التَّشرُّف بمعرفة حقيقة الإمام

التَّشرُّف بمعرفة حقيقة الإمام

26/08/2011

تهذيبُ النّفْس مدخلاً

التَّشرُّف بمعرفة حقيقة الإمام
تهذيبُ النّفْس مدخلاً


السيّد محمّد الحسين الطّهراني قدّس سرّه

* غَيْبة الإمام عنّا هي بسببنا نحن، وليست من جانبه عليه السلام، أي أنَّنا حرمنا أنفسنا من اللّقاء به بسبب ذنوبنا وأنانيّاتنا وتوجّهاتنا الإستعلائيّة.
* على المشتاقين إلى لقاء وليّ الله تعالى أن يَجِدُّوا في السّلوك إليه بِخُطىً ثابتة وئيدة، ليبلغوا النُّقطة المنشودة بالتَّهذيب والتَّزكية، والمراقبة الشديدة، والإهتمام بالواجبات الإلهيّة.
في هذا السِّياق كتب الراحل الكبير، سماحة آية الله السيّد محمّد الحسين الحسيني الطهراني رضوان الله عليه، ثمّ أتبعَ ذلك بإيراد أبياتٍ من تائية ابن الفارض المسمّاة «نظم السلوك»، والتي تناهز الثمانماية بيت.

إنّ طريق التشرُّف بحقيقة ولاية الإمام المهديّ صلوات الله عليه مُتاحٌ للجميع، وذلك لأنّ الله جلَّ شأنُه غير ظالم، ولا يمنعُ فَيْضَه، ولم‏ يُوصِد طريق الوصول أمام المُشتاقين التَّوّاقين، وهذا هو المهمّ.
إلَّا أنَّ التشرُّف بحقيقة الولاية يحتاج إلى مجاهدة النَّفس الأمّارة، وتزكية الأخلاق، وتطهير الباطن،
ويحتاجُ كذلك إلى توحيد الحقّ سبحانه وتعالى، والسَّير والسُّلوك في طريق عرفانه، سواء تحقّق -عاجلاً- الظهور الخارجيّ والعامّ للإمام، أم لم ‏يتحقَّق.
هذا الباب -إذاً- مفتوحٌ دائماً، وما على عشّاق الجمال الإلهي والمشتاقين إلى لقائه جَلَّ وَعَلا إلّا أن يَجِدُّوا في طريق عرفانه وفي السّلوك إليه بِخُطىً ثابتة وئيدة، ليبلغوا النُّقطة المنشودة بالتَّهذيب والتَّزكية، والمراقبة الشديدة، والإهتمام بالواجبات الإلهيّة، والتَّكاليف السُّبحانيّة.
وعند ذلك -شاء هؤلاء أم أبوا- فإنّهم سَيُحْبَرون بالطَّلعة المُنيرة لإمام الزَّمان، وقُطب دائرة الإمكان، الذي يمثّل وسيلة الفَيْض وواسطة الرَّحمة الرَّحمانيّة والرَّحيميّة للحقّ، ويَتمتّعون بكلّ السُّبُل المفيدة لتكميل نفوسهم، ويَستثمرون جميع الإستعدادات الفطريّة بُغيَة الوصول إلى نقطة الكمال.
وَفَّقَنَا الله تعالى وَإيَّاكُم بِمَحَمَّدٍ وَآلِهِ، صَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.

قدرةُ الإمام وعلمُه في غَيبته

ينبغي هنا أن نأخذ بعين الإعتبار ثلاثة أمور:
الأوّل: أنّ غَيْبة الإمام عنّا هي بسببنا نحن، وليست من جانبه عليه السلام، أي أنَّنا حرمنا أنفسنا من اللّقاء به بسبب ذنوبنا وأنانيّاتنا وتوجّهاتنا الإستعلائيّة، لا أنّه غيّبَ نفسه وأخفاها عنّا، وبعبارة أخرى، هو غائبٌ عن أنظارنا، لكنّنا غيرُ غائبين عنه.
الثاني: أنّ قدرة الإمام وعلمه وإحاطته وسيطرته على الأمور، كلّ ذلك لا يقتصر على عصر الظُّهور، بحيث نَتَصوّر أنَّها غير متاحة له صلوات الله عليه قبل الظُّهور، وسوف تُتاح له متى ما ظَهر.
إنّه سلام الله عليه -في الحالَين- يحوز على السَّيطرة وله الإحاطة التكوينيّة، وهذه القُدُرات كلّها مُلازِمة لولايته الكلّيّة، إلّا أنّ هذا الأمر محجوبٌ عن أنظار النَّاس، وعن إدراك العقول والنُّفوس قبل الظُّهور، وسيَتَجلّى بعده.
الثالث: أنّ القدرة العمليّة للإمام، وسِعَته العلميّة وإحاطته التكوينيّة بالأمور، لا تَنحصِر في أعمال الخير والبرّ والإحسان التي نراها خيراً، بل في الهيمنة والسَّيطَرة على جميع الأمور، خيرِها و«شرِّها»، وبشكلٍ عامٍّ على كلّ عمل، وكلّ فعل، وكلّ موجود من الموجودات. لأنّ العالم كلّه خيرات على أساس النِّظام الكُلّي لعالَم التَّكوين، ولا شرّ فيه أبداً، والشَّرُّ أمر عَدَميٌّ ليس من الله تعالى، وليس من وَليِّه عليه السلام.

***


وكُلُّ اللّيالي ليلة القدر إنْ دَنَتْ*


 إذَا سَفَرَتْ في يَومِ عِيدٍ تَزَاحَمَتْ على حُسنِهَا أبْصَارُ كُلِّ قَبِيلَةِ 
 فَأرْوَاحُهُمْ تَصْبُو لِمَعْنَى جَمَالِها  وَأحْدَاقُهُمْ مِنْ حُسْنِهَا في حَدِيقَةِ
 وَعِنْدِيَ عِيدِي، كُلَّ يَوْمٍ أرى بِهِ  جَمَالَ مُحَيَّاهَا بِعَيْنٍ قَرِيرَةِ
 وَكُلُّ اللَّيالي لَيْلَةُ الْقَدْرِ، إنْ دَنَتْ  كَمَا كُلُّ أيَّامِ اللِّقَا يَوْمُ جُمْعَةِ
 وَسَعْيِي لَهَا حَجٌّ، بِهِ كُلُّ وَقْفَةٍ  على بَابِهَا، قَدْ عَادَلَتْ كُلَّ وَقْفَةِ
 وَأيّ بِلَادِ اللهِ حَلَّتْ بِهَا، فمَا  أرَاهَا، وَفي عَيْنِي حَلَتْ، غَيْرَ مَكَّةِ
  وَأيّ مَكَانٍ ضَمَّهَا حَرَمٌ، كَذَا  أرى كُلَّ دَارٍ أوطَنَتْ دَارَ هِجْرَةِ
 وَمَا سَكَنَتْهُ فَهْوَ بَيْتٌ مُقَدَّسٌ  بِقُرَّةِ عَيْنِي فِيهِ، أحْشَاي قَرَّتِ‏
 وَمَسْجِدِيَ الأقْصَى مَسَاحِبُ بُرْدِهَا  وَطِيبي ثَرَى أرْضٍ، عَلَيْهَا تَمَشَّتِ‏
 نَهَاري أصِيلٌ كُلُّهُ، إنْ تَنَسَّمَتْ   أوَائِلُهُ مِنْهَا بِرَدِّ تَحِيَّتي‏
 وَلَيْلِيَ فِيهَا كُلُّهُ سَحَرٌ، إذَا  سَرَى لِيَ مِنْهَا فِيهِ عرْفُ نُسَيْمَةِ
 وَإنْ طَرَقَتْ لَيْلًا، فَشَهرِيَ كُلُّهُ  بِهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، ابْتِهَاجَاً بِزَوْرَةِ
 وَإِنْ قَرُبَتْ دَاري، فَعَامِيَ كُلُّهُ  رَبِيعُ اعْتِدَالٍ في رِياضٍ أَرِيْضَةِ
 وَإنْ رَضِيَتْ عَنِّي، فَعُمْرِيَ كُلُّهُ  زَمَانُ الصَّبَا، طِيباً، وَعَصْرُ الشَّبِيْبَةِ

    *إبن الفارض، التائيّة الكبرى المسمّاة «نظم السلوك»، من البيت 353 فما بعد

اخبار مرتبطة

  الصورة الملكوتيّة

الصورة الملكوتيّة

  دوريات

دوريات

27/08/2011

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات