُجيب عن كثيرٍ من التساؤلات حول كربلاء، وعِلْم الإمام الحسين بشهادته، وغير ذلك.


يدعو إلى العناية بسيرة سيّد الشهداء قبل كربلاء، أمور:

*الأوّل: أنّ معرفته عليه السلام كمعرفة المعصومين جميعاً «دِين»: «مَن أراد الله بدأ بكم».
*الثاني: أنّ الروايات التي تتحدّث عن سيّد الشهداء تتضمّن شرط «عارفاً بحقِّه»، وترتبط هذه المعرفة بمعرفة سيرته عليه السلام كلّها.
*الثالث: أنّ ما دأبنا عليه في مجالس العزاء، هو تناول أحداث كربلاء بدءاً من خروج سيّد الشهداء من المدينه وصولاًً إلى شهادته عليه السلام. ويكاد المُتبقِّي من سيرته عليه السلام يكون مُغيَّباً إلَّا المتفرِّقات التي تَرِد في مطاوي الحديث هنا وهناك.
*الرابع: لا نجد في الروايات عن العلاقة بالمعصومين تأكيداً مُشابهاً للتأكيد على العلاقة بسيّد الشهداء عليه السلام: وهذه بعض النماذج في كلمات بعض الأعلام:

قال الشيخ المفيد في (المقنعة): «وروى يونس بن ظبيان، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جُعلت فداك، إنّي كثيراً ما أذكر الحسين عليه السلام، فأيَّ شيءٍ أقول؟ قال: قُلْ: صلّى الله عليك يا أبا عبد الله، تُعيد ذلك ثلاثاً، فإنَّ التسليم يَصِل إلينا من قريب ومن بعيد».

وقال الشهيد الأوّل الجزّيني العاملي قدّس سرّه في (الدروس): «وثواب زيارته لا يُحصى، حتّى رُوي أنَّ زيارته فرضٌ على كلّ مؤمن، وأنّ تركها تركُ حقٍّ لله تعالى ولرسوله، وأنّ تركها عقوقُ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله، وانتقاصٌ في الإيمان والدِّين، وأنّه حقَّ على الغنيِّ زيارته في السَّنة مرّتين، والفقير في السَّنة مرّة. وأنَّ مَن أتى عليه حَوْلٌ ولم يأتِ قبره نقصَ من عمره حَوْل، وأنّها تُطيل العمر، وأنَّ أيّام زيارته لا تعدُّ من الأجل، وتُفرِّج الهمّ، وتُمَحِّص الذنوب، ولكلِّ خطوة حجّة مبرورة، وله بزيارته أَجْر عتقِ ألف نسمة، وحِمْلٌ على ألف فرس في سبيل الله، وله بكلّ درهم أنفقَه عشرة آلاف درهم، وأنَّ مَن أتى قبره عارفاً بحقِّه غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر. إلى أنْ قال: ومَن بَعُد عنه وصعد على سطحه، ورفع رأسه إلى السماء ثمّ توجه إلى قبره عليه السلام، قال: السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، كتب الله له زورة -والزَّوْرَةُ حِجّة وعُمرة- ولو فعل ذلك في كلَّ يومٍ خمس مرات كَتب الله له ذلك».

ولا شكّ في أنّ هذه العلاقة النوعيّة لا تنفصل عن العلاقة برسول الله صلّى الله عليه وآله والعلاقة بأيٍّ من أهل البيت عليهم السلام، وهي لا تحَصل بالشكل الأفضل إلَّا مع معرفة أفضل بكلّ سيرة سيِّد الشهداء عليه السلام.

* الخامس: أنَّ المحمّدي حسيني وإلَّا فلا، أي أنَّ الموحِّد حسيني وإلَّا فلا.

ولا شكَّ في أنَّ هذه الحقيقة مرتبطة جذريّاً بمعرفة الحسين عليه السلام.

** يؤكِّد حقيقة أنَّ المحمّدي حسيني وإلَّا فلا:

1-     إجماع المسلمين على قوله صلّى الله عليه وآله: «حسينٌ منِّي وأنا من حسين».

2-     تأكيد رسول الله صلّى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام على أنَّ على كلِّ مسلم أن تكون حياته كلّها في الدنيا والآخرة مرتبطة بالإمام الحسين عليه السلام، ويكفي لاستيضاح ذلك نظرة متأنِّية في العناوين التالية التي تكثر حولها الروايات:

*تحنيكُ المولود بتربة الحسين. *حَمْلُ تربة الإمام الحسين عليه السلام للأمان، مع قراءة دعاء الإعتصام، الذي هو دعاء عليٍّ عليه السلام ليلة المَبيت في فراش رسول الله صلّى الله عليه وآله.

* ذِكْرُ الحسين عليه السلام عند شرب الماء. *السلام عليه دائماً وأبداً، والسلام بصيغة خاصّة مُختصرة، زيارة. *الإستشفاء بتربته عليه السلام. *طلب الشهادة في دَرْب الحسين عليه السلام. *طلب الجاه عند الله تعالى بالحسين عليه السلام. *الدعاء المُتجدِّد الدائم بأن يكون الداعي من الطالبين بثاره مع وليِّه المهدي عليهما السلام. *الحثّ الشديد على إحياء مجالس الحسين، وإنشاد الشعر في الحسين عليه السلام. *الحثّ على المواظبة على زيارة عاشوراء، بما لم يَرِد مثله حول أيّ زيارة «فإن استطعتَ أن تزوره بها في كلِّ يوم، فافعل». *وَضْع شيء من التربة في القبر.

3-     أنّ تسعة من الأئمّة الإثني عشر، الأسباط، النُّقباء، الخلفاء، الذين تحدَّث عنهم رسول الله صلّى الله عليه وآله بالعدد وبالتسمية لهم جميعاً، هم -التسعة- من ذريّة الحسين عليه وعليهم السلام، وآخرهم المهديّ المنتظَر عجَّل الله تعالى فرجه الشريف الذي يَملأ الأرض بإذن الله تعالى بالهُدى والعدل.

***


البشرى


ُشْراك يا فاتِحةَ الكِتابِ بالمُعجزِ الباقي مَدى الأَحْقابِ
وآيةِ التَّوحيدِ والرِّسالةْ وِسرِّ معنى لفظةِ الجَلالةْ
بَلْ هُوَ قُرآنٌ وفُرْقانٌ معا فَمَا أَجَلَّ شأنَهُ وأرْفَعا
هُوَ الكِتابُ النَّاطِقُ الإلَهيْ وهوَ مِثالُ ذاتِهِ كما هِيْ
ونَشأَةُ الأسْماءِ والشُّؤُونِ كُلُّ نُقُوشِ لَوْحِهِ المَكنُونِ
لا حُكْمَ لِلقضاءِ إلَّا ما حَكَمْ كَأَنَّهُ طَوْعُ بَنَانِهِ القَلَمْ
رابِطةُ المُرادِ بِالإرادَةْ كَأَنَّهُ واسِطَةُ القِلادَةْ
ناطِقَةُ الوُجودِ عَيْنُ المَعرِفَةْ ونسْخَةُ اللَّاهُوتِ ذاتاً وَصِفَةْ
في يَدِهِ أَزِمَّةُ الأَيادِي بِالقَبْضِ والبَسْطِ على العِبَادِ
بَلْ يَدُهُ العُليَا يَدُ الإفَاضَةْ في الأَمْرِ والخَلْقِ وَلا غَضَاضَةْ




(ديوان الأنوار القدسيّة، الفقيه والفيلسوف الشيخ محمّد حسين الأصفهاني)


اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

03/07/2011

  كتب أجنبية

كتب أجنبية

03/07/2011

  كتب عربية

كتب عربية

03/07/2011

نفحات