«رأسُ الحسين».. على الرّمح!

«رأسُ الحسين».. على الرّمح!

منذ 3 أيام

«رأسُ الحسين».. على الرّمح!

«رأسُ الحسين».. على الرّمح!
ـــــــ الفقيه الشيخ جعفر التّستُري ـــــــ


ونظرت.. فرأيتُ «شيئاً» يصعد إلى السّماء، ولكنّه لم يبتعد كثيراً عن الأرض. لم يرتفع عن الأرض إلّا بمقدار ما يرتفع الرّمح! توضّحته.. فوجدتُ «رأساً» على سِنان رمح! توضّحته أكثر.. فإذا هو «رأس الحسين».. على الرّمح!
بعض مشاهد حَمل الرأس على الرُّمح -بتصرفٍ يسير-، كما استَجْلتْها ورسمَتْ روحُ العالمِ الفقيه، والواعظ الشهير صاحب كتاب
(الخصائص الحسينيّة)، في كتابٍ له مترجمٍ للعربية باسْم (الأيّام الحسينيّة).

أمّا الآن.. فقد وقع السّيف من يده، ولم يبقَ له غيركم!
الآن وقتكم لحياطته، للدّفاع عنه، لتفديه بالأنفس!
عليكم أن تنظروا عدّة نظرات. عليكم أن تلتفتوا عدّة إلتفاتات:
واحدة.. أن تنظروا إليه: أين هو؟! وماذا يفعل؟!
وواحدة.. إلى المخيّم حيث يذهب ويجيء!
وواحدة إلى جهة الميدان!
هذه النّظرات.. ينبغي أن تكون متتابعة؛ لأنّ هذا وقتٌ بلغَ فيه الأمر أقصى شدّته!
الآن انظروا إليه.
نظرتُ.. فرأيته:
جالساً على الجواد.. والعسكر قد أحاطَ به، على مقربةٍ منه!
نظرتُ أخرى لأراه..  فما وجدتُه على ظهر الجواد! كان نازلاً من فرسه.. واقفاً وسط الميدان!
نظرت ثالثة، لأراه واقفاً.. ولكنّي لم أجده! كان قاعداً في وسط الميدان!
نظرت مرّةً أخرى.. فلم ترَ عيني شيئاً! والجوُّ مُظلم.. مُدلَهِمّ!
آه!.. واحزناه!
ما يزال لك من أعمالك الآن أربع نظرات..  إلى أربع «أشياء»! بالرّغم من ظلمة الجوّ.. فإنّ هذه «الأشياء» تُشاهَد، ذلك أنّها «أشياءٌ» نورانيّة.
نظرتان منهما إلى السّماء.. حيث «شيئان» يهبطان من السّماء إلى الأرض.. ونظرتان إلى «شيئين» يعرجان من الأرض إلى السّماء.
أمّا النّظرتان الأُولَيان..
فقد نظرت.. فرأيت نوراً. أنعمت النّظر.. فرأيتُ «جبرئيل الأمين» يهبط من السّماء، ولديه كلامٌ يريد أن يقوله!
النّظرة الثّانية منهما.. رأيت فيها نوراً. رأيت النّبي صلّى الله عليه وآله يهبط من السّماء، مغبرّاً، متغيّر الأحوال.. نازعاً عمامته!
هاتان النّظرتان الأُولَيان. أمّا النّظرتان الأُخريان الأرضيّتان..
فقد نظرتُ في أُولاهما.. فشاهدتُ ملَكاً يحمل «قارورة» وعرج بها إلى السّماء. قارورة زمرّديّة كانت.. وفي داخلها «شيء»! ولمّا دقّقت النّظر.. لاح لي فيها «دم». أنعمتُ النّظر.. فرأيتُ «دمَ الحسين» في القارورة التي كان يعرُج بها إلى السّماء!
أمّا ثانية النّظرتَين.. فقد رأيتُ خلالها «شيئاً» يصعد إلى السّماء، ولكنّه لم يبتعد كثيراً عن الأرض. لم يرتفع عن الأرض إلّا بمقدار ما يرتفع الرّمح! توضّحتُه.. فوجدتُ «رأساً» على سِنان رمح! توضّحتُه أكثر.. فإذا هو «رأسُ الحسين».. على الرّمح!
إنّا لله.. وإنّا إليه راجعون.
بين النّاس أنّ هذا العظيم ظلّ ثلاثة أيّام بلا دفن، ولكنّي أقول: إنّه ظلّ أربعين يوماً بلياليها.. من دون دفن! لأنّ عمدة أعضاء البدن: الرّأس. وما لم يُدفَن الرّأس، لا يتمّ التّجهيز.
هنالك أخبار مختلفة حول الرّأس المقدّس، لكنّه –على أيّ حال- قد أُلحق بالبدن الطّاهر.
تدلّ بعض الرّوايات أنّ الشّيعة قد أخفوه، وجاؤوا به عند رأس الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ودفنوه. ويدلّ بعضُها أنّه دُفِن في الشّام. وفي بعضها أنّه دُفن في مصر، وله الآن فيها قبّة ومزار.
ويُروى عن الموكَّل بحمل الرأس الأنور على الرّمح، قوله: كان الرّأس المبارك على الرّمح.. إذ لاح لي فجأة الجمال الفريد لرسول الله صلّى الله عليه وآله.. فمالَ الرّأسُ الأطهرُ من أعلى الرّمح وهبطَ إلى حضنِ رسول الله، ثمّ غاب.
مهما يكن، فإنّ ليومِ الأربعين خصوصيّة الزّيارة. والسرّ فيه قدومُ أهل البيت في هذا اليوم، أو مجيء أوّل زائر «جابر بن عبد الله»، أو دفنُ الرّأس.
على أيّ حال.. علينا التّكفين والتّجهيز.
لا يلزم وجود تابوت؛ لوجود عدّة توابيت: تابوت الطّست الذّهبي! تابوت أعلى الرّمح! تابوت الطَّبَق!
وما من حاجة إلى كفن؛ لأنّ الرّأس كان محفوفاً بنورٍ ساطع، ينبعث منه إلى السّماء، كما ذكر الرّجل الشّامي: «كنت في الحجرة حين رأيت نوراً ساطعاً. نظرت.. وإذا رأسُ الحسين!».
وكما قال الرّاهب: «رأيت نوراً وسط قافلة الرّأس، فأعطيتُ مبلغاً كبيراً، ليكون الرّأس عندي تلك اللّيلة».
أجل.. لا يحتاج إلى كفنٍ أيضاً، ولا إلى حُنوط؛ لأنّ هذا الرّاهب نفسه قد حنّطه بالمسك والكافور.
الذي بقي.. هو غسله!
أترانا قادرين على تغسيله بالماء؟!
لا أدري عن أيّ مصائبه أحكي!
ومع أنَّ البدن المبارك قد ظلَّ بجراحاته ثلاثة أيّام على الأرض، لكنّي أظنّ أنّ مصيبة الرّأس أمضُّ وأفجع:
أَأَذكرُ فصلَ الرّأس عن البدن؟! أم أحكي عن جراحاته؟! أم أتكلّم على نزع عمامتِه؟!
هذا كلّه مصيبتُه الظّاهريّة. أمّا المصيبة الباطنيّة لهذا الرّأس، فهي:
تقديمُه هديّةً لابن سعد! ومنه إلى ابن زياد! ومنه إلى الشّام!
وأمّا المصيبة الظّاهريّة – الباطنيّة!
أَأَحكي عن وضعه أمامَ ابن زياد؟!
أم أتحدّث عن ضحكته.. التي هي أمضُّ المصائب؟!
بعد هذا الدّفن الظّاهري.. عسى أن يكون دُفِنَ في قلبي. وعسى أن لا نُحرم -لذلك- من فيوضاته.
والسّلام عليه وعلى آبائه الطّيّبين وأبنائه الطّاهرين ورحمة الله.


 

اخبار مرتبطة

  آلُ محمّد صلّى الله عليه وآله  بين الحُبِّ والنّصب

آلُ محمّد صلّى الله عليه وآله بين الحُبِّ والنّصب

  سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

  دوريات

دوريات

منذ يومين

دوريات

نفحات