بسملة

بسملة

منذ 5 أيام

سقوط الهيمنة الأميركيّة، والركيزتين


سقوط الهيمنة الأميركيّة، والركيزتين

بقلم: الشيخ حسين كوْراني

القرن الخامس عشر الهجريّ، قرن تحطيم الأصنام الكبيرة.

 الإمام الخمينيّ

ما بين إعلان الإمام الخمينيّ آخر يوم جمعة من شهر رمضان «يوم القدس»، وبين ذكراه هذا العام، عقودٌ في عمر الزمن، إلا أنها قرونٌ في عمر الأمّة والمنطقة والعالم.

يوم الإعلان، كانت مُخرجات «كامب ديفيد» تستحثّ الخطى لدفن «قضيّة فلسطين»، واستكمال إقامة «المشروع الصهيونيّ» من الفرات إلى النيل!

واليوم تستحثّ انتصارت الأمّة، الخمينيّة - الخامنئيّة الخطى لدفن هيمنة أميركا على المنطقة واقتلاع ركيزتيها آل سعود وسائر الصهاينة المحتلّين لفلسطين، برعاية آل سعود وحضانتهم. ثلاثة أصنام -ربما كان يقصدها الإمام الخمينيّ- على مشارف السقوط المدوّي.

لم نعد في مرحلة الحديث عن المستقبل الباسم، والغد المشرق. نحن الآن في ثغر فجر هذا المستقبل، وقلب هذا الغد الذي أصبحت آماله في رابعة النهار.

***

لا تحجب عن بصيرتك رؤيةَ الأمور كما هي، مسرحيّاتُ «ترامب» و«نتنياهو»، حول الملف النوويّ، والأرقام الفلكيّة للبقرةوالنِّعاج- الحلوب، لشراء الأسلحة، ولا تحجبْك قعقعة السلاح الداعشيّ في أرجاء المنطقة العربيّة، ولا هدير طائرات قارون الحجاز وفرعون العرب اليهوديّ سلمان باسم ابنه، وهي تصبّ حِمَمها صبّاً على معدن الصفاء والعروبة والطُّهر في اليمن. ولا تأبهْ بتمدّد صِبية الإمارات في أكناف الصومال واليمن وعلى أطراف عُمَان. تلك الحماقات والتهديدات والتهويلات الصّهيو - أميركيّة عبر الكيان الصهيونيّ والسعوديّة والإمارات، بأجمعها -من صفقة القرن إلى التطبيع العلنيّ مع العدوّ الصهيونيّ، إلى العمل الحثيث لطمس «قضيّة فلسطين» ونسف حقّ العودة- إنما هي حشرجات المحتضر المثخن بجراح الصوارم العربيّة البتّارة، يمتشقها العرب الأقحاح، في العراق، ولبنان واليمن، يرفدهم توثّب «سلمان وقومه» في مواجهة الدخلاء على العروبة والإسلام، بقيّة يهود خيبر وبني قريضة، وبني القَينُقاع.

***

تمسّ الحاجة في هذه المرحلة إلى نظرة متأنّية منهجيّة تتعامل مع الكلّيات والخطوط العامة، في مجالين:

الأول: منطلقات الإمام الخمينيّ السياسيّة في جميع مراحل الثورة الإسلاميّة التي قادها.

الثاني: تواصل التزام هذه المنطلقات في مسار الجمهوريّة الإسلاميّة في عهده، وبعده.

سيكشف التأمّل في هذين المحورين، كيف استطاع الشعب الإيرانيّ مواجهة كلّ الزلازل والقوارع التي عصفت بإيران والمنطقة، في شتّى الأبعاد والميادين، لتبلغ إيرن -قيادةً وشعباً- بمنطقة «غرب آسيا» التي تسمّى بالشرق الأوسط مشارف استكمال الاستقلال الذي كان مدخولاً وملتبساً، ومشارف إنجاز تحرير شعوب دول المنطقة، وكيف أنّ الإنجازات العظيمة المعاصرة قد تحقّقت بأيدٍ عربيّة واحتضانِ الجماهير العربيّة، يرفد هذا الجهاد والاحتضان «سلمان وقومه».

***

* أما منطلقات الإمام الخمينيّ في البعد السياسيّ، فهي في ضوء بياناته المدوّنة، والمسجّلة:

1- رفعُ الظلم عن الشعب الإيرانيّ بإسقاط نظام الشاه العميل «لإسرائيل»!

2- التأسيس لإزالة «إسرائيل» من الوجود، (والتصريح بهذا الهدف المركزيّ موثّق بصوته والصورة).

3- تحرير الشرق من سلطة دول الاستعمار الغربيّ «على الشرق أن يصحو..».

4- دعوة العالم إلى الإسلام بالانفتاح على الشعوب الغربيّة، وتوعيتها على جرائم حكّامها بحقّ البشريّة جمعاء.

5- اعتماد الكلمة، والعمل الثقافيّ لتصدير الثورة إلى العالم.

6- العناية التامّة ببناء القوّة الرادعة، وفي هذا السياق جاء طرح «جيش العشرين مليوناً»، وكانت إيران آنذاك حوالي الأربعين مليوناً.

7- مواصلة الجهاد بأنواعه ﴿..حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ... (الأنفال:39)

8- التأكيد على أن بسط العدل أوسع بكثير من عدالة توزيع الثروة، فلا اكتمال للعدالة إلا بالأخلاق الفاضلة التي تؤمّن العدل في الفرد والجماعة، وتحقّق السلام النفسيّ والأمن والأمان في أربع رياح الأرض.

9- والمدّخَر لإنجاز مهمّة تحقيق العدالة في أرجاء المعمورة، هو المهديّ المنتظَر عليه السلام، ومن واجبنا العمل بما يتناسب مع مهمّته العالميّة، لنكون ممهّدين حقاً.

***

في سياق هذه الأهداف السياسيّة، كانت الوقائع التالية:

1- مقولة «اليوم إيران، وغداً فلسطين» الشعار المدوّي الأول الذي تزامن مع تحويل سفارة «إسرائيل» في طهران، إلى «سفارة فلسطين».

2- إعلان الإمام الخمينيّ «يوم القدس» مع التأكيد بما لا مزيد عليه، على أنه يومٌ عالميّ، ويوم الفصل بين المستكبرين والمستضعفين. بين الحقّ والباطل.

3- إرسال خبراء ومدرّبين من «حرس الثورة الإسلاميّة» إلى سوريا لتدريب كلّ من يعتقد بمقاومة «إسرائيل».

وفي هذه المرحلة كان تفعيل المقاومة الإسلاميّة في لبنان، وتأسيس حزب الله، ودوام التواصل مع الحركات الجهاديّة داخل فلسطين.

***

* وأما تَواصل التزام هذه المنطلقات، فأكتفي لبيان ذلك بموجز مكثّف:

عام 1979م تمكّن «سلمان وقومه» من تحرير إيران، لتشهد هذه المنطقة قيام دولة تحكم باسم الإسلام كاملة السيادة، لشعبٍ حرٍّ متوثّبٍ يحترم الإنسان، منفتحٍ على شعوب العالم بقوّة شخصيّة متميّزة، وجدارة تاريخٍ وحاضرٍ طليعيّة، شعبٍ يُتقن التفاعل مع تجارب البشريّة، منطلقاً من امتلائه الثقافيّ وتوهّج الفطنة والذكاء في خُطى قوله صلّى الله عليه وآلهلو كان العلم في الثريا لتناوله ناسٌ من أبناء فارس». (أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2 ص 420، وانظر:الإصابة 3 ص 459).

من أبرز خصائص الشعب الإيرانيّ المسلم حملُه لهموم المسلمين وجميع المستضعفين في العالم، وغالباً ما يزيد تفاعله مع مظلوميّة شعب على الشعب نفسه.

***

هذا الشعب النوعيّ، الذي حظيَ بقيادة الإمام الخمينيّ المسدّدة، وتربيته لأوتاد من العلماء انتشروا في أربع جهات إيران، أحسنَ -الشعب- نصرةَ الله تعالى فنصرَه بمباركة جهوده التأسيسيّة العالميّة، وأدام نصره سبحانه للشعب الإيرانيّ بتوفيق عبده المسدّد الإمام الخامنئيّ الذي حفظ «خطّ الإمام» حرفاً بحرف، ونفَساً بنفَس، فإذا بالأمّة خلال عقود يسيرة تنتقل من وهْدة الضياع والضعف إلى آفاق البصيرة المسدَّدة، والقوّة المهابة المرتكزة على مبدأ ﴿.. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾. (آل عمران: 126)

***

أبرز ما أُنجز بقيادة الإمام الخميني وخليفته، وصمود «قوم سلمان» وتوثّبهم في ميادين الجهاد العلميّ والعمليّ، وبُعد النظر، ودقّة التحليل، وطول النّفَس والمثابرة والجلَد:

1- تفاعل العرب وسائر العجم معهم، حين رأوا أن منطقهم قرآنيّ وأهدافهم محمّديّة فإذا بالصحوة الإسلاميّة تغيّر وجه المنطقة العربيّة -والتركيّة- لتعمّها عودة إلى الدين لا نظير لها. وتَواصَل الهدف السياسيّ المركزيّ لروح هذه الثورة، وهو إزالة «إسرائيل من الوجود»، مع روح المقاومة للاحتلال الصهيونيّ للبنان، كما تواصل عبرها بشعوب المنطقة -والعالم- التي أيقظتها الصحوة الهادرة من سباتها، فإذا العالم العربيّ -بالخصوص- أمام منعطفٍ جهاديّ لمواكب المجاهدين أقضّ مضاجع القوى المستعمرة ودُماها في المنطقة وما يزال.

2- وتصاعدت عمليّات المقاومة الإسلاميّة في لبنان، يصقلُ وهْجُها روحَ الجهاد في البلاد العربيّة بالدرجة الأولى، فتوثّبت حركات الجهاد في فلسطين، وزادها توثّباً إحراز النصر في حرب تمّوز، ليأتي انتصارا حربَي غزّة بمخزونٍ من الزخم الجهاديّ في البلاد العربيّة بأسرها، وإن لم تتفجر ينابيعه إلا في العراق واليمن، ولتعلمنّ نبأ الباقي بعد حين، لا سيما في تونس والجزائر ومصر والسودان.

3- وتماهتْ شلالات الجهاد الذي تفجّرت ينابيعه، مع عظيم مخزون الجهاد الجمْرِ تحت الرماد، لتحقّق انتصار القرن المدوّي الذي لا يكاد يُحسب له حتّى الآن حساب، عنيتُ بالتحديد انكشاف حقيقة «آل سعود» الوجهِ المخفيّ من الغدّة السرطانيّة. أدركت الأمة كما لم تدرك يوماً، أن الوهّابيّة عبر «آل سعود» حاضنة مشروع الوطن القوميّ اليهوديّ ورافعته، ولولاهم لما تجرّأ «بلفور» على وعده المشؤوم.

4- سيكشف المستقبل القريب أنّ ثلاثة انتصارات تاريخيّةً مركزيّة قد تحقّقت بسواعد المجاهدين العرب ترفدهم إيران «سلمان المحمّديّ» بحكمة القيادة، والتدريب، وما لزم من إسناد بالتناسب مع مراحل الجهاد المختلفة.

·     الانتصار الأول: كسر هيبة الكيان الصهيونيّ، وزلزلة مرتكزات وجوده، تمهيداً لدحرجة هذا الصّنم وإزالته. بات الجميع يعرف أنّ بالمقدور تحقيق ذلك.

·     الانتصار الثاني: تعرية آل سعود ووهابيّتهم الصهيونيّة، وفق السنّة الإلهيّة: ﴿.. يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾. (الحشر:2)، لم يزدهم إطلاق الدواعش في أرجاء المنطقة إلا مزيداً من الافتضاح المدوّي، كما لن يعود عليهم هروبهم إلى الأمام عبر التجاهر بالتطبيع مع العدوّ الصهيونيّ، وتسويق «صفقة القرن» إلا تدحرجاً إلى الهاوية.

5- الانتصار الثالث: سقوط الهيمنة الأميركيّة على المنطقة، نتج ذلك من ضرب ركيزتَي أميركا في بلادنا، فاضطرّت إلى أحد أمرين: إما البقاء والاستعداد لاستقبال آلاف توابيت القتلى من جنودها، أو الخروج من المنطقة وتغطية انسحابها الذليل باستيلاد واجهات محليّة ودوليّة، وهو الخيار الأميركيّ المفضّل، إلا أنّه خيارٌ خاسرٌ حتماً.

﴿..إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. (يونس:55)

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 5 أيام

دوريات

   إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات