صاحب الأمر

صاحب الأمر

25/05/2017

ليلة «صاحب الأمر»

ليلة «صاحب الأمر»

ليلة رسول الله صلّى الله عليه وآله وكلّ وصيٍّ من بعده

____ الشيخ حسين كوراني ____

«..وحيث إنّ المصطفى صلّى الله عليه وآله، قطب رحى (الوجود)، فَلَيلةُ القدر ليلته، وليلة وصيّه الذي هو استمراره، صلّى الله عليه وآله».

بحث مقتطَف من كتاب (مختصَر أعمال شهر رمضان) للشيخ حسين كوراني، حول أهمية معرفة «أنّ المحوَر في سورة القدر، وليلة القدر، والأمر الحكيم، والأمر الذي ينزل أو يُفْرَق، هو صاحب الأمر».

 

الحقيقة الصُّراح التي يجب عقدُ القلب عليها أنّ شهر رمضان هو شهر القرآن الكريم، وليلة القدر ليلة نزول القرآن، وليلة حاكمية الرحمن، ولذلك فهي ليلة رسول الله صلّى الله عليه وآله، بما هو سيّد الرسل والمهيمن على كلّ ماجاؤوا به، وصاحب الأمر، ورائد مشروع هداية البشرية إلى الحقّ وإنقاذها من براثن الجهل والشرك، وبما هو صلّى الله عليه وآله مركز كلّ أمر نزل من الله تعالى وينزل، من بدء الخلق إلى ما بعد الجنّة ونعيمها من رضوان الله تعالى، وبعد النار وجحيمها من عذاب الله تعالى للمستحقّين.

وحيث إنّ المصطفى صلّى الله عليه وآله، قطب رحى ذلك كلّه، فَلَيلةُ القدر ليلته، وليلة وصيّه الذي هو استمراره، صلّى الله عليه وآله.

ومن غرائب الغفلة، أنّنا نعرف أنّ ليلة القدر ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ القدر:4، ونعرف أنّ إمام زماننا، بل إمام كلّ زمان، يُطلق عليه اسم «صاحب الأمر»، ولا نربط بين المعلومتَين اللتَين هما وجهان لحقيقة واحدة، فالأمر الذي ينزل هو نفسه الأمر الذي يُعتبر إمام الزمان صاحبه بإذن الله تعالى.

«صاحب الأمر» في الروايات

الروايات المصرّحة بذلك كثيرة، منها:

1- في (الاختصاص) للشيخ المفيد عن أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام، قال: «ليس شيءٌ يخرج من عند الله عزّ وجلّ حتّى يبدأ برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثمّ بعليٍّ عليه السلام، ثمّ بواحدٍ واحد، لكيلا يكون آخرُنا أعلمَ من أوّلنا».

2- وفي المصدر عينه، قال الراوي: «سألتُ أبا عبد الله عليه السلام، فقلت له: سمعتُك وأنت تقول غير مرّة: لولا أنّا نزداد لأنفدنا.

فقال: أمّا الحلال والحرام فقد أَنزله اللهُ على نبيِّه صلّى الله عليه وآله وسلّم، بكماله، وما يُزاد الإمام في حلالٍ ولا حرامٍ.

قلت له: فما هذه الزيادة؟

فقال: في سائرِ الأشياء سوى الحلال والحرام.

قلت: تزدادون شيئاً يَخفى على رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولا يعلمه؟

فقال: لا، إنّما يخرج العلم من عند الله فيأتي به الملَكُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فيقول: يا محمّد ربُّك يأمرك بكذا وكذا. فيقول: انطلق به إلى عليّ. فيأتي به عليّاً عليه السلام، فيقول: انطلِق به إلى الحسن. فلا يزال هكذا ينطلقُ به إلى واحدٍ بعد واحد حتّى يخرجَ إلينا، ومحال أنْ يعلمَ الإمامُ شيئاً لم يعلمْه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، والإمام من قبله».

3- عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: «إنّما يأتي الأمرُ من الله في ليالي القدر إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وإلى الأوصياء عليهم السلام: افعل كذا وكذا».

وقد عقّب السيّد ابن طاوس في (الإقبال) على هذه الروايات بقوله: «واعلم أنّ إلقاء هذه الأسرار في السَّنَة إلى وليّ الأمر ما هو من الوحي، لأنّ الوحي انقطع بوفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله، إنّما هو بوجهٍ من وجوه التعريف يعرفه من يُلقى إليه صلوات الله عليه، وقد قال جلّ جلاله: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ..﴾ المائدة:111، وقال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى..﴾ القصص:7، وقال جلّ جلاله: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ..﴾ النحل:68، ولكلّ منها تأويل غير الوحي النبويّ».

وهكذا يتّضح أنّ ليلة القدر هي ليلة صاحب الأمر الذي نصّ عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله، وإليه ينزل الأمر الذي قد قُضي وأُمضي من الله تعالى.

محوَر ليلة القدر

والروايات كذلك صريحةٌ في الحثّ على إدراك هذه الحقيقة بالتفصيل، لذلك فهي لا تكتفي بالعموميّات المتقدّمة رغم وضوحها، بل تريدنا أن نعرف أنّ المحور في سورة القدر، وليلة القدر، والأمر الحكيم، والأمر الذي ينزل أو يُفْرَق، هو «صاحب الأمر».

1- نقل الشيخ محمد باقر الملكي في (توحيد الإمامية) عن داود بن فرقد، قال: «سألته [الصادق أو الكاظم] عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾.

قال: ينزل فيها ما يكون من السنة من موتٍ أو مولود.

قلت له: إلى من؟

فقال: إلى مَن عسى أن يكون؟ إنّ الناس في تلك الليلة في صلاةٍ ودعاءٍ ومسألةٍ، وصاحب هذا الأمر في شغل تنزّل الملائكة إليه بأمور السّنة من غروبِ الشّمسِ إلى طلوعِها من كلّ أمر. سلام هي له إلى أنْ يطلعَ الفجرُ».

2- وفيه عن أبي عبد الله (الإمام الصادق) عليه السلام، قال:

«إنّ ليلة القدر يُكتب ما يكون منها في السنة إلى مثلها من خير أو شرّ، أو موت أو حياة أو مطر. ويُكتب فيها وفدُ الحاجّ. ثم يُفضى ذلك إلى أهل الأرض.

فقلت: إلى مَن مِن أهل الأرض؟

فقال: إلى مَن ترى».

إلى ضيافة الله

يوم ليلةِ القدر مثلُ ليلته

«..واعلم أنّ الرّواية من عدّة جهاتٍ عن الصّادقين عليهم أفضل الصّلوات، عن اللهِ جلّ جلالُه، أنّ يومَ ليلةِ القدر مثلُ ليلته، فإيّاك أن تستهين بنهار تسع عشرة، أو إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، وتتّكِل على ما عملتهُ في ليلتِها وتَستكثِره لمولاك، وأنتَ غافلٌ عن عظيم نعمتِه، وحقوقِ ربوبيَّته».

(السيد ابن طاوس، الإقبال)

 

إلى ضيافة الله

الأعمال العامة لليالي القدر

١- الغسل.

2- الإحياء: والمُراد به عدم النّوم إلى الصّباح.

3- زيارة الإمام الحسين عليه السلام.

4- دعاء القرآن الكريم.

5- دعاء «أللَّهم إنّي أمسيتُ لك عبداً داخراً».

6- دعاء الجَوْشن الكبير.

7- صلاة ركعتين في كلّ ركعة (الحمد) مرّة و(التّوحيد) سبعاً، وبعد الفراغ يقول المصلّي: أستغفرُ الله وأتوبُ إليه. سبعين مرة.

8- صلاة مائة ركعة، بالحمد مرّة والتّوحيد عشراً.

(المحدث القمي، مفاتيح الجنان)

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

25/05/2017

دوريات

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

نفحات