الخُلُق المحمود ثمرة العقل

الخُلُق المحمود ثمرة العقل

25/11/2011

الخُلُق المحمود ثمرة العقل


 

بين الأخلاق والمعرفة
الخُلُق المحمود ثمرة العقل

ـــــ إعداد: مازن حمّودي ـــــ

عن أمير المؤمنين عليه السلام: «الخُلُق المحمود مِن ثمار العقل. الخُلُق المذموم مِن ثمار الجهل». وعنه عليه السلام: «ثمرة العلم، حُسنُ الخُلُق».
توضِّح النُّصوص التّالية مِن كتاب (جامع السَّعادات) للمولى النّراقي، طبيعة العلاقة بين الأخلاق الفاضلة من جهة، والمعرفة أو العِلم الحقيقي الذي يُعبَّر عنه باليقين من جهة ثانية.
يليها نصٌّ من (المحجّة البيضاء) للمولى الفيض الكاشاني حول منزلة الأخلاق في الدّين الحنيف.

إنّ منشأ العلم ومناطه هو التَّجرُّد [من الصّفات الذميمة]، فكلّما تزداد الَّنفس تجرُّداً تزداد إيماناً ويقيناً. ولا رَيْب في أنّه ما لم ترتفع عنها أستار السّيِّئات وحُجُب الخطيئات لم يحصل لها التَّجرُّد الذي هو مناط حقيقة اليقين.
فلا بدَّ من المجاهدة العظيمة في التَّزكية والتَّحلية حتّى تنفتح أبواب الهداية وتتَّضِح سُبُل المعرفة، كما قال سبحانه: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا..﴾ الروم:69.

***

وبالجملة ما لم يحصل للقلب التَّزكية، لم يحصل له هذا القسم من المعرفة [حقيقة البصيرة]؛ إذ العلم الحقيقي عبادةُ القلب وقُرْبة السِّر. وكما لا تَصحّ الصَّلاة التي هي عبادة الظَّاهر إلّا بعد تطهّر العبد من النَّجاسة الظَّاهرة، فكذلك لا تصحّ عبادة الباطن إلّا بعد تطهّره من النَّجاسة الباطنيَّة التي هي رذائل الأخلاق وخبائث الصِّفات. كيف وَفَيَضانُ أنوار العلوم على القلوب إنَّما هو بواسطة الملائكة، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب»، فإذا كان بيت القلب مشحوناً بالصِّفات الخبيثة التي هي كلاب نابحة، لم تدخل فيه الملائكة القادسة.
والحكم بثبوت النَّجاسة الظَّاهرة للمُشرِك، مع كونه مغسول الثَّوب نظيف البدن، إنَّما هو لسراية نجاسته الباطنيّة، فقوله صلّى الله عليه وآله: «بُنِيَ الدِّين على النَّظافة»، يتناول زوال النَّجاستَين. وما وَرَد من أنَّ الطّهور نصف الإيمان، المُراد به طهارة الباطن عن خبائث الأخلاق، وكان النّصف الآخر تَحلِيَته بشرائف الصِّفات وعمارته بوظائف الطَّاعات.
وبما ذُكِر، ظَهَر أنَّ العِلم الذي يحصل مِن طريق المُجادلات الكلامّية والإستدلالات الفكريّة، من دون تصقيلٍ لِجَوهر النَّفس، لا يخلو عن الكدرة والظُّلمة، ولا يَستحقّ إسم اليقين الحقيقي الذي يحصل للنُّفوس الصَّافية، فما يَظنُّه كثير من أهل التَّعلُّق بقاذورات الدُّنيا من أنَّهم على حقيقة اليقين في معرفة الله سبحانه خِلافُ الواقع، لأنَّ اليقين الحقيقي يلزمه «روح» ونور وبهجة وسرور، وعدمُ الإلتفات إلى ما سوى الله، والإستغراق في أَبْحُر عظمة الله، وليس شيء من ذلك حاصلاً لهم، فما ظَنُّوه يقيناً إمَّا تصديقٌ مَشُوب بالشُّبهة، أو اعتقاد جازم لم تَحصَل له نورانيّة وجلاء وظهور وضياء، لِكدرة قلوبهم الحاصلة من خبائث الصِّفات.


***


وبالجملة: ينبغي للمؤمن ألَّا يخلو في كلِّ يوم وليلة عن التَّفكُّر في صفاته وأفعاله، وإذا صرف برهة من وقته في هذا التَّفكُّر وبرهة أخرى في التَّفكُّر في عجائب قدرة ربّه، وصار ذلك معتاداً له، حَصَل لنفسه كمال قوَّتَيها العقليّة والعمليّة، وخلصت عن الوساوس الشّيطانيّة والخواطر النّفسانيّة، وفَّقنا الله بعظيم فضله للوصول إلى ما خَلَقَنا لِأجله.

الخُلُق باب: إلى النَّعيم أو إلى الجحيم


«إنّ الخُلُق الحَسَن، صفة سيِّد المرسَلين، وأفضل أعمال الصِّدِّيقين، وهو على التَّحقيق شطر الدِّين، وهو ثمرةُ مجاهدة المتَّقين، ورياضة المُتعبِّدين.
والأخلاق السَيِّئة هي السُّموم القاتلة، والمُهلكات الدَّامغة، والمخازي الفاضحة، والرَّذائل الواضحة، والخبائث المُبعِدة من جوار ربِّ العالمين، المُنخرطة بصاحبها في سلك الشَّيطان اللَّعين، وهي الأبواب المفتوحة من القلب إلى نار الله الموقدة، التي تَطَّلع على الأفئدة، كما أنَّ الأخلاق الجميلة هي الأبواب المفتوحة من القلب إلى نعيم الجنان، وجوار الرَّحمن».

(الفيض الكاشاني، المحجّة البيضاء)


 

اخبار مرتبطة

  أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

  القلب والحظوظ الدنيويّة

القلب والحظوظ الدنيويّة

  دورياات

دورياات

26/11/2011

دورياات

نفحات