الحوار الإسلامي – المسيحي

الحوار الإسلامي – المسيحي

منذ يوم

الحوار الإسلامي – المسيحي

الحوار الإسلامي – المسيحي

نقاط الضّعف

ـــــــــــــــ آية الله الشيخ محمّد علي التّسخيري*ـــــــــــــــ




الحوار بين الإسلام والمسيحيّة ليس قديماً، وإن كان التَّماسّ قديماً، إلَّا أنَّ الحوار بشكله الحاضر يَكاد يكون مُستحدَثاً، في حين أنّ أكثر محاولات الحوار قد ابتُليَت بِنِقاط ضعفٍ كثيرة، على ما رأى آية الله الشيخ محمّد علي التّسخيري في سياق محاضرة ألقاها في إطار الحوار بين الأديان.

أبرز نقاط الضّعف التي يُمكن تسجيلها عند استقراء مسيرة الحوار بين الإسلام والمسيحيّة، هي التّالية:

أوّلا: إنَّ الحوار ركَّز على العنصر العقائدي المُجرَّد، على الحوار اللَّاهوتي فقط. وبالتالي، فإنّ إهمال الحديث عن الجوانب الفكريَّة أو الجوانب الإيديولوجيّة المبنِيَّة على الأُسُس والأصول المشتركة، وإغفال الحديث عن القِيَم الأخلاقيّة والإجتماعيّة التي يؤمِن بها الطَّرفان أفشل كلَّ محاولات الحوار.

ثانياً: يدخل كلّ فريق إلى ساحة الحوار، وكأنّه يدخل ساحة معركة لِيَحسم الموقف لنفسه. يقول للآخر أنت على باطل وأنا على حقّ، ويجب أن يُحذف الباطل ويحقّ الحقّ وأنا الحقّ، إذا كانت هذه الرُّوح اللّا موضوعيّة هي المِحوَر، فلن نتوقَّع نتيجة. يُعلّمنا القرآن الكريم أن ندخل إلى الحوار مع الآخرين بِرُوح حَذْف المُسبقات الذِّهنيّة كلّها، ندخل بهذه الرَّوح ونقول لِمُحاوِرينا: ﴿..وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين﴾ سبأ:24.

ثالثاً: إنّ كلّ إنسان يريد أن يَتحاور يَطلب من الآخر أن يعترف به أوّلا، المُسلِم يقول للمسيحي إعتَرِف بي أوّلاً حتّى أحاورك، والمسيحي يقول للمُسلِم إعترف بي أوّلاً حتّى أحاورك، هناك بعض الموانع، ولا بدَّ من التَّفاهم على الحدّ الأدنى من الإعتراف بالآخر.

 رابعاً: إنّ الحوار كان يجري بين شخصَين أو بين طرفَين كلٌّ منهما يشكّ بالآخر، يدخل المسلم إلى الحوار ويقول للمسيحي أنت تحاورني لِتُحقِّق أهدافاً سياسيّة، ويَدخل المسيحي إلى الحوار ويقول لِلمسلم أنت تُحاورني لِتُحقِّق أهدافاً سياسيّة أخرى، وفي إطار الشكّ لا يمكن للحوار أن يُثمِر.

خامساً: الحوار كان يجري بشكلٍ عفوي، لا تنظِّمه مؤسّسة، ولا يبدأ الآخرون من حيث انتهى الأوّلون، يجري بشكلٍ متقطِّع مُتجزِّئ لا يُعبِّر عن مسيرة، ولا يَستفيد من السَّوابق.

سادساً: إنّ كِلا الجانبَين كان يَفتقد إلى المرجعيّة المسؤولة في الحوار، لنَفترض أنّني أَقنعتك أو أنّك أَقنعتني، أو أنّنا اتّفقنا على خطّة، فَمَن الذي يَقبل بهذه الخطّة؟ ألم يكن الأحرى أن تكون هناك مرجعيّة دينيّة تتصدّى نيابةً عن هذا الجانب، وأُخرى عن ذاك الجانب، حتّى إذا ما اتَّفقنا على شيءٍ صار قاعدة للجميع؟
أعتقد أنّه من الطّبيعي أن تتولّى المرجعيّات الدِّينيّة تنسيق مواقفها في كلِّ طَرَف، وأن تتولّى هذه المرجعيّات سَحْب رواسبها النفسيّة والتّاريخيّة وإلقاءها جانباً. قد نستطيع أن نتحرَّر من هذه الرَّواسب، على الأقلّ ولو للحظات الحوار، لِنَصل إلى نتيجة.
أُشدّدُ -ختاماً- على ضرورة أن ينتقل الحوار من الحوار الكلامي اللَّاهوتي المَحْض إلى الحوار الفِكري العِلمي، وما أكثر القضايا التي يُمكِننا أن ندرسها فكريّاً؛ أليست مسألة صراع الحضارات مسألة تَستحقّ أن نُفكّر فيها معاً ونتحاوَر؟! هل قَدَرُ الحضارات أنْ تَتَصارع؟ هل قَدَرُنا جميعاً أن نعيش الحرب، أمّا السَّلام فيجب أن لا نحلم به؟ هل هناك مجال لِمساحات مشتركة في التّعامل الحضاري؟ هل علينا أن نتَّبع نظريّة «هانتينغتون» مثلاً؟ أم نتَّبع نظريّات «بريان» وأمثاله، أم أنَّ هناك مجالاً قويّاً للتّعاون بين أَتْباع الأديان؟

  * رئيس المجمع العالمي للتّقريب بين المذاهب الإسلاميّة.
                

اخبار مرتبطة

  في توجيهات وليّ الأمر

في توجيهات وليّ الأمر

  دوريات

دوريات

منذ يوم

دوريات

  إصدارات اجنبية

إصدارات اجنبية

نفحات