كتاباً موقوتاً

كتاباً موقوتاً

13/11/2018

الاستعانة على نوازل الدّهر بالصّبر والصلاة

 

﴿..وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾

الاستعانة على نوازل الدّهر بالصّبر والصلاة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ حسين كوراني* ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام، أنه قال: « كانَ عَلِيٌّ عليه السلام، إذا هَالَه شيءٌ فَزِعَ إلى الصّلاة». [الكافي:3/480] ثمّ تلا عليه السلام هذه الآية: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ..﴾.

يواجه الإنسان في رحلة الدنيا مشاكل كثيرة؛ فالدنيا دار بلاء، والغربة فيها هي الأصل، لا سيّما حين تصبح المصالح الفردية المعبودَ الذي تُبنى العلاقات على أساسه. ولأجل ذلك، أمرنا الله تعالى أن نستعين، في حياتنا، بالصبر والصلاة، فقال جلّ وعلا:

﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾. [البقرة:45]

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. [البقرة:153]

الآيتان في التفسير

*يقول العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي -مفسّراً آيتَي الاستعانة بالصبر والصلاة، المتقدّمتين- ما ملخّصه:

«الاستعانة -وهي طلب العون- إنّما تتمّ في ما لا يقوى الإنسان عليه وحده من المهمّات والنوازل، وإذ لا مُعين في الحقيقة إلا اللهُ سبحانه، فطلب العون هو الاتصال به تعالى بالانصراف إليه، وإقبال الإنسان عليه بنفسه، وهذا هو الصبر والصلاة، وهما أحسن سبب على ذلك؛ فالصبر يُصغّر كلّ عظيمةٍ نازلة...».

 (الميزان: 1/152)

* ويوضح، رضوان الله عليه،  في موضعٍ آخر أهمّية الصبر، فيقول:

«الصبر من أعظم الملَكات التي يمدحها القرآن، ويكرّر الأمر به، فبلغ قريباً من سبعين موضعاً، حتّى قيل فيه:

- ﴿..إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾. [لقمان:17]

- ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾. [فصّلت:35]

والصلاةُ من أعظم العبادات التي يحثّ عليها في القرآن، حتى قيل فيها: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ..﴾ [العنكبوت:45]، وما أوصى الله في كتابه بوصايا، إلّا كانت الصلاة رأسَها وأوّلها».

 

معنى «الاستعانة»

المراد بالاستعانة بالصبر والصلاة، أمران:

الأوّل: الاستعانة بالله تعالى من خلال الصِّبر والصلاة، يدلّ على ذلك:

1) الأصلُ الاعتقاديّ: «لا حولَ ولا قوّةَ إلّا بالله»، أي لا استعانةَ على نحو الأصالة، إلّا بالله العليّ العظيم.

2) قوله تعالى حكايةً عن النبيّ موسى عليه السلام: ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا..﴾. [الأعراف:128]

الثاني: الاستعانةُ بالله من خلال الصّبر: والصلاةُ صبر، فكأنّ معنى ﴿..اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ..﴾: استعينوا بالصبر، وبأفضل أنواعه، وهو الصلاة.

 

 الرصيد العظيم

أخطر أسباب التساهل في الصلاة عدمُ معرفة أهمّية الاستعانة بها، والفصلُ بينها وبين تحقيق أهدافنا، وقضاء حوائجنا، وحلِّ مشاكلنا الفردية والأُسَرية والاجتماعية، فنتعامل مع الصلاة على أساس أنّها عِبءٌ لا بدّ من حمْله كيفما كان، ضمن أقلّ حدودها الواجبة، فتُولد الصلاة ميتةً قبل أن نُقيمها.

مَن يواظب على صلاته أوّل وقتها، ويؤدّيها بخشوع القلب والجوارح، قدرَ المستطاع، يجمع رصيداً هائلاً، وهو الرأسمال الأعظم لحلّ جميع المشاكل، فيجعل صاحبه يواجه مشاكل الدنيا، وهو يأوي إلى ركنٍ شديد؛ أحكمتْ صلاته علاقته بالله تعالى، ومَن كان مع الله كان اللهُ معه. وتكون حاله أشبه بالغنيّ الذي يمتلك رصيداً من المال يُمْكنه من خلاله تحقيق كلّ أهدافه وقضاء جميع حوائجه.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مقتبس من سلسلة دروس «آداب الصلاة» لسماحته

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

14/11/2018

دوريات

  اجنبية

اجنبية

14/11/2018

اجنبية

نفحات