تصميم دروس عاشورائية - 3

تصميم دروس عاشورائية - 3

29/01/2006

القسم الثالث مما تقدم الحديث عنه تحت هذا العنوان

القسم الثالث مما تقدم الحديث عنه تحت هذا العنوان

(3)

المجلس الثالث:

علم الإمام


المستوى الأول:

قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد:

* وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين [ الأنبياء 73 ] *

لابد للناس من إمام:

قاعدة عامة جرى عليها الناس عبر القرون، وهي الأصل في استمرار النبوات إلى خاتم النبيين صلى الله عليه وآله، وقد أجمع المسلمون على ما نص عليه المصطفى الحبيب من اثني عشر خليفة من بعده كلهم من قريش، ولئن وقع الإختلاف في تحديدهم بالإسم ومن هم؟ فإنه عندنا من الواضحات، فقد نص رسول الله صلى الله عليه وآله، عليهم بأسمائهم وروى ذلك الشيعة والسنة، بما لامزيد عليه.

* الأئمة الإثنا عشر من وجهة نظر سنية:

عندما نرجع إلى سيرة الأئمة الأحد عشر، ونستعرض ماقاله السنة عن كل منهم، نجد أن الجميع متفقون على علمهم وفضلهم وتقدمهم على من سواهم.

وعندما نرجع إلى الروايات التي أكد فيها رسول الله صلى الله عليه وآله على فضائل أهل البيت نجد أن الجميع متفقون عليها، بل لانجد أحداً يرى عدم انطباقها على هؤلاء الأئمة وعلى الصديقة الزهراء عليها السلام. من هذه الروايات أنهم أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، ومنها أنهم والقرآن الكريم لن يفترقا إلى يوم القيامة" حتى يردا عليَّ الحوض".

وهذا كما ترون صريح في وجود إمام من أهل البيت عليهم السلام في كل عصر.

الإمام المهدي:

أما بالنسب إلى الإمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه الشريف، فإن الأمة مجمعة على أنه سيظهر حتماً وجزماً، وعلى أنه م ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنه المهدي المنتظر.

وفي ما يتبنى عدد كبير من علماء السنة يبلغ المئات من مشاهير القوم وكبارهم، كل مانتبناه حوله عليه السلام، وقد ألف عدد يقارب الثلاثين عالماً منهم كتبا حول الإمام المهدي ابن الإمام العسكري، استطاع طواغيت الجور أن يزرعوا الخلاف بين السنة، فانتشر بينهم مايخالف الموجود في مصادرهم الأساسية، حتى غدا من الأغلاط الشائعة أن السنة لايعتقدون بوجود الإمام المهدي.

الحسنان عليهما السلام:

يجمع المسلمون جميعاً على مكانة خاصة ومنزلة عظيمة متميزة للحسنين عليهما السلام، فطالما رأى الصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله يكرمهما ويأمر الأمة باحترامهما وحبهما، وهو صلى الله عليه وآله كما قال الله تعالى فيه: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وآله بلغ الأمة والأجيال عن الله تعالى التزام موقف الحسنين وحبهما عليهما السلام.

يروي المسلمون جميعاً عنه صلى الله عليه وآله:

1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني الحسن والحسين[1]

2- " من أحبني فليحب هذين ".[2]

3- " ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم علي وبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ".[3]

4- " أللهم إنى أحبهما فأحبهما ".[4]

5- " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أحب الحسن والحسين فقد أحبنى ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ".[5]

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تثبت وجوب اتباع الأمة الحسنين، وعدم التفرق عنهما، وأن من ييبغضهما ويحاربهما فقد أبغض رسول الله صلى الله عليه وآله، وحاربه.

* والسؤال: لماذا لم تلتزم الأمة بأوامر رسول الله صلى الله عليه وآله، فوقف الأكثرون مع معاوية ضد الإمام الحسن عليه السلام، ومع يزيد بن معاوية ضد الإمام الحسين عليه السلام.

* لانطرح هذا السؤال لنبش مساويء أعداء الله ورسوله للتشفي، بل لأننا مأمورون من رسول الله صلى الله عليه وآله أن نكون مع الحسنين وفي خطهما ونهجهما الذي هو خط رسول الله صلى الله عليه وآله ونهجه.

* تتوقف سلامة المعتقد على الإجابة على هذا السؤال وغيره من الأسئلة التي قد تبدو تاريخية، ولكنها في الحقيقة في صلب المعتقد.

* وفي أجواء عاشوراء، ومجالس سيد الشهداء عليه السلام، من الطبيعي أن يتركز الحديث عن سبب تخاذل الأمة عن نصرة سيد الشهداء عليه السلام.

*من الواضح أن الروايات المتقدمة عن رسول الله صلى اله عليه وآله، وهي قليل من كثير، لاتدع مجالاً لأدنى شك في أن الذين وقفوا مع سيد الشهداء هم وحدهم الذين التزموا أوامر رسول الله صلى الله عليه وآله، في حين سقط في الإمتحان المحمدي كل من لم ينصر سيد الشهداء عليه صلوات الرحمن، بل وانقلب على الأعقاب وأعلن بموقفه الخروج من دين الله تعالى.

* كما أن من الواضح أن هذه النتيجة الهائلة المرعبة، ستحمل الكثيرين على البحث عن مبررات، وعلى سلوك الطرق الملتوية لعلهم يجدون مبرراً للقعود، والتخاذل.

* وقد طرحت عبر الأجيال إجابات واهية، وأثيرت شبهات هزيلة، تهدف كلها إلى التوفيق بين توجيهات رسول الله وأوامره صلى الله عليه وآله، وبين تبرئة يزيد والأمويين، والبحث عن أعذار لمن تخلف عن نصرة الإمام الحسين عليه السلام.

* من جملة هذه الشبهات الواهية، أنه عليه السلام نُصح فلم يقبل النصيحة، ويطنب المتحدثون بذكر الشواهد التاريخية فيذكرون كل من تكلم معه عليه السلام، من المحبين والمعادين: عبد الله بن عباس، عبد الله بن جعفر، محمد بن الحنفية، أم سلمة، عبد اله بن عمر، عبد الله بن الزبير، والي مكة، عبد الله بن مطيع، الفرزدق الخ وهم يردون من خلال تسليط الضوء على ذلك أن يقولوا: لقد كان واضحاً جداً لكل هؤلاء وغيرهم، أن أهل الكوفة سيخذلون الإمام الحسين عليه السلام، ولكنه لم يقبل النصيحة!!!

ويريدون ضمناً أن يرفعوا المسؤولية عن كاهل من لم يلتحق بالإمام، فقد كانت خسارة الجولة واضحة تماماً، وبالتالي لم يكن يوجد أي داعٍ منطقي يفرض على الأمة اللحاق بالإمام؟!

· والعجيب أن هؤلاء يتناسون أن هذه النتيجة العقيمة التي يصلون إليها، تحمل التشكيك برسول الله صلى الله عليه وآله، والدليل: أنه صلى الله عليه وآله إما أنه كان يعلم بما سيقوم به الإمام الحسين أو لا. فإن كان لايعلم فقد نفينا أن توجيهاته صلى الله عليه وآله شاملة لكل الأجيال، ونفينا بالتالي أن نبوته إنما هي" للعالمين".

ونفينا كذلك علمه بإذن الله تعالى بما يقع في المستقبل، وكل ذلك يخالف ما أجمع عليه المسلمون.

· وإن كان يعلم ومع ذلك أمر الأمة بأجيالها أن تكون مع الحسين، وأن تحب الحسين، وأن تبغض من يبغض الحسين لأن هذا المبغض له، مبغض لرسول الله صلى الله عليه وآله، فإن هذا يثبت أن الإمام الحسين عليه السلام كان على الحق، وأن من نصحوه من المحبين لهم أهدافهم التي لاتتنافى مع الوقوف معه إن لم يسمع منهم، وأن الذين نصحوه من غير المحبين لم يكونوا ناصحين في الحقيقة، بل كانوا ممن يرد على رسول الله صلى الله عليه وآله أوامره، والراد عليه راد على الله تعالى.

· هل كان الإمام يعلم بتخاذل الكوفيين، وبالتالي هل كان يعلم بشهادته؟

· والأشد عجباً مما تقدم أن هؤلاء وغيرهم ينسون أو يتناسون أن التأكيد على هذه" النصائح" التي وجهت للإمام الحسين عليه السلام، تكشف بطلان شبهة أخرى طالما تمسك بها ضعاف العقيدة، وهي اليوم أكثر رواجاً من السابق، وهي الشبهة التي تقول: إن الإمام الحسين لم يكن يعلم بتخاذل الكوفيين عنه، وأن ذلك يؤدي إلى استشهاده؟

· كيف تكشف النصائح زيف هذه الشبهة؟

· إذا كان كل هؤلاء الذين أشاروا على الإمام بعدم التوجه إلى الكوفة، يعرفون بتخاذل الكوفيين، فمعنى ذلك أن التخاذل الكوفي كان في غاية الوضوح حتى لسائر الناس، فكيف لايكون الإمام الحسين عليه السلام عالماً بذلك، وهو أكثر الخلق معاناة لما تجرعه منهم أبوه وأخوه عليهم جميعاً السلام.

* إخبار النبي بشهادة الإما الحسين عليه السلام:

وكيف يتناسى هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وآله، أخبر الأمة بشهادة الإمام الحسين عليه السلام في العراق، وفي كربلاء بالتحديد، وهل يعقل أن الصحابة تناقلوا هذه الروايات وأوصلوها إلى الأجيال، ولم يكن الإمام الحسين على علمٍ بها.

من هذه الروايات كما في المصادر السنية:

1- عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "ان جبريل أتانب فأخبرني ان ابني يقتل قلت فارنى إذا فأتاني بتربة حمراء . رواه الطبراني باسنادين وفيهما من لم أعرفه.

2- وعن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم جالسا ذات يوم في بيتى قال لا يدخل على أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكى فاطلت فإذا حسين في حجره والنبى صلى الله عليه( وآله ) وسلم يمسح جبينه وهو يبكي فقلت والله ما علمت حين دخل فقال ان جبريل عليه السلام كان معنا في البيت، ".." قال إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء فتناول جبريل من تربتها فأراها النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فلما أحيط ب "ال" حسين حين قتل قال ما اسم هذه الارض؟ قالوا كربلاء فقال صدق الله ورسوله كرب وبلاء، وفى رواية صدق رسول الله صلى الله عليه( وآله ) وسلم أرض كرب وبلاء.

3- وعن أم سلمة قالت كان الحسن والحسين يلعبان بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتى فنزل جبريل فقال يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك وأومأ بيده إلى الحسين فبكى رسول الله صلى الله عليه( وآله ) وسلم وضمه إلى صدره ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم سلمة وديعة عندك هذه التربة فشمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ويح "." كرب وبلاء قالت وقال رسول الله صلى الله عليه( وآله ) وسلم يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل قال فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول إن يوما تحولين دما ليوم عظيم.

4- وعن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه( وآله ) وسلم لنسائه لا تُبكوا هذا الصبي يعنى حسيناً قال وكان يوم أم سلمة فنزل جبريل فدخل رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم الداخل وقال لأم سلمة لا تدعي أحدا أن يدخل على فجاء الحسين فلما نظر إلى النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم في البيت أراد أن يدخل فأخذته أم سلمة فاحتضنته وجعلت تناغيه وتسكنه فلما اشتد في البكاء خلَّت عنه فدخل حتى جلس في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فقال جبريل للنبى صلى الله عليه ( وآله ) وسلم إن أمتك ستقتل ابنك هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم يقتلونه وهم مؤمنون بى قال نعم يقتلونه فتناول جبريل تربة فقال بمكان كذا وكذا فخرج رسول الله صلى الله عليه( وآله ) وسلم قد احتضن حسيناً كاسف البال مغموماً فظنت ام سلمة أنه غضب من دخول الصبى عليه فقالت يا نبي الله جعلت لك الفداء انك قلت لنا لا تبكوا هذا الصبي وأمرتني ان لا أدع أحدا يدخل عليك فجاء فخليت عنه فلم يرد عليها فخرج إلى أصحابه وهم جلوس فقال إن أمتى يقتلون هذا وفى القوم أبو بكر وعمرو كانا أجرأ القوم عليه، فقالايا نبي الله وهم مؤمنون قال نعم وهذه تربته وأراهم إياها.[6]

* وفي المصادر السنية أيضاً الكثير مما روي عن الإمام علي عليه السلام حول شهادة الإمام الحسين عليه السلام، من ذلك:

1- عن أبى خيرة قال صحبت عليا رضى الله عنه حتى أتى الكوفة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال كيف أنتم إذا نزل بذرية نبيكم بين ظهرانيكم قالوا إذا نبلى الله فيهم بلاءا حسنا فقال والذى نفسي بيده لينزلن بين ظهرانيكم ولتخرجن إليهم فلتقتلنهم ثم أقبل يقول : هم أوردوه بالغرور وغردوا * أجيبوا دعاه لا نجاة ولا عذرا.[7]

2- وعن على قال ليقتلن الحسين وإنى لاعرف التربة التى يقتل فيها قريبا من النهرين .[8]

* وقفة مع الروايات:

تكفي نظرة في الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ماتقدم منها وغيره، لإثبات أن رسول الله صلى الله عليه وآله، تحدث عن تفاصيل كثيرة حول شهادة الإمام الحسين عليه السلام، فنجد فيها التصريح باسم المنطقة التي يستشهد فيها، وأرى الصحابة تربتها، بل نجد في بعضها التصريح من رسول الله صلى الله عليه وآله بسنة استسهاده عليه السلام، بل وذكر مكان استشهاد الإمام، فقد روي عنه صلى الله عليه وآله: "عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل حسين بن على على رأس ستين من مهاجري . ".."وباسناده قالت قال رسول الله صلى الله عليه( وآله ) وسلم يقتل الحسين حين يعلوه القَتِير". أضاف في المصدر: قال الطبراني القتير : الشيب .[9]

* وفي الروايات من التفاصيل غير ماتقدم الكثير جداً.

بل نجد فيها، وفي مصادر الفريقين بالإضافة إلى ماتقدم، أن الإمام الحسين عليه السلام تحدث بتفاصيل كثيرة قبل استشهاده، وأنه كان قبل سنة ستين للهجرة قد أخبر أن عمر بن سعد هو الذي يحاربه.[10]

*الربط بالمصيبة:

جاء في المصادر:

عن( الإمام ) الباقر صلوات الله عليه قال : " لما أراد الحسين صلوات الله عليه الخروج إلى العراق بعثت إليه أم سلمة رضي الله عنها ".." وكان أحب الناس إليها، وكانت أرق الناس عليه، وكانت تربة الحسين عندها في قارورة دفعها إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فقالت : " يا بني ، أتريد أن تخرج ؟ فقال لها : يا أُمه، أريد أن أخرج إلى العراق . فقالت : إني أذكرك الله تعالى أن تخرج إلى العراق . قال : ولم ذلك يا أمه . قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : " يقتل ابني الحسين بالعراق ، وعندي يا بني تربتك في قارورة مختومة دفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

فقال : يا أماه والله إني لمقتول، وإني لا أفر من القدر المقدور، والقضاء المحتوم ، والأمر الواجب من الله تعالى . فقالت : واعجباه ، فأين تذهب وأنت مقتول ؟ فقال : يا أُمه، إن لم أذهب اليوم ذهبت غداً، وإن لم أذهب غداً لذهبت بعد غد، وما من الموت - والله يا أمه - بد، وإني لأعرف اليوم والموضع الذي أقتل فيه، والساعة التي أقتل فيها، والحفرة التي أدفن فيها، كما أعرفك، وأنظر إليها كما أنظر إليك. قالت : قد رأيتها ؟ ! قال : إن أحببت أن أريَك مضجعي ومكاني ومكان أصحابي فعلت . فقالت : قد شئتها . فما زاد أن تكلم بسم الله ، فخفضت له الأرض حتى أراها مضجعه، ومكانه ومكان أصحابه، وأعطاها من تلك التربة ، فخلطتها مع التربة التي كانت عندها، ثم خرج الحسين صلوات الله عليه، وقد قال لها : إني مقتول يوم عاشوراء. فلما كانت تلك الليلة التي صبيحتها قتل الحسين بن علي صلوات الله عليهما فيها أتاها رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام أشعث باكيا مغبراً " ، فقالت : يا رسول الله، مالي أراك باكيا مغبراً أشعث ؟ ! فقال : دفنت ابني الحسين عليه السلام وأصحابه الساعة. فانتبهت أم سلمة رضي الله عنها فصرخت بأعلى صوتها، فقالت : واإبناه . فاجتمع إهل المدينة وقالوا لها : ما الذي دهاك ؟ فقالت : قتل ابني الحسين بن علي صلوات الله عليهما . فقالوا لها : وما علمك [ بذلك ] ؟ قالت : أتاني في المنام رسول الله صلوات الله عليه باكياً أشعث أغبر ، فأخبرني أنه دفن الحسين وأصحابه الساعة. فقالوا : أضغاث أحلام قالت : مكانكم، فإن عندي تربة الحسين عليه السلام ، فأخرجت لهم القارورة فإذا هي دم عبيط ".[11]


***

* علم الإمام : المستوى الثاني:

قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد:

* وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلمات فأتمهن، قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين [ البقرة 124 ] *

من بين المحاور التي تؤكدها الآية الكريمة:

وجود أئمة معصومين من ذرية نبي الله إبراهيم على نبينا وآله وعليه السلام، والمراد بهم بشكل خاص الأئمة من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله.

*روي عن الإمام الرضا عليه السلام: "... إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره فقال : * ( إني جاعلك للناس إماما ) * فقال الخليل ( عليه السلام ) سروراً بها : * ( ومن ذريتي ) * قال الله تبارك وتعالى : * ( لا ينال عهدي الظالمين ) * فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ، ثم أكرمها الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال : * ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ) * فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرناً فقرناً حتى ورَّثها الله تعالى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال جل وتعالى : * ( إن أَوْلى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) * فكانت له خاصة فقلدها ( صلى الله عليه وآله ) علياً ( عليه السلام ) بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان "..." إن الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء، إن الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ومقام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وميراث الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ان الإمامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، إن الإمامة أُسُّ الإسلام النامي

اخبار مرتبطة

نفحات