الملف

الملف

منذ 0 ساعة

فضلُ يوم الجمعة وليلته

فضلُ يوم الجمعة وليلته

أعظمُ عند الله من يومَي الفطر والأضحى

§        إعداد: «شعائر»

* قال الشيخ المفيد قدّس سرّه في (المقنعة): «فضّل الله تبارك وتعالى يوم الجمعة وليلته على سائر الأيام والليالي، إلّا ما خرج بالدليل من ليلة القدر، فشرّفهما، وعظّمهما، وندب إلى الزيادة من أفعال الخير فيهما، لطفاً منه جلّ جلاله لخلقه في المفترض عليهم من العبادات، وإرشاداً لهم بمنّه إلى الحسنات، ودليلاً واضحاً في الصالحات».

يتناول هذا المقال منزلة يوم الجمعة الأزهر، وليلته الغرّاء، على ضوء ما ورد في الأحاديث المروية عن المعصومين عليهم السلام، نقلاً عن عدّة مصادر؛ منها: (المحاسن) للبرقي، و(مصباح المتهجّد) للشيخ الطوسي، و(جمال الأسبوع) للسيد ابن طاوس، و(عدّة الداعي) لابن فهد الحلّي، و(جواهر الكلام) للفقيه النجفي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

«شعائر»

 

 

في الأخبار الواردة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله والأئمّة من أهل بيته عليهم السلام، أنّ يوم الجمعة هو خِيَرةُ الله من الأيام وسيّدها، ولم تطلع الشمسُ على أفضل منه... تنزل فيه الرحمة، ويُغفر فيه للعباد، وتُضاعف فيه الحسنات، وتُمحى فيه السيئات، وتُرفع فيه الدرجات، وتُستجاب فيه الدعوات، وتُكشف فيه الكربات، وتُقضى فيه الحوائج العظام.

لله تعالى فيه عتقاءُ وطلقاءُ من النار، ما دعا الله فيه أحدٌ من الناس وعرف حقّه وحرمته، إلّا كان حقّاً على الله عزّ وجلّ أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار.

ومَن مات فيه أو في ليلته مات شهيداً وبُعث آمناً، بل يُكتب لمَن مات فيه عارفاً بحقّ أهل البيت عليهم السلام براءةٌ من النار وبراءةٌ من العذاب، ومَن مات في ليلته أُعتق من النار. وعن الصادق عليه السلام، قال: «مَن ماتَ يومَ الجُمعة كُتِبَ لهُ براءةٌ من ضَغطةِ القَبرِ».

وهو اليوم الذي حملت فيه مريم عليها السلام، وهبط فيه الروح الأمين، وليس للمسلمين عيدٌ بعد يوم غدير خمّ أولى منه؛ بل هو أعظم عند الله من يومَي الفطر والأضحى. رُوي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، أنّه قال: «إنَّ يومَ الجُمعة سيِّدُ الأيّام وأَعظمُها عندَ الله تعالى، وأَعظمُ عند الله من يَومِ الفِطرِ، ويومِ الأَضحَى...».

وفيه ساعة لا يَسأل اللهَ فيها أحدٌ شيئاً إلّا أعطاه إياه ما لم يَسأل محرّماً، وما من ملَكٍ مقرّب ولا سماء ولا أرض ولا جبل ولا شجر إلّا وهو يُشفق من يوم الجمعة أن تقوم القيامة فيه.

عظَّمه الله تبارك وتعالى، وعظَّمه رسول الله صلّى الله عليه وآله، وكلامُ الطير فيه إذا لقيَ بعضُها بعضاً: «سلامٌ سلام، يومٌ صالح».

وهو اليوم الذي جمع اللهُ فيه الخلق لولاية محمّدٍ صلّى الله عليه وآله ووصيّه في الميثاق، ولذا وغيره سمّاه الجمعة. روي عن الإمام الصادق عليه السلام: «سُمِّيت الجُمعة جمعةً لأنَّ اللهَ جَمعَ فِيهَا الخَلقَ لِوِلايةِ مُحمَّدٍ صلّى الله عليهِ وآلِهِ وسلَّم وأَهلِ بيتِه». وفي رواية: «سُمِّيت الجُمعة جمعةً لأنّ الله تعالى جَمَعَ للنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أمرَه».

ولا تركد فيه الشمس كما تركد في غيره لعذاب أرواح المشركين، فيرفع الله عنهم العذاب فيه لفضله.

وهو اليوم الأزهر وليلته الغرّاء، بل هما أربعٌ وعشرون ساعة؛ لله عزّ وجلّ في كلّ ساعة منها ستمائة ألف عتيق من النار.

وفيه يخرج قائم آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، كما أنّ فيه تقوم القيامة.

وفيه تُفتح أبواب السماء لصعود أعمال العباد، وفيه تُزخرف الجنان وتزيَّن لمَن أتاها.

يوم قضاء الحاجات

في يوم الجمعة ساعاتٌ يستجاب فيها الدعاء والمسألة ما لم يُدعى بقطيعة ومعصية أو عقوق، خصوصاً الساعة التي تدلّى فيها نصف عين الشمس للغروب؛ التي روت فاطمة عليها السلام عن أبيها صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنّها سمعته يقول: «إنّ في الجُمعةِ ساعةً لا يُوافِقُها رَجلٌ مُسلمٌ يَسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ فيها خيراً إلَّا أَعطاهُ إيَّاه.

قالت: فقلتُ: يا رَسولَ الله، أيّ ساعةٍ هي؟

فقال: إذا تَدلَّى نصفُ عينِ الشّمسِ لِلغُروبِ.

فكانت فاطمة عليها السلام تقول لغلامها: اصعَدْ على الظّراب [ هو المرتفع من الأرض أو السطح] فإذا رَأيتَ نصفَ عَينِ الشّمسِ قد تَدلَّى لِلغُروبِ فَأَعلِمْنِي حتّى أدعو».

وسُئل الصادق عليه السلام عن الساعة التي تُرجى في يوم الجمعة؛ التي لا يدعو فيها مؤمن إلّا استجيب له؟

قال: «الساعةُ التي يُستجابُ فيها الدُّعاء ما بينَ فَراغِ الإمامِ من الخطبةِ إلى أن يَستوِيَ الناسُ في الصفوف، وساعةٌ أخرى مِن آخرِ النّهار إلى أنْ تَغيبَ الشّمسُ».

وعنه عليه السلام: «إنَّ المؤمنَ لَيدعو في الحاجةِ، فيؤخِّرُ اللهُ حاجتَهُ التي سألَ إلى يومَ الجُمعة ليَخصَّه بفضلِ يومِ الجُمعة».

إلى غير ذلك ممّا ورد في هذا اليوم وليلته في فضله وشرفه، وما ورد في الصلاة فيهما والدعاء والمسألة وفعل الخير وتجنّب الشر.

ومن فضل هذا اليوم أن أوجب اللهُ فيه صلاة الجمعة، ولجلالة قدر هذه الصلاة، حُرِّمَ البيعُ بعد الأذان [للجمعة دون الجماعة]. قال الشيخ الطوسي قدّس سرّه في (الخلاف): «الوقت الذي يحرُم فيه البيع يوم الجمعة؛ إذا جلس الإمامُ على المنبر بعد الأذان، ويكره بعد الزوال قبل الأذان على كلّ حال... قال ميمون بن مهران: كان إذا جلس الإمام على المنبر وأخذ المؤذّن في الأذان نودي في أسواق المدينة: حرُم البيع حرُم البيع».

يومُه مثل ليلته

عن الإمام الصادق عليه السلام: «..ويومُهُ – أي يوم الجمعة - مثلُ ليلتِه، فإنِ استَطعتَ أنْ تُحييها بالدُّعاءِ والصّلاةِ فافْعَل، فإنَّ اللهَ تعالى يُضاعِفُ فيها الحَسناتِ ويَمحُو فيه السّيّئاتِ، وإنَّ اللهَ تعالى واسعٌ كريمٌ».

وإذا كانت عشّية الخميس وليلة الجمعة، نزلت ملائكةٌ من السماء معها أقلام الذهب وصُحف الفضّة، لا يكتبون عشيّة الخميس وليلة الجمعة ويوم الجمعة، إلى أن تغيب الشمس، إلّا الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وفي الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام، أنّ الله تعالى يأمر ليلة الجمعة ملكاً فينادي من فوق عرشه من أوّل الليل إلى آخره:

«ألَا عبدٌ مؤمنٌ يدعوني لِآخرته ودُنياه قبل طلوعِ الفجرِ فأُجيبه؟

ألَا عبدٌ مؤمنٌ يتوبُ إليّ من ذنوبِه قبلَ طلوع الفجر فأتوبَ عليه؟

ألَا عبدٌ مؤمنٌ قد قتَّرتُ عليه رزقَه، فيَسألني الزيادة في رزقِه قبل طلوع الفجر فأزيدَه وأوسِّعَ عليه؟

ألَا عبدٌ مؤمنٌ سقيمٌ يَسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأُعافيه؟

ألَا عبدٌ مؤمنٌ محبوسٌ مغمومٌ يسألُني أنْ أطلقَهُ من حَبسِه قبل طلوعِ الفجرِ، فأُطلِقَه من حبسِه فأخلّي سَربَه؟

ألَا عبدٌ مؤمنٌ مظلوم يسألُني أن آخذَ له بِظُلامتِه قبل طلوعِ الفجر، فأنتصر له وآخذَ له بِظلامتِه؟

فما يزال يُنادي بهذا حتّى يطلع الفجر».

وإلى سَحَر ليلة الجمعة أخّر النبيّ يعقوب على نبيّنا وآله وعليه السلام الاستغفارَ لولده، كما في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام.

ولله تعالى في ليلة الجمعة ملَكٌ من أول الليل إلى آخره ينادي: «يا طالبَ الخير أقبِل، ويا طالب الشرّ أقصِر، فلا يزال ينادي بهذا حتّى يطلعَ الفجر».

وينادي ملكٌ آخر: «هل من تائبٍ فيُتابَ عليه، هل من مُستغفرٍ فيُغفرَ له، هل مِن سائلٍ فيُعطى سُؤلَه؟ اللهمّ أَعطِ كلَّ مُنفِقٍ خَلَفاً، وأَعطِ كلَّ مُمسِكٍ تَلَفاً... إلى أن يطلعَ الفجر».

الإبرام في ليلة الجمعة

عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: «إنَّ اللهَ اختارَ الجُمعةَ فجعل يَومَها عيداً، واختارَ ليلتَها فجعلَها مثلَها. وإنّ مِن فضلِها أنْ لا يَسأل اللهَ عزَّ وجلَّ أحدٌ يومَ الجمعة حاجةً إلّا استُجيب له، وَإنِ استحقَّ قَومٌ عِقاباً فَصادفوا يَوم الجُمعة وَليلتها صُرِفَ عَنهم ذلكَ، وَلَمْ يبقَ شيءٌ ممّا أحكَمه الله وفضّله إلّا أبرمَه في ليلةِ الجُمعة. فَليلةُ الجُمعة أفضلُ اللّيالي، وَيَومُها أفضل الأيّام».

وعن الإمام الصادق عليه السلام: «اجتَنِبوا المعاصي ليلةَ الجُمعة، فإنَّ السيّئةَ مُضاعَفةٌ والحَسَنةَ مضاعَفةٌ، وَمَنْ تَرك مَعصية الله لَيلة الجُمعة غَفَرَ الله لَهُ كُلّ ما سَلف فيه، وقيلَ لهُ: استَأنِفِ العَملَ، وَمَنْ بَارزَ الله لَيلة الجُمعة بِمعصية أخذهُ الله عزَّ وجلَّ بِكلِّ ما عمل في عُمرِه، وضاعفَ عليهِ العذابَ بهذه المَعصية».

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعة

دوريات

  إصدارات اجنبية

إصدارات اجنبية

نفحات