السّجود على تربة الحسين يخرق الحُجُب السَّبع

السّجود على تربة الحسين يخرق الحُجُب السَّبع

25/11/2011

السّجود على تربة الحسين يخرق الحُجُب السَّبع

صاحب (شفاء الصّدور في شرح زيارة العاشور)، شارحاً:
السّجود على تربة الحسين يخرق الحُجُب السَّبع
----------------------ترجمة وإعداد: «شعائر»------------------

بين يدَي القارىء الكريم، مقتطفٌ بالغ الأهميّة، مترجمٌ من كتاب (شفاء الصُّدور في شرح زيارة العاشور)، للميرزا «أبو الفضل الطهراني» (1273 - 1316 هجريّة) وهو أفضل ما كُتب في شرح زيارة عاشوراء.
يتناول هذا المقتطف شرحَ خَرْق السّجود على التّربة الحسينيّة للحُجُب السّبع.

في كتاب (الإحتجاج) ينقل الشّيخ الثّقة الأمين أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسي، عن «الحِمْيَري» أنّه سأل إمام العصر روحنا له الفداء عن السّجود على لوحٍ متَّخذٍ من طين قبر سيِّد الشهداء عليه السلام، أي القرص المتعارف في هذه الأعصار، فأجاب عليه السلام: «يجوز ذلك وفيه الفضل».
وظاهر تعريف «فضل» (بالألف واللّام) أنّ الفضل منحصرٌ -من بين ما يصحّ السّجود عليه- في السّجود على تربة سيّد الشّهداء.
وفي (التَّهذيب) بسندٍ صحيح عن «معاوية بن عمّار» أنّه كان للإمام الصادق عليه السلام خريطة من ديباج صفراء، فيها من تربة أبي عبد الله عليه السلام، فكان إذا حَضَرته الصّلاة، صّبَّه على سجّادته وسَجد عليه، ثمّ قال: «إنّ السّجودَ على تربة أبي عبد الله عليه السلام يخرقُ الحُجُبَ السّبع».
وظاهر عبارة الحديث أنَّ هذا الكلام هو من تعبير «معاوية بن عمّار» ولكنَّه بعيد، على أنّه إن كان كذلك فهو حُجَّة، لأنَّ الظَّاهر أنّ مثل هذا المحدِّث العظيم الشأن لا يتكلّم بهذا الكلام -الذي هو بنفسه شاهد على صدوره من الإمام- بدون سماعٍ وتلقٍّ.
وفي الوسائل عن (إرشاد) الدَّيْلَمي: «كان الصادق عليه السلام لا يسجد إلّا على تربة الحسين».
والمراد من «الحُجب السَّبع» في حديث «معاوية بن عمَّار» إمّا أن يكون السّماوات السّبع، فيكون المعنى صعود تلك الصّلاة -التي يسجد المصلِّي فيها على التّربة الحسينيَّة- إلى العالم الأعلى، والوصول إلى درجة القُرب الحقيقي، أو يكون المعنى خرْق المعاصي السّبعة التي تمنع من قبول الأعمال وهي حجابُها.
وتلك المعاصي السّبع -التي يرى جمعٌ من الفقهاء انحصار الكبار بها- كما هو مدوّنٌ في الكتب الفقهيّة، هي: أ- الشِّرك. ب- قتل النَّفس. ج- قَذْْفُ المُحصنة. د- أكْل مال اليتيم. هـ- الزِّنا. و- الفرار من الزَّحف. ز- عقوق الوالدين.
ومعنى خرق هذه الحُجب أنّ (السّجود على التّربة) إنْ كان مقترناً بالتّوبة الصّادقة والعزم الثّابت، فإنّ الله تعالى-ببركة هذه التّربة- يعفو عن الذُّنوب السّابقة ويمحوها إنْ شاء الله.
ويُمكن أن يكون المراد من الحُجب السّبع مطابقاً لاصطلاح أهل (علم) الأخلاق، فيكون المعنى خرْق أدناس النَّفس وجنود الجهل، وذلك بناءً على مشرب بعض أهل هذا العلم، حيث يحصر كلِّيات الرّذائل في سبعة أجناس، ويعتبر أنّ سائر المَلَكات الرَّذيلة متشعِّبة منها.
إنّ أصول المَلَكات العادلة أربع: العدالة، والعفَّة، والشَّجاعة، والحكمة، وكلٌّ منها ضدّان ماعدا العدالة فهي طرف واحد.
ضِدُّ العفَّة الشَّره والخُمود. وضدُّ الشَّجاعة الجُبن والتَّهَوُّر. وضدُّ الحكمة البلاهة والجُرْبُزة (استعمال الفكر في ما لا ينبغي)،  وضدُّ العدالة الظُّلم. فهذه صفاتٌ سبع، وهي في الحقيقة طريق جهنَّم.
".." وبناءً على مَشْرَب طائفةٍ من الحكماء الإسلاميّين ممّن يُذكرون في عِداد أرباب المعرفة، يُمكن القول إنّ المراد من الحُجب السَّبعة، الحُجب النّورانيَّة، التي تسمَّى ببلاد المحبَّة، ومراتب الولاية، ومنازل السَّفر الباطني للأولياء، وهذه المقامات السّبعة كما يلي: أ - مقام النّفس، ب - مقام القلب، ج - مقام العقل، د - مقام الرُّوح، ه‍ - مقام السِّر، و - مقام الخَفِيّ، ز - مقام الأخْفى. وهذه الأمور هي باعتبار الثَّبات والملكة مقامات. وباعتبار الزّوال والتَّجدّد هي حالات، ويُمكن أن تكون الإشارة إلى هذه الأمور في فقرة المناجاة الشّعبانية -التي رواها ابن طاوس رضي الله عنه عن ابن خالَوَيْه، وقد شهد العلّامة المجلسي قدّس سرّه باعتبار سندها، وكان أمير المؤمنين وسائر الأئمّة عليهم السلام يواظبون على قراءتها- والفقرة هي: «وأنِرْ أبصارَ قلوبِنا بضياءِ نظرِها إليك، حتى تَخْرِق أبصارُ القلوبِ حُجُبَ النُّور، فتَصِلَ إلى مَعْدَن العظَمة، وتصيرَ أرواحُنا مُعَلَّقةً بِعِزِّ قُدْسِك ".."».
وبناءً على هذا، فالمراد (من خرق السّجود على تربة الحسين عليه السلام للحُجب السَّبع) هو أنّ كلّ مَن خرج من أناه ومن كلِّ ما سوى الله تعالى، وقام إلى الصّلاة بتوجُّهٍ تامٍّ وإقبالٍ مُكتمل، متمسّكاً بحبل ولاية سيّد الشّهداء، وسجد على تربتِه عليه السلام، يُكشف له الغطاء، ويُرفع دونَه الحجاب، فيُشاهد بعين البصيرة وحقيقة الإيمان، أنوارَ جمال المحبوب الحقيقي. بل كلّ مَن وصل إلى هذه المرتبة، فببركتِه -عليه السلام- وصل.
لمؤلّفه:

فيا لها تربة يُرقى بسجدتِها * أقصى معارجِ توحيدٍ وعرفانِ
 تضوَّعِ المسكَ من ذكرى نوافجِها * ولا تَضَوَّعْه من ذكر «نُعمانِ»*
 فمن يرصعْ بها إكليل سؤدَدِه * بنعله رُصِّعت تيجانُ خاقانِ
ِ ولو تأمّلها خضرُ العقول رأى * مرآة إسكندر في عيْنِ حيْوانِ
 كأنّما مُسِحَتْ يوماً بها فَبَدَتْ * بيضاءَ لامعةً كفُّ ابنِ عِمرانِ
 فمَن يشاهدْ بها الأسرارَ كان على * مُلْكِ الحقائِق أعلى من سليمانِ
 فارغب إليها ولا تطلب لها بدلاً * في سلسبيلَ ولا في روضِ رِضوانِ
 فذاك ماءٌ وكالصِّدَّاء ليس وذا * مرعى ولكنّه لا مثلَ سَعْدانِ*

______________________________________
* قوله في البيت الثاني: ولا تَضَوَّعْه من ذكر «نُعمان» إشارة إلى قول الشاعر:
 أَعِدْ ذِكْرَ نُعمانٍ لنا إنَّ ذِكْرَه  هو المِسْكُ ما كَرَّرْتَهُ يَتَضَوََّّع.
* قوله في البيت الأخير: «فذاك ماءٌ وكالصِّدّاء ليس» يشير إلى مَثلٍ من أمثال العرب، وهو: «ماءٌ ولا كالصِّدَّاء»، والصِّدَّاء بتشديد الصاد وكسره، اسم بئرٍ أو عين، كما قال الزُّبيْدي في تاج العروس. وقوله: «لا مثلَ سعدانِ» إشارة ٌإلى مَثَلٍ آخر، وهو: «مرعى ولا كالسَّعدان»، والسَّعدان نبتٌ له شوكٌ وهو أفضل ما تأكله الإبل.



 

اخبار مرتبطة

  أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

أنا قتيلُ هذا الغربِ المُتوحِّش

  القلب والحظوظ الدنيويّة

القلب والحظوظ الدنيويّة

  دورياات

دورياات

26/11/2011

دورياات

نفحات