كتاباً موقوتاً

كتاباً موقوتاً

منذ 3 أيام

القلب ملِك، والشَّيطان عدوّه المبين

القلب ملِك، والشَّيطان عدوّه المبين
هكذا يتمّ تحصينُ الملِك والمملكة
ــــ الشّهيد الثّاني قدّس سرّه ــــ

* «إنَّ العبدَ إذا اشتغل بالصَّلاة جاءه الشّيطان وقال له: أذكر كذا أذكر كذا، حتى يضلّ الرّجل أن يدري كم صلّى». رسول الله صلّى الله عليه وآله
* مجرَّد التّلفُّظ بالذّكر باللّسان ليس هو الزّاجر للشّيطان، بل لا بدَّ معه من عمارة القلب بالتَّقوى وتطهيره من الصِّفات المذمومة.
* مقتطفٌ -مُختصَر- من رسالة (أسرار الصّلاة) للفقيه الكبير الشّهيد الثّاني زين الدّين الجُبَعي الطّلُّوسي العاملي قدّس سرّه.

القلب في الجسد بمنزلة المَلِك وله فيه جنودٌ وأعوان وأضداد وأوصاف، وله قَبول للإشراق والظُّلمة كالمرآة الصّافية التي تقبل انطباع الصُّوَر والأشكال المقابلة لها، وتَقبل الظُّلمة والفساد.
ومثال الآثار المذمومة الواصلة إليه المانعة له من الاستنارة وقبول الأسرار، مثال دخانٍ مُظلمٍ يَتصاعد إلى مرآة ولا يزال يَتراكم عليه مرة بعد أخرى إلى أن يسوَدّ ويُظلِم، ويصير بالكلِّيّة محجوباً عن الله تعالى، وهو الطَّبع والرَّين اللّذين أشار الله تعالى إليهما في قوله: ﴿..إن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون﴾ الأعراف:100. رَبَط عدم السّماع والطّبع بالذُّنوب كما رَبَط السّماع بالتَّقوى في قوله تعالى: ﴿..واتقوا الله واسمعوا..﴾ المائدة:108 ﴿..واتقوا الله ويعلمكم الله..﴾ البقرة:282.
فمهما تراكمت الذُّنوب طُبِع على القلب، وعند ذلك يعمى عن إدراك الحقّ وصلاح الدِّين، ويتهاون بالآخرة ويستعظم أمر الدُّنيا، وإذا قَرَع سَمْعَه أمرُ الآخرة وما فيها من الأخطار دخل من أُذن وخرج من الأخرى، ولم يستقرّ في القلب ولم يحرِّكه إلى التّوبة والتّدارك، وهذا هو معنى اسودادِ القلب بالذُّنوب كما نطق به القرآن والسُّنّة، كما في قول الإمام الباقر عليه السلام: «إنَّ القلوب ثلاثة: قلب منكوسٌ لا يعي شيئاً من الخير وهو قلبُ الكافر، وقلبٌ فيه نكتة سوداء فالخير والشّرّ فيه يختلجان فأيُّهما كانت منه غلب عليه، وقلبٌ مفتوحٌ فيه مصابيحُ تظهر لا يُطفأ نوره إلى يوم القيامة». فانظر إلى قوله عليه السلام: «لا يُطفَأ نورُه إلى يوم القيامة»، فإنَّ هذا حكم نور القلب بالمعنى الثاني لأنَّه باقٍ وإن خرب البدن بخلاف الأوَّل.

المتّقون هم المتذكِّرون

رَوى زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: «ما من عبدٍ إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإنْ أذنب ذنباً خرج في النّكتة نكتة سوداء، فإنْ تابَ ذهب ذلك السّواد، وإنْ تمادى في الذّنوب زاد ذلك السَّوادُ حتّى يغطّي البياض، فإذا غطِّي البياض لم يرجع صاحبُه إلى خيرٍ أبداً»، وقال الله تعالى: ﴿ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذاهم مبصرون﴾ الأعراف:201، فأخبر أنَّ جلاء القلب يحصل بالذِّكر وأنَّ المتّقين هم المتذكِّرون؛ فالتّقوى بابُ الذِّكر، والذِّكر بابُ الكشف، والكشف بابُ الفوز الأكبر.
واعلم أنَّ القلب مثاله مثال حصن والشّيطان عدوٌّ يريد أن يدخل الحصن ويملكه ويستولي عليه، ولا يُقدر على حفظه تحصُّناً من العدوّ إلّا بحراسة أبواب الحصن ومداخله، والأمر يتمّ بالإقبال على الله تعالى. فإن شعرتَ بذلك وتحقَّقته وعملتَ به، انسدَّت الأبواب دون وساوس اللّعين وأقبل القلبُ على الله تعالى وتفرَّغ للعبادة.

اعمُرْ قلبَك بالتّقوى

ومن هنا ظهر لك أنَّ مجرد التلفُّظ بالذِّكر باللّسان ليس هو الزَّاجر للشّيطان، بل لا بدّ معه من عمارة القلب بالتّقوى وتطهيره من الصّفات المذمومة التي هي أعوان إبليس وجنوده، وإلَّا فالذِّكر من أقوى مداخل الشّيطان وكذلك غيره من العبادات، ولذلك قال الله تعالى: ﴿ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون﴾ الأعراف:201، فخصَّص ذلك بالمتَّقي.

اخبار مرتبطة

  ملحق شعائر 8

ملحق شعائر 8

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ يومين

دوريات

نفحات