أحسن الحديث

أحسن الحديث

13/11/2018

موجز في تفسير «سورة الفيل»

 

من آيات الله الجليّة على حُرمة البيت العتيق

موجز في تفسير «سورة الفيل»

ـــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــ

* السورة الخامسة بعد المائة في ترتيب سوَر المُصحف الشريف، نزلت بعد سورة «الكافرون».

* سُمّيت بـ«الفيل» لابتدائها بقوله تعالى بعد البسملة: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾.

* آياتها خمس، وهي مكّية، وجاء في الرواية: «مَن قرأها في الفريضة شهِدَ له يومَ القيامة كلُّ سهلٍ، وجَبلٍ، ومدَرٍ، بأنّه كان من المصلّين..».

*

 

 

 

 

 

 

(تفسير الميزان): في هذه السورة المباركة إشارة إلى قصّة «أصحاب الفيل» حين قصدوا مكّة لتخريب الكعبة المعظّمة، فأهلكهم الله سبحانه بإرسال «طيرٍ أبابيل»، وهي من آياته الجليّة التي لا يحجبها شيء، وقد أرّخوا بها، وذكرها الجاهليّون في أشعارهم.

وقد اقترنت حادثة أصحاب الفيل بولادة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهي تؤكّد مشيئة الله تعالى في جعل الحرم المكّيّ آمناً، استجابةً لدعوة إبراهيم الخليل عليه السلام.

مضامين السورة

 (التفسير الأمثل): تشير سورة الفيل إلى الحادثة التاريخية التي اقترنت بولادة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفيها نجّى الله سبحانه الكعبة من شرّ جيشٍ  عظيم، تتقدّمه قطعان الفيلة، بهدف هدم الكعبة المعظّمة، واستبدال حجّ الناس إليها بالحجّ إلى كنيسة «القَلِيس» في اليمن التي بناها «أبرهة»، حاكم البلاد من قِبل ملك الحبشة.

والتذكير بهذه الحادثة فيه تحذيرٌ للكفّار، كي يتنبّهوا إلى ضعفهم تجاه قدرة الله تعالى، حيث أباد جيشاً عظيماً بطيرٍ أبابيل تحمل حجارةً من سجّيل، فهو سبحانه، إذاً،  قادرٌ على أن يعاقب هؤلاء المستكبرين المعاندين. فلا قدرتُهم أعظم من قدرة «أبرهة»، ولا عدد أفرادهم يبلغ عدد ذلك الجيش.

ثواب قراءة سورة الفيل في الفرائض

* رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «مَن قرأ في الفريضة: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾، شهِدَ له يومَ القيامة كلُّ سهلٍ، وجَبلٍ، ومَدَرٍ، بأنّه كان من المصلّين، وينادي يومَ القيامة منادٍ: صدَقتم على عبدي، قبلتُ شهادتَكم له و عَليه، أدخِلوا عبدي الجنّةَ ولا تُحاسبوه، فإنّه ممّن أُحبُّه وأُحبّ عمله».

* وعنه عليه السلام: «يقرأ في وجهِ العدوّ سورةَ الفيل».

 

 

قصة أصحاب الفيل

بعد أن تغلّب «الأحباش» على اليمن، قصدوا مكّة مزمعين أن يهدموا الكعبة، فساروا يتقدّمهم فيلٌ أو أكثر حتى وصلوا إلى مكان بالقرب من مكّة يقال له «المغمّس» فنزلوا فيه، وأرسل رئيسهم «أبْرَهَة» - كما تسمّيه الرواة - إلى قريش من يخبرهم بأنّه لم يأتِ لحربهم، وإنّما أتى لهدم البيت، فإن لم يعرضوا له بحرب فلا حاجة له في دمائهم. وما إن همّ أبرهة بهدم البيت حتى أرسل الله عليه وعلى جيشه أسراباً من الطير ترميهم بحصًى صغيرة لا تصيب أحداً منهم إلّا أُصيب بمرض الجدريّ؛ يتناثر منه اللحم ويتساقط، فذُعر الجيش وصاحبه، ورحلوا هاربين، وقد أصيب أبرهة بهذا الداء، ومات في صنعاء.

وفي هذه الموقعة أظهر عبد المطّلب بن هاشم -جدّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم- من الصبر، والجلَد، ومن الشجاعة، واليقين ما لم يظهره غيره من وجهاء قريش، ذلك أنّه قد أشار على قريش أن تُخلي مكّة، فسمع له قومه، وأقام هو بمكّة لم يعتزلها، وإنّما أقام عند الكعبة يدعو الله تعالى ويستنصره.

ويقول الرواة: إنّ الجيش أغار على إبل قريش فاحتازها، وجاء عبد المطّلب إلى أبرهة، ولمّا دخل عليه لم يكلّمه إلّا في إبلٍ له، فتعجّب أبرهة، وقال له: «كنت أظن أنّك تكلّمني في شأن مكّة وشأن هذا البيت الذي تعظّمونه».

قال عبد المطلب: «إنّي أكلّمك في مالي الذي أملكه، أمّا البيت فإنّ له ربّاً يحميه إن شاء».

فأرسل الله على أبرهة وجيشه من تلك الطير التي رَمَتْهُم بحجارةٍ من سجّيل فجعلتهم كعصفٍ مأكول، وعادت قريش إلى مكّة، فازداد إكبارهم لعبد المطّلب.

في الروايات والتفاسير

* ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ﴾

روي عن الإمام الباقر عليه السلام، في تفسير الآيتين: «كَانَ طَيْرٌ سَافٌّ [قريبٌ من الأرض]، جَاءَهُمْ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ، رُؤُوسُهَا كَأَمْثَالِ رُؤُوسِ السِّبَاعِ، وأَظْفَارُهَا كَأَظْفَارِ السِّبَاعِ مِنَ الطَّيْرِ، مَعَ كُلِّ طَائِرٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ، فِي رِجْلَيْه حَجَرَانِ، وفِي مِنْقَارِه حَجَرٌ، فَجَعَلَتْ تَرْمِيهِمْ بِهَا حَتَّى جُدِّرَتْ أَجْسَادُهُمْ فَقَتَلَهُمْ بِهَا، ومَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رُئِيَ شَيْءٌ مِنَ الْجُدَرِيِّ، ولَا رَأَوْا ذَلِكَ مِنَ الطَّيْرِ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ ولَا بَعْدَه.

ومَنْ أَفْلَتَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ انْطَلَقَ حَتَّى إِذَا بَلَغُوا (حَضْرَمَوْتَ)، وهُوَ وَادٍ دُونَ الْيَمَنِ، أَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمْ سَيْلاً فَغَرَّقَهُمْ أَجْمَعِينَ. ومَا رُئِيَ فِي ذَلِكَ الْوَادِي مَاءٌ قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَلِذَلِكَ سُمِّيَ حَضْرَمَوْتَ حِينَ مَاتُوا فِيه». (الكافي:8/48)

* ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾

«أبابيل» لم تكن في لهجات العرب المعروفة اسماً لطائر، بل إنّها صفة، ومعناها «جماعات متفرّقة». أي إنّ هذه الطيور ظهرت ضمن مجموعات، والكلمة لها معنى الجمع. والمشهور أنّ هذه الطير كانت تشبه الخطاطيف قدمت من صوب البحر الأحمر في اتّجاه أصحاب الفيل.

* ﴿تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ﴾

تعدّدت أقوال اللّغويّين في لفظة «سِجِّيل»، والمشهور أنها حصًى من طينٍ جافّ، أو هي مزيجٌ من الحجارة والطّين.

* ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾

«العصف» هو النبات الجافّ المتهشّم. و«مأكول»: بمعنى أنّ النبات قد سُحق بأسنان الحيوان، ثمّ تلاشى في معدته، وهذا تشبيهٌ بأنّ أصحاب الفيل تلاشوا بالكامل عند سقوط الحجارة عليهم.

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

14/11/2018

دوريات

  اجنبية

اجنبية

14/11/2018

اجنبية

نفحات