كلمة سواء

كلمة سواء

28/11/2016

يُعرَف الشّيعة بكفّ الألسُن عن الناس...

 

يُعرَف الشّيعة بكفّ الألسُن عن الناس...

ــــــــــــــــــــــــ العلّامة الشيخ محمّد رضا المظفّر* رحمه الله ــــــــــــــــــــــــ

إنّ الأئمّة من آل البيت عليهم السلام لم تكن لهم هِمّةٌ - بعد أن ابتزّهم الغاصبون حقّهم - إلّا تهذيب المسلمين وتربيتهم تربية صالحة كما يريدها الله، تعالى، فكانوا مع كلّ من يواليهم ويأتمنونه على سرّهم يبذلون قصارى جهدهم في تعليمه الأحكام الشرعيّة وتلقينه المعارف المحمّدية، ويعرّفونه ما له وما عليه.

ولا يعتبرون الرجل تابعاً وشيعة لهم إلّا إذا كان مُطيعاً لأمر الله، مُجانباً لهواه، آخذاً بتعاليمهم وإرشاداتهم. ولا يعتبرون حبّهم وحده كافياً للنجاة؛ كما قد يمنّي نفسه بعض من يسكن إلى الدّعة والشهوات، ويلتمس عذراً في التمرّد على طاعة الله سبحانه.

إنّهم صلوات الله عليهم لا يعتبرون حبّهم وولاءهم منجاةً إلّا إذا اقترن بالأعمال الصالحة، وتحلّى المُوالي لهم بالصدق والأمانة والورع والتقوى. من ذلك ما في (الكافي) عن الإمام الباقر عليه السلام: «يَا خَيْثَمَةُ! أَبْلِغْ مَوَالِيَنَا أَنَّا لا نُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِلا بِعَمَلٍ، وَأَنَّهُمْ لَنْ يَنَالُوا ولَايَتَنَا إِلَّا بِالْوَرَعِ، وَأَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلاً ثُمَّ خَالَفَهُ إِلَى غَيْرِهِ».

بل هم يريدون من أتباعهم أن يكونوا دعاةً للحقّ وأدلّاء على الخير والرشاد، ويرون أنّ الدعوة بالعمل أبلغ من الدعوة باللسان، كما عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: «كونوا دُعاةً للناسِ بِالخَيْرِ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ، لِيَرَوْا مِنْكُمُ الاجْتِهادَ وَالصِّدْقَ وَالوَرَعَ».

ونحن نذكر بعض المحاورات التي جرتْ لهم مع بعض اتباعهم، ليُعرف مدى تشديدهم وحرصهم على تهذيب أخلاق الناس:

1) محاورة أبي جعفر الباقر عليه السلام مع جابر الجعفيّ: «يا جابِرُ! أَيَكْتَفي مَنْ يَنْتَحِلُ التَّشَيَّعَ أَنْ يَقولَ بِحُبِّنا أَهْلَ البَيْتِ؟!

فَوَاللهِ، مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللهَ وَأَطَاعَهُ، وَمَا كَانُوا يُعْرَفُونَ، يَا جَابِرُ، إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ، وَالتَّخَشُّعِ، وَالْأَمَانَةِ، وَكَثْرَةِ ذِكْرِ اللهِ، وَالصَّوْمِ، وَالصَّلاةِ، وَالبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ، وَالتَّعَاهُدِ لِلْجِيرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَأَهْلِ الْمَسْكَنَةِ، وَالْغَارِمِينَ، وَالأَيْتَامِ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، وَكَفِّ الأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلا مِنْ خَيْرٍ، وَكَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِي الْأَشْيَاءِ ... وَما تُنالُ ولايَتُنا إِلّا بِالعَمَلِ وَالوَرَعِ».

2 ) محاورة أبي عبد الله الصادق عليه السلام مع أبي الصباح الكنانيّ، وقد قال له: «ما نلقى من الناس فيك!

فسأله الصادق عليه السلام: وَما الّذي تَلْقى مِنَ النّاسِ؟

قال: لا يزال يكون بيننا وبين الرجل الكلام، فيقول: جعفريٌّ خبيث!

فقال عليه السلام: يُعَيِّرُكُمُ النّاسُ بي؟!

قال الكناني: نعم!

قال عليه السلام: مَا أَقَلَّ، وَاللهِ، مَنْ يَتَّبِعُ جَعْفَراً مِنْكُمْ. إِنَّمَا أَصْحَابِي مَنِ اشْتَدَّ وَرَعُهُ، وَعَمِلَ لِخَالِقِهِ، وَرَجَا ثَوَابَهُ؛ فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابِي!».

3) ولأبي عبد الله الصادق عليه السلام كلماتٌ في هذا الباب نقتطف منها ما يلي:

أ) « لَيْسَ مِنَّا - وَلَا كَرَامَةَ - مَنْ كَانَ فِى مِصْرٍ فِيهِ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، وَكَانَ فِى ذَلِكَ الْمِصْرِ أَحَدٌ أَوْرَعَ مِنْهُ».

ب) «إِنَّا لَا نـَعـُدُّ الرَّجـُلَ مـُؤْمـِناً حَتَّى يَكُونَ لِجَمِيعِ أَمْرِنَا مُتَّبِعاً مُرِيداً، أَلَا وَإِنَّ مِنِ اتِّبَاعِ أَمْرِنَا وَإِرَادَتِهِ الْوَرَعَ، فَتَزَيَّنُوا بِهِ يَرْحَمْكُمُ اللهُ».

ج‍) «لَيْسَ مِنْ شيعَتِنا مَنْ لا تَتَحَدَّثُ المُخَدَّراتُ بِوَرَعِهِ في خُدورِهِنَّ، وَلَيْسَ مِنْ أَوْلِيائِنا مَنْ هُوَ في قَرْيَةٍ فيها عَشَرَةُ آلافِ رَجُلٍ فيهِمْ مِنْ خَلْقِ اللهِ أَوْرَع مِنْهُ».

د) «إِنَّما شيعَةُ جَعْفَرٍ مَنْ عَفَّ بَطْنُهُ وَفَرْجُهُ، وَاشْتَدَّ جِهادُهُ، وَعَمِلَ لِخالِقِهِ، وَرَجا ثَوابَهُ، وَخافَ عِقابَهُ. فَإِذا رَأَيْتَ أولَئِكَ، فَأولَئِكَ شيعَةُ جَعْفَرٍ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مختصر من كتابه (عقائد الإماميّة).

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

28/11/2016

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات