صاحب الأمر

صاحب الأمر

03/06/2016

تَنزُّل الملائكة على صاحب الأمر


تَنزُّل الملائكة على صاحب الأمر

ليلة القدر واختصاصُها بالإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف

______ الفقيه المحدّث الشيخ حسين الطبرسي ______

في كتابه (النجم الثاقب في أحوال الإمام الحجّة الغائب عجّل الله تعالى فرجه الشريف) يُعدّد الفقيه المُحدّث الشيخ حسين الطبرسي، رحمه الله، ثمانية أزمنة وأوقات مختصّة بالإمام المهديّ صاحب العصر والزمان، صلوات الله عليه؛ وهي: ليلة القدر، ويوم الجمعة، ويوم عاشوراء، ويوم النصف من شعبان وليلته، ويوم النوروز، وعصر يومَي الاثنين والخميس، ومن حين اصفرار الشمس إلى غروبها.

في هذه المقالة، وفي أيّام شهر رمضان المبارك، ننقل مختصَر ما ذكره المُحدّث الطبرسي في (النجم الثاقب: الباب الحادي عشر من الجزء الثاني) حول اختصاص ليلة القدر بالإمام المهديّ عليه السلام.

 

أوّلُ الأزمنة والأوقات المُختصّة بالإمام المهديّ، عليه السلام، هي ليلةُ القدر، بل الليالي الثلاثة المردّدة بينها. وهي ليلةُ تجلّي منزلةِ إمام العصر عليه السلام، وقدْره ويُمنه وسلطته وعظَمته وجلاله، لنزول الروح والملائكة عليه - بما تضيقُ به الأرض - لتقدير أمور سنة العباد، كما جاء في أخبار كثيرة.

وروى عليّ بن إبراهيم في (تفسيره)، بعدّة أسانيد معتبرة عن الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام، أنّهم قالوا في تفسير الآية المباركة: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ (الدخان:4):

* «يُقَدِّرُ اللهُ كُلَّ أَمْرٍ؛ مِنَ الحَقِّ، وَمِنَ الباطِلِ، وَما يَكونُ في تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَهُ فيها البَداءُ وَالمَشيئَةُ، يُقَدِّمُ ما يَشاءُ، وَيُؤَخِّرُ ما يَشاءُ مِنَ الآجالِ، وَالأَرْزاقِ، وَالبَلايا، وَالأَعْراضِ، وَالأَمْراضِ، وَيَزيدُ فيها ما يَشاءُ، وَيُنْقِصُ ما يشاءُ، وَيُلْقِيهِ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، إِلى أَميرِ المُؤْمِنينَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، وَيُلْقيهِ أَميرُ المُؤْمِنينَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، إِلى الأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، حَتّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلى صَاحِبِ الزَّمانِ، عَلَيْهِ السَّلامُ، وَيُشْتَرَطُ لَهُ ما فيهِ البَداءُ وَالمَشيئَةُ، وَالتَّقْديمُ وَالتَّأْخيرُ».

* وروى أيضاً: «إِنَّ اللهَ يُقَدِّرُ فيها الآجالَ وَالأَرْزاقَ وَكُلَّ أَمْرِ يَحْدُثُ مِنْ مَوْتٍ وَحَياةٍ أَوْ خَصْبٍ أَوْ جَدْبٍ أَوْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ..»، إلى أن قال: «تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَروحُ القُدُسِ عَلى إِمامِ الزَّمانِ، وَيَدْفَعونَ إِلَيْهِ ما قَدْ كَتَبوهُ مِنْ هَذِهِ الأُمورِ».

* وروى أيضاً عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: «لا تُخْفى عَلَيْنا لَيْلَةُ القَدْرِ، إِنَّ المَلائِكَةَ يَطوفونَ بِنا فيها..».

* وروى الشيخ الصفّار في (بصائر الدرجات) عن الإمام الصّادق عليه السلام: «... إِنَّ النّاسَ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ في صَلاةٍ، وَدُعاءٍ، وَمَسْأَلَةٍ، وَصاحِبَ هَذا الأَمْرِ في شُغُلٍ، تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ إِلَيْهِ بِأُمورِ السَّنَةِ مِنْ غُروبِ الشَّمْسِ إِلى طُلوعِها».

 

كلامُ العلامة المجلسي حول ليلة القدر

قال العلّامة المجلسي في (زاد المعاد): «ويظهر من بعض الأحاديث أنّ كلّ الليالي الثلاث ليالي قدر، فالليلة الأولى من الليالي الثلاث يجري فيها تقدير الأمور، ولكن يُمكن تغييرُ بعضها في الليلة الثانية بكَثرة العبادة والدعاء، وفي الليلة الثالثة تُختم التقديرات ولا تتغيّر أو تتغيّر قليلاً جدّاً.

 وهي - بلا تشبيه -‏ مثل أرقام الملوك؛ إذ تكون تعليقةً أوّل الأمر وتغييرُها سهل، ثمّ تُثبت في الدفاتر ويصعبُ تغييرها، ولكن ما لم تُختَم بخَتم الملك تظلّ ممكنةَ التغيير، حتّى إذا خُتمت حُتمت وحُسِمت، ويصبحُ تغييرُها في غاية الصعوبة».

وقال أيضاً في ذكر الترغيب للعبادة في ليلة القدر: «حيث إنّ إمام العصر موجودٌ في هذه الليلة كلّها مع الملائكة المقرّبين، ويَصِلون أفواجاً لزيارته والسلام عليه، ويَعرضون عليه التقديرات التي جرتْ لسائر الخلق، فليس من اللائق أن لا يتأسّى (المؤمن) في مثل هذه الليلة بإمامه فيعيش في غفلة».

وعدّ من قواعد عبادة هذه الليلة: «حيث إنّ جميع الأمور من العمر، والمال، والولد، والعزّة، والصّحّة، والتوفيق، وأعمال الخير، وسائر الأمور، تقدَّر في هذه الليلة، فسوف يكون إصلاح الأحوال للسنة كلّها في هذه الليلة، ويُمكن أن يكون اسمُه مكتوباً في ديوان الأشقياء فيغيّره في هذه الليلة، ويُكتَب في زمرة السعداء، كما ورد هذا المضمون في أكثر الأدعية وأكثر الأحاديث المعتبرة».

وكما هو مقرَّرٌ في محلّه، فإنّ الدعاء له عليه السلام مُقدَّمٌ على دعاء الإنسان لنفسه، والإمامُ عليه السلام مشغولٌ في هذه الليلة بهذا الأمر الإلهيّ العظيم الذي أُشير إليه في الأخبار المتقدّمة وغيرها، فأحسنُ دعاء هو طلبُ النصرة له، والإعانة، والحفظ الإلهيّ، كما ورد في دعاء الليلة الثالثة والعشرين أن يُقرأ في جميع الحالات: في الركوع وفي السجود وقائماً وقاعداً، بل في كلّ الأوقات. وهو الدعاء الذي مضمونه، بعد حمْدِ الله تعالى والصّلاة على رسول الله وآله صلوات الله عليهم: «اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ المَهْدِيِّ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِه فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً، وَقائِداً وَناصِراً، وَدَلِيلاً وَعَيْناً..» إلى آخره.

ثمّ تتوسّلُ وتستغيثُ به عليه السلام وتطلبُ الإعانةَ والشفاعةَ لأداء ما يريده، وما يجري على يديه، وينتهي إلى نظره الأنور. وكذلك التضرّع والإنابة أن لا يرفع نظر لُطفه ورأفته عنك وأن تُذكر عنده عليه السلام بالحُسنى، فتتعامل معه بما يليق بعظَمته صلوات الله عليه، فزمام الأمور في هذه اللّيلة بيد قدرته الالهيّة.

وفي خبرٍ معتبَر: «لَوْ قَرَأَ رَجُلٌ لَيْلَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ (إِنّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ) أَلْفَ مَرَّةٍ، لِأَصْبَحَ وَهُوَ شَديدُ اليَقينِ بِالاعْتِرافِ بِما يَخْتَصُّ فِينَا، وَما ذاكَ إِلّا لِشَيْءٍ عايَنَهُ في نَوْمِهِ».

 

زاد الصائم

الدعاء للقائم عجّل الله تعالى فرجه الشريف في ليلة القدر

روي الشيخ الطوسي في (تهذيب الأحكام) عن «.. الصاّدقين عليهم السلام، قال: وَكَرِّرْ في ليلةِ ثَلاثٍ وعشرينَ من شهرِ رمضانَ هذا الدعاءَ ساجداً، وقائماً، وقاعداً، وعلى كلِّ حالٍ، وفي الشّهر كلّه، وكيفَ أمْكَنَكَ، ومَتى حَضَرَكَ من دَهْرِكَ. تقولُ بعدَ تمجيدِ الله تعالى، والصَّلاة على النّبيِّ عَليهِ وآلِه السّلام:

اللّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ، فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ، وَلِيّاً وَحافِظاً، وَقَائِداً وَنَاصِراً، وَدَلِيلاً وَعَيناً، حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَكِّنَهُ فِيها طَوِيلاً».

***

وعدّ السيد ابن طاوس في (إقبال الأعمال) الدعاء للإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف من مهمّات أعمال ليلة القدر، وبعد أن ذكر صدر الرواية المتقدّمة، أوردَ هذا الدّعاء:

أللّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ القائِمِ بِأمرِكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ المَهْدِيّ، عَلَيهِ وَعَلَى آبائِهِ أفضَلُ الصَّلَاةِ والسَّلامِ، فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ وَلِيّاً وَحَافِظاً وَقَائِداً وَنَاصِراً وَدَلِيلاً وَمُؤَيِّداً، حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فِيها طُولاً وَعَرْضاً، وَتَجْعَلَهُ وَذُرِّيَتَهُ مِنَ الأئِمَّةِ الوارِثينَ.

أللَّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ، وَاجْعَلِ النَّصْرَ مِنْكَ لَهُ وَعَلَى يَدِهِ، وَاجْعَلِ النَّصْرَ لَهُ وَالفَتحَ عَلى وَجْهِهِ، وَلا تُوَجِّهِ الأمرَ إلَى غَيْرِهِ.

أللَّهُمَّ أظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيّكَ حَتَّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشَيءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ.

أللَّهُمَّ إنّي أرْغَبُ إِلَيكَ فِي دَولَةٍ كَرِيمةٍ تُعِزُّ بِهَا الإسلامَ وأهلَهُ وَتُذِلُّ بها النِّفاقَ وَأهلَهُ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعَاةِ إلى طَاعَتِكَ وَالقَادَةِ إلَى سَبِيلِكَ، وَآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، واجْمَعْ لَنَا خَيرَ الدَّارَيْنِ واقْضِ عَنّا جَمِيعَ مَا تُحِبُّ فِيهِما، وَاجْعَلْ لَنَا فِي ذَلِكَ الخِيَرَةَ بِرَحْمَتِكَ وَمَنِّكَ فِي عَافِيةٍ، آمينَ رَبَّ العَالَمِينَ. وَزِدْنا مِن فَضْلِكَ وَيَدِكَ المَلْأى، فَإنَّ كُلَّ مُعْطٍ يَنقُصُ مِنْ مُلْكِهِ وَعَطَاؤُكِ يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ».

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

03/06/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات