مصطلحات

مصطلحات

منذ أسبوع

الوِتْرُ المَوتور


الوِتْرُ المَوتور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ وسام البلداوي*  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ورد في زيارة عاشوراء المرويّة عن الإمام الباقر، قوله عليه السلام: «السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللهِ وَابْنَ ثَارِهِ، وَالْوِتْرَ المَوْتُورَ..».

وقد وردت لكلمتَي «الوِتر» و«الموتور» معانٍ متعدّدة في كتب اللّغة، نستعرض منها ما ينسجم مع أجواء الزيارة:

* قد يطلق «الوِتْر» ويراد به المتفرّد في الكمال: ربما أطلقت العرب الوِترَ على العدد وقصدتْ به الشيءَ الواحد الفرد الذي ليس بزوجٍ، قال ابن منظور في (لسان العرب): «الوِتر والوَتر: الفرد أو ما لم يتشفّع من العدد».

وربما أطلقت العرب الوترَ على مَن يتّصف بصفةٍ لا يشاركه أحدٌ غيره بها، كإطلاقهم الوتر على نبيّ الله آدم صلوات الله وسلامه عليه، لأنّه أول موجود بشريّ خلقه الله سبحانه.

والوِتر صفةٌ من صفات الله سبحانه «لأنّه البائنُ من خلقِه الموصوف بالوحدانية من كلّ وجه، ولا نظيرَ له في ذاته ولا سمِيَّ له في صفاته ولا شريكَ له في مُلكه، فتعالى الله الملكُ الحقّ»؛ هكذا في (مجمع البحرين) للشيخ الطريحي.

فيتبيّن من مجموع ما مرّ أنّ من معاني الوِتْر هو الموجود المتفرّد بصفةٍ أو صفاتٍ لا يشاركه فيها أحدٌ غيره. وهذا المعنى متحقّقٌ في شخص الإمام الشهيد صلوات الله وسلامه عليه، وإلى هذا أشار العلامة المجلسي رضوان الله تعالى عليه، بقوله: «وِترُ الله: أي الفرد المتفرّد في الكمال من نوع البشر في عصره الشريف». وهو بعدُ بقيّة أهل الكساء وآخرهم، وإلى هذا المعنى أشارت الصدّيقة الصغرى السيدة زينب عليها السلام، عندما سمعته ينعى نفسه الشريفة عشيّة يوم عاشوراء، فقالت: «اليوم مات جدّي رسول الله، وأمّي فاطمة الزهراء، وأبي عليّ، وأخي الحسن. يا بقيّةَ الماضين وثِمالَ الباقين».

* وقد يطلق «الموتور» على من قُتِلَ حميمُه وأُفرِد: قال الزبيدي في (تاج العروس): «وتَرَه: إذا قتل حميمَه فأفردَه منه».

وهكذا كان حال الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فقد قُتل أولاده وإخوته وبنو أخيه وبنو عمومته وأصحابه بتلك الصورة المريعة، وأعداءُ الحسين صلوات الله وسلامه عليه ما استطاعوا أن يقتلوه ويصلوا إليه إلّا بعد أن أفردوه ووتروه...

* وقد يطلق «الموتور» على من قُتل له قتيلٌ ولم يدرِك بدمه: قال الجوهريّ في (الصّحاح): «والموتور: الذي قُتل له قتيلٌ فلم يدرِك بدمه».

والإمام الحسين عليه السلام لم يُدرك – بعدُ - دمَ أبنائه وأهل بيته وأصحابه، من أولئك الأجلاف الطغام اللّئام، وإلى اليوم ما زال صوته صلوات الله وسلامه عليه يدوّي ويتردّد في آذان الزمان، رافعاً صوته قائلاً: «هل من موحِّدٍ يخافُ اللهَ فينا؟». فهو الموتور الوحيد الذي فاقت وحدته كلّ وحدة، وعظمت غربتُه على كلّ غربة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أستاذ في الحوزة العلمية - العراق

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ أسبوع

أرشيفو

نفحات