مراقبات

مراقبات

11/05/2020

أعمال ومراقبات شهر ذي القعدة الحرام

أوّل رحمة نزلت من السّماء إلى الأرض

أعمال ومراقبات شهر ذي القعدة الحرام

_____ إعداد: «شعائر» _____

 

* ذو القعدة أحد الأشهر الحُرُم، ومن خصوصية هذه الأشهر أنّ السّيّئات تُضاعف فيها، وكذلك الحسنات، ما يستدعي الحاجة إلى المراقبة.

* يحتضن هذا الشهر ولادة ثامن أئمّة أهل البيت الإمام الرضا عليه السلام، في اليوم الحادي عشر منه، وذكرى شهادته في اليوم الثالث والعشرين (على رواية)، وأيضاً شهادة ابنه الإمام الجواد عليه السلام في اليوم الأخير من الشهر.

* في الخامس والعشرين منه دُحيت الأرض من تحت الكعبة، ولهذا اليوم وليلته شأنٌ عظيم.

* أمّا عمل التوبة في يوم الأحد من هذا الشهر، فهو ممّا ينتظره المؤمن، والراجي لعفو ربّه، ويأتي تفصيله.

* من أسرار هذا الشهر ليلة النصف منه، وهي ليلة ينظر فيها الله تعالى إلى عباده بالرحمة كما في النبويّ الشريف.

 

من أهمّ أعمال شهر ذي القعدة تجديد التوبة في يوم الأحد منه بغسلٍ وصلاةٍ خاصّة وذكرٍ بعدها، وقد رُوي لذلك من عظيم الفضل ما يجعل العارف به حريصاً على انتظار هذا الشهر لأجل القيام بهذا العمل. [انظر: باب «كتاباً موقوتاً» من هذا العدد]

 

اليوم الحادي عشر: ولادة الإمام الرّضا عليه السلام

* في مثل هذا اليوم، كانت ولادة الإمام الرّؤوف، أبي الحسن عليِّ بن موسى الرّضا عليه السلام في المدينة المنوّرة، سنة 148 هجريّة.

* عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام، قال: «سَمعتُ أبي، جعفرَ بنَ محمّدٍ عليهما السلام، غيرَ مرّة، يقول لي: إنّ عالِمَ آلِ محمّدٍ عليهِ السلام لَفي صُلبِك، وليتني أدركتُه، فإنَّهُ سَمِيُّ أميرِ المؤمنينَ عليه السلام)».

* ورد في (وسائل الشيعة: 1/90) للحرّ العاملي: «عن إبراهيم بن العباس وهو يصف حال الإمام الرضا عليه السلام -في حديث: كانَ عليه السلام قليلَ النّوم بالليل كثيرَ السهَرِ، يُحيي أكثرَ لياليه من أوّلها إلى الصّبْحِ، وكان كثير الصيام، فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر، ويقول: (ذلك صومُ الدّهر)، وكان كثيرَ المعروفِ والصّدقةِ في السرّ، وأكثرُ ذلكَ يكونُ منه في اللّيالي المُظلمة، فمَن زَعَمَ أنّه رأى مثلَه في فضلِه فلا تُصدِّقْه».

 

ليلة النصف من ذي القعدة

روى سيّد العلماء المراقبين السيّد ابن طاوس قدّس سرّه في (إقبال الأعمال) عن النّبي صلّى الله عليه وآله أنّ «في ذي القعدة ليلة مباركة، وهي ليلة خمس عشرة، ينظرُ اللهُ إلى عبادِه المؤمنين فيها بالرّحمة، أجرُ العامل فيها بطاعةِ الله أجرُ مائة سائحٍ لم يَعْصِ اللهَ طرفةَ عَيْن».

ثمّ قال: «فإذا كان نصفُ اللّيل فَخُذ في العمل بطاعة الله والصّلاة وطلبِ الحوائج، فقد رُوي أنّه لا يبقى أحدٌ سألَ الله فيها حاجةً إلّا أعطاه..».

 

اليوم الثّالث والعشرون: شهادة الإمام الرّضا عليه السلام (على رواية)

* في مثل هذا اليوم من سنة 203 للهجرة استُشهد الإمام الرّضا عليه السلام، ومن المستحبّ فيه زيارته عليه السلام من قُرب ومن بُعد.

* حاز الإمام عليّ بن موسى الرضا مكانة كبيرة عند الشيعة الإمامية، وكذلك كانت له مكانة عند مَن لم يعتقد بإمامته، من أعلام المذاهب الإسلامية الأخرى، وتجلَّى ذلك في كلماتهم التي دوّنوها في مصنّفاتهم عنه:

قال ابن حبان في (الثقات: 8/456): «عليّ بن موسى الرضا.. من سادات أهل البيت وعقلائهم، وأجلَّة الهاشميين ونبلائهم.. مات عليّ بن موسى الرضا بطوس من شربةٍ سقاه إياها المأمون، فمات من ساعته.. وقد زرتُه مراراً كثيرة، وما حلّت بي شدّةٌ في وقت مقامي بطوس فزرت عليّ بن موسى الرضا صلوات الله على جدّه وعليه، ودعوت الله إزالتها عنّي، إلّا اسُتجيب لي وزالت تلك الشدة، وهذا شيء جرّبته مراراً فوجدته كذلك..».

 

اليوم الخامس والعشرون: يوم دَحْو الأرض

* في ثواب ليلة دحو الأرض ويومها، يقول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه: «إِنَّ أَوَّلَ رَحمَةٍ نَزَلَتْ مِنَ السّماءِ إِلى الأرضِ في خَمْسٍ وعِشرينَ مِن ذي القعدَةِ، فَمَنْ صامَ ذلكَ اليومَ وقامَ تلكَ اللّيلةَ فلهُ عبادَةُ مائةِ سَنَةٍ، صامَ نَهارَها وَقامَ لَيْلَها..».

 * قال الفقيه العارف السّيّد محمّد تقيّ الأصفهانيّ رحمه الله في (مكيال المكارم: 2/34): «يوم دحو الأرض وهو اليوم الخامس والعشرون من شهر ذي القعدة. ويدلّ على الاهتمام بالدعاء فيه لمولانا صاحب الزمان ومسألة تعجيل فرجه من الخالق المنّان، ما ورد في دعاء هذا اليوم: (..وأظهِرْ بِالحَقّ قائِمَهم، واجعلْهُ لِدينكَ مُنتصراً وبأمرِكَ في أعدائكَ مؤتمِراً..)، ومن هذه الدلالات:

* أنّه اليوم الذي وُعد في مثله ظهوره صلوات الله عليه، فإذا رأى المؤمن أنّ هذا اليوم من هذه السنة قد أتى ولم يظهر إمامُه عليه السلام، تجدّد حزنه، وعظم غمّه، وبعثه عقله وإيمانه على الدعاء له وطلب تعجيل فرجه. (عن الإمام الرضا عليه السلام: «ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة وُلد فيها إبراهيم عليه السلام، ووُلد فيها عيسى بن مريم، وفيها دُحيت الأرض من تحت الكعبة.. وفيه يقوم القائم عليه السلام»). (انظر: إقبال الأعمال: 2/24)

* في هذا اليوم تُنشر الرحمة وتستجاب الدعوة؛ كما ورد في الرواية، فالمؤمن الذي يكون إمامه أعزّ عليه من نفسه وأهله وولده وعشيرته، يجعل خالص دعائه لكشف الكرب عن وجه مولاه.

* أنّ هذا يوم أنعم الله فيه على بني آدم، بأن دحى الأرض لمعاشه، وسكناه، وانتفاعه بصنوف ما يخرج من الأرض وما ينزل إليها، ويعيش فيها، فإذا علم المؤمن أنّ جميع ذلك إنّما هو ببركة مولاه، حتّم على نفسه الشكر له بالدعاء، لأنّه الواسطة في تنعّمه بهذه النعم، ولم يتساهل في ذلك.

* أنّه قد ورد الحث والترغيب في هذا اليوم على الاشتغال بذكر الله عزّ وجلّ، ولا ريب أنّ الاشتغال بالدعاء في حقّ مولانا صاحب الزمان من أفضل مصاديق هذا العنوان».

 

اليوم الأخير: شهادة الإمام الجواد عليه السلام

كانت شهادة الإمام الجواد صلوات الله عليه في آخر ذي القعدة سنة 220 للهجرة عن خمسةٍ وعشرين عاماً، بِسُمٍّ دسّه له المعتصم العبّاسي، أعانته على ذلك زوجة الإمام ابنةُ المأمون.

***

جاء في (تذكرة الفقهاء: 3/369) للعلّامة الحلّي: «قال الإمام الجواد عليه السلام: إذا انصرفتَ من صلاة مكتوبة، فقل: رضيتُ بالله ربّاً، وبالإسلام دِيناً، وبالقرآنِ كتاباً، وبمحمّدٍ صلّى الله عليه وآله وسلّم نبيّاً، وبعليٍّ، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والحجّة بن الحسن بن عليّ أئمّة، اللّهمّ وليّك الحجّةَ فاحفظْهُ من بين يديه، ومن خلفِه، وعن يمينِه، وعن شمالِه، ومن فوقِه، ومن تحتِه، وامدُدْ في عمرِه، واجعلْهُ القائمَ بأمرِك والمنتصِرَ لدينك، وأرِه ما يحبُّ وتقرُّ به عينُه في نفسه، وفي ذريّته، وأهلِه، ومالِه، وفي شيعتِه، وفي عدوِّه، وأرِهِم منه ما يحذرون، وأرِه فيهم ما يحبّ وتقرُّ به عينُه، واشفِ صدورَنا وصدورَ قومٍ مؤمنين».

 

أعمال يوم دَحْو الأرض

  1. الغُسل.
  2. الصوم.
  3. ركعتان عند الضُّحى [بعد طلوع الشمس، وقبل صلاة الظهر] بـ (الحمد) مرّة، وسورة (الشمس) خمس مرّات، ويقول بعد التسليم: (لا حَولَ ولا قوّةَ إلَّا باللهِ العلِيّ العظيمِ).

ثمّ يدعو وَيقول: (يا مُقِيلَ العَثَراتِ أَقِلْني عَثرتي، يا مُجِيبَ الدّعَواتِ أَجِبْ دعوتِي، يا سامِعَ الأصواتِ اسمَعْ صوتي وارحَمْني وتَجاوَزْ عن سَيّئاتي وما عندي، يا ذا الجَلالِ وَالإكْرام).

  1. ويُستَحبّ أن يدعو في هذا اليوم بهذا الدعاء: «اللّهمَّ داحِيَ الكعبَةِ وفالِقَ الحَبَّةِ...».

[انظر: باب «لولا دعاؤكم» من هذا العدد]

  1. زيارة الإمام الرّضا عليه السلام، وقد ورد أنّ زيارته في هذا اليوم من آكَد المستحبّات.

[مفاتيح الجنان: أعمال شهر ذي القعدة]

 

اخبار مرتبطة

  تاريخ و بلدان

تاريخ و بلدان

نفحات