الذِّكر فِكر ويَقظة

الذِّكر فِكر ويَقظة

25/12/2011

الذِّكر فِكر ويَقظة

﴿فاذكُروني أَذكُركم..﴾
الذِّكر فِكر ويَقظة
____إعداد: عبدالله النابلسي____




«فإذا كنت سالكاً لطريق الآخرة ومهاجراً ومسافراً إلى الله، إجعل قلبك معتاداً على تذكّر المحبوب، واعجِن قلبك مع ذكر الحقّ تبارك وتعالى». الإمام الخميني قدّس سرّه
ما يلي، مقتطف من كتاب (الأربعون حديثاً) للإمام الخميني قدس سرّه تقدّمه «شعائر» بتصرّف عن خصال الذّاكرين ومقامهم عند الله تعالى.
  

عن الإمام الباقر عليه السلام: «مكتوب في التوراة التي لم تُغيَّر أنّ موسى عليه السلام سأل ربّه، فقال: يا ربِّ، أقريب أنت منّي فأناجيك، أم بعيد فأناديك؟ فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليه: يا موسى، أنا جليس مَن ذكرني. فقال موسى: فمَن في سترك يوم لا ستر إلَّا سترك. فقال: الذين يذكرونني فأذكرهم ويتحابّون فيّ فأحبّهم، فأولئك الذين إذا أردتُ أن أُصيب أهل الأرض بسوءٍ ذكرتهم فدفعتُ عنهم بهم».

يذكر العلامة المحقِّق المجلسي رضوان الله تعالى عليه في شرح حديث الإمام الباقر عليه السلام: «كان الغرض من السُّؤال عن آداب الدُّعاء مع علمه بأنّه أقرب إلينا من حبل الوريد، هو أنّني إذا نظرتُ إليك فأنت أقرب من كلّ قريب، وإذا نظرتُ إلى نفسي أجدني في غاية البُعد عنك، فلا أدري في دعائي أنظر إلى حالي أو إلى حالك؟».
ومن المحتمل أنَّ النّبي موسى عليه السلام في الحديث المذكور يعرض عجزه عن كيفيّة دعائه لله تعالى فيقول: إلهي أنت منزَّه من الإتّصاف بالقُرب والبُعد، فأنا متردِّد لا أجد دعاءً يليق بعظمتك وجلالك، فاسمح لي أن أناديك وعلِّمني كيفيّة ندائك، واهدني إلى ما يتناسب ومقام قدسك في هذا المجال.
فأتى الجواب من مصدر العزّة والجلال: بأنّني حاضر حضور القيوميّة في جميع النشآت، وأنّ هذه العوالم بأسرها حاضرة لديّ. أنا جليس مَن يذكرني ونديم مَن يتحدّث معي.
وما ورد في بعض الآيات الشريفة من الكتاب الإلهي الكريم من توصيف الحقّ المتعالي بالقرب هو من باب المجاز والإستعارة. كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ..﴾ البقرة:186، وقوله عزّ من قائل: ﴿..نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ ق:16.

مراتب الحب

من الواضح أنّ للحبّ في الله من جهة الخلوص والخلوّ من الشّوائب مراتب كثيرة ودرجات عديدة، والحبّ الخالص التّام هو الحبّ المَحْض الفارغ من شَوْب كثرات الأسماء والصّفات، وهو الموجب لحصول الحبّ التّام. والمحبوب المطلق في شريعة العشّاق، لا يكون محجوباً عن الوصال، ولا يُبقي بينه وبين محبوبه حجاباً.
وبهذا البيان نستطيع أن نوفّق بين سؤالَي النّبي موسى عليه السلام، لأنّه عليه السلام سمع من حضرته تعالى بأنّه عزَّ وجلَّ جليس مَن ذكره، وسمع من محبوبه أُمنيته من الوعد بالوصال والوصول إلى الجمال، أراد أن يستقصي أهل الوصال حتى ينهض بالمسؤوليّة مع كافّة الشّؤون المتوجّبة عليه، فقال: «.. فمَن في سترك يوم لا ستر إلَّا سترك لي..؟». فقال هم طائفتان: الذين يذكرونني ابتداءً، والذين يتحابّون لأجلي حيث يكون تذكُّراً في مظهر جمالي التّام، الذي هو الإنسان. لإنّهما -الطّائفتان- في مأمني وجلسائي وأنا جليسهم.

مواهب الباري للذّاكرين

تبيّن أنّ لهاتين الطّائفتين خصلة عظيمة واحدة، ونتاج عظيم آخر، إذ أنّهم يذكرون الله فينقلبوا -بذكرهم له- محبوبين للحقّ المتعالي، ونتيجته أنّهم يستقرّون في ستره سبحانه وملجئه يوم لا ستر فيه، ويختلي بهم الحقّ عزَّ وجلَّ في المحلّ الأرفع.
ومن خصال هاتين الطّائفتين أنّ الله سبحانه يرفع لكرامتهم العذاب عن عباده، بمعنى أنّه ما دامت الطّائفتان تعيشان بين العباد، لا يُنزل الله سبحانه العذاب على الناس.
فيا أيّها العزيز، مهما تتحمّل من الصّعاب في سبيل الذّكر والتّذكّر للحبيب -الحقّ سبحانه- كان ذلك قليلاً. فإذا كنت سالكاً لطريق الآخرة ومهاجراً ومسافراً إلى الله، إجعل قلبك معتاداً على تذكّر المحبوب، واعجِن قلبك مع ذكر الحقّ تبارك وتعالى.




 

اخبار مرتبطة

  آلُ محمّد صلّى الله عليه وآله  بين الحُبِّ والنّصب

آلُ محمّد صلّى الله عليه وآله بين الحُبِّ والنّصب

  سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

سببُ ازديادِ حُبِّ الدّنيا

  دوريات

دوريات

25/12/2011

دوريات

نفحات