مقدمة
الطبعة الثانية
عندما نقول: يتلخص التدين
في طبيعة العلاقة برسول الله صلى الله عليه وآله، فإن ذلك طبيعي جداً لاينبغي أن
يستغربه موحد.
وعندما نقول إن العلاقة بوصي رسول الله ليست إلا استمرار العلاقة به صلى الله عليه
وآله، ولولاها لما كان من سبب للحديث عن الوصي والبحث عنه والوقوف ببابه، فإن هذا
أيضاً طبيعي جداً لمن آمن بالله واليوم الآخر، وأيقن أن المحمدية النهج قائمة إلى
أن تقوم الساعة، وقائمة بعدها حيث تدور عليها القرون الأولى ومابعد القرون في رحلة
الخلود.
إلا أن البعض قد يتساءلون عن وجود وصي للمصطفى الحبيب صلى الله عليه وآله، وهو شك
حيث لاينبغي، إلا أن "إسلام البلاط" جعله يبدوأصلاً مسَلَّماً!
ولئن كان الحديث عن سائر الأوصياء قد اتخذ - بما كسبت أيدي الطواغيت ووعاظ
السلاطين- منحى بُعد الشقة، وتراكم السدود، فإن الحديث عن المهدي المنتظر يجب أن
يكون على الضفة المقابلة تماماً، توحيداً للأمة ولماً للشمل، وجمعاً للكلمة على
توحيد الله تعالى باتباع خير رسله عبر المرابطة بباب المهدي الذي لابد من ظهوره،
ونزول نبي الله عيسى للإئتمام به.
هذا هو مشروع الأمة المستقبلي، بل هو مشروعها الحاضر الذي سيتم تظهيره في المستقبل،
ليتحقق الوعد الإلهي: ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.
من حاول الوقوف بباب المهدي فقد حاول أن يتخذ له موقعاً في الإصطفاف تحت راية رسول
الله صلى الله عليه وآله في مقابل الجهل والتخلف والجاهلية الثانية فضلاً عن
الأولى.
ومن أصر على تحييد الثقافة المهدوية المحمدية، قضية الإسلام المركزية التي ستكون
فلسطين معركتها الفاصلة، فإنه مصرٌّ على النأي بنفسه بعيداً عن مركز المسار
التوحيدي والصميم، ليبقى على الهامش حيث يشتد خطر افتراس الذئاب.
ولئن كان الذئب يفترس شاة همّشت نفسها بنفسها، فإن ذئاب العولمة المدعاة، والحضارة
الرعناء، وحقوق الإنسان الصهيوني والمتصهين، ذئاب ثقافة:
" نبني العالم كما يحلو لنا
" وثقافة " من لم يكن معنا فهو علينا" تلتهم اليوم شعوباً بكاملها وأمماً بقضها
والقضيض!
ومن فكر أن يعترض فلابد من إقناعه بقذائف الأطنان السبعة وأخواتها! أو بأسلحة
الدمارالأشمل!! فلا يعدو الشامل كونه وسيلة إرهاب للشعوب وابتزاز لوجودها والمصائر.
من أصر على تحييد الثقافة المحمدية عبر تحييد استمرارها والتجلي: الثقافة المهدوية،
فهو المصر على الإصطفاف في المشروع الآخر: مشروع العولمة المفترسة!
يتساوى في ذلك العميل والثوري الذي يفهم المواجهة لأمريكا من داخل منظومتها
الهوليودية وجامعاتها المسخ ومراكز دراساتها والتخطيط لتحويل شعوب العالم كله إلى
هنود حمر!!
لا ينجو من هذا الإصطفاف في ظلمات "
القطب الأوحد!!!" إلا من أيقن بأن الملك لله
الواحد القهار. السماوات مطويات بيمينه والأرض قبضته. وما أنتم بمعجزين.
وأيقن أن المحمدية نهج حياة لايخلو منها زمان من قبل الخلق وما بعد الحياة الدنيا.
وأيقن أن الإمهال الإلهي يقترب أوان انتهائه رويداً رويداً
- والحديث عن عمر البشرية
وليس عن عمر فرد ولا دولة أو سلالة حاكمة - لتأتي مرحلة الحكومة العالمية الواحدة،
مرحلة أن يحكم الإسلام العالم بنقائه المحمدي، الذي يجسده المهدي المنتظر أرواح
العالمين له الفداء.
ولئن كانت " حضارة
" الروك" " الجاكسونية" تخشى مجموعة تخطط لعملية هنا أو هناك،
فما هو موقفها من مشروع العولمة الأصيل؟!
لاحوار الحضارات يقنع العابثين بمصائر البشرية، ولاصراعها!
إنها- من جهتهتم- سالبة بانتفاء الموضوع!
ثم هل المحور مايقنعهم؟
أليس المحور ما يجب، مما يحكم به العقل الصريح الخالي من أوهام بوش وشوائب
البروتستانتية المتصهينة؟! والخالي كذلك من أوهام الثوريين بالأمس الذين اكتشفوا
أنهم كانوا مجانين، فلجأوا إلى العقلانية المدعاة التي تسبح بحمد الطواغيت وتقدس،
وتستبدل لاإله إلا الله بالخضوع العملي ل" هبل" الأمريكي ولاته والعزى!! وتستبدل"كم من فئة قليلة" والواقعية الحق ( غيب وشهادة ) بالواقعية المسخ ( زاوية من عالم
المادة في مرحلة من مراحلها تبدو فيها أميركا "سيد الدنيا" فإذا بالسيف ينتصر على
الدم! وإذا بيزيد يستطيع أن يهزم الشهادة والشهداء!!!!
من قصرت همته عن مواصلة النهج الخميني الحسني الحسيني المحمدي البدري الكربلائي،
فليتساقط وحده حتى لايحاسب عن كل من جعلهم يثَّاقلون إلى الأرض!
قالها من
قبل علي عليه صلوات الرحمن ليبين أن الحديبية والصلح مع معاوية وأشباههما ليست قرار
المعصوم - ولاتكون قرار نائبه ولي الأمر- إلا بعد انفراج القوم عنه
انفراج الرأس عن البدن!
فهل تريد أن تكون من السباقين إلى القعود والإنفراج عن راية
الإسلام والقرآن؟
قال أبو الحسن أرواحنا فدى لنفس من أنفاسه المحمدية :
"من
خطبة له عليه السلام في استنفار الناس إلى أهل الشام" أفٍّ لكم لقد سئمت عتابكم .
أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضاً، وبالذل من العز خلفاً، إذا دعوتكم إلى جهاد
عدوكم دارت أعينكم كأنكم من الموت في غمرة. ومن الذهول في سكرة يرتج عليكم حواري
فتعمهون فكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون. ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي، وما
أنتم بركن يمال بكم، ولا زوافر عز يفتقر إليكم، ما أنتم إلا كإبلٍ ضل رعاتها. فكلما
جمعت من جانب انتشرت من آخر . لبئس لعمر الله سعر نار الحرب أنتم تكادون ولا
تكيدون. وتنقص أطرافكم فلا تمتعضون، لا يُنام عنكم وأنتم في غفلة ساهون. غلب والله
المتخاذلون، وأيم الله إني لأظن بكم أن لو حمس الوغى واستحر الموت قد انفرجتم عن
ابن أبي طالب انفراج الرأس! والله إن امرءاً يمكن عدوه من نفسه، يعرق لحمَه، ويهشم
عظمه، ويفري جلده، لعظيم عجزه، ضعيف ما ضمت عليه جوانح صدره. أنت فكن ذاك إن شئت
فأما أنا
فوالله دون أن أعطي ذلك، ضربٌ بالمَشرفية تطير منه
فراش الهام، وتطيح السواعد والأقدام، ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء. أيها الناس إن لي
عليكم حقاً ولكم علي حق. فأما حقكم علي فالنصيحة لكم. وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم
كي لا تجهلوا وتأديبكم كيما تعلموا. وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصيحة في
المشهد والمغيب. والإجابة حين أدعوكم. والطاعة حين آمركم".(1)
وأي طاعة يقصد نفس المصطفى الحبيب صلى الله عليه وآله؟
إنها طاعة المجاهدين الأشداء على الكفار الرحماء بينهم، وليس العكس، طاعة الذين
شروا أنفسهم واستبشروا ببيعهم، لاطاعة الذين وصفهم المولى بما لا مزيد عليه كما
تقدم.
آلآن.. وقد حمي الوطيس تحدث نفسك عن قرنك بالفرار من الزحف!!
إن شعوب العالم كلها مدعوة إلى الراية المحمدية التي ترتفع في أربع رياح الأرض،
تدعو الأمم إلى المهدي المنتظر وصي رسول الله صلى الله عليه وآله؟
ليست هذه الدعوة إحالة إلى فراغ، ولا ركوناً في حمأة المعترك وحمى الوطيس إلى مجهول
يخفف عن النفس المسكونة بالهواجس اللوعة ويمنيها بالحلم الواعد!
إنها دعوة إلى خوض الغمار، والقذف بالأنفس في لهوات الحروب، والتنمر في ذات الله
تعالى، بحثاً عن التأسي برسول الله، لإخراج المحتل الصهيوني والأمريكي والبريطاني
وكل محتل من كل أرض أخضعت لهم بقوة السلاح الناكازاكي والهيروشيمي وأجياله
المتطورة!!
إن المهدي المنتظر دعوة دائمة قائمة لكل شعوب الدنيا لتخرج من ظلمات الجهل والذل
وترفع الرؤوس التي لايجوز أن تنحني لغير الحق والقانون، أي لغير الله تعالى ودينه
القويم.
دعوة لكل عاقل ليحرر نفسه أولاً من الإرهابيين الذين يريدون أن يفرضوا بالحديد
والنار " حقائق" أيسرها أن ستة ملايين فلسطيني مهجرين لايحق لهم أن يعودوا إلى
وطنهم، لأن شذاذ الآفاق الذين أتت بهم المخابرات البريطانية والسياسات الأوروبية
عموماً، ثم الأمريكية خصوصاً لايريدون لهؤلاء أن يرجعوا!!
يريدون أن يفرضوا بالإرهاب الحرب على الإرهاب!!!
يريدون أن يمسخوا العقول ليوقن بالعمالة حتى غير العميل، ويخاف من التفكير بكلمة
الإرهاب حتى من لم ينبس يوماً ببنت شفة!
ثقافة مشروع المستقبل المهدوية، ثقافة :
وأعدوا لهم مما استطعتم من قوة ومن رباط
الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم.
ويكشف التعبير برباط الخيل عن درجة قرب الإعداد من عملية التنفيذ.
إنها ثقافة إرهاب عدوالله الذي هو عدو البشرية.
وكل حديث عن نبذ العنف والإرهاب مع
"دراكولا" البشرية الذي يمتص دماءها بالريموت
كونترول، ومجلس الأمن، والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، لايعدو كونه إرهاباً
للمستضعفين والمظلومين، الذين تئن الأرض من أنينهم، وتضج من دمائهم.
كل حديث عن محبة بوش وحضارة رايس وإنسانية رامسفيلد، هو الجمرة الخبيثة الأمريكية
التي تريد أن تجعل التفكير بالطحين ولقمة العيش" إرهاباً" والحديث عن حرية الرأي
وحق تقرير المصير، وكالة حصرية لأزلام الشيطان، وجلاوزة "البنتاغون".
هكذا يمكننا أن نؤسس لثقافة محمدية تسير بنا حيث أراد صلى الله عليه وآله مع وصيه
المهدي المنتظر.
فهل نحن فاعلون؟
مقدمة الطبعة الأولى
ثلاثة مجالات للحديث عن
المهدي المنتظر، تمس الحاجة إلى العناية بها أكثرمن غيرها، هي :
1- عقيدة “ السنة “ في المهدي .
2- قصص التشرف بلقائه عليه السلام .
3- آداب الغيبة الكبرى .
* عقيدة السنة في المهدي:
من الأخطاء الشائعة أن “ السنة “ يعتقدون بالمهدي إلا أنهم يعتقدون أنه
لم يولد بعد، والصحيح أن قسماً كبيراً من علماء السنة الكبار يعتقدون بأن المهدي
عليه السلام ولد، وأنه المهدي المنتظر الذي يعتقد به الشيعة.
وقد أنهى بعض المتتبعين عدد العلماء السنة الذين صرحوا بذلك إلى المائة وعشرين
عالماً .(2)
وهناك العديد من الكتب التي ألفها بعض هؤلاء الأعلام حول الإمام المنتظر وأكدوا
فيها كل الحقائق التي يرويها الشيعة حوله عليه السلام .
وما هو بحاجة إلى الدراسة، هو تسليط الضوء على عقيدة السنة في المهدي عبر القرون،
ودور الحكام المنحرفين في طمس معالم هذا المعتقد رغم الجهود التي بذلها العلماء
الأبرار رضوان الله عليهم .
ويرقى هذا الموضوع “ الإعتقاد بالمهدي “ إلى كونه واحداً من الأسس التي تقوم عليها
الوحدة الإسلامية.
لا شك أن مما يسهم في شد أواصر الوحدة الإسلامية وترسيخ دعائمها ، الحديث عن :
1- واجب المودة في القربى ، حب أهل البيت عليهم السلام .
2- الإعتقاد بالمهدي المنتظر .
وكلا هذين الأساسين لا يحظيان - للأسف - بالعناية التي يستحقان، علماً بأن من شأن
المتفق عليه بين السنة والشيعة فيهما أن يشعرنا جميعاً بمزيد من الحب لبعضنا، ووجوب
العمل معاً ، لأننا من مسيرة واحدة قائدها واحد، هو المهدي المنتظر من ذرية رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم.(3)
وما أروع أن تعيش الأمة هذه الحقيقة في هذا العصر الذي يشهد أحداثاً جساماً تصلح أن
تكون مؤشرات على إفلاس النظم الوضعية والديانات المنحرفة، واقتراب ظهور المصلح
العالمي، والله تعالى العالم.
إن من نتائج عيش هذه الحقيقة - حتى إذا لم نكن في عصر الظهور - أن يجعل المسلمين
يتطلعون إلى الغد المشرق الذي ترتفع فيه راية لا إله إلا الله محمد رسول الله بيد
ولي الله، فتتهاوى كل الرايات وينزل نبي الله عيسى ( على نبينا وآله وعليه أفضل
الصلاة والسلام ) ليصلي خلف المهدي ، وفي بيت المقدس بالذات إيذاناً بنهاية كل
الطواغيت والمحرفين للكتابين المقدسين التوراة والإنجيل.
ولا شك في أن هذا الغد المشرق يحتاج إلى جنود “ أشداء على الكفار، رحماء بينهم
".." تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً “.
إن من شأن إدراك الواقع المعاش، والتطلع إلى المستقبل أن يخففا من حدة خلافات
الماضي، فينطلق الفهم للأسس العقيدية في الإتجاه السليم.
{ و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها
عبادي الصالحون }.
{ و نريد أن نمن على الذين استضعفوا ونجعلهم أئمة
ونجعلهم الوارثين }.
* قصص التشرف بلقاء المهدي عليه السلام :
اعتنى علماؤنا عبر العصور بنقل قصص اللقاء، وبلغ اهتمامهم بها حيث إنك لا تجد
كتاباً من المصادر الأساسية عن الإمام المهدي لا يذكر بعض قصص التشرف بلقائه عليه
السلام، بل أفرد لها بعض علمائنا المتقدمين كتاباً مستقلاً، بالإضافة إلى العديد
من كتب المتأخرين في هذا الباب.
ومن الطريف أن عدداً من العلماء السنة يؤكدون قصة تشرف أحد أهل العبادة من المسلمين
السنة بلقائه عليه السلام.
وينبغي أن تدرس هذه القصص على مستويين :
الأول : التوثيق ودراسة الأسناد .
الثاني : الدلالات .
وقد قام
المحدث الجليل صاحب مستدرك الوسائل رضوان الله عليه بجهد كبير في
المجال الأول في موسوعته القيمة بالفارسية عن الإمام المهدي عليه
السلام التي سماها “ النجم الثاقب(4)
“ إلا أن كثرة القصص و انتشارها على المساحة الزمنية الممتدة من
عصر الإمام العسكري عليه السلام إلى يومنا هذا تفتح الباب على
مصراعيه أمام مزيد من الجهد والتحقيق، وأسأل الله التوفيق لإنجاز
محاولة في هذا المجال نفسه اعتمدت فيها بشكل رئيس على ما حققه
المحدث صاحب المستدرك في النجم الثاقب، آمل – بحول الله – أن تكتمل
قريباً وتجد طريقها إلى الطبع.(5)
وأثناء محاولتي هذه تبلورت لدي فكرة كتاب عن “ آداب الغيبة “ وما
أقدمه الآن هو مختصر في ذلك، آثرت أن اقدمه - بمناسبة ذكرى ولادة
الإمام المهدي عليه السلام.(6)
* آداب الغيبـة :
تحت هذا العنوان يورد علماؤنا الأبرار- عادة - الأعمال المستحبة (
الصلوات، الأدعية ، الزيارات الخ ) التي ينبغي الإتيان بها في زمن غيبة الإمام
المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
ومن
الواضح ما لهذه الأعمال من دلالات، فهي من الناحية العبادية ذات
أثر عظيم لأنها تحقق الإرتباط بولي الله تعالى الذي يجب الإرتباط
به كدليل إلى الله لمعرفته سبحانه وعبادته كما أراد وأمر، مما يعطي
للعبادة روحها ويبتعد بها عن مهاوي الردى، وشِِباك قُطاع الطريق إلى
الله، بحيث يصبح المسلم يدرك بوضوح أنه مرتبط بقائد الأمة الذي نص
عليه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من الله سبحانه وتعالى
.
أضف إلى
ذلك ما يؤمنِّه أداء هذه الأعمال بشكل سليم من حَلٍّ للمشاكل
الفردية والإجتماعية، عن طريق التوسل إلى الله تعالى بوليه الأعظم
في زمن الغيبة الكبرى.
إن
الإعتقاد الحار بوجود قائد إلهي هو أحد أوصياء رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم، ادَّخره الله تعالى ليظهر به دينه على الدين كله،
من شأنه أن يبعث الحرارة في كل مفردات المعتقد، ويبعث الدفء في
جميع أوصال الأمة، ويسهم في لمِّ شملها ويجمع كلمتها على التقوى،
ويرفد المسيرة المؤمنة بمخزون إيماني وحركي هائل، فإذا بها تشعر
تلقائياً بالتواصل مع المسيرة المؤمنة في عصر آدم ونوح وإبراهيم
وموسى وعيسى ومحمد المصطفى وجميع أنبياء الله صلوات الله وسلامه
على نبينا وآله وعليهم أجمعين .
إن من شأن
هذا الإعتقاد الحار أن يجعلنا نفهم كتاب الله تعالى كما أنزل
كتاباً للمستقبل كله غيبه والشهادة.
فإذا
بقصصه نابضة بالحياة يمكن أن تتكرر، وإذا بأحكامه يجب أن تطبق،
وستطبق ولو كره الكافرون.
وإذا
بالإسلام نهج حياة، وليس تراثاً، كالتراث الإغريقي !
واذا
بالكعبة قبلة حقيقية، لكل العالمين.
واذا
بالقدس ملتقى المهدي والمسيح، وفلسطين أرض النبوات لا أرض الميعاد
لقتلة الأنبياء.
وبديهي أن
“ آداب الغيبة “ تسهم جذرياً في حرارة الإعتقاد بالمهدي عليه
السلام.
ولأهميتها
الكبرى هذه، اهتم بها علماؤنا بل أفرد لها بعضهم كتاباً مستقلاً .(7)
وبين يدي
القارئ العزيز استعراض موجز لهذه الآداب.
أسأل الله
سبحانه أن يجعل هذا القليل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به، إنه
ولي الإحسان .
بيروت – حسين كوراني
1 شعبان 1410 هجرية |
وقد رأيت
في هذه الطبعة القانية أن
من الضروري بين يدي الحديث عن آداب الغيبة تقديم
أمرين:
1- إثبات إجماع المسلمين على وجود الحجة في كل عصر.
2- والتشرف بسطور مما ورد في التعريف بالإمام المنتظر، أرواحنا له
الفداء .
هوامش
(1) الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، نهج
البلاغة (ط: عبده ج1/84).
(2) راجع “ كشف الأستار “ للمحدث صاحب
المستدرك ومقدمة موسوعة الإمام المهدي عليه السلام .
(3) قال في “ الإشاعة لأشراط الساعة “ : 249 .
إن أحاديث وجود المهدي وخروجه آخر الزمان وأنه من عترة رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم من ولد فاطمة عليها السلام بلغت حد التواتر المعنوي فلا معنى لإنكارها
ومن ثم ورد “ من كذب بالدجال فقد كفر ومن كذب بالمهدي فقد كفر ، “ .
(4) ترجم الكتاب إلى العربية سماحة السيد
ياسين الموسوي، وطبع منذ سنوات.
(5) المحاولة المذكورة شبه جاهزة ، لكنها لم
تطبع لأسباب موضوعية.
(6) كان هذا على أبواب شهر شعبان عام 1410
للهجرة.
(7) أنظر: السيد الأصفهاني ، في كتابه الكبير:
مكيال المكارم في مجلدين، وكتابه: وظيفة الأنام في غيبة الإمام.
|