الملف

الملف

13/02/2019

الطهارة بالولاية

 

الطهارة بالولاية

سلامة الفِكر والعقل والمسلك

الطهارة بولاية الزهراء عليها السلام، هي محور البحث في هذه العبارة من الزيارة «.. بِأَنَّا قَدْ طَهُرنَا بِوِلايَتِكِ».

يكشف التأمل في تفسير الآيات القرآنية حول الإيمان، وحول الولاية، وفي الروايات حولهما، أنّ الإيمان بالله تعالى هو الإيمان بولايته سبحانه، بما تعنيه الولاية من حبّ وطاعة.

وعليه، فإنّ كلّ ما ورد حول أن الإيمان مطهِّر، يدلّ على أن الولاية مطهِّرة، لأنَ الإيمان هو الولاية.

يؤكّد حقيقة وحدة الإيمان والولاية أنّ الإيمان هو التولّي والتبرّي، ولا يُلحظ التبرّي إلا لاكتمال التولّي، فالإيمان هو التولّي أو «الولاية».

قال الله عزّ وجلّ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِي ما شَجَرَ بَيْنَهُمْ..﴾. [النساء:65]

ومن الروايات الدالة على أنّ «الولاية» أعلى مراتب الإيمان، ما رواه الشيخ المفيد قي (المقنعة)، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «أَوْثَقُ عُرَى الإيمانِ الحبُّ في الله، والبُغْضُ في الله، والولايةُ لأولياءِ الله، والعداوةُ لأعداء الله».

بناءً على حقيقة أن الإيمان هو الولاية والولاية هي الإيمان، فإن كلّ النصوص التي تدلّ على أن الإيمان مطهِّر، تدلّ على أن الولاية مطهِّرة.

التطهير بالإيمان

من النصوص الدالة على التطهير بالإيمان:

* ما قالته الصدّيقة الكبرى عليها السلام، في خطبتها في المسجد النبويّ: «..ففرضَ اللهُ الإيمانَ تطهيراً من الشِّرك».

فإذا تنبّهنا إلى أن الإيمان هو الولاية، أدرَكنا أن معنى قولها عليها السلام: «..الإيمان تطهيراً من الشرك» هو : «الولاية تطهيرٌ من الشِّرك»، وهو ما يدلّ عليه قوله عليه السلام، في الزيارة: «قَدْ طَهُرنَا بِوِلايَتِكِ».

* ويكفي التأمل في إجماع الفقهاء على أن الكافر نجِس، ويطهُر بالإسلام، أي بالإيمان بالله تبارك وتعالى. قال في (الجواهر: 2/52) «.. ثبتَ أن الاسلام مطهِّرٌ من النجاسة الكُفريّة..».

التطهير بالولاية

ومن النصوص الصريحة في التطهير بالولاية:

* هذه الفقرة من زيارة أئمّة البقيع عليهم السلام، أوردها الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجّد: ص 714): «..وطيَّبَ خَلْقَنا بما مَنَّ به عَلينا من ولايتِكم..».

* وفي الزيارة الجامعة: «.. وجعلَ صلاتَنا عَليكم ومَا خصَّنا بهِ من ولايتِكم طِيْبَاً لخَلْقِنا، وطهارةً لأنفُسنا، وتزكيةً لنا..».

قال العلامة المجلسي في (ملاذ الأخيار: 9/265)، يشرح عبارة «طِيباً لخَلقنا:

1) بالفتح -لخَلقِنا- إشارة إلى ما ورد في الأخبار الكثيرة: أن ولايتهم وحبّهم علامةُ طِيب الولادة.

2) أو بالضم -لِخُلُقنا- أي: جعل صلاتَنا عليكم، وولايتنا لكم سبباً لتزكية أخلاقنا واتّصافنا بالأخلاق الحسنة، وبركةً لنا».

الفكر الطاهر، مطهِّر

معنى أن الإيمان مطهّر، وهو الولاية، وأن الولاية مطهّرة، أن العقيدة الإسلامية تطهّر المؤمن الذي اكتملت ولايتُه.

ومعنى أن «العقيدة» مطهّرة، أن «الفكر الطاهر» مطهِّر.

وينبغي التنبّه بعناية إلى قيد «الطاهر»، فليس الفكرُ بالمطلق طاهراً، فضلاً عمّا يُظنّ أنه فكرٌ وليس به، كما هو الحال في الماء، وفي ما يظنّ أنه ماء، كالإدرار، أو الماء المضاف.

يتفرّع على هذا الأصل الأصيل -أي أن «الفكر الطاهر مطهِّر»- عدة حقائق مركزيّة، منها:

1) موقع الفكر في الدين، هو الموقع الأعلى الذي تتقوّم به قيمة الإنسان.

2) القول بطهارة الإنسان بالمطلَق، يحطّ من قيمة الفكر والإنسانية والإنسان.

3) السائد الثقافيّ على مستوى العالم، هو الخلط بين الفكر السليم أي الطّاهر، وبين أمرين: الفكر النّجِس، والمزاج الغرائزيّ الذي يُظنّ أنه فكرٌ، وهو «النّكراء»، و«الشَّيطنة».

4) هذا الخلط بين الفكر السليم، أي الطاهر، وبين غيره، نتيجة طبيعية لمرض الخلط بين العقل السليم، وبين الغرائز وهَواها.

سُئل الإمام الصادق عليه السلام (الكافي:1/11 ح 3): «.. ما العقل؟ قال: ما عُبِدَ به الرّحمنُ واكتُسِبَ به الجِنان.

 قال الراوي: فالذي كان في معاوية؟ فقال عليه السلام: تلك النّكراء، تلك الشّيطَنة، وهي شبيهة بالعقل، وليست بالعقل».

 

 

الطهارة بالولاية، طهارة فكر وعقل

يتّضح مما تقدّم أن «الطهارة» المقصودة بقوله عليه السلام «قَدْ طَهُرنَا بِوِلايَتِكِ»، هي طهارة فِكر، ناتجة عن سلامة العقل وطهارته، ومطهّريته.

وتكشف سلامة العقل بدورها -بالإضافة إلى طهارة الفكر والثقافة- عن طهارة السلوك.

إنّ معنى «العقل ما عُبد به الرّحمن»، أنّ العقل السليم يتلازم مع السلوك المستقيم، وهو صريحُ قول الإمام الصادق عليه السلام (الكافي:1/11 ح 6): «مَنْ كَانَ عَاقِلاً كَانَ لَه دِينٌ، ومَنْ كَانَ لَه دِينٌ دَخَلَ الْجَنَّةَ».

السلوك ثمرة ثقافة، وهي ثمرة قناعة، والقناعة ثمرة فكر، والفِكر ثمرة عقل.

الصّدق في ولاية الزهراء عليها السلام

يتّضح -في ضوء ما تقدّم- أنّ الصدق في ولاية الزهراء عليها السلام، هو جوهر العقيدة الإسلامية وروحها. به يثبت صدق اعتقاد المؤمن برسول الله صلّى الله عليه وآله، وبوصيّه عليه السلام، أي بالنبوّة واستمرارها وهو الإمامة، وبهما يثبت صدق توحيد الله تعالى، فتجب «البُشرى بالطّهارة»، وتلزم.

وكما لا توحيد إلا باتّباع النبيّ، ومن بعده الوصيّ، فلا اعتقاد سليماً بالنبوة والإمامة إلا بصدق ولاية الزهراء عليها السلام.

يعني ذلك بوضوح: لا توحيدَ إلا بالصّدق في ولاية الزهراء عليها السلام. مَن شهدتْ له بصدق القول في ما زعم من ولايتها عليها السلام، والتصديق بكلّ ما أتى به النبيّ والوصيّ، والصّبر على ما أتيا به  صلّى الله عليهما وآلهما، شهدتْ له عملياً:

1) بإلحاقه بالبُشرى، أي ألحقَتْه الزهراء عليها السلام، بمقام البُشرى.

2) أو بإلحاقه بالنبيّ والوصيّ صلّى الله عليهما وآلهما، أي ألحقَتْه الزهراء عليها السلام بهما صلّى الله تعالى عليهما وعليها وآلهم أجمعين.

وكلاهما حقيقة واحدة، والنتيجة كذلك واحدة، وهي: ليُبشّرَ نفسَه بالطهارة بولايتها عليها السلام.

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  شعر

شعر

  تاريخ و بلدان

تاريخ و بلدان

نفحات