أعلام

أعلام

03/06/2016

والد الشيخ البهائيّ وأبرز تلامذة الشهيد الثاني


والد الشيخ البهائيّ وأبرز تلامذة الشهيد الثاني

الشيخ حسين بن عبد الصمد الجُبعيّ العامليّ

________ إعداد: سليمان بيضون ________

 

* من علماء القرن العاشر الهجريّ (918 - 984 هـ).

* صاحب المؤلّفات الفقهيّة في شتّى الأبواب.

* هاجر إلى إيران بعد استشهاد أستاذه الشهيد الثاني وصار فيها شيخ الإسلام.

* أقام في البحرين بعد رجوعه من الحجّ إلى آخر حياته بسبب رؤيا رآها.

* أُعدّت هذه الترجمة استناداً إلى مصادر عدّة، أبرزها ما أورده السيّد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) المجلّد السادس.

 

 

هو الشيخ حسين بن الشيخ عبد الصمد بن الشيخ محمّد الجُبعيّ الحارثيّ الهمدانيّ.

والجُبعيّ نسبة إلى موطنه «جُبع» (جباع) من قرى جبل عامل.

والحارثيّ الهمدانيّ لانتسابه إلى الحارث بن عبد الله الأعور الهمدانيّ، أحد خواصّ أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، من قبيلة «هَمْدان» في اليمن.

كان والده عالماً فاضلاً؛ قال عنه الشهيد الثاني: «الشيخ الصالح العالم العامل المتّقي، خلاصة الأخيار، الشيخ عبد الصمد..».

كذلك جدّه الشيخ محمّد كان من العلماء، وفي ذلك يُنقل عن الشيخ البهائيّ العامليّ - ابن الشيخ حسين - قولُه: «إنّ آباءنا وأجدادنا في جبل عامل كانوا دائماً مشتغلين بالعلم والعبادة والزهد، وهم أصحاب كرامات ومقامات».

أقوال العلماء في حقّه

* عرّف به أستاذه الشهيد الثاني الشيخ زين الدين الجُبعيّ في إجازته له، فقال: «..إنّ الأخَ في الله، المصطفى في الأخوّة، المختار، المُرتقي عن حضيض التقليد إلى أوج اليقين، الشيخ الإمام، العالم الأوحد، ذا النفس الطاهرة الزكيّة، والهمّة الباهرة العَلِيّة، والأخلاق الزاهرة الإنسيّة، عضُد الإسلام والمسلمين، عزّ الدنيا والدين، حسين ابن الشيخ عبد الصّمد... [هو] ممّن انقطع بكلّيته إلى طلب المعالي، ووصل يقظة الأيّام بإحياء الليالي، حتّى أحرز السَّبق في مجاري ميدانه، وحصّلَ بفضله السبقَ على سائر أترابه وأقرانه، وصرف بُرهةً من زمانه في تحصيل هذا العلم، وحصل منه على أكمل نصيبٍ وأوفر سهم..».

 

 

* وقال عنه الشيخ الحرّ العامليّ في (أمل الآمل): «كان عالماً، ماهراً، محقّقاً، مدقّقاً، متبحّراً، جامعاً، أديباً، منشئاً، شاعراً، عظيم الشأن، جليلَ القدر، ثقةً، من فضلاء تلاميذ شيخنا الشهيد الثاني ..».

* وذكره الميرزا عبد الله الأفندي في (رياض العلماء)، فقال: «كان فاضلاً، عالماً، جليلاً، أصوليّاً، مُتكلّماً، فقيهاً، مُحدّثاً، شاعراً...».

* وقال المولى مظفّر عليّ أحد تلاميذ ولده الشيخ البهائيّ في رسالته الفارسيّة التي عملها في أحوال شيخه البهائيّ: «وكان والد هذا الشيخ في زمانه من مشاهير فحول العلماء الأعلام والفقهاء الكرام، وكان في تحصيل العلوم والمعارف وتحقيق مطالب الأصول والفروع مشاركاً ومعاصراً للشهيد الثاني، بل لم يكن له قدّس الله سرّه في علم الحديث والتفسير والفقه والرياضيّ عديلٌ في عصره..».

 

مشايخه والراوون عنه

جاء في (موسوعة طبقات الفقهاء) في ترجمة الشيخ حسين عبد الصمد: «روى عن الفقيه السيّد بدر الدين، الحسن بن جعفر الأعرجيّ الحسينيّ الكركيّ، وتَلمَّذَ على الشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العامليّ، ولزمه لزوماً شديداً، وقرأ عليه في الفقه، وأصوله، والمنطق وغير ذلك، وتخرّج به، وحصل منه على إجازة تاريخُها سنة (941 هـ)».

وجاء فيها أيضاً: «وكان قد أخذ عن المترجَم [الشيخ حسين بن عبد الصمد] جماعة، وروى عنه آخرون سُماعاً وإجازة، منهم:

1) ولده، بهاء الدين محمّد (الشيخ البهائيّ)، وقرأ عليه جملة من الكتب في المعقول والمنقول.

2) وولده أبو تراب، عبد الصمد بن الحسين.

3) والحسن بن الشهيد الثاني (صاحب المعالم).

4) والسيد محمّد باقر بن محمّد الأسترآباديّ، الشهير بالداماد».

آثاره العلميّة

تدلّ آثار الشيخ حسين بن عبد الصمد العامليّ على تضلّعه في الفقه بشكل أساس، ومن تلك الآثار:

1- (رسالة في تحقيق تسع مسائل مهمّة في الصلاة)، المعبّر عنها ب‍ (الرسالة التساعيّة).

2- (الرسالة الطهماسبيّة) [نسبة إلى طهماسب أحد ملوك الصفويّين]، في بعض المسائل الفقهيّة.

3- (تحفة أهل الإيمان في قِبلة عراق العجم وخراسان) ناقش فيها ما كان قرّره المحقّق الكركيّ، وغيّر على أساسها اتّجاه محاريب الصلاة في إيران.

4- (الرسالة الوسواسيّة) أو رسالة في الردّ على أهل الوسواس.

وله شرح (قواعد الأحكام) للعلَّامة الحلّيّ، وشرح (الألفيّة في فقه الصلاة) للشهيد الأوّل، وشرح آخر للألفيّة فيه مناقشات مع الشهيدين والمحقّق الكركيّ.

وله في علم الدراية (رسالة في الدراية)، و(وصول الأخيار إلى أصول الأخبار)، وهما مطبوعان.

ومن آثار الشيخ حسين بن عبد الصمد (رسالة في الرحلة)، يذكر فيها وقائع ما اتّفق له في أسفاره. يقول السيّد محسن الأمين: «وهذه لا وجود لها، ولو وُجدت لكانت من الرسائل الممتعة، لأنّه مع علمه وكثرة اطّلاعه قد طاف شرق الأرض وغربها، فلا بدّ أن يكون حصل له أمور شتّى نادرة».

وله (رسالة في مناظرته مع بعض علماء حلب في الإمامة) سنة 951 للهجرة.

ومن كتبه الأخرى: (رسالة في الاعتقادات الحقّة)، و(تعليقات على الصحيفة الكاملة السجّاديّة)، و(تعليقات على خلاصة العلّامة) في الرجال.

أحواله وأخباره

قال السيّد الأمين في (أعيان الشيعة): «كان الشيخ حسين مواطناً للشهيد الثاني في جُبع، وقرأ عليه وتخرّج به، وصاحبه في سفره إلى إسلامبول [عاصمة الدولة العثمانيّة] سنة 952 للهجرة، لطلب تدريس مدرسة من المدارس، وكانت لهذه المدارس أوقاف (يضبطها المدّرسون بموجب) مرسوم من السلطان العثمانيّ في إسلامبول، فذهبا جميعاً برّاً من طريق حلب ... فوصلا في السابع عشر من ربيع الأوّل منها، فأخذ الشهيد الثاني تدريس المدرسة النوريّة ببعلبك، والمترجم (الشيخ حسين) تدريس مدرسة في بغداد..».

ويعلّق السيّد الأمين بالقول: «وهذا من الشهيد الثاني وتلميذه يدلّ على علوّ الهمّة وبُعد النظر، وعدم الجمود في علماء جبل عامل، مع ما كانوا فيه من الضغط والاضطهاد من ملوك الدولة العثمانيّة وأمرائها وعلمائها..».

سفرُه إلى إيران

أقام الشيخ حسين بن عبد الصمد في جبل عامل مدرّساً ومحدّثاً ومشاركاً لأستاذه الشيخ زين الدين الجُبعيّ النهضةَ العلميّة فيه، حتى جاء يومٌ من العام 965 للهجرة، وقُتل فيه الأستاذ إثر وشاية من قاضي صيدا عند الدولة العثمانيّة، فعمّ الخوف العلماء العامليّين واستشعروا الخطر من ملاقاة المصير نفسه، فقرّر الشيخ حسين الهجرة إلى إيران والعيش في ظلّ الدولة الصفويّة التي كانت قد فتحت المجال واسعاً لاستقبال العلماء الشيعة والإفادة من علومهم.

يقول السيّد الأمين: «ثمّ سافر بأهله وعياله وأتباعه، وفيهم ولده البهائيّ، إلى إيران بعد شهادة شيخه الشهيد الثاني كما يدلّ عليه قول المترجَم في خطبة رسالته في (الدراية) التي يظهر أنّه ألّفها في إيران: (وممّا حثّني على تأليف هذه الرسالة، بعد هربي من أهل الطغيان والنفاق وأوجبَه علَيّ بعد اتصالي بدولة الإيمان والوفاق..)... فدلّ على أنّه كان الباعث على سفره ما حدث من الخوف على العلماء في جبل عامل بسبب ما جرى على الشهيد الثاني، ولم يكن لهم ملجأ في ذلك الوقت غير إيران التي عُرف ملوكها بتعظيم أهل العلم، مضافاً إلى علوّ همّته واعتياده على الأسفار وتحمّل المشاقّ».

ويضيف صاحب (الأعيان): «فوصل أوّلاً إلى (أصفهان)، وكانت عاصمة الملك يومئذٍ (قزوين) وبها الشاه طهماسب الصفويّ الأوّل، وكان في أصفهان عالمٌ من علماء جبل عامل وهو الشيخ زين الدين عليّ العامليّ المعروف أبوه بـ (منشار) - وهو الذي تزوّج الشيخ البهائيّ بعد ذلك ابنتَه - وكان الشيخ عليّ المذكور شيخَ الإسلام بأصفهان في ذلك الوقت، فعطفَتْه على المترجم عاطفةُ الوطن بكون كلٍّ منهما عامليّاً، وما رأى من فضل المترجَم ومن مهاجرته بأهله وعياله مع قلّة ذات يده في مثل تلك الحال وهو في بلاد الغربة... فأخبر الشيخ عليّ الشاهَ طهماسب بورود المترجم إلى أصفهان، ووصف له علمه وفضله وجلالة قدره، وكان الملوك الصفويّة في حاجة إلى مثل المترجَم لينصبوه في مرتبة شيخ الإسلام [في العاصمة قزوين]، فأرسل الشاه إليه بهدايا..».

وجاء في (رياض العلماء): «فكتب الشاه (طهماسب الأوّل) كتاباً بخطّ يده إلى المترجَم (الشيخ حسين) وأرسل له الخُلعة، وطلب منه الحضور إلى بلدة قزوين مقرّ سلطنته في ذلك الوقت، فحضر إلى قزوين، فعظّمه الشاه وبجّله غاية التعظيم والتبجيل، وجعله شيخَ الإسلام بقزوين، وهو أكبر منصب علميّ دينيّ في الدولة الصفويّة.. واستمرّ على ذلك سبع سنين، وكان يُقيم بها صلاة الجمعة..».

سفره للتبليغ في «هرات»

ثمّ فوّض الشاه إلى الشيخ حسين منصب «شيخ الإسلام» الذي يعني قاضي القضاة في مدينة مشهد فأقام فيها مدّة. ولِثقة الشاه بالإمكانات العلميّة والخصائص الشخصيّة للشيخ طلب إليه الذهاب إلى مدينة «هراة» في خراسان ليعلّم الناس الأحكام، ويُقيم فيها السُّنن.

وقال في (الأعيان) نقلاً عن (رياض العلماء) أن الشاه طهماسب «أعطاه ثلاث قرى من قرى تلك البلاد، وأمر الشاه المذكور الأميرَ شاه قلي سلطان يكان - أعلى حاكم بلاد خراسان - بأن يُحضِر الأمير محمد خدابنده ميرزا - ولد الشاه طهماسب - كلّ يوم جمعة بعد الصلاة إلى الجامع الكبير بِهَراة إلى خدمة المترجَم (الشيخ حسين) لاستماع الحديث والفقه، وأمرَ حاكمَ خراسان المذكور أن يكون مُنقاداً لأوامر المترجَم ونواهيه، وأن لا يخالفه أحدٌ.

فأقام المترجَم بهراة ثمان سنين على هذا المنوال مشتغلاً بإفادة العلوم الدينيّة وإجراء الأحكام الشرعيّة، وإظهار الأوامر الملّيّة... وتوجّه إلى حضرته الطلبةُ، بل والعلماءُ والفقهاء، من الأطراف والأكناف من أهل إيران وتوران [توران في نواحي بُخارى وسمرقند] لأجل مقابلة الحديث، وأخذ العلوم الدينيّة، وتحقيق المعارف الشرعيّة ..».

إقامته في البحرين

بعد مدّة من إقامة الشيخ حسين بن عبد الصمد في هراة توجّه إلى عاصمة الدولة الصفويّة قزوين لملاقاة الشاه طهماسب وأعلمه بنيّته ونيّة ولده الشيخ البهائيّ (وكان حينها في العقد الثالث من عمره) السفرَ إلى بيت الله الحرام للحجّ، ولمّا لم يشأ طهماسب أن تخلو هراة من العلماء، طلب من الشيخ البهائيّ العامليّ البقاء لإرشاد الناس، فكان ذلك، وتوجّه الشيخ حسين بن عبد الصمد إلى مكّة المكرّمة وحجّ فيها، ثمّ زار المدينة المنوّرة على ساكنها وآله أفضل الصلاة والسلام، ورجع من طريق البحرين وتوطّنها.

قال صاحب (رياض العلماء): «وأقام المترجَم في بلاد البحرين واشتغل بتدريس العلوم الدينيّة بُرهةً من الزمان في أواخر عمره، إلى أن توفّي بها، وقبره معروف، مَزورٌ متبرّكٌ به».

قال المحقّق في (اللؤلؤة) و(الكشكول): «أخبرني والدي قدّس الله سرّه... أنّ السبب في مجيء الشيخ (حسين بن عبد الصمد) إلى البحرين أنّه كان في مكّة المشرّفة قاصداً الجوار فيها إلى أن يموت، وأنه رأى في المنام أنّ القيامة قد قامت وجاء الأمرُ من الله سبحانه بأن تُرفع أرضُ البحرين وما فيها إلى الجنّة، فلمّا رأى هذه الرؤيا آثرَ الجوار فيها والموتَ في أرضها، ورجع من مكّة المشرّفة وجاء البحرين..».‍

من شعره

مرّ في شهادة الأعلام بحقّ الشيخ حسين بن عبد الصمد أنّه كان شاعراً، ونُقل أنّ له ديواناً، يقول في أبياتٍ له مخاطباً الإمام المنتظر عليه السلام:

يا مُظْهِرَ المِلَّةِ العُظْمى وَناصِرَها

لَأَنْتَ مَهْديُّها الهادي إِلى القِمَمِ

يا وارِثَ العِلْمِ يَرْويه وَيُسْنِدُهُ

إِلى جُدودٍ تَعالَوا في عُلومِهِمِ

مآثِرُ الفَخْرِ فيكُمْ غَيْرُ خافِيَةٍ

وَالشَّمْسُ أَكْبَرُ أَنْ تُخْفى عَلى الأُمَمِ

أَوْضَحْتُمْ للوَرى طُرُقَ الوُصولِ كما

صَيَّرْتُمُ العِلْمَ بَيْنَ النّاسِ كَالعَلَمِ

 

وفاته

كانت وفاة الشيخ حسين بن عبد الصمد العامليّ في البحرين بقرية «المصلّى» من قرى «هَجَر»، ودُفن بها، وقد كتب ولده الشيخ البهائيّ: «انتقل إلى دار القرار ومجاورة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمّة الأطهار عليهم السلام في الثامن من ربيع الأول سنة 984 للهجرة، فكان عمره 66 سنة وشهرين وسبعة أيام»، ورثاه بقصيدة جاء فيها:

يا ثاوياً بالمُصلّى من قُرى هَجَر

كُسيتَ من حُللِ الرضوانِ أرضاها

أقمتَ يا بحرُ بالبحرين فاجتمعتْ

ثلاثةٌ كنّ أنداداً وأشباها

ثلاثةٌ أنتَ أنداها وأغزرُها

جُوداً وأعذبُها طَبْعاً وأَصْفاها

حويتَ من دُرر العلياءِ ما حوَيا

لكنّ دُرَّك أَعلاها وأَغلاها

 

زاد الصائم

في ضمانِ الله تعالى

عن الإمام الجواد عليه السلام: «مَنْ قَرَأَ إِنَّا أَنْزَلنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ سَبْعَ مَرَّاتٍ بَعْدَ العِشَاءِ الآخِرَةِ، كَانَ فِي ضَمَانِ اللهِ حَتَّى يُصْبِحَ».

التأهُّب لليلة القدر

عن أمير المؤمنين عليه السلام: «..وكَانت فاطمةُ عليها السّلام، لا تدَعُ أحداً من أهلِها ينامُ تلكَ الليلة - أي ليلة القدر - وتُداويهم بقِلّة الطعام، وتتأهّبُ لها من النّهار، وتقول: مَحرومٌ من حُرِمَ خَيرَها».

(المحدث الطبرسي، مستدرك الوسائل)

 

 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

03/06/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات