يذكرون

يذكرون

11/05/2020

مصباحُ القلب وَقوده الذِّكر

 

«...حتّى يقولوا مجنون»

مصباحُ القلب وَقوده الذِّكر

  • الفيض الكاشاني*

ينبغي للعبد أن يكون أكبر همّه ذكر مولاه، بل لا يكون له همٌّ سواه، فيكون هو غاية مقصده ونهاية مُناه، فيذكره في قيامه وقعوده وأكله وشربه وحركته وسكناه، كالعاشق المولَع الذي لا يُبالي ما قيل فيه، المقصور الهمّ في مَن يهواه، ففي الحديث: «أكثِروا ذكرَ الله حتّى يقولوا مجنون».

وينبغي أن يكون الذكر بالقلب واللسان والأركان جميعاً، وأعني بالذّكر بالأركان استيلاء الخشوع عليها استحياءً، كأنّه بين يدي ملكٍ عظيم، بحيث يكون كلّ مَن نظر إليه يذكر الله بآثار خضوعه وخشيته. وهذا إنّما يكون بعد أن يصير الذكر القلبيّ خُلُقاً له وديدناً، والذكر اللسانيّ معينٌ على ذلك بشرط حضور القلب.

ولمّا كان أكثرنا مغلوبين للهوى، أسارى النفس الأمّارة بالسوء إلّا ما رحم ربّنا، وأنّ الشيطان قد وثب علينا، والدنيا قد تزيّنت لنا، فلا جرَم نغفل عن سيّدنا ومولانا في كلّ حين، فلا بدّ لنا في كلّ زمان، بل في كلّ لمحةٍ وآن، من مُوقظٍ يوقظنا من رقدتنا، ومنبّه ينبّهنا من غفلتنا.

ولولا إمداد الله سبحانه إيّانا بلطيف صنعه، بإلهامات الملائكة الحافظين لنا بالخيرات، لاختطفتنا الشياطين بوساوسهم، وأطفأت نورنا الضعيف بنفحاتهم.

إذاً، يجب علينا اتّباع الإلهامات، ورفض الوساوس بعد تحصيل معرفتهما وامتياز إحداهما على الأخرى، لعلّ مصباح قلوبنا يسلَم بزيت الذكر واليقظة، من عواصف الغفلة والرقدة.

فمن كان من أهل المعارف الحقّة الإيمانية، من العلم بالله واليوم الآخر والملائكة والنبيّين، فعليه بالتعرّض لنفحات أيّام دهره، التي تأتيه من قِبل ربّه على الدوام، وأن يجول بقلبه في فضاء عالم الملكوت، وينقطع عن كدورات النشأة الظلمانية مهما تيسّر، حتى يصير من المقرّبين فيكون له روح وريحان وجنّة نعيم، وأمّا مَن كان من أصحاب اليمين، فلا بدّ له من كلّ لحظة وساعة وعند تجدّد كل أمر من تذكّرٍ جديد، وتيقّظ لمَن هو على كلّ شيءٍ شهيد.

 

أفضل الأذكار التهليل

قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: «ما قلتُ ولا القائلون قبلي كلمةً أفضل من لا إله إلّا الله».

وأيضاً ممّا جاء عنه صلّى الله عليه وآله، أنّها أحبّ الكلمات إلى الله تعالى، ومَن قالها مخلصاً دخل الجنّة، وإخلاصه بها أن يحجزه عمّا حرّم الله عزّ وجلّ، وما من مؤمنٍ يقولها إلّا مُحيت ما في صحيفته من السيّئات حتى ينتهي إلى مثلها من الحسنات.. وهي كلمة التوحيد، وكلمة الإخلاص، وكلمة التقوى، وهي الكلمة الطيّبة، وهي دعوة الحقّ، وهي العروة الوثقى، وهي ثمن الجنّة. كلّ ذلك في مضمون الأحاديث عن النبيّ صلّى الله عليه وآله.

ولو أُضيف إليها «الحيّ القيّوم»، يُرجى أن يكون قد أتى بالاسم الأعظم كما يُستفاد من كثيرٍ من الأخبار، ولذا قيل: «أفضل الأذكار قول: لا إله إلّا اللهُ الحيّ القيّوم».

______________________

* مختصر من كتابه (خلاصة الأذكار)

اخبار مرتبطة

نفحات