مراقبات

مراقبات

07/04/2019

مراقبات شهر شعبان

 

ليلةُ النصف.. كمالُ النّبوّة والولاية

مراقبات شهر شعبان

الشيخ حسين كَوراني

* «عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، كان إذا رأى هلال شعبان أمر منادياً فنادى في المدينة: يا أهل يثرب، إنّي رسولُ الله إليكم، ألا إنّ شعبانَ شهري، فرحِم اللهُ مَن أعانَني على شهري». [الإقبال: 3/288]

* مراقبات هذا العدد، مقتطفات شعبانيّة، مختارة باختصار من: (مناهل الرجاء – أعمال شهر شعبان)، و(ليلة النصف من شعبان – الفضيلة والأعمال)، و(المناجاة الشعبانية – علوم الأدب مع الله) لسماحة الشيخ حسين كَوراني.

* تجدر الإشارة إلى أنّ أعمال شهر شعبان وفضائله موّزعة على صفحات هذا العدد من مجلة «شعائر» تحت عنوان «شُعَب الخيرات».

«شعائر»

 

 

ها قد انقضى شهر رجب المبارك لنحطّ الرحال في شهر شعبان. ودّعنا شهر أمير المؤمنين عليه السلام لنستقبل شهر المصطفى الحبيب صلى الله عليه وآله.

وفضائل شهر شعبان كثيرة جداً إلى حدّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، كان يوليه عناية خاصّة ويحثّ المسلمين على الاهتمام به، والمزيد من أعمال البرّ فيه.

إنّ مقتضى واجب الاقتداء بالمصطفى الحبيب صلّى الله عليه وآله، أن نهتمّ بهذا الشهر الشريف فنعرف آدابه ونحرص على الإتيان بها، لِما في ذلك من فوائد جليلة تحصّن النفس والمجتمع من الشيطان وأوليائه.

ينبغي أن نلتفت إلى مجاورته لشهر الله تعالى، شهر رمضان، ونلتفت أيضاً إلى ليلة النصف من شعبان التي يشبه فضلها فضل ليلة القدر، والحقيقة أنّه لو لم يكن في شهر شعبان إلاّ هذه الليلة، ليلة النصف التي هي ليلة مولانا الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، لكفى.

 

الدعاء في شهر شعبان

من الطبيعي أن يكون الدعاء في كلّ موسم عبادي، متناسباً مع أهمية الموسم نفسه، وحيث إنّ شعبان يأتي في الدرجة التالية لشهر الله تعالى، ويتشرّف بأنّه المدخل إليه، والمناخ الذي يتمّ إعداد العقل والقلب فيه لِما يناسب حرمة ضيافة الله تعالى، فإنّ ذلك يستدعي عمق التدبّر في كلّ أدعية شهر شعبان، وبشكلٍ خاص ما يلي:

1- المناجاة الشعبانية.

2- الصلوات التي تقرأ في كل يوم عند الزوال. (شُعب الخيرات)

3- دعاء اليوم الثالث، يوم مولد سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، والدعاء الذي بعده الذي دعا به المولى يوم عاشوراء، حين كُوثر. أي تكاثر عليه الأعداء. (شُعب الخيرات)

اليوم الثالث: ولادة سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام

وُلد عزيزُ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله، وعزيز أمير المؤمنين، والصدّيقةِ الكبرى الشهيدة، والإمامِ الحسن وأهل البيت جميعاً، الإمامُ الحسين عليه السلام، في المدينة المنوّرة في الثالث من شعبان على المشهور من السنة الرابعة للهجرة.

وعندما نرجع إلى الأحاديث الواردة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، حول أبي عبد الله الإمام الحسين عليه السلام، نجد أن المصطفى صلّى الله عليه وآله، كان دائم الحديث عن شهادته، وأنّ هذه الشهادة طبعت حياته صلّى الله عليه وآله، بالحزن الدائم المقيم، ما يجعل لزاماً على المسلم الحريص على واجب التأسّي بنبيّه العظيم، أن يكون حسينياً؛ يعقد قلبه على حبّ الحسين حتى يردّد قلبه قبل أن يلهج اللسان: «يا ليتنا كنّا معك فنفوزَء فوزاً عظيماً».

من حقّنا، إذاً، في ذكرى ولادة الحسين عليه السلام، أن تختلط فينا الدمعة بالابتسامة لأنّ المصطفى صلّى الله عليه وآله، بكى في يوم مولد أبي عبد الله الحسين عليه السلام.

 

ليلةُ النّصف من شَعبان

وما أدراكَ ما ليلةُ النّصف؟ بوّابة ليلة القدر.. إنّها ليلة اكتمال سرّ ليلة المبعث الشّريف، واكتمال سرّ الولاية. فهي كمالُ النّبوّة والولاية.

ليلةُ النّصف من شعبان، ليلةُ اكتمال سِرّ فاطمة وأبيها وبَعلها وبنيها، واكتمال السِّرّ المستودَع فيها. سرّ ليلة النّصف من شعبان من سرّ المولى صاحب العصر والزّمان «أرواحنا فداه».وهو واسطة العِقد في حركة النّبوّة على وجه الأرض وحركة الولاية.

ليلةُ النّصف من شعبان ليلةُ أهل البيت جميعاً، ليلةُ المصطفى الحبيب، «أَلَا إنّ شَعبانَ شَهْرِي»!

هي ليلةُ مولد المصطفى ومَبعثه، ليلة فرحة الكَعبة بوليدها الأوحد: أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام.

ليلة الفرحة اليتيمة لمولاتنا خديجة الغرّاء بمولد الصّدّيقة الكبرى.

ليلة البهجة لأوّل وردةٍ تفتّحت في الرَّوضِ المحمّديّ: المولى أبي محمّد الحسن المجتبى عليه السّلام.

ليلة النّصف هي ليلة اكتمال الفرحة بمولد أبي عبد الله الحسين عليه السّلام.

إنها ليلة الطّهر والنّور المحمديّ، ليلة الاستقامة واليقين والجهاد والشّهادة، ليلة المشكاة والمصباح والزّجاجة، والكوكب الدّريّ والشّجرة.. ونورُ فاطمة عليها السّلام هو الإمام.

اللّيلةُ التي تعمُّ فيها البَهجة وتغمرُ فيها الفرحة، ويَتسامى العطاءُ إلى حيث لا أُذُنٌ سَمِعَت ولا عينٌ رَأَت ولا خَطَر على قلبِ بَشر.

هذه ليلةُ النّفحاتِ الإلهيّة، إنّها بوّابةُ ليلة القدر. ليلةُ النّصف من شَعبان هي المَدخلُ إلى ليلة القدر، يبدأُ تقديرُ الأعمال من هذه اللّيلة.

فماذا نحن فاعلون؟

المناجاة الشعبانية

* في  معرض حديثه عن شهر شعبان، تحدَّث العارف الجليل الملَكي التبريزي رضوان الله تعالى عليه عن هذه المناجاة، فقال:

«ومناجاته الشعبانيّة معروفة، وهي مناجاة عزيزة على أهلها، يُحبُّونها ويَستأنسون بشعبان من أجلها، بل ينتظرون مجيء شعبان ويشتاقون إليه من أجلها..»

يضيف: «وَلَعَمْري إنّ الأغلب لا يعرفون شأن نعمة هذه المناجاة، وأنّ من شأنها علوماً عزيزة ومعارف جليلة، لا يطَّلع عليها وعلى أبعادها إلّا أهل ذلك من أولياء الله الذين نالوا بها من طريق الكشف والشهود ما نالوا، ثمّ إنّ الوصول إلى حقائق هذه المناجاة عن طريق المكاشفة إنّما هو من أَجَلّ نِعَم الآخرة، ولا يُقاس الوصول إلى حقائق هذه المقامات بشيء من نعيم الدُّنيا..».

* ويتحدَّث الإمام الخميني عن دور المناجاة الشعبانية في التهيئة لشهر رمضان، فيقول:

«شهر شعبان هو لتهيئة الفرد والأمّة لضيافة الله تعالى. والعُمدة في هذه التَّهيِئة هي المناجاة الشعبانيّة.

أنا لم أرَ في الأدعية دعاءً وَرَد حوله أنَّ جميع الأئمّة كانوا يقرأونه إلَّا هذا الدعاء.

المناجاة الشعبانيّة هي لإعدادك وإعداد الجميع وتهيئتهم لضيافة الله».

شُعب الخيرات

صلاة الزوال

من مهمّات الأعمال عند كلّ زوال من أيام شعبان، الصلوات المروية عن الإمام زين العابدين عليه السلام:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد، شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ، وَمَوْضِعِ الرِّسالَةِ، وَمُخْتَلَفِ الْمَلائِكَةِ وَمَعْدِنِ العِلْمِ، وَأَهْلِ بَيتِ الوَحْي.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد، الْفُلْك الْجارِيةِ فِي اللُّجَجِ الغامِرَةِ، يأْمَنُ مَنْ ركِبَها، وَيغْرَقُ مَنْ تَرَكهَا، الْمُتَقَدِّمُ لَهُمْ مارِقٌ، وَالْمُتَأَخِّرُ عَنْهُمْ زاهِقٌ، وَاللاّزِمُ لَهُمْ لاحِقٌ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد، الكهْفِ الْحَصينِ، وَغِياثِ الْمُضْطَرِّ الْمُسْتَكينِ، وَمَلْجَإِ الْهارِبينَ، وَعِصْمَةِ الْمُعْتَصِمينَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد، صَلاةً كثيرَةً تَكُونُ لَهُمْ رِضًى، وَلِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أداءً وَقَضاءً، بِحَوْلٍ مِنْكَ وَقُوَّةٍ يا رَبَّ الْعالَمينَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، الطَّيبينَ الأبْرارِ الأخْيارِ، الَّذينَ أَوْجَبْتَ حُقُوقَهُمْ، وَفَرَضْتَ طاعَتَهُمْ وَوِلايتَهُمْ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاعْمُرْ قَلْبي بِطاعَتِكَ، وَلا تُخْزِني بِمَعْصِيتِكَ، وَارْزُقْني مُواساةَ مَنْ قَتَّرْتَ عَلَيهِ مِنْ رِزْقِكَ، بِما وَسَّعْتَ عَليَّ مِنْ فَضْلِكَ، وَنَشَرْتَ عَلَيَّ مِنْ عَدْلِكَ، وَأحْيِني تَحْتَ ظِلِّكَ، وَهذا شَهْرُ نَبِيّكَ سَيدِ رُسُلِكَ، شَعْبانُ الَّذي حَفَفْتَهُ مِنْكَ بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ، الَّذي كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِه وَسَلَّمَ، يدْأَبُ في صِيامِهِ وَقِيامِهِ، في لَياليهِ وَأَيامِهِ، بُخُوعاً لَكَ في إِكْرامِهِ وَإِعْظامِهِ إِلى مَحَلِّ حِمامِهِ.

اللَّهُمَّ فَأَعِنّا عَلَى الاسْتِنانِ بِسُنَّتِهِ فيهِ، وَنَيلِ الشَّفاعَةِ لَدَيهِ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْهُ لي شَفيعَاً مُشَفَّعاً، وَطَرِيقَاً إِلَيْكَ مَهْيَعاً، وَاجْعَلْني لَهُ مُتَّبِعاً، حَتّى أَلْقَاكَ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَنّي راضِياً، وَعَنْ ذُنُوبِي غَاضِياً، قَدْ أَوْجَبْتَ لي مِنْكَ الرَّحْمَةَ وَالرِّضْوانَ، وَأَنْـزَلْتَني دارَ الْقَـرارِ، وَمَحَـلَّ الأَخْيَـارِ».

(السيد ابن طاوس، الإقبال)

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

09/04/2019

الموعود

  عربية

عربية

09/04/2019

عربية

نفحات