الخشوع ثمرة إدراك العَظَمة

الخشوع ثمرة إدراك العَظَمة

25/12/2011

الخشوع ثمرة إدراك العَظَمة


 

الخشوع ثمرة إدراك العَظَمة
﴿الذين هم في صلاتهم خاشعون﴾
___إعداد: خليل الشيخ علي___



«إنَّ حقيقة الخشوع عبارة عن حالة قلبيّة تحصل للقلب من إدراك الجلال والجمال، وبمقدار ما يدرك القلب منهما تزول عنه الإنّيّة والأنانيّة، فيخضع ويسلّم لصاحب الجلال والجمال».
ما يلي، وقفة على أهمّيّة الخشوع في الصّلاة مقتطفة بتصرّف من كتاب الإمام الخميني قدّس سره (الآداب المعنويّة للصلاة) لأهميّته في تحصيل الهدف من إقامة الفرض.


إنَّ من الأمور اللّازمة للسّالك في جميع عباداته ولا سيّما في الصّلاة التي هي رأس العبادات، ولها مقام الجامعيّة، الخشوع.
وحقيقتُه [الخشوع] عبارةٌ عن الخضوع التّام الممزوج بالحبِّ أو الخوف، وهو يحصل من إدراك عَظَمة الجلال والجمال وسطوتِهما وهيبتِهما. ".." ومراتب الخشوع على حسب مراتب إدراك العظمة والجلال والحُسن والجمال، وحيث أنَّ أمثالنا من نور المشاهدات محرومون، فلا بدَّ أن نكون بصدد تحصيل الخشوع من طريق العلم أو الإيمان. قال تعالى: ﴿قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون﴾ المؤمنون:1-2، فجعل الخشوع في الصّلاة من حدود الإيمان وعلائمه. فكلّ مَن لم يكن خاشعاً في الصّلاة فهو خارج عن زُمرة أهل الإيمان، طبقاً لِما قاله الذات المقدَّسة الحقُّ تعالى شأنه. قال الصادق عليه السلام: «إذا دخلتَ في صلاتك فعليك بالتخشّع والإقبال على صلاتك، فإنّ الله تعالى يقول: ﴿الذين هم في صلاتِهم خاشعون﴾».

أُخرج من الأنا لِتَخشع

إنَّ حقيقة الخشوع عبارة عن حالة قلبيّة تحصل للقلب من إدراك الجلال والجمال، وبمقدار ما يدرك القلب منهما تزول عنه الإنّيّة والأنانيّة، فيخضع ويسلّم لصاحب الجلال والجمال. وبهذه العناية نُسِب الخشوع إلى الأرض والجبال، فإنَّ الأرض مسلّمة للعوامل الطبيعيّة وليس لها إرادة في إنبات النّبات، بل هي تسليم محض، قال تعالى: ﴿ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة..﴾ فصلت:39. وهكذا الجبل بالنسبة إلى نزول القرآن، فإنَّ أنّيّة الجبل تندكّ ولا يُمكنه المقاومة، قال تعالى: ﴿ولو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدّعا من خشية الله﴾ الحشر:21

عالمٌ كافر
.

بما أنّ صلواتنا ليست مشفوعة بالخشوع فإنَّ ذلك ناجم إمّا عن نقص الإيمان، أو فقدانه. وإنَّ الإعتقاد والعلم مغايران للإيمان، فالعلم بالله وأسمائه وصفاته وسائر المعارف الإلهيّة الذي يوجد فينا، مغاير للإيمان وليس بإيمان. والدّليل على ذلك أنَّ الشّيطان، كما يشهد له الذّات المقدّسة الحقّ، عالمٌ بالمبدأ والمعاد ومع ذلك فهو كافر، لأنّه يقول: ﴿..خلقتني من نار وخلقته من طين﴾ الأعراف:12 فهو إذاّ يعترف بالحقّ تعالى وخالقيّته، ويقول: ﴿..أنظرني إلى يوم يبعثون﴾ الأعراف:14 فيعتقد بالمعاد، وهو كذلك عالِم بالكُتب والرُّسُل والملائكة، ومع ذلك كلّه خاطبه الله سبحانه بلفظ الكافر، وأَخرجه من زمرة المؤمنين.
فإذاً يمتاز أهل العلم من أهل الإيمان، وليس كلّ مَن هو مِن أهل العلم أهلٌ للإيمان، فيلزم للسّالك أن يُدخل نفسه في سلك المؤمنين بعد سلوكه العلمي، ويوصل إلى قلبه عظمة الحقّ وجلاله، وبهاءه، وجماله جلّت عَظَمتُه كي يخشع قلبه، وإلَّا فمجرَّد العلم لا يوجب خشوعاً "..".

كلّ الأنس في طلب الخشوع

عزيزي، إنَّ تحصيل الكمال وزاد الآخرة يستدعي طلبا وجدّاً؛ وكلّما كان المطلوب أعظم، فهو أحرى بالجدّ.
ومن الواضح أنَّ معراج القُرب إلى حضرة الألوهيّة، ومقام جوار ربّ العزّة، لا يتيسَّر مع هذه الرّخاوة والفتور والتّسامح، فيلزمك القيام الرّجولي حتّى تصل إلى المطلوب، وطالما أنّك تؤمن بالآخرة وتعلم بأنَّ النّشأة الآخرة لا يمكن أن تُقاس بهذه النّشأة من حيث السعادة والكمال، ولا في جانب الشّقاوة والوبال، ".." فلا بدّ لك من الجدّ التّام في طلبها ولا تتضايق في السّعي إليها ومن تحمُّل المشاقّ في سبيلها مع أنّه ليس فيها مشقّة، بل إنّك إذا واظبت عليها مدّة يسيرة، وحصل لقلبك الأنس بها، لتجدنَّ في هذا العالم من المناجاة مع الحقّ تعالى شأنه لَذّات لا يُقاس بها لذّة من لذّات هذا العالم.

اخبار مرتبطة

  آلُ محمّد صلّى الله عليه وآله  بين الحُبِّ والنّصب

آلُ محمّد صلّى الله عليه وآله بين الحُبِّ والنّصب

  سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

  دوريات

دوريات

25/12/2011

دوريات

نفحات