الحجّ في عصرٍ استثنائي

الحجّ في عصرٍ استثنائي

منذ 0 ساعة


 الحجّ في عصرٍ استثنائي

                                                                       الشيخ حسين كوراني

احدى الخصائص البارزة لحجّ العام الجاري،
الصَّحوةُ الإسلاميّة في المنطقة ، لا سيّما
في مصر وتونس واليمن والبحرين
الإمام الخامنئي

الحجّ «ضيافة إلهيّة عظيمة تتمّ في مركز العَظَمة، والقوَّة، والجمال، والجُود» كما قال وليُّ أمر المسلمين، فلنَحذَر استدراج  يهود الدَّاخل والخارج الحجيج إلى ما يُضعِف استمداد القوة، ويخدش هذا الجمال، ويَحُول دون مُنتهى الجُود.
لا سبيل إلى «إحباط مؤامرة التَّفرقة والإستدراج إلى الفتنة» -في ضوء توجيهات سماحته للمُشرِفين على الحجّ هذا العام- إلَّا بأمرَين:
الأوّل: التَّنبُّه إلى أنّ «إحدى الخصائص البارزة لِحَجِّ العام الجاري هي الصَّحوَة الإسلاميّة في المنطقة، لا سيّما في مصر وتونس واليمن والبحرين، ونظراً إلى هذا الحَدَث المهمّ فإنَّ مؤامرة نَشْر التَّفرقة وسوء الظَّنّ، وتهييج المشاعر بين الأمَّة الإسلاميّة ستكون أكثر قوَّة».
الثّاني: التَّقارُب بين القلوب وتعزيز التَّضامُن، وتعزيز الوَشائج الإسلاميّة، واغتنام فرصة التَّلاقي في الحجِّ للتَّقارُب بين القلوب أكثر فأكثر، دون الأخذ بنظر الإعتبار الجنسيَّة والقوميَّة والمَذْهب.

***


على كلِّ ضامِرٍ، ومِن كلِّ فجٍّ عميق، يتوافد ضيوف الرَّحمان إلى أوّل بيت وُضِع للنّاس، لِيَشهدوا منافع لهم في المُلتقى العالمي لِتَصحيح القَصْد، و«تقوى القلوب».
كلَّما اشتَدَّت حلقة الحصار على المُستضعَفين، وطال لَيلُهم، تَشتدُّ حاجتهم إلى «القيام لله» وتفعيل المُنطلَقات الفطريّة والعقليّة، العِلميّة والعَمَليّة، لِيَثوب الرُّشد أو يُثاب إليه.
كلَّما عزَّ الأمن النَّفسي والإجتماعي أو تَعَسَّر، تَعاظَم البحث عن الأمن والأمان والسَّلامة والإسلام.
بيت الأسرة الواحدة هو المَثابة والأمْن، اسمَ مكان ومصدراً ﴿..مثابة للنّاس، وأمناً.. ﴾ البقرة:125.
على قاعدة الرَّحمة، كان تشريع الحجّ. ﴿..ولذلك خلقهم..﴾ هود:119.
مِن تجلِّيّات الرَّحمة أنَّ الحجيج ضيوفٌ مكرَّمون بامتيازٍ نوعيّ، يبدأ باستقبالهم في المواقيت التي دَخَل منها -إلى ضيافة الرَّحمن- كلّ الأنبياء والأولياء، ليُردِّدوا بالتّلبية نفس العبارات التي قالها الأنبياء، عند توجُّههم إلى بيت الله الذي هو بيت النّاس.
والحجَّاج -بعدُ- مُنتدَبون تمَّ اختيارهم في ليالي القدر مِن بين شعوبهم، تحقيقاً لِحَجِّ الأمّة، فكيف سيَرجع مثل هؤلاء الضُّيوف؟ أيّ عطايا إلهيّة خاصّة وعامّة تنتظرهم؟

«ممَّا أوحى الله إلى آدم: أنا الله ذو بَكَّة، أهلها جيرتي، وزّوارها وَفْدي وأضيافي، أَجعل ذلك البيت لك ولِمَن بعدك حَرَماً آمناً، أعمره بأهل السماء وأهل الأرض، يأتونه أفواجاً شعثاً غبراً، يَعجُّون بالتَّكبير والتَّلبية، فَمَن اعتَمَره لا يريد غيره فقد زارني، وهو وفدٌ لي، ونَزل بي، وحقٌّ لي أنْ أُتحفه بكراماتي».

عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، أنَّه دخل مكّة، فوجد أعرابيّاً متعلِّقاً بأستار الكعبة وهو يقول: يا صاحب البيت. ألبيت بيتك، والضَّيف ضيفك، ولكلِّ ضيفٍ من ضيفه قِرَىً (ضيافة) فاجعل قَِرايَ منك اللّيلة المغفرة.فقال أمير المؤمنين عليه السلام لأصحابه: أمَا تَسمعون كلام الأعرابي؟!
قالوا: نعم، فقال: الله أكرم مِن أنْ يَردَّ ضَيْفه.

                                           
***

والعلاقة بين «المغفرة» وحُسْن الحال والعاقبة، معادلة إلهيّة قائمة في البُعدَين الفردي والجماعي. ﴿ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة..﴾ النحل:61. ﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ﴾ الشورى:30.
الحجُّ تصحيح القَصْد، وهو يعني مغادرة تنكُّب الصِّراط المستقيم، والتَّوبة.
 حجّ الأمّة -إذاً- رَهْن تصحيح المَسار، والإستقامة الجماعيّة في دروب الهُدى والحقّ. والمِقياس «وحدة الأمّة» و«فلسطين» بل المقياس وحدة الأمّة في الموقف من قضيّة الإنسانيّة المركزيّة «فلسطين».
كان الشّهيد مُطهَّري يقول: «سوف نُحاسَب يوم القيامة على موقفنا من قضيّة فلسطين كما نُحاسَب على صلاتنا وصَوْمنا».
 لقد تَنَفَّس الصُّبح بعد لَيْل المُستضعَفين الطَّويل، وها هي «الغدّة السَّرطانيّة» في جسم الأمَّة والبشريّة على مشارف الإقتلاع والسُّقوط المدوِّي.

                                    
***


حجُّ عصر الصَّحوَة الإسلاميّة لهذا العام، حجٌّ إستثنائيٌّ في عصرٍ استثنائيٍّ. أبرز خصائصه بدايةً، زوال
«إسرائيل» بعد الهزيمة النّكراء التي مُنِيَت بها في حرب تمّوز. يعني ذلك تراخي قبضة الشَّيطان الأكبر في المنطقة والعالم، وقد عزَّز هذا التّراخي ما يُواجهه هذا الشّيطان مِن أزمات أشدّها حدّة ومفاعيل، الأزمة الماليّة العاصِفة.

لمْ تَجرؤ موسكو وبكِّين على استعمال حقّ النَّقض -الفيتو- لِصالح سوريا، إلَّا لأنَّ الدُّنيا اليوم غيرها ما قبل حرب تمُّوز.
هكذا يُمكننا أنْ نَضع الحراك الشَّعبي الثَّوري في البلاد العربيّة في سِياقه الطَّبيعي.
وفي ضوئه يمكننا توقُّع أبعاد تَهالُك يهود الدّاخل في إثارة الفتنة. زوال «إسرائيل» يَتماهى مع زوالهم. ﴿ولتعلمنَّ نبأه بعد حين ﴾ ص:88.
حذار مِن حَشرجات يهود الدّاخل عبر دموع التّماسيح، تتهالك لِبَثِّ سُموم الفتنة وتمزيق الصَّفّ، ﴿..يبغونكم الفتنة، وفيكم سمَّاعون لهم، والله عليمٌ بالظالمين ﴾ التوبة:47.
حجّ عصر الصَّحوة الإسلاميّة هذا العام مفْصليّ يؤسِّس لِمَا بعده، فليَكُن الشّعار والدّثار والوِرْد ولسان الحال قوله تعالى: ﴿ لَتُبلَوُنَّ في أموالكم وأنفسكم، ولتسمعنّ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ﴾ آل عمران:186.

                                         

***



 

اخبار مرتبطة

  في توجيهات وليّ الأمر

في توجيهات وليّ الأمر

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعة

دوريات

  إصدارات اجنبية

إصدارات اجنبية

نفحات