السيد ابن طاوس: الدعاء للإمام صاحب الزمان -2

السيد ابن طاوس: الدعاء للإمام صاحب الزمان -2

02/09/2006

ما أورده السيد ابن طاوس قدس سره وأوصى به، صريح الروايات، ومقتضى الثوابت، وهو بالغ الحث للمؤمنين في عصر الغيبة على استحضار العلاقة بوصي رسول الله صلى الله عليه وآله، في كل مفاصل حركة الحياة.

ما أورده السيد ابن طاوس قدس سره وأوصى به، صريح الروايات، ومقتضى الثوابت، وهو بالغ الحث للمؤمنين في عصر الغيبة على استحضار العلاقة بوصي رسول الله صلى الله عليه وآله، في كل مفاصل حركة الحياة، وفي أبرزها بالخصوص، ولاسيما لدى الوقوف للدعاء بين يدي الله تعالى امتثالاً لأمره جلت قدرته: " وأتوا البيوت من أبوابها" . وفقنا الله تعالى للعلم والعمل.


وصايا العلماء
السيد ابن طاوس:
الدعاء للإمام صاحب الزمان - 2
الشيخ حسين كَوراني

* تحدث السيد في " الإقبال" حول الدعاء لصاحب العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف، فقال:

" فصلٌ، في ما نذكره مما يختم به كل ليلة من شهر رمضان:

إعلم أن حديث كل ضيف، مع صاحب ضيافته، وكل مستخفر بخفير، فحديثه مع المقصود بخفارته، وإذاكان الإنسان في شهر رمضان قد اتخذ خفيراً وحامياً كما تقدم التنبيه عليه[1] فينبغي كل ليلة بعد فراغ عمله أن يقصد بقلبه خفيره ومضيفه، ويعرض عمله عليه، ويتوجه إلى الله جل جلاله بالحامي والخفير والمضيف، وبكل من يعز عليه، وبكل وسيلة إليه، في أن يبلغ الحامي أنه متوجه بالله جل جلاله وبكل وسيلة إليه، وفي أن يكون هو المتولي لتكميل من النقصان والوسيط بينه وبين الله جل جلاله في تسليم العمل إليه، من باب قبول أهل الإخلاص والأمان.

أضاف السيد:

أقول : ومن وظائف كل ليلة أن يبدأ العبد في كل دعاء مبرور، ويختم في كل عمل مشكور، بذكر من يعتقد أنه نائب الله جل جلاله في عباده وبلاده، وأنه القيِّم بما يحتاج إليه هذا الصائم، من طعامه وشرابه وغير ذلك من مراده، من سائر الأسباب التي هي متعلقة بالنائب عن رب الأرباب، أن يدعو له هذا الصائم بما يليق أن يدعى به لمثله، ويعتقد أن المنة لله جل جلاله ولنائبه، كيف أهَّلاه لذلك ورفعاه به به في مزلته ومحله. فمن الرواية في الدعاء لمن أشرنا إليه صلوات الله عليه، ما ذكره جماعة من أصحابنا، وقد اخترنا ما ذكره ابن أبي قرة في كتابه، فقال بأسناده إلى علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن محمد بن عيسى بن عبيد، باسناده عن الصالحين عليهم السلام قال:

وكرِّرْ في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائماً وقاعداً وعلى كل حال، والشهر كله، وكيف أمكنك، ومتى حضرك في دهرك ، تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي وآله عليهم السلام : أللهم كن لوليك، القائم بأمرك،الحجة، محمد بن الحسن المهدي، عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام، في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظاً وقائداًوناصراً، ودليلاً ومؤيداً، حتى تسكنه أرضك طوعاً، وتمتعه فيها طويلا وعرضاً، وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين. أللهم انصره وانتصر به، واجعل النصر منك له وعلى يده، والفتح على وجهه، ولا توجه الأمر إلى غيره، أللهم أظهر به دينك وسنة نبيك، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحدٍ من الخلق. أللهم إني أرغب إليك في دولة كريمة، تعز بها الإسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وآتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. واجمع لنا خير الدارين، واقض عنا جميع ما تحب فيهما، واجعل لنا في ذلك الخيرة برحمتك ومَنِّك في عافية، آمين رب العالمين، زدنا من فضلك ويدِك المَليء ، فإنَّ كلَّ مُعْطٍ يَنقُصُ من ملكه، وعطاؤك يزيد في ملكك".[2]

وقد أورد الشيخ الكَفْعَمي رضوان الله تعالى عليه الدعاء للإمام عليه السلام بما يتحد مع بداية ماتقدم إلا أنه مختصر، وهو المشهور المتداول، ماعدا اسم الإمام. وعدمُ ذكره عليه السلام بالإسم أكثر انسجاماً مع الروايات.[3]

قال الكَفعمي:

وعنهم عليهم السلام: كرِّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان هذا الدعاء ساجداً وقائماً وقاعداً وعلى كل حال، وفي الشهر كله وكيف أمكنك ومتى حضرك من دهرك، تقول بعد تمجيده تعالى والصلاة على نبيه صلى الله عليه وآله:

أللهم كن لوليك (الحجة بن الحسن) صلواتك عليه وعلى آبائه، في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً، وقائداً وناصراً، ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طَوْعاً، وتمتعه فيها طويلا.[4]

* الأدب مع المولى صاحب الزمان عليه السلام في يوم العيد:

تتلخص حصيلة الصيام في تجذير توحيد الله تعالى في العقل والقلب والوجدان، ويتوقف صدق ذلك على طبيعة العلاقة برسول الله صلى الله عليه وآله، وهي علاقة تدور إثباتاً ونفياً مدار العلاقة بأوصيائه وفي عصرنا وصيه المهدي المنتظر أرواح العالمين له الفداء.

فكيف هي علاقتنا به في يوم العيد، وهو صاحب الأمر الذي يتنزل في ليلة القدر؟

في كتاب إقبال الأعمال أيضاً، قال السيد:

فصلٌ في ما نذكره من أدب العبد يوم العيد مع من يعتقد أنه إمامه وصاحب ذلك المقام المجيد، فأقول: إعلم أنه إذا كان يوم عيد الفطر، فان كان صاحب الحكم والأمر متصرفاً في ملكه ورعاياه على الوجه الذي أعطاه مولاه، فليكن مهنئاً له صلوات الله عليه بشرف إقبال الله جل جلاله عليه وتمام تمكينه من إحسانه إليه، ثم كن مهنياً لنفسك ولمن يعز عليك وللدنيا وأهلها، ولكل مسعود بإمامته بوجوده عليه السلام، وسعوده وهدايته وفوائد دولته. وإن كان من يعتقد وجوب طاعته ممنوعاً من التصرف في مقضى رياسته، فليكن عليك أثر المساواة في الغضب مع الله جل جلاله مولاك ومولاه، والغضب لأجله، والتأسف على ما فات من فضله. واعلم ان الصفاء والوفاء لأصحاب الحقوق عند التفرق والبعاد، أحسن من الصفاء والوفاء مع الحضور واجتماع الأجساد ، فليكن الصفاء والوفاء شعار قلبك لمولاك، وربُّك القادر على تفريج كربك. [5]

* وقد أورد السيد دعاء الندبة الذي يستحب أن يقرأ في الأعياد الأربعة، الفطر والأضحى والغدير ويوم الجمعة، ثم قال:

فإذا فرغت من الدعاء، فتأهب للسجود بين يدي مولاك، وقل ما رويناه بأسنادنا الى أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا فرغت من دعاء العيد المذكور ضع خدك الأيمن على الأرض وقل : سيدي سيدي، كم عتيق لك، فاجعلني ممن أعتقت، سيدي سيدي، وكم من ذنب قد غفرت، فاجعل ذنبي في من غفرت، سيدي سيدي، وكم من حاجة قد قضيت، فاجعل حاجتي فيما قضيت، سيدي سيدي ، وكم من كربة قد كشفت، فاجعل كربتي فيما كشفت. سيدي سيدي، وكم مستغيثٍ قد أغثت، فاجعلني في من أغثت، سيدي سيدي كم من دعوة قد أجبت، فاجعل دعوتي في ما أجبت، سيدي سيدي، إرحم سجودي في الساجدين، وارحم عبرتي في المستعبرين، وارحم تضرعي فيمن تضرع من المتضرعين. سيدي سيدي، كم من فقير قد أغنيت، فاجعل فقري في ما أغنيت، سيدي سيدي، إرحم دعوتي في الداعين، سيدي وإلهي أسأت وظلمت وعملت سوءاً، واعترفت بذنبي، وبئس ما عملت، فاغفر لي يا مولاي، أي كريم أي عزيز أي جميل.[6]

* وهكذا يتضح أن ما أورده السيد ابن طاوس قدس سره وأوصى به، صريح الروايات، ومقتضى الثوابت، وهو بالغ الحث للمؤمنين في عصر الغيبة على استحضار العلاقة بوصي رسول الله صلى الله عليه وآله، في كل مفاصل حركة الحياة، وفي أبرزها بالخصوص، ولاسيما لدى الوقوف للدعاء بين يدي الله تعالى امتثالاً لأمره جلت قدرته: " وأتوا البيوت من أبوابها" . وفقنا الله تعالى للعلم والعمل.


--------------------------------------------------------------------------------
[1] المراد باختصار أن لكل يوم من أيام الأسبوع خفيراً وحامياً بإذن الله تعالى فالسبت لرسول الله صلى الله عليه وآله والأحد للأمير عليه السلام والإثنين للحسنين عليهما السلام والثلاثاء للثلاثة بعدهما، والأربعاء للأربعة بعدهم، والخميس للعسكري، والجمعة لصاحب العصر صلوات الله عليهم أجمعين، وينبغي استحضار الخفير على قاعدة: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول..". السيد ابن طاوس، إقبال الأعمال1/74 بتصرف.
[2] السيد، إقبال الأعمال190-192.
[3] الكفعمي، المصباح586والبلد الأمين203. واللفظ هنا من الثاني ماعدا(الحجة بن الحسن)، حيث قد وردت التسمية في المصباح. وأما في البلد الأمين فقال بعد لوليك: فلان بن فلان".
[4] الكفعمي، المصباح586والبلد الأمين203. واللفظ هنا من الثاني ماعدا(الحجة بن الحسن)، حيث قد وردت التسمية في المصباح. وأما في البلد الأمين فقال بعد لوليك: فلان بن فلان".
[5] الإقبال1/474.
[6] الإقبال1/513-514.

اخبار مرتبطة

نفحات