أعلام

أعلام

28/11/2016

الشهيد العظيم قنبر بن حمدان


مولى أمير المؤمنين عليه السلام

الشهيد العظيم قنبر بن حمدان

___________ إعداد: سليمان بيضون __________

* من السابقين، الذين عرفوا حقّ أمير المؤمنين عليه السلام. ولم يزل ملازماً له، مقيماً لحدوده، ومنفّذاً لأوامره.

* من حَمَلة الألوية يوم صفّين، ومن المجاهدين الذين فتكوا بأعداء الدين.                                        

* قتله الحجّاج الثقفيّ ذبحاً لرفضه البراءة من عليّ عليه السلام.

* عدّه الشيخ المفيد من التابعين المقرّبين الخواصّ، وعدّه العلّامة الحلّي من مستودعي أسرار الإمامة.

 

هو غلام أمير المؤمنين عليه السلام، ومُرافقه، اسمه قنبر، ويقال إنّ الإمام سمّاه بهذا الاسم. اسم أبيه همدان، والظاهر أنّه غير عربيّ. يرجّح بعض الباحثين أنّه نشأ في بلاد فارس، وأنّه كان من أولاد الملوك، ولهذا فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام احتضنه كما احتضن بنات يزدجر بعد فتح إيران.

في كتب الرجال

أجمعت مصادر رجال الحديث على جلالة قدر قنبر وعلى كونه ثقة سيّده عليّ عليه السلام، ومن الأقوال بحقه:

* الشيخ الطوسي في (رجاله): «قنبر من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام..».

* الشيخ المفيد في (الاختصاص): «قنبر مولى أمير المؤمنين ومن خواصّه».

* العلامة الحلّي في (خلاصة الأقوال): «قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام، مشكور». وقال في (نهاية المرام): «قنبر مولى أمير المؤمنين، صاحب سرّه ومستودع علمه».

* ابن داود الحليّ في (رجاله): «قنبر مولى أمير المؤمنين، قتله الحجّاج على حبّه».

* السيّد على البروجرديّ في (طرائف المقال): «قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام، مشكور، وفيه أحاديث دالّة على حسن حاله وخلوصه، وقبره ببغداد مزارٌ للشيعة».

         معرفته حقّ الأمير عليه السلام

تكشف الكلمات المنسوبة للشهيد قنبر رضوان الله تعالى عليه عن وعي لخصائص أمير المؤمنين عليه السلام، وعن بيان استقاه من باب مدينة العلم، من ذلك ما رواه الشيخ المفيد في (الاختصاص) حيث يقول:

«وفي رواية العامّة: سئل قنبر: مولى من أنت؟

فقال: أنا مولى مَن ضرب بسيفين، وطعن برمحين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين ولم يكفر بالله طرفة عين. أنا مولى صالح المؤمنين، ووارث النبيّين، وخير الوصيين، وأكبر المسلمين، ويعسوب المؤمنين، ونور المجاهدين، ورئيس البكّائين، وزين العابدين، وسراج الماضين، وضوء القائمين، وأفضل القانتين، ولسان رسول ربّ العالمين، وأوّل الوصيّين من آل يس، والمؤيّد بجبرئيل الأمين، والمنصور بميكائيل المتين، المحمود عند أهل السماء أجمعين، والمحامي عن حُرَم المسلمين، والمجاهد أعداءه الناصبين، ومطفئ نيران الموقدين، وأفخر من مشى من قريش أجمعين، وأوّل من حارب و(استجاب لله)؛ أمير المؤمنين، ووصيّ نبيّه في العالمين، وأمينه على المخلوقين، وخليفة من بُعث إليها أجمعين، سيّد المسلمين والسابقين، وقاتل الناكثين والقاسطين، ومُبيد المشركين، وسهم من مرام الله على المنافقين.... إمام الأبرار، مرضيّ عند العليّ الجبار، سمح، سخيّ، حييّ.... زكيّ، مطهّر، أبطحيّ.... قاطع الأصلاب، مفرّق الأحزاب، عالي الرقاب، أربطهم عناناً، وأثبتهم جَناناً، وأشدّهم شكيمة، باسل، صنديد.... حصيف، خطيب، محجاج، كريم الأصل، شريف الفصل، فاضل القبيلة، نقيّ العترة... مؤدّي الأمانة من بني هاشم، وابن عمّ النبي، الإمام المهديّ الرشّاد.... وأبي السِّبطين الحسن والحسين، واللهِ أميرُ المؤمنين حقّاً حقّاً عليُّ بن أبي طالب عليه من الله الصلوات الزكية والبركات السنيّة».

ويصف الإمام الصادق عليه السلام عظيم محبّة قنبر لأمير المؤمنين عليه السلام، فيقول على ما جاء في كتاب (الكافي) للكلينيّ في باب (فضل اليقين): «كانَ قَنْبَرٌ غُلامُ عَلِيٍّ يُحِبُّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلامُ حُبّاً شَديداً، فَإِذا خَرَجَ عَلِيٌّ، صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ، خَرَجَ عَلى أَثَرِهِ بِالسَّيْفِ، فَرَآهُ ذاتَ لَيْلَةٍ، فَقالَ: يا قَنْبَرُ ما لَكَ؟

فَقالَ: جِئْتُ لِأَمْشِيَ خَلْفَكَ يا أَميرَ المُؤْمِنينَ.

قالَ: وَيْحَكَ، أَمِنْ أَهْلِ السَّماءِ تَحْرُسُني أَمْ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ؟!

فَقالَ: لا، بَلْ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ.

فَقالَ: إِنَّ أَهْلَ الأَرْضِ لا يَسْتَطيعونَ لي شَيْئاً إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ مِنَ السَّماءِ، فَارْجِعْ. فَرَجَعَ».

 

عناية الامام عليه السلام به

روى الشيخ المفيد في (الأمالي) بسنده إلى جابر الأنصاريّ قال: سمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا يشتم قنبراً وقد رام قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين عليه السلام: «مَهْلاً يا قَنْبَرُ، دَعْ شاتِمَك مُهاناً؛ تُرْضي الرَّحْمَنَ، وَتُسْخِطُ الشَّيْطانَ، وَتُعاقِبُ عَدُوَّكَ. فَوالذي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ما أَرْضى المُؤْمِنُ رَبَّهُ بِمِثْلِ الحِلْمِ، وَلا أَسْخَطَ الشَّيْطانَ بِمِثْلِ الصَّمْتِ، وَلا عُوقِبَ الأَحْمَقُ بِمِثْلِ السُّكوتِ عَنْهُ».

وفي رواية للمفيد أيضاً في كتابه (الاختصاص) يقول أمير المؤمنين عليه السلام لقنبر في ذيلها: «يا قَنْبَرُ، إنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى عَرَضَ وِلايَتَنا عَلى أَهْلِ السَّماواتِ وَأَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ وَالثَّمَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَما قَبِلَ مِنْهُ وِلايَتَنا طابَ وَطَهُرَ وَعَذُبَ، وَما لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ خَبُثَ ورَدُءَ وَنَتُنَ».  

وفي (روضة الواعظين) للنيسابوريّ أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أتى سوق الكرابيس [الأثواب المصنوعة من القطن]، فإذا هو برجل وسيم فقال: يا هَذا عِنْدَكَ ثَوْبانِ بِخَمْسَةِ دراهِمَ؟

فوثب الرجل فقال: يا أمير المؤمنين: عندي حاجتك. فلمّا عرفه مضى عنه، فوقف على غلام. فقال: يا غُلامُ عِنْدَكَ ثَوْبانِ بِخَمْسَةِ دراهِمَ؟

قال: نعم عندي ثوبان. فأخذ ثوبين أحدهما بثلاثة دراهم والآخر بدرهمين. فقال: يا قَنْبَرُ خُذِ الّذي بِثَلاثَةِ دَراهِمَ.

فقال: أنت أولى به، تصعد المنبر وتخطب الناس.

قال عليه السلام: وَأَنْتَ شَبابٌ وَلَكَ شَرَهُ الشَّبابِ، وَأَنا أَسْتَحْيي مِنْ رَبّي أَنْ أَتَفَضَّلَ عَلَيْكَ، سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّم يَقولُ: أَلْبِسوهُمْ مِمّا تَلْبَسونَ، وَأَطْعِمُوهُمْ مِمّا تَأْكُلونَ..

 

 

جهاده بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام

جاء في (الكامل في التاريخ) لابن الأثير في وقائع معركة صفّين: «.. وكتب معاوية إلى أهل الشام، وعقد لواءً لعَمرو، ولواءً لابنيه عبد الله ومحمّد، ولواءً لغلامه وردان. وعقد عليٌّ لواءً لغلامه قنبر..».

وفي (بحار الأنوار): «وخرج مولى لمعاوية مرتجزاً:

إنّي أنا الحارثُ ما بي من خوَر                     مولى ابن صخرٍ وبه قد انتصر

فقتله قنبر».

وكان قنبر اليد اليمنى لأمير المؤمنين عليه السلام في إقامة الحدود، وفي ذلك نقل الشيخ الطوسي في (رجاله) عن عبد الله بن شريك عن أبيه، قال: بينا عليّ عليه السلام عند امرأة من عنزة - وهي أم عمرو - إذ أتاه قنبر فقال له: إنّ عشرة نفر بالباب يزعمون أنّك ربّهم، قال: أدخلهم.

قال: فدخلوا عليه، فقال: ما تقولون؟

فقالوا: إنّك ربّنا، وأنت الذي خلقتنا، وأنت الذي ترزقنا!

فقال لهم: ويلكم، لا تفعلوا، إنّما أنا مخلوق مثلكم.

فأبَوا أن يُقلعوا. فقال لهم: ويلكم، ربّي وربّكم الله، ويلكم توبوا وارجعوا!

فقالوا: لا نرجع عن مقالتنا، أنت ربّنا ترزقنا، وأنت خلقتنا!

فقال عليه السلام: يا قنبر، آتني بالفعَلة، فخرج قنبر، فأتاه بعشر رجال... فأمرهم أن يحفروا لهم في الأرض، فلمّا حفروا خدّاً أمرنا بالحطب والنار فطُرح فيه حتّى صار ناراً تتوقّد، قال لهم: ويلكم توبوا وارجعوا!

فأبوا وقالوا: لا نرجع.

فقذف عليّ عليه السلام بعضهم، ثم قذف بقيّتهم في النار، ثم قال عليّ عليه السلام:

                   إِذا رَأَيْتُ أَمْراً مُنْكَرا                    أَوْقَدْتُ ناراً وَدَعَوْتُ قَنْبَرا».

قضايا أخرى شهدها قنبر

* روى الصدوق في (الأمالي) بسنده إلى أحمد بن أبي المقدام العجليّ: يروى أنّ رجلاً جاء إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ لي إليك حاجة.

فقال عليه السلام: اكتبها في الأرض، فإنّي أرى الضرّ فيك بيّناً.

فكتب في الأرض: أنا فقيرٌ محتاج.

فقال عليّ عليه السلام: يا قنبر، اكسه حلّتين.

فأنشأ الرجل يقول:

كَسَوْتَني حُلَّةً تَبْلى مَحاسِنُها          فَسَوْفَ أَكْسوكَ مِنْ حُسْنِ الثّنا حُلَلا...

* وفي المصدر نفسه، عن عاصم بن بهدلة، قال:

قال لي شريح القاضي: اشتريتُ داراً بثمانين ديناراً، وكتبتُ كتاباً، وأشهدتُ عدولاً، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فبعث إليّ مولاه قنبراً فأتيته، فلمّا أن دخلتُ عليه قال:

يا شُرَيح... اتّقِ الله، فإنّه سَيأتيك مَن لا ينظرُ في كتابك ولا يسألُ عن بَيِّنَتِكَ حتّى يُخرِجَك من دارك شاخصاً، ويُسْلِمَك إلى قبرك خالصاً، فانظُر أن لا تكون اشتريتَ هذه الدار من غير مالكها، ووزنتَ مالاً من غير حلّه، فإذاً أنت قد خسرتَ الدارين جميعاً؛ الدنيا والآخرة..

* وفي قضيّة تُبيّن عدالة قنبر في نظر أمير المؤمنين عليه السلام وأهليّته للشهادة، ما رواه الكلينيّ في (الكافي) بسنده إلى الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال:

«إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ قاعِداً في مَسْجِدِ الكوفَةِ، فَمَرَّ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ قفلٍ التَّميمِيُّ وَمَعَهُ دِرْعُ طَلْحَةَ.

فَقالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ: هَذِهِ دِرْعُ طَلْحَةَ أُخِذَتْ غُلولاً [سرقة] يَوْمَ البَصْرَةِ.

فَقالَ لَه عَبْدُ اللهِ بْنُ قُفْلٍ: فَاجْعَلْ بَيْني وَبَيْنَكَ قاضِيَكَ الّذي رَضيتَهُ للمُسْلِمينَ!!

فَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شُرَيْحاً.

فَقالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ: هَذِهِ دِرْعُ طَلْحَةَ أُخِذَتْ غُلولاً يَوْمَ البَصْرَةِ.

فَقالَ لَهُ شُرَيْحٌ: هاتِ عَلى ما تَقولُ بَيِّنَةً، فَأَتاهُ بِالحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَشَهِدَ أَنَّها دِرْعُ طَلْحَةَ أُخِذَتْ غُلولاً يَوْمَ البَصْرَةِ.

فقال شُرَيْحٌ: هذا شاهِدٌ واحِدٌ فَلا أَقْضي بِشَهادَةِ شاهِدٍ حَتّى يَكونَ مَعَهُ آخَرُ. فَدَعى قَنْبَراً فَشَهِدَ أَنَّها دِرْعُ طَلْحَةَ أُخِذَتْ غُلولاً يَوْمَ البَصْرَةِ.

فقال شُرَيْحٌ: هَذا مَمْلوكٌ، وَلا أَقْضي بِشَهادَةِ مَمْلوكٍ.

فَغَضِبَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقال: خُذوها، فَإِنَّ هَذا قَضى بِجَوْرٍ ثَلاثَ مَرّاتٍ.

فَتَحَوَّلَ شُرَيْحٌ، ثُمَّ قَالَ: لَا أَقْضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى تُخْبِرَنِي مِنْ أَيْنَ قَضَيْتُ بِجَوْرٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

فَقَالَ لَه: وَيْلَكَ، إِنِّي لَمَّا أَخْبَرْتُكَ أَنَّهَا دِرْعُ طَلْحَةَ أُخِذَتْ غُلُولاً يَوْمَ الْبَصْرَةِ، فَقُلْتَ: هَاتِ عَلَى مَا تَقُولُ بَيِّنَةً، وقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا وُجِدَ غُلُولٌ أُخِذَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. فَقُلْتُ: رَجُلٌ لَمْ يَسْمَعِ الْحَدِيثَ، فَهَذِه وَاحِدَةٌ.

ثُمَّ أَتَيْتُكَ بِالْحَسَنِ فَشَهِدَ، فَقُلْتَ: هَذَا وَاحِدٌ ولَا أَقْضِي بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ حَتَّى يَكُونَ مَعَه آخَرُ. وقَدْ قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ ويَمِينٍ، فَهَذِه ثِنْتَانِ.

ثُمَّ أَتَيْتُكَ بِقَنْبَرٍ فَشَهِدَ أَنَّهَا دِرْعُ طَلْحَةَ أُخِذَتْ غُلُولاً يَوْمَ الْبَصْرَةِ، فَقُلْتَ: هَذَا مَمْلُوكٌ ولَا أَقْضِي بِشَهَادَةِ مَمْلُوكٍ. ومَا بَأْسٌ بِشَهَادَةِ الْمَمْلُوكِ إِذَا كَانَ عَدْلاً.

ثُمَّ قَالَ: وَيْلَكَ، إمَامُ الْمُسْلِمِينَ يُؤْمَنُ مِنْ أُمُورِهِمْ عَلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا».

قال الشيخ التستريّ في كتابه (قضاء أمير المؤمنين عليه السلام): والمفهوم من قوله عليه السلام في الخبر: «ثمّ أتيتُك بقنبر، إلى قوله: وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلاً، أّن قنبر كان عدلاً بلا خلاف..».

من مواقفه مع الطاغية الحجّاج الثقفيّ

* في (رجال الكشيّ) عن الإمام الهادي عليه السلام أنّ قنبراً مولى أمير المؤمنين عليه السلام دخل على الحجّاج بن يوسف، فقال له: ما الذي كنت تَلي من عليّ بن أبي طالب؟

فقال: كنت أُوضّئهُ. [أي أهيّئ له ما يحتاجه لوضوئه عليه السلام]

فقال له: ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟

فقال: كان يتلو هذه الآية: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَىْء حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. (الأنعام:44-45)

فقال الحجّاج: أظنّه كان يتأوّلها علينا؟

قال: نعم.

فقال: ما أنت صانع إذا ضربتُ علاوتك؟

قال: إذن أُسعدَ وتشقى. فأمر به.

* وروى الشيخ المفيد في (الإرشاد) في كلامه عن معجزات أمير المؤمنين عليه السلام وإخباراته بما يجري، قال: ومن ذلك ما رواه أصحاب السيرة من طرق مختلفة أنّ الحجّاج بن يوسف الثقفيّ قال ذات يوم: أُحبّ أن أُصيب رجلاً من أصحاب أبي تراب فأتقرّب إلى الله بدمه!!

فقيل له: ما نعلم أحداً كان أطولَ صحبةً لأبي تراب من قنبر مولاه.

فبعث في طلبه، فأُتي به، فقال له: أنت قنبر؟

قال: نعم.

قال: أبو همدان؟

قال: نعم.

قال: مولى عليّ بن أبي طالب؟

قال: الله مولاي، وأمير المؤمنين عليّ وليّ نعمتي.

قال: ابرَأْ من دينه.

قال: فإذا برئتُ من دينه تدلّني على دينٍ غيره أفضل منه؟

فقال: إنّي قاتلك، فاختر أيّ قتلة أحبّ إليك.

قال: قد صيّرتُ ذلك إليك.

قال: ولِمَ؟

قال: لأنّك لا تقتلني قتلةً إلاّ قتلتُك مثلها، ولقد خبّرني أمير المؤمنين عليه السلام أنّ مَنيّتي تكون ذبحاً ظلماً بغير حقّ.

قال: فأمر به فذُبح.

وعن مكان دفن الشهيد قنبر ورد سؤال للعلّامة المحقق السيّد جعفر مرتضى جاء فيه: أرجو من سيادتكم التفضّل بإفادتنا بمكان دفن الوليّ الصالح قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام، حيث يوجد له قبر في بغداد، علماً بأنه قد استُشهد في الكوفة، وبغداد لم تكن قد بُنيت بعد.

فجاء في الجواب: بما أنّ بغداد لم تكن قد استُحدثت في عهد الحجّاج، وإنّما بناها المنصور العبّاسي، فإنّنا نرجّح أن يكون المدفون فيها شخصاً آخر باسم قنبر. وقد يكون هذا القبر لحفيد قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام، واسمه قنبر بن أحمد بن قنبر، وقد روى عن أبيه عن جدّه. وهناك رجل آخر اسمه قنبر، وهو قنبر بن عليّ بن شاذان، أبو نصر. وثمّة رجل آخر: وهو قنبر بن محمّد الأعشى. والله هو العالم بحقائق الأمور.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

28/11/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات