أجزاء الفصل الخامس (1) (2) (3) (4) (5) (6)

 

لم تثبت شهادتهم أو ثبت عدمها
من المفاصل الغامضة في أحداث الكوفة - كما أحسب وتقدمت الإشارة - ردة فعل النظام تجاه المجاهدين الحقيقيين والموالين الصادقين الذين يتسامى موقفهم عن التلون أو التخاذل الكوفيين.

والصورة التي بين أيدينا عن ذلك لا يمكنها إلا أن تكون بعض ملامح الصورة الحقيقية، التي تحيط بها مؤشرات كثيرة تلح علينا أن نبحث عن الملامح الأكثر والمحجوبة.

لقد انتفضت الكوفة عن بكرة أبيها في وجه النظام، وأدخلت الرعب إلى قلب طاغية من طراز ابن أبيه، وجعلته ليوم وليلة يعيش أقسى لحظات حياته كلها، ولئن كان له بعد موت يزيد في ليلته المشابهة في البصرة من الأزد الحماية والمأوى، فقد كان في الكوفة في ثلاثين من الشرطة وعشرين من "الأشراف" المرتزقة.

بل إن الرعب الذي عصف بفرائصه بدأ مع اعتقال الشهيد هانيء الذي قدم له عرضاً أن يلحق بالشام سالماً لأنه " قد جاء حق من هو أحق منك "!

و بديهي أن ردة فعل الطغاة تتماهى مع حجم الخطر الذي يحدق بهم، فيكاد يلتهمهم ثم ينجون منه.

و لا نجد في الثابت من ردة الفعل إلا مقتل الشهداء مسلم وهانيء وعبد الأعلى وعمارة، وميثم التمار، وسجن عدد من الشخصيات البارزة كميثم وعبد الأعلى وعمارة قبل الأمر بقتلهم، وكعبد الله بن الحارث والمختار.

أما الشهيدان عبدالله بن بقطر وقيس بن مُسْهِر فقد استشهدا نتيجة موقفيهما في تبليغ الرسالة، ولم تكن شهادتهما جزءاً من فاتورة تصفية الحساب مع أهل الكوفة.

و يمكن تحديد مجال الغموض الذي يلف هذه المرحلة بالنقاط التالية:

1- عدد الذين تم اعتقالهم في الكوفة في سياق أحداث كربلاء، قبل الواقعة وخلالها وبعدها. ويتفرع عليه عدد الذين نُكل بهم بالنفي وغيره.
2- عدد الذين استشهدوا داخل الكوفة في هذا السياق، أو صدر الأمر باعتقالهم ليقتلوا، ويتفرع على ذلك عدد الذين هدمت دورهم.

* في النقطة الأولى يمكن تسجيل الآتي:

من البديهي جداً أن تكون السجون قد ضاقت بالأعداد الكبيرة التي زج بها الطاغية فيها عندما اتضح له أن ميزان القوى قد انقلب لصالحه كلياً بصورة لم تكن تخطر ببال، وهذا أبسط مقتضيات قوله آنذاك لقائد شرطته: " ثكلتك أمك إن صاح باب سكة من سكك الكوفة، أو خرج هذا الرجل ولم تأتني به، وقد سلطتك على دور أهل الكوفة، فابعث مراصدة على أفواه السكك، وأصبح غداً واستبر الدور، وجس خلالها، حتى تأتيني بهذا الرجل".(1)

و من الواضح أن الهدف في أمرٍ من هذا النوع وفي ظرف كهذا الظرف لا يقتصر على شخص مسلم بن عقيل.

و مع أن صبيحة اليوم التالي قد سجلت تحديد مكان الشهيد مسلم، إلا أن الذي تولى قتاله غير الشرطة التي يفترض أن جميع دورياتها كانت ماضية قدماً في تنفيذ مهمتها على وتيرة "استبر الدور، وجس خلالها" وطبيعي جداً أن تكون حصيلتها في منجم للمجاهدين كالكوفة - حتى بعد انقلابها على الأعقاب- حصيلة وفيرة.

يعزز ما تقدم:

أ‌- أن طرق الهرب من الكوفة كانت موصدة حتى قبل تسليط الشرطة على دور أهلها، إلى حد أنه لم يكن باستطاعة أحد أن يخرج منها أو يلج.(2)
ب‌- أن المعركة الفاصلة على الأبواب، فالحسين عليه السلام في طريقه إلى العراق، وقد بلغ حذر الطاغية أن يفرض الحصار على البصرة كما يأتي فكيف سيتصرف في الكوفة.
ت‌- أن الإنهيار لا يعني تلاشي الخطر، إذا لم يبادر النظام إلى إلقاء القبض على المفاصل الإجتماعية التي يمكنها تدارك الأمر، وإعادة الكرة .

و هكذا ندرك بوضوح أن العدد القليل الذي تتحدث المصادر المعتبرة عن إيداعه السجن لا ينسجم مع طبيعة المرحلة.

نعم هناك حديث مشوش - في الأصل وقبل الدخول في بعض تفاصيله- عن أربعة آلاف معتقل، وأنهم خرجوا من الكوفة بعد هلاك يزيد بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي، ليقتلوا ابن زياد في طريق هروبه من البصرة إلى الشام، فأفلت منهم، مما يجعلك أمام حديث عن حركة كأنها حركة التوابين، يتفرد السيد ابن طاوس - في ما أعلم- بإيراد هذا الخبر عنها(3)
 والقول بأن تصريح سليمان نفسه وجميع التوابين معه "صيحة واحدة، يا رب إنا قد خذلنا ابن بنت نبينا فاغفر لنا ما قد مضى وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم"
(4) ينافي أنهم كانوا في السجون، مردود بإمكان أن يكون مرادهم بذلك خذلان الشهيد مسلم وتفرقهم عنه.

والله تعالى العالم.

و تنفع الإشارة هنا إلى أن مقاربة هذه النقطة تتراوح عادة بين مبنيين:

المنطلِق من تبرئة أهل الكوفة على خلفية خاطئة هي أن إدانتهم تعني إدانة العراقيين جميعاً.

و المنطلِق من الإفراط في إدانة أهل الكوفة على خلفية أنهم "شيعة آل أبي سفيان".

و كلا المبنيين يفتقران إلى الدقة العلمية، فالجو العام في الكوفة كان "كوفياً" بامتياز، إلا أن الأبدال كانوا أيضاً موجودين ومنهم غالب شهداء كربلاء، بما يشمل المستشهدين في الكوفة.

تمس الحاجة إلى مقاربة الموضوع في ضوء الدليل، الذي يتسبب غيابه بالغموض الذي تقدمت الإشارة إليه، إلا أن الطبيعي جداً أن ردة فعل النظام كانت أكبر بكثير مما بلغنا، خصوصاً في عدد المعتقلين والذين نُكِّل بهم بمختلف أنواع التنكيل، من سوء المثلة والنفي إلى "الزارة"(5) وغيرها.

في أول خطبة لابن زياد في الكوفة يطالعنا قوله:

" وسوطي وسيفي على من ترك أمرى وخالف عهدي، فليبق امرؤ على نفسه، الصدق ينبي عنك لا الوعيد، ثم نزل فأخذ العرفاء والناس أخذاً شديداً فقال: اكتبوا إلي الغرباء ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين، ومن فيكم من الحرورية وأهل الريب، الذين رأيهم الخلاف والشقاق، فمن كتبهم لنا فبريئ، ومن لم يكتب لنا أحداً فيضمن لنا ما في عرافته ألا يخالفنا منهم مخالف، ولا يبغى علينا منهم باغ، فمن لم يفعل برئت منه الذمة، وحلال لنا ماله وسفك دمه، وأيما عريف وجد في عرافته من بغية أمير المؤمنين أحدٌ لم يرفعه الينا، صلب على باب داره، وألغيت تلك العرافة من العطاء وسير إلى موضع بعمان، الزارة".(6)

ألا تكشف هذه الخطبة بوضوح عن مدى الهول الذي سيحل بأهل الكوفة إذا تمكن منهم؟

و ها هي الكوفة طوع بنانه، فماذا فعل؟

ما هو بين أيدينا على فظاعته لا يتناسب مع هذا المناخ(7) الذي تتماهي في تشكيله ثلاثة عناصر: شديد عصف الإنهيار الكوفي، ووفرة المجاهدين المحمديين الموالين لأهل البيت عليهم السلام، وافتراس ابن زياد الكاسر.

* وفي النقطة الثانية:
بالإضافة إلى الشهداء الأبرار الذين ثبت استشهادهم داخل الكوفة في سياق أحداث كربلاء، جرى حديث لم تثبت صحته عن استشهاد التالية أسماؤهم:

1- الشهيد رُشَيْد الهَجَري.(8)
2- عباس بن جعدة الجدلي.
(9)
3- عبيدالله بن عمرو بن عزيز الكندي
(10).
4- عبيدالله بن الحارث بن نوفل الهمداني
.(11)
و هذا ما يتم البحث حوله في ما يلي:

1- الشهيد رُشيد الهجري
ضبط الإسم: رشيد بضم الراء والهجري بفتح الهاء والجيم.
(12)

أما الشهيد رشيد فهو قد استشهد قطعاً ولكن هل تم ذلك على يد زياد "ابن أبيه" أم على يد ابنه بعد توليه الكوفة لمواجهة أحداثها بعد دخول الشهيد مسلم إليها.

لكل من الرأيين من يقول به، ومع أن القائلين بالرأي الثاني أكثر(13) إلا أنه لا يمكن الركون إليه والجزم به، حيث لا نجد ذكراً للشهيد رشيد في أحداث الكوفة نهائياً، لا في عداد المسجونين ولا في غيرهم، ولو كان لبان، فهو من حواريي أمير المؤمنين عليه السلام، والعالم بالمنايا والبلايا، إلى حد تسميته ب "رُشيد البلايا" ومثله لا يخفى، وهو ما يعزز القول بأنه قتل على يد زياد، ويشكل كذلك مناخاً للوقوف باهتمام عند ملاحظتين:

1- أن الشيخ المفيد نص على أن زياداً هو الذي قتله، فقال:

" عن زياد بن النضر الحارثي قال: كنت عند زياد إذ أتي برُشيد الهَجَري، فقال له زياد: ما قال لك صاحبك - يعني علياً عليه السلام - إنا فاعلون بك؟ قال : تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني، فقال زياد: أم والله لأُكَذبن حديثه، خلوا سبيله. فلما أراد أن يخرج قال زياد : والله ما نجد له شيئاً شراً مما قال صاحبه، اقطعوا يديه ورجليه واصلبوه. فقال رشيد: هيهات، قد بقي لي عندكم شيء أخبرني به أمير المؤمنين عليه السلام، قال زياد : إقطعوا لسانه، فقال رشيد: الآن والله جاء تصديق خبر أمير المؤمنين عليه السلام. وهذا حديث قد نقله المؤالف والمخالف عن ثقاتهم عمن سميناه، واشتهر أمره عند علماء الجميع".(14)

و يلحق بنص الشيخ ما نسب إلى الثقفي في "الغارات".(15)

2- أن الذهبي يروي حادثة معينة أدت إلى قتل ابن زياد للشهيد رُشيد، ورغم أن في السند الشعبي، إلا أن الأمر المعروف والشائع ليس من موارد الكذب عادة، وقد جاء في رواية الشعبي "قوله" وبلغ الحديث زياداً فقطع لسانه وصلبه"(16)

أما الإعتراض على ما أورده الكشي بأن في نصه تصريحاً بأن الذي يتولى قتل الشهيد هو "دعي بني أمية"(17) وأن المراد هو زياد قطعاً، فهو مردود بأن ابن زياد أيضاً هو "دعي بني أمية" وقد اشتهركالشمس قول سيد الشهداء عنه "ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين" ثم إن في نص الكشي نفسه، بعد التصريح بابن زياد "فقال له الدعي" وهو وإن كان من كلام الراوي، إلا أنه يدل على تداول إطلاق هذه الصفة على الإبن أيضاً.

2- العباس الجدلي
*و أما العباس بن جعدة الجدلي
(18) فهو أحد القادة الأساسيين لقوات الشهيد مسلم في الكوفة، عند التوجه إلى القصر، ولا يرد ذكره في عداد شهداء كربلاء، أو أحداثها باستثناء ما تقدم، نعم يرد ذكره بعد الحادثة في ما حدث به هو عنها حيث يقول أبو مخنف:

" وحدثني يونس بن أبى اسحاق عن عباس الجدلي قال خرجنا مع ابن عقيل أربعة آلاف فلما بلغنا القصر إلا ونحن ثلاثمائة. قال: وأقبل مسلم يسير في الناس من مراد، حتى أحاط بالقصر، ثم إن الناس تداعوا إلينا واجتمعوا، فوالله ما لبثنا إلا قليلاً حتى امتلأ المسجد من الناس والسوق، ومازالوا يثوبون { يتوثبون } حتى المساء فضاق بعبيدالله ذرعه، وكان كبر أمره أن يتمسك بباب القصر، وليس معه إلا ثلاثون رجلاً من الشرط، وعشرون رجلاً من أشراف الناس، وأهل بيته ومواليه، وأقبل أشراف الناس يأتون ابن زياد، الخ"(19)

و يتضح لدى الرجوع إلى المصادر أن النصوص التي ينبغي متابعتها لمعرفة ما آل إليه أمر هذا القائد، ثلاثة هي:

1- - قال المامقاني:
"العباس بن جعدة الجدلي: كان من الشيعة المخلصين في الولاء لأهل البيت عليهم السلام، وبايع مسلماً، وكان يأخذ البيعة للحسين عليه السلام، ولما تخاذل الناس عن مسلم أمر ابن زياد بالقبض عليه وحبسه، ثم بعد شهادة مسلم أمر بضرب عنقه فضرب رضوان الله عليه، ولعن قاتليه آمراً ومباشراً".
(20)

2- نُقل بالفارسية عن بعض ملابسات الفترة التي تلت شهادة مسلم وهانيء، ما لم أتمكن من العثور على مستنده، إلا على نحو الإحتمال، وهذه ترجمته:

قال: وجاؤوا بالعباس بن جعدة الجدلي، وكان حامل راية مسلم عليه السلام، ولما تفرق الناس عن مسلم ألقى القبض عليه محمد بن الأشعث وسلمه إلى ابن زياد فحبسه، وبعد مقتل مسلم أحضره ابن زياد وقال له:

أنت العباس بن جعدة الذي دفع إليك مسلم راية ربع المدينة؟

قال:نعم

قال: خذوه فاضربوا عنقه، فأخذ وضربت عنقه"(21)

3- وقد ورد في سياق الحديث عن مسار العلاقة بين المختار وابن الزبير ذكر "عياش بن جعدة الجدلي" في مورد واحد مرتين، يقول الطبري:

أ- " وقد عبى ابن ورس أصحابه فجعل على ميمنته سلمان بن حمير الثوري من همدان وعلى ميسرته عياش بن جعدة الجدلي"(22)

ب- " ورفع عباس بن سهل راية أمان لاصحاب ابن ورس فأتوها إلا نحواً من ثلاثمائة رجل انصرفوا مع سلمان بن حمير الهمداني وعياش بن جعدة الجدلي، فلما وقعوا في يد عباس بن سهل أمر بهم فقتلوا إلا نحواً من مائتي رجل كره ناس من الناس ممن دُفعوا إليهم قتلهم، فخلوا سبيلهم فرجعوا فمات أكثرهم في الطريق فلما بلغ المختار أمرهم ورجع من رجع منهم قام خطيباً.." "(23)

فقد يكون هو المعني ويكون "عياش" - بالياء بنقطتين والشين المعجمة تصحيف عباس- قد قُتل في هذه الواقعة على مشارف المدينة المنورة، حيث إنه كان في موقع قيادي، ومثله يقتل عند هزيمته قبل غيره، ثم إنه لا يرد ذكره نهائياً بعد ذلك، مصحفاً أو غير مصحف، في الطبري أو غيره، رغم اتساع دائرة البحث.

أما النص الأول فيسجل عليه أنه لا يذكر المصدر، ولا يشير من قريب أو بعيد إلى أن الشهيد كان صاحب لواء ربع المدينة، وهي نقطة مركزية، تضعف الإعتماد على النص. أضف إلى ذلك أن لغة "ذكر أرباب السير" التي يكثر اعتمادها في "التنقيح" تعضد هذا التضعيف.

و أما النص الثاني فهو يشترك مع سابقه بعدم ذكر المصدر وعدم وجوده في مصدر معتبر وقد تقدم بيان حال بعض مصادره.

و أما النص الثالث فكما يستبعد أن يكون عياش غير عباس ويحتمل قوياً اتحادهما، كذلك لا يمكن الجزم بالإتحاد بناء على التصحيف، فلعله أخوه مثلاً.

و النتيجة هي ترجيح أنه لم يستشهد في أحداث الكوفة المتقدمة، وأنه المقتول في زمن المختار.

يقوي ذلك ما نقله عنه أبو مخنف، وهو مشعر - حد التصريح - ببقائه على قيد الحياة بعد انتهاء أحداث الكوفة.

ملفت جداً ذوبان الألوف من حوله، كما يذوب الملح، من أصل أربعة آلاف - كما تقدم - لم يبق معه في مسافة ليست طويلة إلا ثلاثمائة، سرعان ما تلاشوا، ولم يعرف بعد ماذا حل به.

وملفت أكثر من ذلك غياب اسم قائد أهل المدينة في جيش مسلم - بالإضافة إلى كربلاء- عن حركة التوابين برمتها.

هل استشهد بعد أن أودع السجن؟ أم أنه دبيب المرض الكوفي؟

3- عبد الله بن عزيز الكندي = عبيدالله بن عمرو بن عزيزالكندي؟ (24)
أورد الطبري اسم عبيدالله بن عمرو بن عزيز الكندي في حديثه عن تعبئة الشهيد مسلم لجيشه، إلا أن الظاهر أن اسمه عبدالله كما أورده الخوارزمي، وحيث إن من المتعارف في المصادر الرجالية التساهل في النسبة إلى الجد، فيبدو أنه المراد بحديث الطبري في وقائع عين الوردة وحركة التوابين عن "عبد الله بن عزيز الكندي".

وقد أوكل إليه الشهيد مسلم مهمة قيادة القوة الأبرز، فقيادة كندة في الكوفة ذات دلالة خاصة نظراً إلى الثقل الذي كانت تتمتع به هذه القبيلة، وقيادة ربيعة - بلحاظ مواقفها المتميزة - قد تفوق الدلالة المتقدمة، ودلالة أن الخيّالة من كندة وربيعة، تستند إلى ما تقدم، وهي غير دلالة الخيَّالة في حد ذاتها كما هو واضح.

هذه الدلالات كلها بين يدي عبدالله الكندي، تضيء على شخصيته وموقعه آنذاك.

يقول الطبري:
" وتنادى أهل الكوفة فاجتمعوا إليه فعقد مسلم لعبيدالله بن عمرو بن عزيز الكندى على ربع كندة وربيعة وقال سر أمامى في الخيل".
(25)

وتختفي أخباره كلياً إلى حركة التوابين، ومعركة عين الوردة، ليطالعنا حديث مؤثر يحمل الكثير من القرائن التي تؤيد أنه هو نفسه الذي لم يظهر له أثر منذ حصار القصر، لافي كربلاء ولا في غيرها.

في معرض حديثه عن المعارك الطاحنة في عين الوردة، وبعد أن استشهد من التوابين أكثرهم، يقول الطبري:

"وخرج عبد الله بن عزيز الكندي ومعه ابنه محمد غلام صغير، فقال: يا أهل الشام، هل فيكم أحد من كندة؟ فخرج إليه منهم رجال فقالوا نعم نحن هؤلاء. فقال لهم دونكم "ابن" أخيكم فابعثوا به إلى قومكم بالكوفة فأنا عبد الله بن عزيز الكندى. فقالوا له أنت ابن عمنا فإنك آمن. فقال لهم: والله لا أرغب عن مصارع إخوانى الذين كانوا للبلاد نوراً والأرض أوتاداً ،وبمثلهم كان الله يذكر. قال فأخذ ابنه يبكى في أثر أبيه فقال يا بني، لو أن شيئا كان آثر عندي من طاعة ربى إذاً لكنت أنت. وناشده قومه الشاميون لما رأوا من جزع ابنه وبكائه في أثره، وأرى الشأميون له ولابنه رقة شديدة حتى جزعوا وبكوا، ثم اعتزل الجانب الذى خرج إليه منه قومه فشدَّ على صفهم عند المساء فقاتل حتى قتل".(26)

نحن في الحديث عن الجدلي والكندي أمام زميلي الشهيدين مسلم بن عوسجة وأبي ثمامة الصائدي وقرينيهما، فقد كان الأربعة قادة جيش الشهيد مسلم في الكوفة، فليس البحث إذاً عن مجرد مجاهدين نوعيين بل عن قائدي جهاد وبصيرة طليعيين، أفرغهما الإنقلاب الكوفي على الأعقاب من مضمونهما.

وفي الحديث المتقدم ملامح من هذا السرب لجواد كانت كبوته قاتلة، ودرساً لكل المجاهدين عبر القرون، فليس الجهاد صفة ولا رتبة ولا سابقة، وإنما هو حالة في النفس والقلب قد يخطفها انتكاس القلب وسوء العاقبة، وربما لاتكون بعدها فرصة "عين الوردة" متاحة، ولا ما يمَنِّي المتلهف على قبول التوبة نفسه بأنها مثلها تحت راية المختار ضد ابن الزبير.

وعلى أي حال فلا يمكن الموافقة على أن عبد الله - أو عبيدالله - الكندي من شهداء كربلاء في الكوفة، كما صرح بذلك بعض المحققين الأجلاء(27) لعدم تأييد ما ذكروه بالدليل، رغم احتمال أن يكونوا قد اطلعوا على مالا نعرف، إلا أنه لابد من الوقوف بعناية عند ما أورده الشيخ المامقاني حول الشهيد "عبيدالله بن عمرو الكندي" حيث يقول:

"ذكر علماء السير أنه كان فارساً شجاعاً كوفياً شيعياً شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام مشاهده كلها، وبايع مسلماً وكان يأخذ البيعة من أهل الكوفة للحسين عليه السلام، وقد عقد له مسلم على ربع كندة وربيعة، فلما تخاذل الناس عن مسلم قبض على عبيدالله هذا، الحصين بن نمير فسلمه إلى ابن زياد، فلما قتل مسلم أحضره ابن زياد فسأله ممن أنت؟ قال من كندة.قال: أنت صاحب راية كندة وربيعة؟ قال: نعم. قال: انطلقوا به فاضربوا عنقه، فانطلقوا به فضربوا عنقه رضوان الله تعالى عليه ".(28)

ولئن كان حديث الجدلي عن مجريات توجهه إلى القصر، يضعف احتمال شهادته خلال تلك الأحداث، فإن غياب ذكر الكندي كلياً لصالح احتمال شهادته، وهو احتمال يبقى قائماً - رغم ضعفه - والسبب هو الإرتباك في اسم الشهيد كما عرفت، والله تعالى العالم.

4- عبدالله بن الحارث
* يبقى الحديث عن عبيدالله بن الحارث بن نوفل الهمداني، فقد أورد الشيخ المامقاني في ترجمته ما يلي:

"ذكر علماء السير أن له إدراكاً للنبي صلى الله عليه وآله، وشهد صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام، وبايع مسلم بن عقيل، وكان يأخذ البيعة من أهل الكوفة للحسين عليه السلام، فلما تخاذل الناس عن مسلم قبض كثير بن شهاب على عبيدالله هذا وسلمه إلى ابن زياد فحبسه، وبعد قتل مسلم أحضره وأمر بضرب عنقه، فضربوا عنقه رضوان الله تعالى عليه".(29)

و بعد أن أورد التستري ما تقدم عقب عليه بقوله:

"أقول: لم يذكر أي سيرة ذكر ما قال، وإنما عنون الجزري الذي موضوع كتابه استقصاء الصحابة المتفق عليه والمختلف فيه "عبيدالله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب، أخو عبدالله بن الحارث الملقب بَبّه" عن أبي موسى، واقتصر فيه على روايته "أن آخر صلاة صلاها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مغرب قرأ في أولاها بالطور وفي ثانيتها بالجحد، إلا أنا لم نقف على من ذكر للحارث ابناً مسمى بعبيد الله.(30)

أضاف: وأظن أن الأصل في ما قال (أي المامقاني) أن الطبري روى أن المختار وعبدالله بن الحارث بن نوفل كانا خرجا مع مسلم، خرج المختار براية خضراء، وخرج عبدالله براية حمراء، إلى أن قال: وإن ابن زياد أمر أن يطلب المختار وعبدالله بن الحارث وجعل فيهما جعلاً، فحبسا " وهو كما ترى"عبدالله" لا "عبيدالله" ولم يعلم أنه همداني ولا قتله، ولعله بَبَّه، الذي اصطلح عليه أهل البصرة بعد يزيد.(31)

و لا يقدم ما ذكره المحقق التستري حلاً للإلتباس في هذا الإسم لأنه لم يتصد لعلاج نسبة الحارث الذي ترجم له الشيخ المامقاني وهي "الهمداني" فعبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الملقب "بَبَّه" ليس همدانياً، وإنما هو قرشي، وقد أورد الشيخ المامقاني ترجمته في مكان آخر وعقَّب عليها التستري نفسه، وذلك يؤكد أن الشيخ المامقاني لا يقصده، وإنما يريد أن هناك شخصاً آخر همدانياً اسمه عبدالله بن الحارث استشهد في الكوفة بعد تخاذل الناس عن مسلم.

ثم إن وجود النسبة "الهمداني" يؤكد أن الإلتباس ليس واقعاً بين المعروف ب "ببه" وبين أخيه عبيدالله بالتصغير، لينفع الكلام حينئذ عن وجود أخ له بهذا الإسم أو عدم وجوده.

و النتيجة واحدة على كل حال هي أنه لا يمكن تبني أن "عبيدالله بن الحارث بن نوفل الهمداني" من بين الشهداء في الكوفة في هذه الفترة، لعدم معرفة المصدر الذي اعتمده المامقاني رحمه الله.(32)

إلا أن هذه النتيجة، لا تعني أنه لم يستشهد، ولا يمكن الموافقة على أن المنشأ الوحيد لذكر شهيد اسمه عبيدالله بن الحارث الهمداني، هو وجود من اسمه عبدالله بن الحارث "ببة" بين أبرز الأسماء في تلك المرحلة، كما سيأتي.

كما لا يمكن استبعاد هذا العامل نهائياً، مما يجعل الأمر في دائرة الإحتمال، أو الظن.

و لئن كان الأمر لم يشتبه على المامقاني، بقرينة "الهمداني" فإن غيره من المتأخرين قد أدرج عبدالله بن الحارث بن نوفل "ببة" في عداد المقتولين في الكوفة.(33)
و لعل السبب في ذلك هو أن نجاته من القتل كانت خلاف السياق الفرعوني الذي اشتهر به زياد وابنه.

كان عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب المعروف ب "ببة"(34) يسكن البصرة وابتنى بها داراً(35) وكان أبوه الحارث بن نوفل قد نزلها واختط بها داراً في إمارة عبدالله بن عامر في عهد عثمان(36) .

و عندما توجه ابن زياد من البصرة إلى الكوفة لمواجهة نتائج قدوم الشهيد مسلم إليها، كان عبدالله بن الحارث في عداد الذين اصطحبهم ابن زياد معه.

يقول الطبري:
" لما جاء كتاب يزيد إلى عبيدالله بن زياد انتخب من أهل البصرة خمسمائة، فيهم عبدالله بن الحارث بن نوفل، وشريك بن الأعور، وكان شيعة لعلي، فكان أول من سقط بالناس شريك، فيقال إنه تساقط غمرة ومعه ناس، ثم سقط عبدالله بن الحارث، وسقط معه ناس، ورجوا أن يلوي عليهم عبيدالله ويسبقه الحسين إلى الكوفة".
(37)

و لم أجد ما يوضح أين نزل عبدالله بن الحارث في الكوفة، إلا أن نزول شريك في بيت الشهيد هانيء يدل على أن مرافقة ابن زياد لا تعني حكماً النزول في قصر الإمارة.

و لا تتحدث المصادر - في ما رأيت - عن عبدالله بن الحارث هذا أو من يلتبس به إلا في يوم خروج الشهيد مسلم في الكوفة، حيث نفاجأ بخروج عبدالله بن الحارث على ابن زياد يحمل راية حمراء! وعليه ثياب حمر! وهو الذي قدم إلى الكوفة مع ابن زياد؟!

و مع أن هذا - أي أن يأتي معه ثم يخرج عليه - ليس ممتنعاً إلا أن الممتنع عادة أن لا يمزقه الطاغية بعد أن ظفر به شر ممزق.

أورد الطبري "أن المختار بن أبى عبيد، وعبدالله بن الحارث بن نوفل، كانا خرجا مع مسلم، خرج المختار براية خضراء، وخرج عبدالله براية حمراء وعليه ثياب حمر، وجاء المختار برايته فركزها على باب عمرو بن حريث، وقال: إنما خرجت لأمنع عمراً(38) وإن الأشعث والقعقاع بن شور وشبث بن ربعى قاتلوا مسلماً وأصحابه، عشية سار مسلم إلى قصر ابن زياد قتالاً شديداً، وإن شَبَثاً جعل يقول: انتظروا بهم الليل يتفرقوا، فقال له القعقاع: إنك قد سددت على الناس وجه مصيرهم، فافرج لهم ينسربوا، وإن عبيدالله أمر أن يطلب المختار وعبدالله بن الحارث وجعل فيهما جعلاً فأتى بهما فحبسا".(39)

و طبيعي جداً أن تكون عاقبة عبدالله بن الحارث القتل، وهذا ما كان هو يستعد له، فقد طلب في السجن "حديدة يزيل بها شعر بدنه، وقال: لا آمن من ابن زياد من القتل، فأكون قد ألقيت ما على بدني من الشعر، فقال له المختار: والله لا يقتلك ولا يقتلني، ولا يأتي عليك إلا القليل حتى تلي البصرة. و ميثم يسمع كلامهما فقال للمختار: وأنت تخرج ثائراً بدم الحسين عليه السلام، وتقتل هذا الذي يريد قتلنا وتطأ بقدمك على وجنتيه".(40)

و يبدو أن رحمه لآل أبي سفيان كانت سبب نجاته، فهو مطلبي هاشمي من جهة الأب، أموي من جهة الأم، كما تقدم.

قال التستري:
"وفي أنساب البلاذري: قال المدائني: حبسه ابن زياد وأراد قتله، وبلغ خبره بنات أبي سفيان، وكلَّمن يزيد فيه، فكتب إلى ابن زياد بتخلية سبيله، وكان مع المختار في محبس".
(41)

و هكذا يكون عبدالله بن الحارث المطلبي، قد بلغ مشارف القتل، إلا أنه لم يقتل، وليس شأنه في ذلك شأن المختار، على عظيم توعد ابن زياد للمختار وتنمره لقتله، بل هو أشد، فقد كان في موقع المقرب من الطاغية، وها هو يحمل راية حمراء، ويلبس للنزال ثياباً حمراً.

و شاء التقدير أن يكون والي البصرة يوم هرب منها ابن زياد، واصطلح الناس عليه.(42)

في ضوء ما تقدم يتضح :
1- كيف أن المتابع لأخبار الكوفة في هذا المنعطف يحمل في ذهنه اسم عبدالله بن الحارث.
2- و كيف يمكن أن يصبح الحديث عن شهيد في الكوفة بهذا الإسم سبباً لانصراف الذهن إليه.
3- كما يتضح الوجه في استغراب عدم شهادته.

إلا أن هذا كله ليس مسوِّغاًً لنفي استشهاد شخص بهذا الإسم، حتى إذا شابهه في اسم الأب والجد.(43) نعم يقصر الدليل عن إثبات ذلك رغم وجود القائل به كما عرفت.

الفهارس


(1) الطبري 4/279.
(2) المصدر/295
(3) السيد ابن طاوس، اللهوف 153-156 وما أورده السيد في غاية الإنسجام مع منطق الوقائع، إلا أن المصادر المتقدمة لاتتناوله من قريب أو بعيد، وهو رحمه الله لا يذكر سنداً لما أورده، ولولا التشويش في النص لأمكن القول إنه هو السند.
(4) الطبري 4/456-457
(5) "الزارة: بلفظ المرة من الزار، قال أبو منصور: عين الزارة بالبحرين معروفة، والزارة : قرية كبيرة بها"الحموي،معجم البلدان 3/126. وكان ابن زياد ينفي إليها كما مر، وسيصرح باسمها في النص الآتي الذي تقدم في استعراض دخوله إلى الكوفة. والمراد بها عُمان.
(6) الطبري4/267.
(7) تقدمت الإشارة إلى ما يذكر عادة في هذا المجال من اعتقال أربعمائة شخص أو اثني عشر ألفاً، وما شابه، وأنه بحاجة إلى التوثيق.
(8) رشيد - بضم الراء - الهجري .العلامة الحلي خلاصة الأقوال- ص 146  رشيد ، بضم الراء وفتح الشين المعجمة ، ( الهجري ) بفتحتين . ابن داوود الحلي - رجال ابن داود- ص 95
(9) قائد أهل المدينة في الهجوم على قصر الإمارة بقيادة الشهيد مسلم. الطبري 4/275.
(10) قائد كندة وربيعة (الخيالة) في الهجوم نفسه. نفس المصدر.
(11) ذكره المامقاني في التنقيح 2/238 الرقم 7650 مصرحاً بأنه استشهد في الكوفة بعد تخاذل الناس عن مسلم كما يأتي.
(12) المحقق النراقي، عوائد الأيام290. والعلامة الحلي، الخلاصة146.
(13) قال بذلك: الكشي، كما أورد الشيخ الطوسي في اختيار معرفة الرجال 1/290،و قد عده الشيخ في أصحاب الإمام علي والحسنين والسجاد عليهم السلام جميعاً، و هو مشعر بتبني الشيخ للرأي الثاني، مع إضافة أن شهادته كانت بعد عاشوراء بحيث يصح إدراج اسمه في عداد أصحاب الإمام السجاد عليه السلام، و هو بعيد.وقد نبه إلى الإضافة الشيخ التستري في قاموس الرجال 4/372 ومن القائلين به أيضاً: القطب الراوندي، الخرائج والجرائح 1/228 والسيد الخوئي، معجم رجال الحديث 8/197 ويبدو أن المرجع العمدة لأصحاب هذا الرأي ما نقله الكشي، كما يبدو أن المرجع العمدة لأصحاب الرأي الآخر"أن الذي قتله زياد"هو مانقله الشيخ المفيد، مما يجعلنا أمام تعارض رأيي الشيخ المفيد والكشي، وعنهما يتفرع الإختلاف، و حيث تنعدم المرجحات التي تحسم الموقف لصالح أحد الرأيين، يتعين التوقف، على ميل إلى ما أورده الشيخ المفيد ناشيءٍ من عدم ذكر الشهيد رشيد في سياق أحداث كربلاء نهائياً. وتجدر الإشارة إلى أن ما ينسب إلى الثقفي في "الغارات" لم يثبت أنه له، فلا يصح الإحتجاج به، لأن الحديث عن الشهيدين رشيد وميثم خارج عن موضوع كتاب الغارات أصلاً كما نبه إلى ذلك محقق الغارات 1/83 فلا يصح أن يجعل نص الغارات في مصاف ما ورد في الإرشاد. انظر:التستري، قاموس الرجال 4/371
(14) الشيخ المفيد،الارشاد1/ .326
(15) الثقفي، الغارات2/799-800
(16) الذهبي، سير أعلام النبلاء 4/310.
(17) العلامة المحقق التستري(الشيخ محمد تقي) قاموس الرجال 4/372
(18) بفتح الجيم والدال.انظر:النراقي، عوائد الأيام 296وابن حزم، المحلى 2/89 والجدلي نسبة إلى جديلة وهو اسم لقبيلتين من قيس عيلان ومن طي.انظر: النووي(محي الدين)المجموع 6/276وللمزيد:انظر:السمعاني،الأنساب 2/31 وهو غير أبي عبدالله الجدلي الذي كان من أصحاب أمير المؤمنين وخواص أصحابه وأوليائه، البحراني، مدينة المعاجز1/171 نقلاً عن البرقي، واسمه عبيد بن عبد.انظر:العلامة الحلي، خلاصة الأقوال222 وانظر حول اسمه المختلف فيه:إبن الأثير، أسد الغابة 3/336والرازي، الجرح والتعديل 6/93وخليفة بن خياط،تاريخ خليفة 241، والدوري، تاريخ ابن معين 1/250، وغيرها. وليس في الأسماء المذكورة له عباس أو مايقرب منه. وليس العباس بن جعدة" بن هبيرة كما جاء في الأخبارالطوال، للدينوري 238 لدى الحديث عن الهجوم على قصر الإمارة " وعقد للعباس بن جعدة بن هبيرة على قريش والأنصار، فتقدموا جميعاً حتى أحاطوا بالقصر، واتبعهم هو في بقية الناس ". فنسبة جعدة بن هبيرة أبن أخت الأمير عليه السلام، ونسبة أبنائه في المصادر: المخزومي، والجعدي" ولم أجد في عداد أبنائه رغم كثرتهم، من اسمه العباس.
(19) الطبري 4/275-276
(20) المامقاني، تنقيح المقال 2/125(ط.ق: المطبعة المرتضوية في النجف) الرقم 6204.وقد أورد الزنجاني(السيد ابراهيم) في وسيلة الدارين 162( منشورات مؤسسة الأعلمي، بيروت. ط: 2سنة 1402هـ - 1982 م ). ما يلي"ذكر صاحب الحوادث والمحلاتي ناقلاً(كذا) عن الحدائق الوردية، أن العباس بن جعدة، " ثم ساق ما يطابق أكثر ما ورد في التنقيح. ولم أجد في الحدائق الوردية في القسم الخاص بكربلاء، أي حديث عن الجدلي. والنتيجة أن شهادته لم تثبت. قال التستري في قاموس الرجال 6/9 الرقم 3885 "و أما ما قاله المصنف(أي المامقاني) من أخذه وقتله، فغير معلوم ولم يعلم مستنده".
(21) الميرزا الكمرهإي، عنصر شجاعت 4/680 وقد قال المحلاتي( الشيخ ذبيح الله) في "فرسان الهيجاء" 1/186 (فارسي، ط:2.مركز نشر كتاب، طهران،1390هـ) ما ترجمته:" يقول حميد بن أحمد في الحدائق الوردية: كان العباس بن جعدة من شيعة الكوفة وبايع مسلماً وكان يأخذ البيعة للحسين من أهلها".ثم أورد المحلاتي عن أبي مخنف ما تقدم عن الطبري، ثم قال: يقول الطبري: وأورد خبر اعتقال ابن الأشعث للعباس والحوار بينه وبين ابن زياد وأمره بضرب عنقه، كما ذكر المامقاني. ومن الواضح أنه ليس في نسخ الطبري المتداولة، ولا في الحدائق الوردية(م.م) – في ترجمة الإمام الحسين عليه السلام 109- 134 عين من ذلك ولا أثر. والله العالم.
(22) الطبري4/542.
(23) المصدر4/543 .
(24) ورد الإسم"عبد الرحمن بن عزيز الكندي.أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين 70. و"عبد الرحمن بن كريز الكندي".الدينوري، الأخبار الطوال 238. و"عبدالله الكندي" الخوارزمي، مقتل الحسين 297. و"عبدالله بن عزيز الكندي"السيد الأمين، لواعج الأشجان 52. ولم يذكر الشيخ ابن نما والسيد ابن طاوس أسماء قادة جيش الشهيد مسلم. كما لم يوردها الشيخ المفيد مكتفياً بقوله: " فعقد مسلم لرؤوس الأرباع على القبائل كندة ومذحج وأسد وتميم وهمدان ". الإرشاد2/52. ولم يذكرهم كذلك الطبرسي، إعلام الورى1/441. وابن أعثم، الفتوح5/49.
(25) الطبري 4/275
(26) الطبري4/469. بتصرف يسير.
(27) انظر:الشيخ المامقاني، تنقيح المقال 2/125(ط.ق: المطبعة المرتضوية في النجف) حول الجدلي الرقم 6204:لم يذكر أنه كان أحد قادة جيش الشهيد مسلم، و قال:"أمر ابن زياد بالقبض عليه وحبسه، ثم بعد شهادة مسلم أمر بضرب عنقه فضرب، " وص 341 الرقم 7679 حول الكندي ذكر ما ورد في المتن أعلاه. وانظر: الميرزا الكمره إي،عنصر شجاعت ج4 ص 680-681
(28) المامقاني،تنقيح المقال 2/241 الرقم 7679 ويحمل على الإهتمام بما أورده عليه الرحمة والرضوان أن التفاصيل هنا وافية بخلاف ترجمة الجدلي، ولابد أنها في الموردين قد وردت في مصدرما، ويحمل على عدم الجزم عدم ذكر المصدر، وعدم وجود شيء مما ذكر في المصادر الرئيسة المتداولة، نعم هناك ما أورده من المتأخرين الميرزا الكمره إي كما في الهامش السابق، ولم يتضح مصدره، نعم أورد مثله الزنجاني في وسيلة الدارين 171(ط:2، الأعلمي، بيرت 1982م) مع زيادة أن عبيدالله بن عمرو الكندي كان يأخذ البيعة هو والشهيد مسلم بن عوسجة. وقد نسب بعض ما نقله إلى الحدائق الوردية، ولم أجده فيه، والبعض الآخر إلى أبي مخنف وهو غير موجود في الموثوق نسبته إليه، أي ما هو في الطبري أو مستخرج منه. والنتيجة أنه لايمكن الجزم بشهادته. قال التستري في قاموس الرجال 7/84 الرقم 4753"أقول: إنما روى الطبري عقد مسلم له على كندة وربيعة، وأما أخذه وقتله فلا".
(29) المصدر 2/238 الرقم 7650 وقد استند إلى التنقيح المحلاتي في "فرسان الهيجاء"1/237 في ترجمة لعبدالله بن الحارث، مشيراً إلى أن المامقاني أورد ما نقله هو عنه في ترجمة عبيدالله بالتصغير.
(30) ما ذكره رحمه الله من عدم وجود أخ لعبدالله اسمه عبيدالله بالتصغير تبناه ابن حجر في الإصابة 4/328 حيث قال:"ولم يذكر أحد من النسابين في أولاد الحارث بن نوفل أحداً اسمه عبيدالله بالتصغير" ومع ذلك فإن ابن حجر يحتمل أن يكون عبيدالله بن الحارث شخصاً آخر وافق "ببة" بالإسم واسم الأب والجد، وفي مقابل ذلك رأي ثان فقد أورد ابن الأثير في أسد الغابة 3/338 ترجمة عبيدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وقال "و هو أخو.الملقب ببة".ولعل من المفيد الإشارة إلى رأي ثالث لنكون أمام الإحتمالات جميعاً، وهو أن عبيدالله وإن لم يكن أخا ببة، إلا أنه عمه قال الطبري في ذخائر العقبى243 في ترجمة نوفل جد ببة " كان له من الولد الحارث وعبدالله وعبيدالله" إلى أن قال:" وأما ".." عبيدالله وسعيد فقد روى عنهما العلم". والإشارة إلى أن من بين أبناء المعروف بببة "عبيدالله" مصغراً وعبدالله بدون تصغير،أي أنه سمي باسم أبيه.قال ابن سعد في الطبقات5/24:" فولد عبدالله بن الحارث عبدالله بن عبدالله ".." وعبيدالله بن عبدالله وهو الأرجوان ".إلا أن جميع هذه الإحتمالات لا تسهم في جلاء الصورة – كما يأتي- لوجود نسبة "الهمداني" في ما ذكره الشيخ المامقاني عليه الرحمة والرضوان.
(31) التستري، الشيخ محمد تقي، قاموس الرجال 7/61-62(ط: ثانية، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم 1415 هج)
(32) أورد المحلاتي في "فرسان الهيجاء" 1/237-238 عن أبي مخنف تفاصيل وافية حول اعتقال عبدالله بن الحارث بن نوفل و"شهادته" جاء فيها أن الذي ألقى القبض عليه هو "كثير بن شهاب" وينسجم الكثيرمن هذه التفاصيل مع ما ذكره الشيخ المامقاني، لكنه يختلف عنه في أن ما نسب إلى أبي مخنف ينطبق على المعروف ب "ببة" غير أن من الثابت قطعاً أنه لم يقتل في الكوفة، بل تولى البصرة بعد ذلك ومات على الأرجح في عمان عام 84. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء3/530 والمزي، تهذيب الكمال 14/399 وابن سعد، الطبقات الكبرى5/24و الأزدي(عبد الغني)المتوارين 47.
(33) المحلاتي، فرسان الهيجاء 1/237.
(34) "ببة" بموحدتين الثانية ثقيلة، من الألفاظ التي تقال للطفل حين ملاعبته، وهي بمعنى السمين الممتليء والمشهور أن أمه هند بنت أبي سفيان أخت معاوية كانت تلاعبه وتقول رجزاً وردت هذه اللفظة فيه، وقيل إن أهل البصرة لقبوه بذلك .انظر:الفراهيدي،العين8/415 وابن الأثير، النهاية في غريب الحديث1/92وابن حجر،فتح الباري7/376و10/154.
(35) انظر:إبن سعد،الطبقات الكبرى 5/25.
(36) انظر:إبن الأثير، أسد الغابة1/350والطبري، ذخائر العقبى244.
(37) الطبري 4/267
(38) كان ذلك مجرد إخراج من المختار، لتغطية انكشافهم نتيجة تخاذل أهل الكوفة.
(39) المصدر 4/286.
(40) المقرم(السيد عبد الرزاق الموسوي) مقتل الحسين أوحديث كربلاء330 نقلاً عن شرح النهج و عن الإرشاد في قول ميثم للمختار.انظر: إبن أبي الحديد2/293.والشيخ المفيد1/234. ونقلاً عن البحارانظر:المجلسي، بحار الأنوار 45/353.وانظرابن نما، ذوب النضار69والبحراني،العوالم، الإمام الحسين672.
(41) التستري، قاموس الرجال 6/306. ولم أجد النص في المطبوع من أنساب الأشراف. ت :المحمودي، وهو بعض الأنساب. وقد مر في هامش" ببة" أن أمه هي هند بنت أبي سفيان، أخت معاوية.
(42) انظر:إبن سعد، الطبقات الكبرى5/25وابن الأثير، أسد الغابة3/139.
(43) يورد التستري في قاموس الرجال 1/15 عن الحموي في معجم البلدان4/851"أن رجلاً نادى في منى :يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني، فأجابه رجل، فقال له (المنادي): لعلك من نهروان الشرق وأنا أريد نهروان الغرب، فعجب من اتفاق الإسم والكنية واللقب والنسبة".