الملف

الملف

منذ يوم

نذيراً للعالَمين ومُهيمناً على المرسَلين

 

نذيراً للعالَمين ومُهيمناً على المرسَلين

البعثة النبويّة في كلام أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السّلام

§        إعداد: أسرة التحرير

* في هذه النصوص المنتخبة من خُطب أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، في (نهج البلاغة)، يُشير صلوات الله عليه إلى وجوه الفساد التي كان يعاني منها العالم، ولا سيّما المجتمع الجاهليّ، عشيّة بعثة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهي وجوه الفساد الكبرى في كلّ عصر وفي كلّ أمّة، فإصلاحها هو وظيفة النبوّة في حركتها الصاعدة منذ بدأت في مستهلّ التاريخ البشري، إلى أن خُتمت بالنبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله.

كما يبيّن الإمام عليه السلام، في المنتخب من كلامه هنا، محتوى الوحي السماوي، والغاية من البعثة النبويّة الشريفة، وأيضاً السمات والخصائص الربّانية في شخصية النبيّ صلّى الله عليه وآله.

نشير إلى أنّنا أرفقنا عدداً من الفقرات بتوضيحات موجزة، حيث يلزم، اخترناها من ثلاثة شروحات على (نهج البلاغة)، لكلّ من ابن أبي الحديد المعتزلي (ت: 656 هـ)، وابن ميثم البحراني (ت: 679 هـ)، و(منهاج البراعة) للسيد حبيب الله الهاشمي الخوئي (ت: 1324 هـ)، ومن (شرح الأسماء الحسنى) للملا هادي السبزواري (ت: 1289 هـ).

«شعائر»

 

من أعظم المنن الإلهية على البشرية جمعاء بعثةُ النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، التي غيّرت وجه الكون، وفتحت للعالم طريق السعادة المنشودة. وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾ (آل عمران:164).

ما يلي، مجموعة من العناوين التي ترتبط بالبعثة النبويّة الشريفة، كما أوضحها أمير المؤمنين عليه السلام، في خُطبه وكلماته.

وصف المجتمع الجاهلي

(مصادر هذه الفقرة على التوالي، من الخُطب: 2، 26، 33، 89، 95، 133، 189، 233)

v    «..أَرْسَلَهُ ..والنَّاسُ فِي فِتَنٍ انْجَذَمَ فِيهَا حَبْلُ الدِّينِ، وتَزَعْزَعَتْ سَوَارِي الْيَقِينِ، واخْتَلَفَ النَّجْرُ، وتَشَتَّتَ الأَمْرُ، وضَاقَ الْمَخْرَجُ، وعَمِيَ الْمَصْدَرُ، فَالْهُدَى خَامِلٌ، والْعَمَى شَامِلٌ. عُصِيَ الرَّحْمَنُ، ونُصِرَ الشَّيْطَانُ، وخُذِلَ الإِيمَانُ، فَانْهَارَتْ دَعَائِمُهُ، وتَنَكَّرَتْ مَعَالِمُهُ، ودَرَسَتْ سُبُلُهُ، وعَفَتْ شُرُكُهُ..». (النّجر: الأصل، والشُّرُك، بضمّتين، الطُّرُق)

***

v    «إِنَّ الله بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلّم... وأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ، عَلَى شَرِّ دِينٍ، وفِي شَرِّ دَارٍ، مُنِيخُونَ بَيْنَ حِجَارَةٍ خُشْنٍ، وحَيَّاتٍ صُمٍّ، تَشْرَبُونَ الْكَدِرَ وتَأْكُلُونَ الْجَشِبَ، وتَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ، وتَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ. الأَصْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ، والآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ».

الخوئي: «ألّف إبراهيم بن مسعود الثقفي كتاباً سمّاه (الغارات)، جمع فيه غارات العرب وحروبهم، وإن شئتَ أُرشدك إلى اثنين من تلك الحروب والغارات فإنّهما أنموذجٌ منها.

أحدهما: ما كان بين الأَوْس والخَزْرَج من الحروب التي تطاولت مائة وعشرين سنة، إلى أن ألّف الله بين قلوبهم بالإسلام.

وثانيهما: حرب البسوس بين (تَغْلِب) و(بكر بن وائل) أربعين سنة، حتّى صار من أمثال العرب السّائرة: أشأم من البسوس».

***

v    «إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلّمَ، ولَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً، ولَا يَدَّعِي نُبُوَّةً..».

***

v    «أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الأُمَمِ، واعْتِزَامٍ مِنَ الْفِتَنِ، وانْتِشَارٍ مِنَ الأُمُورِ، وتَلَظٍّ مِنَ الْحُرُوبِ، والدُّنْيَا كَاسِفَةُ النُّورِ، ظَاهِرَةُ الْغُرُورِ... وشِعَارُهَا الْخَوْفُ، ودِثَارُهَا السَّيْفُ».

***

v    «بَعَثَهُ والنَّاسُ ضُلَّالٌ فِي حَيْرَةٍ، وحَاطِبُونَ فِي فِتْنَةٍ، قَدِ اسْتَهْوَتْهُمُ الأَهْوَاءُ، واسْتَزَلَّتْهُمُ الْكِبْرِيَاءُ، واسْتَخَفَّتْهُمُ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ، حَيَارَى فِي زَلْزَالٍ مِنَ الأَمْرِ وبَلَاءٍ مِنَ الْجَهْلِ..».

ابن أبي الحديد: «حاطِبونَ في فِتنة: جمع حاطب، وهو الذي يجمع الحطب، ويقال لمَن يجمع بين الصواب والخطأ، أو يتكلم بالغثّ والسمين: حاطبُ ليل، لأنّه لا يُبصر ما يجمع في حبله... واستَخفّتهم الجاهليّةُ: جعلتهم ذوي خفّة وطَيش وخرق. والزلازِل: الشدائد».

***

v    «..أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وتَنَازُعٍ مِنَ الأَلْسُنِ..».

البحراني: «بيان لبعض أمارات النبوّة، فإنّ منها:

الزمان المتطاول الّذي تندرس فيه الشريعة السابقة والقوانين التي بها نظام العالم، ويحتاج الخلق إلى قوانين مجدّدة لنظام أحوالهم. وحينئذٍ تجب بعثة رسول. وكانت الفترة بين عيسى ومحمّد عليهما السّلام ستّمائة وعشرين سنة.

ومنها: تنازع الألسن واختلاف الخلق في الآراء والمذاهب، وقلّة الاتّفاق على قانون شرعيّ جامع لهم».

***

v    «ثُمَّ إِنَّ الله سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ حِينَ دَنَا مِنَ الدُّنْيَا الانْقِطَاعُ، وأَقْبَلَ مِنَ الآخِرَةِ الِاطِّلَاعُ، وأَظْلَمَتْ بَهْجَتُهَا بَعْدَ إِشْرَاقٍ، وقَامَتْ بِأَهْلِهَا عَلَى سَاقٍ، وخَشُنَ مِنْهَا مِهَادٌ، وأَزِفَ مِنْهَا قِيَادٌ، فِي انْقِطَاعٍ مِنْ مُدَّتِهَا، واقْتِرَابٍ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وتَصَرُّمٍ مِنْ أَهْلِهَا، وانْفِصَامٍ مِنْ حَلْقَتِهَا، وانْتِشَارٍ مِنْ سَبَبِهَا، وعَفَاءٍ مِنْ أَعْلَامِهَا، وتَكَشُّفٍ مِنْ عَوْرَاتِهَا، وقِصَرٍ مِنْ طُولِهَا...». (السّاق: هنا بمعنى الشدّة)

***

v    «..ابْتَعَثَهُ والنَّاسُ يَضْرِبُونَ فِي غَمْرَةٍ، ويَمُوجُونَ فِي حَيْرَةٍ. قَدْ قَادَتْهُمْ أَزِمَّةُ الْحَيْنِ، واسْتَغْلَقَتْ عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ أَقْفَالُ الرَّيْنِ». (الحَين: الهلاك)

سَمْتُ النبيّ المرسَل وهَديُه صلّى الله عليه وآله

(مصادر هذه الفقرة على التوالي، من الخُطب: 93، 104، 105، 108، 177، 185)

v    «مُسْتَقَرُّهُ خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ، ومَنْبِتُهُ أَشْرَفُ مَنْبِتٍ، فِي مَعَادِنِ الْكَرَامَةِ، ومَمَاهِدِ السَّلَامَةِ قَدْ صُرِفَتْ نَحْوَهُ أَفْئِدَةُ الأَبْرَارِ، وثُنِيَتْ إِلَيْهِ أَزِمَّةُ الأَبْصَارِ..».

***

v    «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الله سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ .... فقاتلَ بِمَنْ أَطَاعَهُ مَنْ عَصَاهُ، يَسُوقُهُمْ إِلَى مَنْجَاتِهِمْ ويُبَادِرُ بِهِمُ السَّاعَةَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ، يَحْسِرُ الْحَسِيرُ، ويَقِفُ الكَسِيرُ، فَيُقِيمُ عَلَيْهِ حَتَّى يُلْحِقَهُ غَايَتَهُ، إِلَّا هَالِكاً لَا خَيْرَ فِيهِ، حَتَّى أَرَاهُمْ مَنْجَاتَهُمْ وبَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ...».

البحراني: «الحَسِير: الَّذي أعيا في طريقه.

وقوله: ويُبادِرُ بهِمُ السّاعةَ أنْ تَنزِلَ بهم. أي يسارع إلى هَدْيِهم وتسليكهم لسبيل الله، كيلا تنزل بهم الساعة على عمًى منهم عن صراط الله، فيقعوا في مهاوي الهلاك.

وقوله: يَحسِر الحَسِير ويَقِفُ الكَسير. إلى قوله: لا خَيرَ فيه. إشارة إلى وصفه عليه السّلام بالشفقة على الخلق في حال أسفارهم معه في الغزوات، ونحوها: أي أنّه كان يسير في آخرهم، ويتفقّد المنقطع منهم عن عياء وانكسارِ مركوب، فلا يزال يلطف به حتّى يبلّغه أصحابه... قال بعض السالكين: كنّى بالحَسير والكَسير عمّن عجز ووقف قدمُ عقلِه في الطريق إلى الله، لِضعفٍ في عين بصيرته واعوجاجٍ في آلة إدراكه، وبقيامه عليه حتّى يلحقه إلى غايته... حتّى يوصله إلى ما يمكن من العقيدة المرْضيّة والأعمال الزكيّة، التي هي الغاية من طريق الشريعة المطلوب سلوكها. وقوله: إلَّا هالِكاً لا خَيرَ فيه. أراد به مَن كان مأيوساً من رُشده لعلمه بأنّ تقويمه غير ممكن؛ كأبي لهب وأبي جهل ونحوهما».

***

v    «..خَيْرَ الْبَرِيَّةِ طِفْلاً، وأَنْجَبَهَا كَهْلاً، وأَطْهَرَ الْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً، وأَجْوَدَ الْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً».

الخوئي: «الكَهل، بفتح الأوّل، مَن جاوز الثلاثين، وقيل من بلغ الأربعين. والدِّيمَة المطر الدّايم في سكون».

***

v    «اخْتَارَهُ مِنْ شَجَرَةِ الأَنْبِيَاءِ، ومِشْكَاةِ الضِّيَاءِ، وذُؤَابَةِ الْعَلْيَاءِ، وسُرَّةِ الْبَطْحَاءِ، ومَصَابِيحِ الظُّلْمَةِ، ويَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ... طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ، قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ، وأَحْمَى مَوَاسِمَهُ، يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، مِنْ قُلُوبٍ عُمْيٍ، وآذَانٍ صُمٍّ، وأَلْسِنَةٍ بُكْمٍ، مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ، ومَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ».

ابن أبي الحديد: «إنّما قال: دَوّارٌ بِطِبّه، لأنّ الطبيب الدوّار أكثر تجربة، أو يكون عنى به أنّه يدور على مَن يعالجه، لأنّ الصالحين يدورون على مرضى القلوب، فيعالجونهم... ثم ذكر أنّه إنّما يعالج بذلك مَن يحتاج إليه، وهم أُولو القلوب العُمي، والآذان الصمّ، والألسنة البُكم، أي الخُرس. وهذا تقسيمٌ صحيحٌ حاصِر، لأنّ الضلال ومخالفة الحقّ يكون بثلاثة أمور؛ إمّا بجهل القلب، وبعدم سماع المواعظ والحُجج، أو بالإمساك عن شهادة التوحيد وتلاوة الذكر، فهذه أصول الضلال، وأمّا أفعال المعاصي ففروعٌ عليها».

***

v    «وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ الَمْجُتْبَىَ مِنْ خَلَائِقِهِ، والْمُعْتَامُ لِشَرْحِ حَقَائِقِهِ، والْمُخْتَصُّ بِعَقَائِلِ كَرَامَاتِهِ، والْمُصْطَفَى لِكَرَائِمِ رِسَالَاتِهِ، والْمُوَضَّحَةُ بِهِ أَشْرَاطُ الْهُدَى، والْمَجْلُوُّ بِهِ غِرْبِيبُ الْعَمَى».

ابن أبي الحديد: «المُعتام: المختار. والعِيمة بالكسر خيارُ المال، إعتام الرجل إذا أخذ العِيمة.

والعَقائل: جمع عقيلة، وهي كريمةُ كلّ شيء من الناس وغير ذلك.

والغِربيب: الأسود الشديد السواد. ويُجلى به غِربِيب العمى: تُكشف به ظُلَم الضلال، وتستنير بهدايته».

***

v    «وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ الصَّفِيُّ، وأَمِينُهُ الرَّضِيُّ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسلَّمَ..».

مضامين الوحي

(مصادر هذه الفقرة على التوالي، من الخُطب: 2، 95، 147، 158، 169، 195)

v    «..أَرْسَلَهُ بِالدِّينِ الْمَشْهُورِ، والْعَلَمِ الْمَأْثُورِ، والْكِتَابِ الْمَسْطُورِ، والنُّورِ السَّاطِعِ، والضِّيَاءِ اللَّامِعِ، والأَمْرِ الصَّادِعِ..».

السبزواري: «والعَلَمِ المَأثور: معجزات النبيّ صلّى الله عليه وآله، والمتكلّمون يسمّون المعجزات أعلاماً، والعلَم ما يُهتدى به. والصّادِع: الظاهر الجليّ. قال تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ..﴾..». (الحجر:94)

***

v    «..فَبَالَغَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلّمَ فِي النَّصِيحَةِ، ومَضَى عَلَى الطَّرِيقَةِ، ودَعَا إِلَى الْحِكْمَةِ، والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ».

***

v    «فَبَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً، صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلّمَ، بِالْحَقِّ..».

***

v    «أَرْسَلَهُ.. فَجَاءَهُمْ بِتَصْدِيقِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ».

البحراني: «والذي صدّقه بين يديه هو التوراة والإنجيل، كما قال تعالى: ﴿..مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ..﴾، ولكلّ أمرٍ منتظَر أو قريب يقال: إنّه جارٍ بين اليدين». (المائدة:48)

***

v    «إِنَّ الله بَعَثَ رَسُولاً هَادِياً بِكِتَابٍ نَاطِقٍ وأَمْرٍ قَائِمٍ..». (المراد بالقائم هنا: المستقيم).

***

v    «.. أَرْسَلَهُ.. فَصَدَعَ بِالْحَقِّ ونَصَحَ لِلْخَلْقِ، وهَدَى إِلَى الرُّشْدِ، وأَمَرَ بِالْقَصْدِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّم».

الخوئي: «وأَمَر بِالقَصْد، أي بالعدل في الأمور المصون عن الإفراط والتفريط، ويحتمل أن يكون المراد به (قصدُ السبيل) الموصل إلى الحقّ؛ أي الصّراط المستقيم».

 

الغاية من بعثة النبيّ صلّى الله عليه وآله

 (مصادر هذه الفقرة على التوالي، من الخُطب: 2، 26، 33، 83، 96، 105، 106، 116، 147، 185، 198، والكتاب رقم 62):

v    «..أرسله.. إِزَاحَةً لِلشُّبُهَاتِ، واحْتِجَاجاً بِالْبَيِّنَاتِ، وتَحْذِيراً بِالآيَاتِ، وتَخْوِيفاً بِالْمَثُلَاتِ..».

البحراني: «قوله: إزاحةً للشّبهات إلى قوله وتخويفاً بالمَثُلات: إشارة إلى الوجوه القريبة لمقاصد البعثة، وذكر عليه السّلام منها ثلاثة مقاصد:

أوّلها: إزاحة الشبهات وهو أهمّها، فإنّ حذف شواغل الدنيا وشبهات الباطل عن قلوب الخلق أهمّ مقاصد الشارع.

الثاني: سبب تلك الإزاحة، وهو الاحتجاج على الخلق بالحُجج الواضحة لهم والخطابات الواصلة إلى أقصى أذهانهم، كما قال تعالى: ﴿..وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..﴾. (النحل:125)

الثالث: التحذير بالآيات النازعة بالعصاة، والتخويف بالعقوبات الواقعة بأهل الجنايات، كما قال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لأُولِي النُّهى﴾، وهذا الإنذار مؤيّد للحجج والخطابات الشرعيّة في حقّ مَن لم يُرزق صفاء ذهنٍ يؤثّر فيه مجرّدُ الخطابات، فيحتاج إلى التحذير والإنذار». (طه:128)

***

v    «إِنَّ الله بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلّم نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، وأَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ..».

***

v    «إِنَّ الله بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلّمَ، ولَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً، ولَا يَدَّعِي نُبُوَّةً، فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ، وبَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ، فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ، واطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ».

البحراني: «المراد بالقَناة: القوّة والغلبة والدولة الَّتي حصلت لهم مجازاً، وهو من باب إطلاق اسم السبب على المسبّب؛ فإنّ الرمح أو الظهر سببٌ للقوّة والشدّة، ومعنى إسناد الاستقامة إليها انتظامُ قهرهم ودولتهم.

وقوله: واطمَأنّت صَفاتُهم. استعارة للفظ (الصّفاة) لحالهم التي كانوا عليها، ووجه المشابهة أنّهم كانوا قبل الإسلام في مواطنهم وعلى أحوالهم متزلزلين، لا يقرّ بعضهم بعضاً في موطنٍ ولا على حال، بل كانوا أبداً في الغارة والنهب والجلاء. فكانوا كالواقف على حجرٍ أملس متزلزل مضطرب. فاطمأنّت أحوالهم وسكنوا في مواطنهم. كلّ ذلك بسبب مقدَم النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم».

***

v    «وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلّمَ عَبْدُهُ ورسوله، أرسله لإِنْفَاذِ أَمْرِهِ، وإِنْهَاءِ عُذْرِهِ، وتَقْدِيمِ نُذُرِهِ».

البحراني: «وإنفاذِ أمرِه: إجراؤه لأحكامه على قلوب الخلق ليقرّوا بالعبودّية له. وإنهاءِ عُذرِه في أقواله وأفعاله. وتَقديمِ نُذُره؛ وهو التخويفات الواردة على ألسنة الرّسُل عليهم السّلام إلى الخلق قبل لقائه، الجاذبة لهم إلى لزوم طاعته. وظاهرٌ كونُ الثلاثة أعراضاً للبعثة».

***

v    «..دَفَنَ الله بِهِ الضَّغَائِنَ، وأَطْفَأَ بِهِ الثَّوَائِرَ، أَلَّفَ بِهِ إِخْوَاناً، وفَرَّقَ بِهِ أَقْرَاناً، أَعَزَّ بِهِ الذِّلَّةَ، وأَذَلَّ بِهِ الْعِزَّةَ».

***

v    «حَتَّى بَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً، صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ شَهِيداً، وبَشِيراً، ونَذِيراً..».

***

v    «حَتَّى أَوْرَى قَبَساً لِقَابِسٍ، وأَنَارَ عَلَماً لِحَابِسٍ، فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ، وشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ، وبَعِيثُكَ نِعْمَةً، ورَسُولُكَ بِالْحَقِّ رَحْمَةً».

الخوئي: «وأَنارَ علَماً لِحابِس: أصل إنارة العلَم للحابِس أن يوقَد عليه النار ويُستنار ليهتدي به الضّال الحابس؛ أي الذي حبس ناقته ووقف لا يدري كيف يهتدي المنهج، واستعارتُه هنا لإظهاره، صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنوار الهداية ليهتدي بها مَن حبستْه ظلمة الحيرة والشبهة عن سلوك سبيل الحقّ».

***

v    «أَرْسَلَهُ دَاعِياً إِلَى الْحَقِّ وشَاهِداً عَلَى الْخَلْقِ، فَبَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّهِ غَيْرَ وَانٍ ولَا مُقَصِّرٍ، وجَاهَدَ فِي الله أَعْدَاءَهُ غَيْرَ وَاهِنٍ ولَا مُعَذِّرٍ».

***

v    «فَبَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً، صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسلّم.. لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِهِ، ومِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِهِ».

***

v    «وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ الصَّفِيُّ، وأَمِينُهُ الرَّضِيُّ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ، أَرْسَلَهُ بِوُجُوبِ الْحُجَجِ».

الخوئي: «أَرسلَهُ بِوُجوبِ الحُجَج: أي أرسله مصاحَباً بالحجج الواجب قبولها على الخلق، لكفايتها في مقام الحجيّة من المعجزات الظاهرات والآيات البيّنات. أو المراد أنّه لمّا كان الإعذار والإنذار واجباً عليه تعالى، بمقتضى اللطف، أرسله لذلك ليهلك مَن هلك عن بيّنة ويحيى مَن حَيّ عن بيّنة، ولئلّا يكون للناس على الله حجّةٌ بعد الرّسل».

***

v    «..جَعَلَهُ الله بَلَاغاً لِرِسَالَتِهِ، وكَرَامَةً لأُمَّتِهِ، ورَبِيعاً لأَهْلِ زَمَانِهِ، ورِفْعَةً لأَعْوَانِهِ، وشَرَفاً لأَنْصَارِهِ».

***

v    «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الله سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسلّم، نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، ومُهَيْمِناً عَلَى الْمُرْسَلِينَ..». (المهيمن: الشاهد)

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ يوم

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات