أحسن الحديث

أحسن الحديث

14/02/2018

سورة العَلَق

 

موجز في التفسير

سورة العَلَق

ـــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــ


* السورة السادسة والتسعون بترتيب سوَر المُصحف الشريف، وهي أوّل سورة نزلت من القرآن.

* سُمّيت بـ«العلَق» لقوله تعالى في الآية الثانية منها: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾.

* آياتها تسع عشرة، وهي مكيّة، وفي الحديث النبويّ الشريف أنّ ««مَن قرأها فكأنّما قرأ المُفَصَّل كلّه». [المُفَصّل: من سورة محمّد صلَّى الله عليه وآله إلى آخر القرآن]

* ما يلي موجز في التعريف بهذه السورة المباركة اخترناه من تفاسير: (نور الثّقلين)، و(الميزان)، و(الأمثل).


من أسماء السورة «العلق» و«إقرأ» و«القلم»، وهي من السور العزائم الأربعة: ألم السجدة، وحم فصّلت، والنجم، والعلق. ويقصد بالسور العزائم تلك التي يجب السجود عند آيات سجود التلاوة فيها، ويحرم قراءتها في الصلاة الواجبة، كذلك على الجنب والحائض مطلقاً ولو ببعض آية منها على رأي، أو يحرم قراءة خصوص آيات السجود منها على رأي فقهي آخر.

محتوى السورة

المشهور بين المفسّرين أنّها أوّل ما نزل من القرآن، ومحتواها يؤيّد ذلك أيضاً، وهي تبدأ بأن تأمُر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بالقراءة. ثمّ تتحدّث عن خِلقة الإنسان بكلّ عظمته من قطعة دم حقيرة.

وفي المرحلة التالية تتحدّث السورة عن تكامل الإنسان في ظلّ لطف الله وكرمه، وعن تعليمه وتمكينه من القلم. ثمّ تتطرّق إلى طغيان الإنسان بالرُّغم من كلّ ما توفّرت له من هبات إلهيّة وإكرام ربّاني. وتُشير بعد ذلك إلى ما ينتظر أولئك الصادّين عن طريق الهداية والمانعين لأعمال الخير من عقاب. وفي ختام السورة أمر بالسجود والاقتراب من ربّ العالمين.

ثواب تلاوتها

* عن النبي صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «من قرأها فكأنّما قرأ المفصّل كلّه».

* عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّه قال: «من قرأ في يومه أو ليلته إقرأ باسم ربّك ثمّ مات في يومه أو ليلته مات شهيداً وبعثه الله شهيداً، وأحياه كمن ضرب بسيفه في سبيل الله مع رسول الله».

تفسير آيات منها

قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ الآية:1.

الإمام الباقر عليه السلام: «نزل جبرئيل على محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا محمّد اقرأ. قال: وما أقرأ؟ قال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، يعني خلَق نورَك القديم قبل الأشياء..».

قوله تعالى: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾ الآية:17.

لمّا أتى أبو جهل رسولَ الله صلّى الله عليه وآله انتهره رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال أبو جهل: أتنتهرني يا محمّد؟! فوالله لقد علمتَ ما بها أحدٌ أكثرَ نادياً منّي.

قوله تعالى: ﴿..وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ الآية:19.

ويجب السجود عند قراءة هذه الآية أو الإستماع إليها من متكلم.

* الإمام الرضا عليه السلام: «أقرب ما يكونُ العبد من الله عزّ وجلّ وهو ساجد، وذلك قوله تبارك وتعالى: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾».

* الإمام الصادق عليه السلام: «إذا قرأ أحدكم السجدة من العزائم فليقل في سجوده: سجدتُ لك يا ربّ تعبّداً ورقّاً لا مُستكبراً عن عبادتك، ولا مستنكفاً، ولا متعظّماً، بل أنا عبدٌ ذليلٌ خائفٌ مستجيرٌ».

قال المفسّرون

* «تفسير الأمثل»: بدأت دعوة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم باسم الله وذكره ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾، واستمرّت حياة الرسول مقرونة في كلّ حال بذكر الله، اقترن الذكر بأنفاسه، بقيامه، بجلوسه، بنومه، بمشيه، بركوبه، بترجّله، بتوقّفه، كان كلّه باسم الله. عندما كان يستيقظ يقول: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور».

يقول ابن عباس: بِتُّ ليلة مع النبيّ، وعندما استيقظ رفع رأسه إلى السماء، وتلا الآيات العشر الأخيرة من سورة آل عمران ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ..﴾ الآيات: 190-200، ثمّ قال: «اللهمّ لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومَن فيهنّ، اللهمّ لك أسلمتُ وبك آمنت، وعليك توكّلت، وإليك أَنَبْتُ».

حين كان يخرج صلّى الله عليه وآله من البيت يقول: «بسم الله، توكّلتُ على الله، اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أَضِلَّ، أو أُضَلَّ، أو أزِلَّ، أو أَظلِم أو أُظلَمَ، أو أَجهلَ، أو يُجهلَ عليّ».

وحين يرِد المسجد يقول: «أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم».

وحين يرتدي لباساً جديداً يقول: «اللهمّ لك الحمدُ أنت كَسَوتَنيه، أسألك خيرَه وخيرَ ما صُنع له، وأعوذ بك من شرّه وشرّ ما صُنع له».

وحين يعود إلى المنزل يقول: «الحمد لله الذي كفاني وآواني، والحمد لله الذي أطعمني وسقاني». وبذلك فإنّ حياة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بكلّ مرافقها كانت مقرونة بذكر الله واسمه الكريم.

* «تفسير الميزان»: في قوله ﴿.. رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ إشارةٌ إلى قَصْر الربوبية في الله عزّ اسمه، وهو توحيد الربوبية المقتضية لقَصر العبادة فيه، فإنّ المشركين كانوا يقولون: إنّ الله ليس له إلّا الخلق والإيجاد، وأمّا الربوبية وهي الملك والتدبير فلِمقرّبي خَلقه من الملائكة والجنّ والإنس. فدفعه الله بقوله: ﴿..رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ الناصّ على أنّ الربوبية والخلق له وحده.

وقوله: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾، المراد جنس الإنسان المتناسل، والعلَق الدمُ المنجمد. والمراد به ما يستحيل إليه النطفة في الرحم.

ففي الآية إشارةٌ إلى التدبير الإلهيّ الوارد على الإنسان من حين كان علَقة إلى حين يصير إنساناً تامّاً كاملاً له من أعاجيب الصفات والأفعال ما تتحيّر فيه العقول، فلم يتمّ الإنسان إنساناً ولم يكمُل إلّا بتدبير متعاقب منه تعالى، وهو بعينه خَلْقٌ بعد خلق، فهو تعالى ربّ مدبّر لأمر الإنسان بعين أنّه خالقٌ له، فليس للإنسان إلّا أن يتّخذه وحده ربّاً، ففي الكلام احتجاج على توحيد الربوبية.

* «تفسير الأمثل»: قوله تعالى: ﴿..إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى﴾: اِعلم أنّ أغلب مفاسد العالم مصدرها الفئات المرفّهة والمستكبرة في المجتمع، وهذه الفئات كانت دائماً في مقدّمة أعداء دعوة الأنبياء، وهؤلاء يُطلق عليهم القرآن أحياناً «المَلَأ»، وأحياناً «المُترَفين»، وأحياناً «المستكبرين». ودافِعُ كلّ أولئك إحساسُهم بالاستغناء، وهذه طبيعة أفرادٍ أُفُقُ تفكيرهم ضيّق، تُسكرهم النعمة، ويُزلزل توازنهم المال والمَقام، فيَغطّون في شعور بالاستغناء يُنسيهم ذكرَ الله، بينما نعلم أنّ نسمة من الهواء قادرة على أن تطويَ سجّل أيّامهم، وأنّ حادثة كَسَيل أو زلزال أو صاعقة قادرة على أن تُبيد أموالهم، وأنّ شَرقة بالماء قادرة على أن تخطف أرواحهم.

 

اخبار مرتبطة

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

  سنن وآداب

سنن وآداب

نفحات