صاحب الأمر

صاحب الأمر

منذ 3 أيام

﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ..﴾

 

﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ..﴾

نزَلت في رحِم آل محمّدٍ عليه وآلِه السلام

_____ السيد محمّد تقي الموسوي الأصفهاني _____

تحت عنوان «ما يُتقرّب به إليه ويسرّه ويزلف لديه من تكاليف العباد إليه»، أدرج السيد محمّد تقي الموسوي الأصفهاني رحمه الله، في كتابه النوعي (مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم) ثمانين تكليفاً يُتقرّب بكلٍّ منها إلى الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

من هذه التكاليف اختارت «شعائر» صلة الإمام بالمال وما تشتمل عليه من تقرّبٍ وإظهارٍ للمودّة، كما أيّدته الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة.

 

عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ الإِمَامَ يَحْتَاجُ إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَهُوَ كَافِرٌ، إِنَّمَا النَّاسُ يَحْتَاجُونَ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمُ الإِمَامُ، قَالَ الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيهِمْ بِها﴾ (التوبة:103)».

***

من التكاليف أن يجعل المؤمن بعض ماله هديّةً لإمام زمانه سلام الله عليه، وأن يداوم على ذلك العمل في كلّ سنة. ويستوي في هذا العمل الشريف، الغنيّ والفقير، والوضيع والشريف، والرجل والمرأة، إلّا أنّ الغني يكلَّف بحسب استطاعته والفقير بحسب استطاعته؛ قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا..﴾ البقرة:286، وقال تعالى شأنه: ﴿..لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا..﴾ الطلاق:7، ولم يبيّن في الروايات مقدار خاص لصرف المال في تلك الجهة الشريفة، لأنّ الظاهر كون ذلك من المستحبّات المؤكّدة، التي يعبَّر عنها في لسانهم بالفريضة.

* ويدلّ على ما ذكرناه ما رواه الشيخ الكليني رضي الله تعالى عنه في (الكافي) بإسناده عن أبي عبد الله (الإمام الصادق) عليه السلام، قال: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَحَبّ إِلَى الله مِنْ إِخْرَاجِ الدَّرَاهِمِ إِلَى الإِمَامِ، وإِنَّ الله لَيَجْعَل لَه الدِّرْهَمَ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَ جَبَلِ أُحُدٍ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الله تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِه: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً..﴾ (البقرة:245). قَالَ: هُوَ والله فِي صِلَةِ الإِمَامِ خَاصَّةً».

* وعنه في حديث آخر، قال: «إِنَّ الله لَمْ يَسْأَلْ خَلْقَه مَا فِي أَيْدِيهِمْ قَرْضاً مِنْ حَاجَةٍ بِه إِلَى ذَلِكَ، ومَا كَانَ لله مِنْ حَقٍّ فَإِنَّمَا هُوَ لِوَلِيِّه».

*  وفي (الكافي) عن عمر بن يزيد، قالَ: «قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ الله عليه السلام: أبي عبد الله عليه ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ..﴾ (الرعد:21).

قال: نَزَلَتْ فِي رَحِمِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْه وآلِه السَّلَامُ، وقَدْ تَكُونُ فِي قَرَابَتِكَ. ثُمَّ قَالَ: فَلَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ يَقُولُ لِلشَّيْءِ إِنَّه فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ». [قال المجلسي الأول في (روضة المتقين): «أي خصوص سبب النزول لا يخصص عموم اللفظ».]

* وفيه عن (بشارة المصطفى) بإسناده عن الصادق عليه السلام، قال: «لا تَدَعُوا صِلَةَ آل مُحمَّدٍ مِنْ أموالِكُم، مَنْ كانَ غَنِيّاً فَعَلَى قَدْرِ غِناهُ، ومَنْ كانَ فَقيراً فَعَلَى قَدْرِ فَقْرِهِ، ومَنْ أَرادَ أنْ يَقْضِيَ اللهُ أَهَمَّ الحَوائِجِ إِلَيهِ فَلْيَصِلْ آلَ مُحَمَّدٍ وشِيَعتَهُم بِأَحْوَج ما يَكونُ إِلَيهِ مِن مالِهِ».

* وفي (البحار) و(البرهان) عن تفسير (العياشي) بإسناده عن مفضل بن عمر، قال: «دخلت على أبي عبد الله عليه السلام يوماً، ومعي شيءٌ فوضعته بين يديه، فقال: ما هذا؟ فقلت: هذه صلة مواليك وعبيدك. قال: فقال لي: يا مفضّل، إنّي لا أَقبَلُ ذلكَ، وما أَقْبَلُهُ مِن حاجةٍ بِي إليه، وما أَقبَلُهُ إلّا ليَزّكوا به.

ثمّ قال: سمعتُ أبي يقول: مَن مَضَت له سَنَةٌ لَمْ يَصِلنا مِنْ مالِهِ، قَلَّ أو كَثُرَ، لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إليهِ يومَ القِيامَةِ، إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللهُ عنهُ..».

* وعن (أمالي) الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام، قال: «قال رَسولُ الله صلّى الله عليه وآلِه وسلّم: مَنْ وَصَلَ أحداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي في دَارِ هَذِهِ الدُّنْيا بِقيراطٍ، كافَيْتُهُ يَومَ القِيامَةِ بِقِنطارٍ».

* وفي (الاحتجاج)  للشيخ الطبرسي... عن إسحاق بن يعقوب، قال: «سألتُ محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه، أن يوصل لي كتاباً، قد سألتُ فيه من مسائل أشكلت عليّ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان، إلى أن قال: وأمّا أموالكم فما نقبلها إلّا لتطهّروا، فمَن شاء فليَصِل، ومَن شاء فليَقطَع، فمَا آتانا اللهُ خيرٌ مِمّا آتاكُم..».

كيف نصل إمامنا المهديّ عجّل الله تعالى فرجه؟

ينبغي التنبيه على أمرين:

* أحدهما أنّ صلة الإمام عليه السلام في مثل هذا الزمان أفضل من الصلة في زمان ظهور الدولة الحقّة وبسط يده.

ويشهد لذلك ما روي في (الكافي) وغيره، بالإسناد عن عمار الساباطي، قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أَيُّمَا أَفْضَلُ الْعِبَادَةُ فِي السِّرِّ مَعَ الإِمَامِ مِنْكُمُ الْمُسْتَتِرِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ أَوِ الْعِبَادَةُ فِي ظُهُورِ الْحَقِّ ودَوْلَتِه مَعَ الإِمَامِ مِنْكُمُ الظَّاهِرِ؟

فَقَالَ: يَا عَمَّارُ، الصَّدَقَةُ فِي السِّرِّ والله أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي الْعَلَانِيَةِ، وكَذَلِكَ والله عِبَادَتُكُمْ فِي السِّرِّ مَعَ إِمَامِكُمُ الْمُسْتَتِرِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ وتَخَوُّفُكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ وحَالِ الْهُدْنَةِ، أَفْضَلُ مِمَّنْ يَعْبُدُ الله عَزَّ وجَلَّ ذِكْرُه فِي ظُهُورِ الْحَقِّ مَعَ إِمَامِ الْحَقِّ الظَّاهِرِ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ، ولَيْسَتِ الْعِبَادَةُ مَعَ الْخَوْفِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ مِثْلَ الْعِبَادَةِ والأَمْنِ فِي دَوْلَةِ الحَقِّ..».

* الأمر الثاني: إنّ صلة الإمام عليه السلام في زمان الغيبة تحصل بصرف المال في المصارف التي يعلم رضاه بها، وحبّه لها، وبقصد صلته، مثل طبع الكتب المتعلّقة به، وإقامة مجالس ذكره، والدعوة إليه، وصلة شيعته ومحبّيه، خصوصاً الذرية العلوية، والعلماء المروّجين، ورواة أحاديث الأئمّة الطاهرين ونحوهما، ممّا لا يخفى على أهله.

_________________________

* (مكيال المكارم: 2/228-233) مختصر

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعات

دوريات

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ 0 ساعات

إصدارات عربية

نفحات