أحسن الحديث

أحسن الحديث

منذ 3 أيام

الفتنة والابتلاء.. سنّة لا تتخلّف

الفتنة والابتلاء.. سنّة لا تتخلّف

إنابة نبيّ الله سليمان عليه السلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشيخ محمّد صنقور ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

القرآن المجيد غير غنيّ عن التفسير والتبيين؛ إمّا تبيينه من جانب نفسه كاستظهار معنى آية بآية أخرى، أو تبيينه بكلام مَن نزل على قلبه المقدّس، يقول سبحانه: ﴿..وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾. (النحل:44)

في هذه المقالة المختصرة من مدوّنتين للعلامة الشيخ محمّد صنقور، أحد أساتذة الحوزة العلمية في البحرين، إضاءة على آيتين من كتاب الله تعالى، ترتبطان بمُلك نبيّ الله سليمان عليه السلام، نوردها نقلاً عن «موقع الهدى الإلكتروني»، المتخصّص في علوم القرآن الكريم ومعارفه، مختصرة من تفسير

«شعائر»

 

 

 

 

 

 

 

 

 قال تعالى في سورة (ص)، الآية الرابعة والثلاثين: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ﴾.

تتحدّث الآية المباركة ظاهراً عن أنّ الله تعالى قد ألقى على كرسيّ سليمان جسدًا، وكان في ذلك امتحانٌ لسليمان عليه السلام واختبارٌ له، ويظهر من التعبير ﴿فَتَنَّا﴾ أنّ الابتلاء المشار إليه في الآية كان بليغًا، من شأنه أن يَبعثَ على الجزع أو الافتتان، إلا أنّ سليمان عليه السلام، استقبل ذلك بقلبٍ صابر، وآبَ إلى ربّه مسلّماً راضياً بقضائه وقدره تعالى.

وقد اختلفت الأقوال في بيان طبيعة هذا البلاء ونوعه، والأوفقُ منها، بظاهر الآية، أنّ الله تعالى رزق النبيّ سليمان ولدًا، فكان شديد التعلُّق به، يخشى عليه أنْ يموت فيفتجع بفقده، أو كان يخشى عليه من سطوات الأشرار الذين لا يريدون أن يكون لسليمان ولدٌ فيرث سلطانه، فلعلّ هذا ما دفعه إلى تغييبه عن أنظارهم والمبالغة في حمايته، فأراد الله تعالى أن يمتحن سليمان في صبره على فقد أعزّ ما عنده، ويمتحن مقدار تسليمه لقضاء الله ورضاه بقدره. هكذا، ومن دون سابق إنذار، وجد سليمان عليه السلام ولده جثّةً هامدة مُلقاةً على كرسيِّ مُلكِه، فهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ﴾، فهو بمعنى ابتلينا وامتحنّا صبره، وذلك بقبض روح ولده الذي كان يُشفقُ عليه من الموت، وعلى الرغم أنّ هذا البلاء من شأنه أنْ يبعث عند سائر الناس على الجزع والسخط، لكنّه لم يترك هذا الأثر في نفس سليمان عليه السلام، بل كان تأثير هذا البلاء هو أنّه قاده إلى المراجعة والالتفات إلى أنّ هذا النحو من التعلُّق ليس محمود العواقب، فقد يُفضي بالإنسان إلى أنْ يستعظم قضاء الله، فلا تكون إرادته ورغبته واقعةً في سياق إرادته عزّ وجلّ. وهذا هو منشأ استغفاره وأوبته، فإنَّ الأنبياء يستغفرون من مخالفة الأَولى.

وقيل في تفسير الآية، أنَّ المُلقى على كرسيِّ سليمان عليه السلام، هو سليمان نفسُه، فقد ابتلاه الله تعالى بمرض عضال أقعده عن الحركة فصيَّره مطروحًا على كرسيِّه كأنّه جسدٌ بلا روح، لكنّ هذا التفسير مخالفٌ لمقتضى الظاهر من الآية.

حقيقة هاروت وماروت

قال تعالى في الآية الثانية بعد المائة من سورة البقرة: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.

المستظهَر من القرآن الكريم والعديد من الروايات الورادة عن المعصومين عليهم السلام، أنّ هاروت وماروت ملَكان من الملائكة. وما ادّعاه البعض من أنّ القراءة الصحيحة هي بكسر اللام لا بفتحها، فيكون هاروت وماروت من الملوك وليسا من الملائكة، يستند إلى قراءةٍ شاذّة ومنافية لِما عليه جمهور القرّاء والمفسّرين، فضلاً عن منافاته للروايات المعتبرة في كونهما من الملائكة.

وأمّا منشأ تصدّيهما لتعليم الناس السحر، فهو -كما تفيد الروايات الورادة عن أهل البيت عليهم السلام- أنّه في زمنٍ من الأزمنة الغابرة كثُر بين الناس السحرة والمموّهون، وكانوا يستغلّون جهل الناس بحقيقة السحر، وكان من كيدهم أنّهم يدّعون القدرة على ما يأتي به الأنبياء من معجزات، فيصرفون -بما يُظهرونه من غرائب- الناسَ عن النبيّ المبعوث إليهم، وكانت لهم مع الناس أفعال تضرّ بحالهم وعلائقهم، فأنزل الله الملَكين هاروت وماروت على نبيّ ذلك الزمان ليكشفا له عن سرّ ما يُظهره السحرة من غرائب، ويعلّمانه الكيفية التي يُبطل بها أثر سحرهم وتمويهاتهم.

فكلّف النبيّ عليه السلام، الملَكين هاروت وماروت بأن يتصدّى كلٌّ منهما لتعريف الناس بذلك، فظهرا للناس، بإذن الله تعالى، في صورة بشرَين وعرّفاهم سرَّ ما يُظهره السحرة من غرائب، وكيفية الوقاية من أثر سحرهم، والوسيلة لإبطاله. فكان ذلك مقتضياً لتعليم هؤلاء الناس أصول السحر، إذ لا سبيل للوقاية منه وإبطاله إلّا بالوقوف على أصوله، إلّا أنّهما كانا يُحذِّران كلّ مَن يتعلّم منهما السحر من الافتتان، إذ إنّ المعرفة بالسحر قد تُغري العارف به وتدفعه إلى أن يُسخّره فيما يضرُّ بعباد الله، وهو على حدِّ الكفر: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ﴾، فكان المتعلّمون يدركون عاقبة الزَّيغ والانحراف عن الهدف من تعليم الملَكين لهم، قال تعالى: ﴿..وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ..﴾ البقرة:102.

هذا هو حاصل الرواية المأثورة عن الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام، كما في (عيون الأخبار) للشيخ الصدوق.

 

المنن السابغة

الاستغفار في رجب

 

* عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «مَن قال في رجب أستَغْفِرُ اللهَ الّذي لا إلَهَ إلّا هُوَ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وأَتُوبُ إلَيْه مائة مرّة، وختمَها بالصّدقة، ختم اللهُ له بالرّحمة والمغفرة، ومَن قالها أربعمائة مرّة كتب الله له أجر مائة شهيد، فإذا لقى الله يوم القيامة يقول له: قد أقررتَ بمُلكي فتَمَنَّ عليّ ما شئت حتّى أعطيك، فإنّه لا مقتدرَ غيري».

* وفي رواية مَن استغفر الله تعالى في رجب وسأله التّوبة سبعين مرّة بالغداة وسبعين مرّة بالعشيّ يقول: أسْتَغْفِرُ اللهَ وأَتُوبُ إلَيه، فإذا بلغ تمام سبعين مرّة رفع يديه وقال: أللّهُمَّ اغْفِرْ لي وَتُبْ عَلَيَّ فإن مات في رجب مات مرضيّاً عنه ولم تمسّه النّار ببركة رجب.

(إقبال الأعمال: 3/216)

 

 

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 3 أيام

دوريات

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ 3 أيام

إصدارات عربية

نفحات