بسملة

بسملة

17/05/2012

تمام النِّعمة
الشيخ حسين كوراني


تمام النِّعمة
• الشيخ حسين كوراني

«على الشَّرق أن يَصحو، ويفصل مصيرَه عن الغرب..».
الإمام الخميني قدّس سرّه


تُشرق شمسُ البعثة النبويّة هذا العام -1433 هجريّة- والأمّة، والعالم كلُّه أفضل حالاً رغم الجِراح البليغة. الفراعنةُ الكبار في مراوحَةٍ أو انحسار. والصّغارُ مشغولون بأنفسِهم. هجومُهم دفاع. بل دفاعُ اليائس وقد لفَّه الزوال.
تسبَّب اهتزازُ الخارطة السياسيّة حتّى الآن بدفنِ مشروع «إسرائيل العظمى»، و«الكبرى»، و«سايكس بيكو»، و«المسألة الشّرقية»، و«الشرق الأوسط الجديد»، و«النّظام الدّولي – الأميركي» الجديد.
* قال مفجّر صحوة المستضعفين، الإسلاميّة، العالميّة، الإمام الخميني:
«على "الشَّرق" أن يَصحو، ويفصل مصيرَه عن الغرب قدْر استطاعتِه. إذا استطاعَ أن يفعل ذلك، فعَليه أن يواصلَ الإصرارَ عليه حتّى النهاية، أمّا إذا لم يُمكنه الآن، فعليه أن يسعى لتحقيق ذلك بمقدار ما يتمكّن، ليُنقذ ثقافتَه على الأقل».
وها هو الشرق في مرحلةٍ متقدّمةٍ من صحوتِه. كُسِر الطَّوق، وتصدَّع القُمقُم.
لم يتحقّق بعدُ أملُ فصلِ مصيرِ الشّرق عن الغرب. واصلَ المستضعفون السّعيَ لذلك فقَطعوا أشواطاً ضوئيّة، وعلى الله قصدُ السّبيل.
 شرطان لا بدّ منهما، ليُحقِّق الشّرقُ فصلَ مصيرِه عن الغرب:
1- الثّبات في خطّ البِعثة النبويّة الخاتمة.
2- الحذر من خطرِ الغزو الثقافيّ، وثوراتِه المضادّة.

***

لا ثباتَ في خطِّ البعثة، إلّا بالتمسُّك بالكتاب والعِترة «ما إنْ تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً».
ولا يتحقّق واجبُ توحيد الأمّة المقدّس، إلّا إذا أيقنَ الجميع وتصرّفوا على أساس ما يعتقد به الشّيعة والسنّة: لا يستمرّ في مسار البِعثة، بل ولا يؤمن بالبِعثة وسيّدِ النبيّين، مَن لا يحبُّ أهلَ البيت عليهم السلام.
«النّواصب» ليسوا مسلمين. إنّهم الوجهُ الآخر للغدّة السّرطانيّة التي تُطيل ليلَ الجسدِ الواحدِ بضروبِ المعاناة، وتَحولُ بينَه وبين السّلامة والمعافاة.
فرادةُ توحيد محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، هي السببُ في أمرِ الله تعالى بالوصول إليه من طريقِ خيرِ الخَلْق وسيّدِ الأنبياء والأوّلين والآخرين: ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتّبعوني يُحببْكم الله..﴾ آل عمران:31.
فرادةُ محمّديّة أهل البيت عليهم السلام أنّهم التجلّي الأتمّ للشَّهادتين: لله تعالى بالوحدانيّة وللنبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله بالنبوّة.
لذلك أمر اللهُ تعالى، وأجمع المسلمون على ما أمَر: واجب «المودّة في القُربى» في خطِّ «أللّهمّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد».

***

ينطلق الحذرُ من الغزو الثقافي من أصلَين: إدراك خطورته أوّلاً بحيث إنّه مصدر سائر المَخاطر. والحذر الشديد والمنهجيّ من الثورة المضادّة التي شنَّها الغرب إثرَ استشعارِه أنّ المشروعَ الإسلامي -في هذا المقطع القصير من عمر الزّمن- أحرز التّقدّمَ القياسيّ في مجال عالميّة الإسلام.
بعيداً عن تسطيح الأمور تحت عناوين ثبّتَ الغزو الثقافيّ تنميطَها وصنميّتَها، من قبيل «عقدة المؤامرة» أو «الإنفتاح بلا حدود»، وبعيداً عن صنميّة مفاهيم التحجّر من قبيل «التوكّل» الأعمى، أو «الثّقة بوعد الله» دون الأخذ بأسباب القوّة في جميع الميادين، بعيداً عن هذين البُرقُعَين، يجب التّنبُّه للخُطط الثّقافيّة المُعادية، والأموال الطّائلة التي تُرصَد لمراكز الدراسات والأبحاث -خصوصاً في مجال الإدارة- وتُرصَد لأُطُر «التّنمية» وغيرها، مروراً بستار نشرِ «الإسلام الدّيمقراطي» كما فعلت مؤسّسة «راند» وصولاً إلى الفيلم والرّواية وكلّ سموم الإعلام والإعلان.
عندما يصل انفتاحُ التربويّ في مدرسةٍ إسلاميّة -مثلاً- إلى حدّ التقليد في المناهج الدراسيّة وعلمِ الإدارة، فمَعنى ذلك أنّ هذا التّربويّ خارج مشروع الأمّة واستمرار البِعثة وإنْ صامَ وصَلّى، أو خطّطَ لإقامة الصّلاة في وقتِها في المدرسة، خلافاً للسّائد لشديدِ الأسف.
تجدُر الإشارة إلى أنّ وزير الثقافة الأميركيّ أصدر قبل سنوات قراراً بمنعِ الإختلاط بين الجِنسين في المدارس بسببِ انخفاضِ معدّلات الطلّاب الدراسيّة، وما تزال بعضُ المدارس الإسلامية -وربّما المعاهد الدينيّة- تقلِّدُ الغرب في هذا المجال. 

***

بعد تحقيقِ سَلامة المسار في خطّ البِعثة، وتأمين الحذرِ من الغَزو الثّقافي، تقعُ مسؤوليةُ إبلاغِ خطاب البِعثة النبويّة إلى العالَم المتعطِّشِ إلى حنانِ الوَحي والرّحمة الواسعة، وثقافةِ العدل ونُصرةِ المظلوم، ورفعِ الظّلم، وإحقاقِ الحقّ.
مهمّةُ إبلاغ الخطابِ النّبويّ إلى العالمين، رهنُ «اليقين الثّقافي» المُبرّأ من شوائب التّبعيّة والهَجانة الثقافيّة.
من خصائص «اليَقين الثّقافي» أنّ البشريّة بحاجة إلى «البِعثة»، ومن خصائص «الإستلاب الثقافي» أنّنا لا نملكُ ما يملكُه الغَرب، خصوصاً في مجالات التّربية والإدارة، وعِلم النَّفس.
* قال الإمام الخامنئي دام ظلّه: «
إنَّ كلَّ فضيلةٍ موجودةٍ في العالَم اليوم، منشأُها تلك البِعثة المباركَة
وإقامة مكارمِ الأخلاق من قِبل ذلك النّبيّ العظيم صلّى الله عليه وآله ".."  نبيُّ الإسلام صلّى الله عليه وآله مُعلِّمُ الحسناتِ كلِّها، معلِّمُ العدالة، معلِّمُ الإنسانيّة، معلِّمُ المعرفة، معلِّمُ الأُخوّة، معلِّمُ نُموِّ جميعِ البشريّة وتكاملِها، حتّى نهاية التّاريخ. مَتى تستطيعُ البشريّة أن تتصوّر وقتاً تكون فيه غنيّةً عن هذه الدروس. البشريّة مُحتاجة لدروسِ وتعاليمِ نبيِّ الإسلام محمّدٍ صلّى الله عليه وآله. ".." إنّ سبيلَ مواجهة الغزو الثقافيّ الذي تقودُه جبهةُ الإستكبار يَكمنُ في توسيع رسائلِ الثّورة الإسلاميّة وترسيخِها في المجالاتِ الأخلاقيّة، والسّلوكيّات الفرديّة والإجتماعيّة، والمُعتقدات الدّينيّة، والقضايا السياسيّة
».
لا يشهدُ للنبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله بهذه المَنزلة، مَن يبحث عن المناهج التربويّة الغربيّة -أو الإداريّة- لِيُسبِغَ على الإسلام من حَداثتِها، بل ويسدَّ بها ما يتصوّرُه نقصاً في المناهج!
 

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات