هكذا تحدَّث عليٌّ عليه السلام في كربلاء

هكذا تحدَّث عليٌّ عليه السلام في كربلاء

منذ 3 أيام

هكذا تحدَّث عليٌّ عليه السلام في كربلاء

هكذا تحدَّث عليٌّ عليه السلام في كربلاء
بكى الحسينَ  عليه السلام وتحدّث عن خصائص تُربتِه
---- من دروس «المركز الإسلامي»---

من حديث عليٍّ عليه السلام في كربلاء:
* والّذي نفسي بيده، لقد حدَّثني الصّادق المصدَّق أبو القاسم صلّى الله عليه وآله أنّي سأراها في خروجي إلى أهل البَغْي علينا. وهذه أرضُ كربٍ وبلاء، يُدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلاً كلّهم من وُلدي ووُلد فاطمة، وأنّها لَفِي السماوات معروفة، تُذكر أرضُ كربٍ وبلاء كما تُذكر بقعةُ الحرَمين وبقعةُ بيت المقدس.
*رأيت كأنّي برجالٍ [بِيض] قد نزلوا من السَّماء، معهم أعلامٌ بِيضٌ قد تقلّدوا سيوفهم، وهي بِيضٌ تلمع، وقد خطُّوا حول هذه الأرض خطّة. ثمّ رأيت كأنّ هذه النخيل وقد ضربت بأغصانها الأرض، وهي تضطرب بدمٍ عبيط، وكأنّي بالحسين ".." بضعتي، قد غرق فيه، يستغيث فلا يُغاث، وكأنّ الرجال البِيض الذين نزلوا من السماء ينادونه ويقولون: صبراً آل الرسول فإنّكم تُقتلون على أيدي شرار الناس، وهذه الجنّة يا أبا عبد الله إليك مشتاقة.

كما أكّد رسول الله صلّى الله عليه وآله على تربة سيّد الشهداء فكذلك كانت لأمير المؤمنين عليه السلام عناية خاصة بالتأكيد عليها، وفي ما يلي عدّة روايات عنه عليه السلام حول تربة كربلاء:

* الرواية الأولى: روى الهيثمي في مجمع الزوائد (ج 9، ص 187)، قال: «وعن "نَجِيّ" الحَضْرَمِي، أنّه سار مع عليّ رضي الله عنه وكان صاحب مَطْهَرَتِه، فلمّا حاذى نينوى وهو منطلقٌ إلى صفّين فنادى عليّ: إصبر أبا عبدالله، إصبر أبا عبدالله بشطّ الفرات.  قلت: وما ذاك. قال: دخلتُ على النبيّ صلّى الله عليه و[آله] وسلّم ذات يوم وإذا عيناه تذرفان. قلت: يا نبيّ الله، أَغْضَبَك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل عليه السلام، قال: فحدّثني أنّ الحسين يُقتل بشطّ الفرات. قال: فقال: هل لك أن أُشمَّك من تربته؟ قلت: نعم. قال: فمدّ يده، فقبض قبضةً من ترابٍ فأعطانيها، فلم أملك عينيّ أنْ فاضتا».
رواه أحمد وأبو يعلى، والبزّاز، والطبراني، ورجاله ثقاة، ولم ينفرد «نَجِيّ» بهذا.

* الرّواية الثّانية: عن ابن عباس، قال: «كنت مع عليّ بن أبي طالب عليه السلام في خرجته إلى صفّين. فلمّا نزل بـ‍ "نينوى" وهو شطُّ الفرات، قال بأعلى صوته: يا ابن عبّاس، أتعرف هذا الموضع؟
قلت: نعم.
قال: لو عرفتَه كمعرفتي لم تكن تجوزُه حتى تبكي كبُكائي.
قال (ابن عبّاس): فبكى طويلاً حتّى اخضلَّت لحيتُه، وسالت الدموع [على صدره] وبكينا معه وهو يقول:
أوه، أوه، ما لي ولآل أبي سفيان، ما لي ولآل حربٍ حزبِ الشيطان، وأولياءِ الكفر؟ صبراً أبا عبد الله، فقد لقى أبوك مثلَ الذي تلقى منهم.
ثمّ دعا بماء، فتوضّأ وضوء الصّلاة، فصلّى ما شاء الله أن يصلّي.
ثمّ ذكر نحو كلامه الأوّل إلّا أنّه نعس عند انقضاء صلاته ساعة (أي نام نوماً خفيفاً)، ثمّ انتبه فقال: يا ابن عباس، فقلت: ها أنا ذا.
 قال: ألا أُحدّثك بِما رأيتُ في منامي آنفاً عند رقدتي؟
قلت: نامت عيناك ورأيتَ خيراً.
قال: رأيتُ كأنّي برجالٍ [بِيض] قد نزلوا من السَّماء، معهم أعلامٌ بِيضُ قد تقلّدوا سيوفهم، وهي بِيضٌ تلمع، وقد خطُّوا حول هذه الأرض خطّة. ثمّ رأيت كأنّ هذه النخيل وقد ضَربت بأغصانها الأرض، وهي تضطرب بدمٍ عبيط، وكأنّي بالحسين نَجْلِي، وفَرْخِي وبِضْعَتِي، ومخِّي، قد غرقَ فيه، يستغيث فلا يُغاث، وكأنّ الرجال البِيض الذين نزلوا من السماء ينادونه ويقولون: صبراً آلَ الرَّسول، فإنَّكم تُقتلون على أيدي شِرار الناس، وهذه الجنّة يا أبا عبد الله إليك مشتاقة. ثمّ يعزّونني، ويقولون: يا أبا الحسن أبشر، فقد أقرَّ الله به عينك يومَ القيامة، يوم يقوم الناس لربّ العالمين. ثمّ انتبهتُ هكذا.

والّذي نفسي بيده، لقد حدَّثني الصّادق المصدَّق أبو القاسم صلّى الله عليه وآله أنّي سأراها في خروجي إلى أهل البَغْي علينا. وهذه أرض كربٍ وبلاء، يُدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلاً كلّهم من وُلدي ووُلد فاطمة، وأنّها لفي السماوات معروفة، تُذكر أرض كرب وبلاء كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس.

ثمّ قال: يا ابن عبَّاس، اطلب لي حولنا بعر الظِّباء، فوالله ما كَذبتُ ولا كُذِّبت ولا كذَبني قَطّ، وهي مصفرَّة، لونُها لونُ الزَّعفران.

 قال ابن عباس: فطلبتُها فوجدتُها مجتمعة، فناديته: يا أمير المؤمنين، قد أصبتها على الصّفة التي وصفتها.

 فقال عليّ: صدقَ اللهُ وصدقَ رسولُه.

 ثمّ قام يُهَرْوِل إلينا فحملها وشمَّها، فقال: هي هي بعينها، أتعلم يا ابنَ عباس ما هذه الأبعار؟

هذه قد شمّها عيسى ابن مريم عليه السلام وذلك أنّه مرّ بها ومعه الحواريّون، فرأى هذه الظّباء مجتمعة، فأقبلت إليه الظِّباء وهي تبكي، فجلس عيسى عليه السلام وجلس الحواريُّون، فبكى وبكى الحواريّون وهم لا يدرون لِمَ جلس، ولِمَ بكى، فقالوا: يا روح الله وكلمتَه، ما يبكيك؟

 قال: أتعلمون أيّ أرض هذه؟ قالوا: لا.

قال: هذه أرضٌ يُقتل فيها فرخُ الرسول أحمد، وفرخ الحُرَّة الطَّاهرة البتول، شبيهة أُمّي، ويلحّد فيها، وهي أطيبُ من المِسك، وهي طينة الفرخ المُستشَهد، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء، فهذه الظّباء تكلّمني وتقول: إنّها ترعى في هذه الأرض شوقاً إلى تربة الفرخ المبارك، وزعمت أنّها آمنة في هذه الأرض، ثمّ ضرب بيده إلى هذه الصِّيران (جمع صِوار ككتاب: يُطلق على قطعٍ من المِسك) فشمَّها فقال: هذه بعر الظِّباء على هذا الطِيب لمكان حشيشِها، أللّهمّ أبقِها أبداً حتّى يشمَّها أبوه، فتكون له عزاء وسلوة.

 قال: فبقيَتْ إلى يوم النّاس هذا وقد اصفرَّت لطول زمنها. هذه أرضُ كربٍ وبلاء. وقال بأعلى صوته: يا ربَّ عيسى بنِ مريم، لا تُبارك في قَتَلَتِه، والحامل عليه، والمُعين عليه، والخاذِل له.
ثمّ بكى بكاءً طويلاً وبكينا معه، حتى سقط لوجهه وغشي عليه طويلاً، ثمّ أفاق فأخذ البعر فصرَّها في ردائه، وأمرني أن أصرَّها كذلك، ثمّ قال:

يا ابن عبّاس، إذا رأيتَها تنفجر دماً عبيطاً فاعلم أنّ أبا عبد الله قد قُتل ودُفن بها.

 قال ابن عبّاس: فوالله لقد كنتُ أحفظها أكثر من حفظي لبعض ما افترضَ الله عليّ، وأنا لا أحلّها من طرف كمّي، فبينا أنا في البيت نائم إذ انتبهتُ فإذا هي تسيل دماً عبيطاً، وكان كُمّي قد امتلأت دماً عبيطاً، فجلستُ وأنا أبكي وقلت: قُتل والله الحسين، والله ما كذبني عليٌّ قَطّ في حديثٍ حدّثني، ولا أخبرني بشيءٍ قطُّ أنّه يكون إلّا كان كذلك، لأنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يُخبره بأشياء لا يُخبر بها غيره، ففزعت وخرجت وذلك (كان) عند الفجر، فرأيتُ والله المدينة كأنّها ضَبابٌ لا يستبين فيها أثرُ عين، ثمّ طلعت الشمسُ فرأيت كأنّها كاسفة، ورأيتُ كأنّ حيطان المدينة عليها دمٌ عبيط، فجلستُ وأنا باكٍ وقلت: قُتِلَ والله الحسين، فسمعتُ صوتاً من ناحية البيت وهو يقول:
اصبروا آل الرَّسول * قُتِلَ الفرخُ النَّحول (المِعطاء، الكريم)
نزل الرُّوح الأمين * ببكاءٍ وعويل

 ثمّ بكى بأعلى صوته، وبكيتُ وأثبتُّ عندي تلك الساعة، وكان شهر المحرّم ويوم عاشوراء لعشرٍ مَضين منه، فوجدتُه يوم ورد علينا خبرُه وتاريخه كذلك، فحدَّثت بهذا الحديث (الصَّوْت والشِّعر) أولئك الذين كانوا معه فقالوا: والله لقد سمعنا ما سمعتَ ونحن في المعركة لا ندري ما هو، فكنّا نرى أنّه الخضر صلوات الله عليه وعلى الحسين، ولعن الله قاتلَه والمشيِّع عليه». ( أمالي الصدوق، وعيون أخبار الرِّضا، والخرائج)

* الرواية الثالثة: أورد ابنُ أبي الحديد ما يلي: «قال نصر (بن مزاحم المنقري في «وقعة صِفّين»): وحدّثنا منصور بن سلام التميمي، قال: حدّثنا حيّان التيمى، عن أبي عبيدة، عن هرثمة بن سليم، قال: غزونا مع عليٍّ عليه السلام صفّين، فلمّا نزل بكربلاء صلّى بنا، فلمّا سلّم رفع إليه من تربتها فشمّها، ثمّ قال: واهاً لك يا تربة! ليُحشرَنّ منك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب. قال: فلمّا رجع هرثمة من غزاته إلى امرأته جرداء بنت سمير -وكانت من شيعة عليٍّ عليه السلام- حدّثها هرثمة فيما حدث، فقال لها: ألا أُعجبك من صديقك أبي حسن!
قال: لمّا نزلنا كربلاء، وقد أخذ حفنة من تربتها فشمّها، وقال: واهاً لك أيّتها التّربة! ليُحشرنّ منك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب. وما علمُه بالغَيب؟ فقالت المرأة له: دعنا منك أيّها الرجل، فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يَقُل إلّا حقّاً. قال: فلمّا بعث عبيد الله بن زياد البعث الذى بعثَه إلى الحسين عليه السلام، كنتُ في الخيل التي بعث إليهم، فلمّا انتهيتُ إلى الحسين عليه السلام وأصحابه، عرفت المنزل الذى نزلنا فيه مع عليٍّ عليه السلام، والبقعة التي رفع إليه من تربتها والقول الذي قاله، فكرهتُ مسيري، فأقبلتُ على فرسي حتّى وقفت على الحسين عليه السلام فسلّمتُ عليه، وحدّثته بالذي سمعتُ من أبيه في هذا المنزل، فقال الحسين: أمعَنا أم علينا؟ فقلت: يا ابنَ رسول الله، لا معك ولا عليك، تركتُ ولدي وعيالي أخاف عليهم من ابن زياد، فقال الحسين عليه السلام: فَوَلِّ هرباً حتّى لا ترى مقتلنا، فَوَالّذي نفسُ حسينٍ بيده لا يرى اليوم مقتلَنا أحدٌ ثمَّ لا يُعيننا إلّا دخل النار. قال: فأقبلتُ في الأرض أشتدُّ هرباً، حتى خفيَ عليّ مقتلُهم». ( شرح النهج: 3/169-170)

* الرواية الرابعة: أورد ابن أبي الحديد أيضاً: «روى نصر (بن مزاحم المنقري في «وقعة صِفّين» ص 141)، قال: مصعب بن سلام، قال: حدَّثنا الأجلح بن عبد الله الكندي، عن أبي جُحَيْفَة قال: جاء عُروة البارقي إلى سعيد بن وهب، فسأله وأنا أسمع، فقال: حديثٌ حدّثتنيه عن عليّ بن أبي طالب؟ قال: نعم، بعثني "مِخْنَفُ بنُ سُلَيْم" إلى عليّ، فأتيتُه بكربلاء، فوجدتُه يُشير بيده، ويقول: هاهنا هاهنا، فقال له رجل: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟
 قال: ثَقْلٌ لآل محمَّد ينزل هاهنا، فويلٌ لهم منكم! وويلٌ لكم منهم!
 فقال له الرجل: ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟
 قال: ويلُ لهم منكم تقتلونهم. وويلٌ لكم منهم، يُدخلُكم الله بقتلهم إلى النار.
 قال نصر (بن مزاحم، مؤلّف كتاب «وقعة صفين»): وقد رُوي هذا الكلام على وجهٍ آخر، أنَّه عليه السلام، قال: فويلٌ لكم منهم، وويلٌ لكم عليهم، فقال الرجل: أمّا (ويل لنا منهم) فقد عرفناه، فويلٌ لنا عليهم، ما معناه؟ فقال: ترونهم يُقتلون لا تستطيعون نصرتَهم.
قال نصر: وحدّثنا سعيد بن حكيم العبسي، عن الحسن بن كثير، عن أبيه، أنّ عليّاً عليه السلام أتى كربلاء، فوقف بها، فقيل له: يا أمير المؤمنين، هذه كربلاء، فقال: (ذات كرب وبلاء)، ثمّ أومأَ بيده إلى مكان، فقال: هاهنا موضعُ رحالهم، ومناخُ ركابهم، ثمّ أومأ بيده إلى مكان آخر، فقال: هاهنا مَراق (مِهراق) دمائهم، ثمّ مضى إلى ساباط». (شرح النهج)

* الرّواية الخامسة: أورد الحرّ العاملي في (وسائل الشيعة) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: «خرج أمير المؤمنين عليه السلام يسير بالنّاس حتّى إذا كان من كربلاء على مسيرة ميلٍ أو ميلين، تقدّم بين أيديهم حتّى إذا صار بمصارع الشّهداء قال: (قُبِض) فيها مائتا نبيّ، ومائتا وصيّ، ومائتا سبطٍ شهداء بأتباعهم، فطاف بها على بغلتِه خارجاً رجليه من الرّكاب وأنشأ يقول: مناخُ ركابٍ ومصارعُ شهداء، لا يسبقُهم مَن كان قبلهم، ولا يلحقُهم مَن كان بعدهم».

اخبار مرتبطة

  أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

  القلب والحظوظ الدنيويّة

القلب والحظوظ الدنيويّة

  دورياات

دورياات

منذ يومين

دورياات

نفحات