المراد بآداب الغيبة “ الأعمال
التي ينبغي القيام بها في عصر غيبة الإمام المهدي عليه السلام، بما
يشمل الواجبات كمعرفة الإمام حق المعرفة، ويشمل المستحبات من صلاة
ودعاء وزيارة وما شابه “ .
إن اعتقادنا بأن وصي رسول الله صلى
الله عليه وآله، الإمام المهدي عليه السلام، هو إمامنا الفعلي
الحي، يفرض علينا آداباً تجاهه.
ومحور هذه الآداب هو الإنتقال في
معرفته من المعرفة العامة، إلى معرفة نابضة بالحياة والحرارة، كما
هو الحال في أي معرفة مقترنة بالحب، لتحقق هذه المعرفة لصاحبها
الصلة المستمرة بالإمام عليه السلام كما لو أنه يراه ويتشرف
بلقائه.
إن هذا الإتصال المحمدي القلبي
منشأ كل خير ومفتاح كل بركة، وقد يكون سبباً للتشرف بلقائه عليه
السلام حقيقة - وليس مجرد مكاشفة - كما يثبت ذلك كثير من قصص اللقاء
المروية بأسانيد صحيحة، بل وعالية، لا يمكن التشكيك بها على
الإطلاق.
ولو لم يكن إلا ما أورده السيد ابن
طاوس، أو الإربلي، أو ما نقل عن العلامة الحلي، أوالمقدس الأردبيلي،
أوالسيد بحر العلوم، لكفى.
وكل ما يقال عن عدم إمكان ذلك
فسببه عدم الإطلاع على آراء كبار علمائنا الأبرار في مختلف العصور.
ومن الواضح أن العلاقة الباهتة
بالإمام عليه السلام تتساوى نتيجتها في كثير من الأحيان مع إنكار
وجوده والعياذ بالله.
وينبغي أن يسجل هنا بأسف بالغ أن
حاجتنا ماسة جداً إلى علاقة صحيحة وحيوية بحجة الله على العالمين
عجل الله تعالى فرجه الشريف.
أرأيت لو أن شخصاً كان في زمن
المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا يتشوق إلى لقائه ولا يفكر به،
ولا يشعر بأي علاقة قلبية به، فهل كان يعتبر صادق الإيمان؟
أو ليس من واجب المسلم أن يحب رسول
الله أكثر مما يحب نفسه وأولاده؟
ثم أليس من واجب المسلم أن يحب أهل
البيت عليهم السلام كذلك عملاً بواجب المودة في القربى وغيره.
والإمام المنتظر امتداد رسول الله
والممصداق الأوضح للإلتزام بواجب المودة في القربى في عصر الغيبة
الكبرى.
فكيف يمكن أن يكون أحدنا دقيقاً في
رعاية واجب حب المصطفى وأهل بيته، إن لم يَعمر قلبه الحنين إلى
الإمام المنتظر، على غرار ما نجد في سيرة علمائنا رضوان الله عليهم،
ويأتي مزيد بيان بحول الله تعالى لدى الحديث عن الشوق إليه عليه
السلام، والحنين.
وسنرى أن آداب الغيبة تتكفل بتأمين
هذا البعد العقيدي الهام .
1-
معرفــة الإمــــام
من عرف
إمـامـه ثم مـات قبل أن يرى هذا الأمـر
".." كان له من الأجـر كمن كان
مع القائـم في فسطاطه.
رواه الشيخ الطوسي في “ الغيبة / 277 “
هل نعرف إمامنا وحجة الله علينا ؟
وهل تكفي المعرفة الإجمالية الباهتة ؟
حقا، لماذا نجد أكثر أوساطنا لا تعيش حقيقة وجوده المبارك بل لا يكاد يذكر اسمه
إلا في منتصف شعبان وعند تعداد أسماء الأئمة المعصومين عليهم السلام؟
وحتى من يتصور منا أنه يعرفه، سيجد عندما يرجع إلى الروايات والتفاصيل التي ذكرها
العلماء، أنه لا يعرفه سلام الله عليه ما يكفي.
والحديث هنا - طبعاً- عما يمكننا من معرفته عليه السلام.
ولقد حققت ثورة الإسلام المظفرة في ايران تقدماً جيداً في مجال ربط الأمة بوصي
المصطفى الحبيب، الإمام المنتظر، إلا أننا رغم ذلك ما زلنا بحاجة ماسة إلى معرفته
ونقل الإحساس بوجوده المبارك من رحلة التصور إلى التصديق الجازم الحار الذي لا ينفك
عن العمل.
وتحتل معرفة الإمام مرتبة هامة من وجهة نظر الإسلام تدل على ذلك أحاديث كثيرة منها
:
من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.(1)
وقد ورد في حديث الإمام الصادق عليه السلام أن ندعو في عصر الغيبة بدعاء جاء فيه :
" أللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني ".(2)
والميتة الجاهلية الواردة في الحديث الأول، سببها الضلال عن الدين الوارد في الحديث
الثاني.
وقد روى أمير المؤمنين عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في
قوله تعالى :
{
يوم ندعو كل أناس بإمامهم } :
يدعى كل أناس بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم.(3)
*
بعض ما ينبغي معرفته عنه عليه السلام
أولاً: النص على إمامته من جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، والروايات
في ذلك كثيرة جداً، وقد أكدت مضامينها النصوص الكثيرة أيضاً الواردة عن آبائه عليهم
السلام .
ثانياً: حل إشكالية طول العمر حتى لا تكون عائقاً يحول دون الإعتقاد الجازم
بوجوده سلام الله عليه .
ثالثاً: علامـات الظهور .
رابعاً: واجب المسلمين تجاهه في عصر غيبته.
إلى غير ذلك مما يتفرع على ما تقدم أو يرتبط به .
* ومن جملة الأدعية التي ورد الأمر بالمواظبة عليها في زمن الغيبة ما روي عن الإمام
الصادق عليه السلام،أنه قال لأحد أعظم أصحابه:
يا زرارة إن أدركت ذلك الزمان – زمان الغيبة – فأدم هذا الدعاء :
" أللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك ،
أللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك ،
أللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني.
(4)
وقد وردت أدعية أخرى تشكل هذه الفقرات بدايتها تجد بعضها تحت عنوان الدعاء فراجع.
2-
معرفة علامات الظهور
إعرف العلامة فإذا عرفتها لم يضرك
تقدم هذا الأمر، أو تأخر.
الإمام الصادق عليه
السلام
الكليني، الكافي 1 / 372
رغم أن “ معرفة الإمام “ تشمل “ معرفة علامات الظهور “ إلا أن من المهم أن تفرد
علامات الظهور بالذكر، نظراً للأهمية المترتبة عليها.
ومن الواضح ما لمعرفة علامات الظهور من أثر كبير في مجالين :
1- تحصين الأمة ممن يدعون المهدوية .
2- الإنضمام إلى جنوده عليه السلام لمن وفق لإدراك عصر الظهور .
ويمكن الإستنتاج من مختلف الروايات ومن طبيعة منطق الأحداث الكبرى أن عصر الظهور
سيكون صاخباً جداً وحافلاً بالرايات الكثيرة المتضاربة، مما يكسب المعرفة بالعلامات
أهمية مميزة.
* وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله لأحد الرواة - كما تقدم - :
إعرف العلامة فإذا عرفتها لم يضرك تقدم هذا الأمر أو تأخر .(5)
ويرى بعض العلماء وجوب معرفة علامات الظهور، قال في ذلك:
والدليل على ذلك العقل والنقل.
أما الأول فلأنك قد عرفت وجوب معرفته سلام الله عليه بشخصه ، ومعرفة العلائم
المحتومة التي تقع مقارنة لظهوره وقريباً منه مقدمة لمعرفته.(6)
ولا مجال للحديث هنا عن علامات الظهور وتفاصيلها الكثيرة الوافية، ولابد أن يرجع في
ذلك إلى المصادر التي تتحدث عنها.
كل ما أنا بصدده هنا هو الإلفات إلى استحباب معرفة هذه العلامات أو وجوبها، ليهتم
القاريء بالإطلاع عليها.
* وأكتفي بحديث عن العلامات الخمس الحتمية :
عن الإمام الصادق عليه السلام :
خمس قبل قيام القائم عليه السلام : اليماني ، والسفياني والمنادي ينادي من السماء
وخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية.(7)
والمراد بالمنادي الخ كما في بعض الروايات أن منادياً من السماء يعلن أن الإمام
المهدي عليه السلام هو الإمام أو ينادي بما يوضح ذلك ويرتبط به.
* ونظراً إلى حساسية تغليب الحديث عن علامات الظهور، على سائر الأبعاد الأخرى التي
يجب أن تكون أيضاً مصب الإهتمام، بل يجب أن تكون الأولوية لها، كان لابد من وقفة
يتم فيها إيضاح أهمية التوزن في تناول علامات الظهور.
في تَـنـاول
علامــات الظهــور
تقدم أن
من آداب عصر الغيبة معرفة علامات الظهور، ومن الواضحات أن هذا لايعني إيلاء موضوع
العلامات وحده الأهمية القصوى إلى حد تغليب الحديث عنه على سائر الآداب.
وينبغي
التنبه إلى أن في الروايات محورين: معرفة الإمام، ومعرفة علامات ظهوره، ومن الواضح
أن التعبير بالعلامة يبقي كل ماورد تحت عنوان العلامات في حدود المشير، والمؤشر،
ووسيلة التطبيق.
وهو
يعني بوضوح أن هناك حقيقة قائمة في باب علاقة المنتظر بإمامه لاعلاقة لها بالعلامة
إطلاقا، فسواءً تحققت " ّالعلامة" أم لم تتحقق فإن هذه العلاقة هي المحور.
وتقوم
هذه العلاقة المحور على أسس معرفة الإمام، وحسن الإقتداء به والإئتمام، والمرابطة
في ساحة انتظاره بلهفة إليه عليه السلام وشوق وحنين.
والطريق العملي إلى ذلك هو التقوى والمراقبة الدائمة لحفظ حدود الله تعالى في
البعدين الفردي والإجتماعي، وهما معاً ساحة انتظار المؤمن لإمامه.
وبديهي
أن هذا يعني إيلاء الأهمية القصوى في زمن الغيبة لتهديب النفس والتحلي بمكارم
الأخلاق، التي هي الهدف من بعثة المصطفى الحبيب صلى الله عليه وآله.
وتزداد
هذه الأولوية تأكيداً بل وحصرية بمعنى أن غيرها لاقيمة له بدونها، عندما نجد أن
مسيرة وصي رسول الله الإمام المهدي أرواحنا فداه، تقوم على المؤمنين الذين أعدوا
أنفسهم الإعداد الإيماني المطلوب في مرحلة ماقبل الظهور.
ولايعني هذا أن الذين لم يؤمنوا قبل الظهور لايدخلون في دين الله أفواجاً، بل يعني
أن من أسلم قبل الفتح ليس كمن أسلم بعده، فإن الأول قد أسلم بالدليل والبرهان، دون
أن يشكل الجو المحيط نوعاً من الضغط عليه لاختيار الإسلام، ولذلك فإن قادة الألوية
والحكام وأساس جنده عليه السلام، هم من المنتظرين.
بهذا
يمكن الجمع بين الروايات التي وردت في تفسير قوله تعالى:
* يوم
لاينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً قل انتظروا إنا
منتظرون* الأنعام 158
قال
السيد المرتضى في معنى الآية: " لاينفع الإيمان في حال الإلجاء".(8)
ينبغي
صرف الهمة في عصر الغيبة إذاً إلى بناء النفس في هدي الأحكام الشرعية وإقامة حدود
الله تعالى - التي هي الدين- في النفس والمجتمع وعلى مستوى العالم، فإدا تحقق ذلك
جاء دور نفع العلامة التي قد يهتدي بها المؤمن إلى إمامه الذي عرفه، وقام لديه
الدليل على إمامته قبل أن يصل إلى البحث في علامات الظهور.
ولا ينافي صرف الهمة في تهذيب النفس عقيدة وسلوكاً، أصل العناية بعلامات الظهور، بل
تبقى هذه العناية مطلوبة مادامت متوازنة وفي سياقها الطبيعي: أنها العلامة التي
يحتاجها من عرف إمامه، وبلغت معرفته به عليه السلام مرتبة الإنتظارالحقيقي الذي
لا ينفك إطلاقاً عن خشية المنتظر من ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف، قبل أن يكمل
استعداده ولو بالحد الأدنى من أهلية التشرف بنصرته والفوز المبين بالشهادة بين
يديه.
أما أن
تحتل علامات الظهورمتن العناية ولو بدرجة من الإفراط، بحيث تطمس بعض مساحات تهذيب
النفس، فإن ذلك مرفوض تماماً في ضوء ماعرفت.
يتضح
من ذلك مدى الخسارة الناتجة عن شديد الإفراط في الحديث عن علامات الظهور، بحيث يصبح
الجو العام أننا قد قمنا بما يجب علينا، ولم يبق إلا ظهوره عليه السلام.
شتان
بين حديث من لم يُخرج نفسه من حد التقصير، عن علامات الظهور، وبين حديث من لا يستشعر
هيبة الإستحقاق العظيم الذي هو بكل تأكيد "القيامة الصغرى" التي تبدل بها الأرض غير
الأرض!
عندما
يوضع الحديث عن العلامات في جو هذه المهابة، يتخذ مساره الطبيعي المتناسب مع موقع
العلامة.
ويجب
التنبه جيداً إلى أن كل ماتقدم يختص بما ثبت له وصف العلامة، أما ما لم يثبت له هذا
الوصف، فإن الخطورة فيه تفوق ذلك بكثير.
* قواعد
التعامل مع علامات الظهور:
يجب
التأكيد على الثوابت التي لابد من مراعاتها في تناول علامات الظهور، وهي كما يلي:
1- أن
هذه العلامات على قسمين: الحتمية وهي الخمس المعروفة - وقد مر ذكرها- وغير الحتمية
وهي ماعدا ذلك.
وبديهي
أن الحديث عن غير الحتمي لايمكن أن يكون يقينياً، بمعنى أنه سيحدث حتماً.
2- أن
تحديد الزمن الذي يمكن أن تتحقق فيه هذه العلامة أو تلك - على فرض كونها من غير
الحتمي الذي سيقع- أمر غير ممكن غالباً، لأن العلامات صيغت عموماً بلغة كلية يمكن
أن تنطبق على قرون مختلفة.
مثال
ذلك: الرايات السود في العهد العباسي؟ أو في عصرنا؟ أو غيرهما؟ ومثل: " ألا يا ويل
هرموز" الخ حيث أمكن تطبيق ذلك على حرب الخليج الأولى - " المفروضة" على الجمهورية
الإسلامية - وعلى حرب الخليج الثانية - حرب الحلفاء على العراق، في عهد بوش الأب -
كما يمكن تطبيقها على غيرهما مما يتوفر فيه ماتوفر في المذكورتيْن، والبحث عن
الهيكل، حيث قد طرح موضوع البحث عن هيكل النبي سليمان عليه السلام مراراً.
3- أن
الرسول صلى الله عليه وآله، وآلَه عليهم السلام، لايمكن أن يضعوا علامات الظهور في
متناول أجهزة المخابرات العالمية، ومن الواضح مدى حساسية موضوع الظهور للكفر
العالمي وامتداداته، وهذا ما يؤكد بكل جلاء أن اعتماد لغة الترميز في روايات الظهور
جزء من مهمة المحافظة على السرية التامة لحركة الظهور.
4-
يقتضي الجمع بين الخصائص المتقدمة لروايات علامات الظهور، وبين الهدف الكلي منها
وهو زرع الأمل العام في الأمة في مختلف عصورها بظهور وصي المصطفى الحبيب صلى الله
عليه وآله، منقذ البشرية عجل الله تعالى فرجه الشريف، أن الأصل في روايات علامات
الظهور أن يتم بطريقة لا تُمكّن من الجزم بمداليل محددة وحصرية، فضلاً عن أن تُرسم
على أساسها من الآن خارطة الحركة العسكرية للظهور.
5- ومن
الطبيعي جداً أن تكون هذه الروايات - بلحاظ كل ماتقدم - لاتمكننا إلا من الوصول إلى
قرائن قوية، تبعث الأمل، ولاتذيع سر أهل البيت عليهم السلام.
يعني
ذلك أن نقتصر على تتبع هذه القرائن وعرضها للناس كقرائن، مع مراعاة أن نحافظ على
سرية القرائن القوية جداً، حذراً من الوقوع في ورطةِ المذيع علينا سرنا.
6- ومن
الواضح جداً أن وصل القرينة بالرغبة، مناف للموضوعية العلمية، فلا يجوز أن نلغي
الفاصل بين القرينة والدليل برغبة مهما كان منطلقها العام مقدساً.
7-
ويبقى من الضروري الإشارة إلى أن كل ما تقدم ينطبق على الروايات التي ثبتت أسانيدها
بالطريقة المعتمدة في هذا المجال، وهو بعدٌ يكاد يكون مغيباً.
8-
يقتضي الإتفاق على النهي عن التوقيت، اجتناب ما يحمل روح التوقيت، حتى مع التصريح
بعدم إمكانية الجزم.
إن من
واجبنا في عصر الغيبة أن نعد أنفسنا لنكون من جنده عليه صلوات الرحمن، والمستشهدين
بين يديه، سواء أأدركنا عصر الظهور، أم لم ندرك، ولكن أذن لنا بالرجوع، ولامسوّغ
للإيحاء للمخاطب بأننا على مشارف الظهور، كما لا يجوز تأكيد أننا لسنا في عصر
الظهور.
9- إن
العيش في ظلال الولي الفقيه أسهل بكثير من العيش في ظلال الإمام المعصوم ومعه عليه
السلام بشكل خاص، ويكفي فرقاً في ذلك أن عدم القناعة بما يقوله الولي الفقيه لايخرج
من الدين، مادام غيرالمقتنع ملتزماً بالطاعة، إلا أن الأمر مع المعصوم عليه السلام
وخاصة بقية الله تعالى في الأرضين، مختلف تماماً، لأن عدم القناعة نوع من الرد، وهو
بعدُ يتنافى مع المبدأ القرآني الفصل:
* فلا
وربك لايؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت
ويسلموا تسليما* النساء 65
وإنما
قلت: "ومعه عليه السلام بشكل خاص" بلحاظ ماعبرعنه نائبه الإمام الخميني قد سره، في
"صحيفه نور" بقوله: "يظهر بالربوبية بعدما ظهر آباؤه بالعبودية"
وهو مبني على
الروايات، والمقصود - في ما يبدو- أنه يجري حكم الله تعالى الواقعي بحسب الواقع، في
حين كان آباؤه عليهم السلام يجرون الحكم الواقعي بحسب ظواهر الحال، وهو مايعني
بتعبير آخر أنه عليه السلا مظهر خاص للقهارية الربوبية، ولذلك يعلن الجهاد، في حين
أن آباءه عليهم وعليه السلام لم يكونوا دائماً في حالة جهاد عسكري، بالإضافة إلى خصائص في
جهاده.(9)
هذا
الفارق الهائل والخطير- ببعديه - يلزمنا باغتنام فرصة العمر لبناء النفوس بحيث تنقى
من المعاصي التي تشكل أسس الحرج من قضاء المعصوم الذي يظهر بالربوبية أرواحنا فداه.
إنها
مهمة شاقة، لاتنسجم إطلاقاً مع صرف شطر من العمر- ولو صغير- في الغرق في بحر
العلامات غير الحتمية.
ولايعني ذلك المس بجهد من ينطلق من الثوابت المتقدمة ليتحدث عن علامات الظهور
بتوازن يفرضه البحث العلمي، فإن حاجة الأمة ماسة جداً إلى المزيد المزيد من الجهود
المباركة في الحديث عن علامات الظهور وتناولها الدائم ولكن وفق الضوابط المتقدمة.
10-
وتسأل: قد يعلل الإكثار من الحديث عن علامات الظهور، بضرورة ربط المؤمنين بإمامهم ؟
والجواب: لا شك في أن تقوية ارتباط الأمة بالإمام عليه السلام واجب مقدس، يدخل في
صلب المعتقد، ويحتم أن يكون الحديث عن علامات الظهور – شرط التوازن - جزءاً من مهمة
القيام بهذا الواجب، إلا أن الأصل الذي يحقق هذا الهدف المقدس ليس الحديث عن
العلامات وحدها، بل لابد من فتح باب الحديث عن إمكانية التشرف بلقائه عليه صلوات
الرحمن في زمن الغيبة، والتركيز عليه وتظهيره على حقيقته.
إن
الفرق كبير جداً بين مخزون روحي ينتج عن احتمال إدراك ظهوره عجل الله تعالى فرجه،
وبين إدراك أن الصدق في بناء النفس وتهذيبها طريق طبيعي إلى الفوز بهذا الشرف
المحمدي.
ولا
يخفى أن هذه المنهجية تسلم غالباً من لوثة الإنتماء السياسي لا العقائدي إلى الإمام
المهدي عليه السلام، التي تبرز عادة في اعتماذ منهجية الربط بالإمام من خلال علامات
الظهور وحدها، أو الإفراط فيها وإن اقترنت بغيرها.
*
وبمناسبة الإشارة إلى أهمية فتح باب التشرف باللقاء الذي حالت دون تواصل الكثيرين
معه سدود التغريب، وهجانة الفكر والثقافة، وماديتها الخفية، لابد من وقفة عند
الضابطة العامة في تناول حديث التشرف باللقاء، فإن له من القداسة ما لايجوز التساهل
فيه كما سترى.
من
أوضح الخصائص التي يتميز بها التشرف بلقاء الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه
الشريف، تلك القداسة التي تؤهل للقاء، والمراد بالقداسة النتيجة التي تتحصل من
الثبات في خط جهاد النفس، والإلتزام بالأحكام الشرعية، والورع واالعبادة، واليقظة
الدائمة في خط تنقية النفس من مساويء الأخلاق.
سيرةٌ
من هذا النوع، يمكن أن توصل إلى التشرف بلقائه عليه صلوات الرحمن.
أما أن
نُنزل من عظيم مرتبة التشرف باللقاء، فتبدو لبعضنا - على الأقل - أنها في متناوله، فإن ذلك
يكشف عن إزاحة كل هالات نور القداسة الحقيقية التي هي نور التشرف بلقاء ولي الله
الأعظم في زمانه عجل الله تعالى فرجه الشريف.
ولا
يعني ماتقدم أدنى صدٍّ عن حرم الحب المحمدي وعصف تباريح اللوعة بقلب الموالي ليتشرف
بلقاء مولاه، بل يعني إدراك أن بين المحب والحبيب عقبات ربما كان أصعبها أن يكون الحب من
طرف واحد، فربما كان الموالي يحب إلا أنه غير مرغوب فيه.
وربما
كان أصعبها أن مايحسبه الموالي حباً، ليس إلا وهم الحب!
في مثل
هذا وذاك - وهما فينا الغالب - يتوقف الوصول على وعي خصائص القداسة التي يجسدها شرف
اللقاء، ووعي الحجب المستحكمة في النفس ومعتقداتها
التي هي آراؤها في مختلف مجالات
الحياة، والحجب المستحكمة في السلوك، التي تجعل المنطلق في جميع الأحوال الرضا عن
النفس، أو الإنبهار بها حد العبودية لأهوائها، انبهاراً يتعايش لفرط الغفلة مع خيال
التميز عن خلق الله، والدخول في حرم خواصه، بل والطليعيين منهم!
إن
الصورة المتماهية من إدراك فرادة أولئك الذين يستحقون أن يسبغ عليهم شرف اللقاء،
ومن إدراك أن الوصول تكرم لااستحقاق، هي الصورة التي تتماهى من الخوف والرجاء، وهي
التي ينبغي أن يحقق المؤمن بها التوازن في نفسه في باب اللقاء.
ولعل
ما ورد عن السفير الجليل محمد بن عثمان العمري، يشير إلى ماتقدم:
فقد
روي عن "عبد الله أحمد بن إبراهيم قال : شكوت إلى أبي جعفر محمد بن عثمان شوقي إلى
رؤية مولانا عليه السلام.
فقال
لي : مع الشوق تشتهي أن تراه ؟
فقلت
له : نعم.
فقال
لي : شكر الله لك شوقك، وأراك وجهه في يسر وعافية. لا تلتمس يا أبا عبد الله أن تراه
فإن أيام الغيبة تشتاق إليه، ولا تسأل الإجتماع معه. إنها عزائم الله، والتسليمُ
لها أولى، ولكن توجه إليه بالزيارة ".(10)
* في
هذاالسياق ينقل عن أحد العلماء أنه كان يقيم صلاة الجماعة في " المدرسة الحقانية"
في قم، فجاء أحد الطلاب ووضع له ورقة تحت طرف سجادته، فقال له مباشرة: لاداعي لترى
الإمام عليه السلام.!
وكان
سؤال الطالب حقيقة: ماهي الطريقة الأفضل للتشرف بلقاء الإمام عليه السلام!!
أراد
هذا العالم الجليل الذي ينظر بنور الله تعالى، أن يلفت إلى عدم التناسب في أكثر
الحالات بين طلب التشرف، وبين من يحمل هذا الطلب وهو يحسب أنه يحسن صنعا.
3- البيـعـة
"عن
رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية."
صحيح مسلم 6/22
* ورد استحباب تجديد بيعة الإمام المهدي عليه السلام بعد كل صلاة من الصلوات الخمس
أو في كل يوم أو في كل جمعة.
* ومفهوم البيعة لإمام المسلمين متفق عليه بين المسلمين، وقد ورد في الكافي وفي
صحيح مسلم - وغيرهما - عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
من مات وليس في عنقه بيعة لإمام المسلمين فميتته ميتة جاهلية.(11)
وبعض أدعية عصر الغيبة صريح في تجديد البيعة للإمام المهدي عليه السلام.
والفوائد العملية المترتبة على هذه البيعة كثيرة منها :
أولاً: الشعور بالإرتباط بالقائد الإلهي الذي يشكل امتداداً واضحاً لمسيرة الأنبياء
والأوصياء عبر مراحل مختلف الأديان السماوية، وهو وصي رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم، الأمر الذي يرفد المؤمن بمخزون عملي خاص.
ثانياً: إعطاء الإرتباط بالفقيه الولي لأمر المسلمين البعد العقائدي الصحيح، فمن
الواضح أن المرتبط ببيعة للإمام المنتظر المدرك لمقتضيات هذه البيعة، سيكون شديد
الصلة بنائبه الذي أمر عليه السلام بالرجوع إليه في عصر الغيبة الكبرى.
ثالثاً: الحذر من الركون إلى الظالمين لأن من يبايع قائداً إلهياً أساس دعوته توحيد
الله ونفي الآلهة المصطنعة، فسيشكل ذلك حاجزاً نفسياً بينه وبين الطواغيت الذين
يعيثون في الأرض فساداً ويحكمون بغير ما أنزل الله .
* كيـف نجـدد البيـعـة؟
*ورد في زيارة الإمـام المهدي، المستحبة بعـد صلاة الفجر في كل يوم :
“ أللهم إني أجدد له في هذا اليوم وفي كل يوم عهداً وعقداً وبيعة له في رقبتي “.(12)
* وورد في دعاء العهد المروي عن الإمام الصادق عليه السلام :
“ أللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا، وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعة له في
عنقي، لا أحول عنها ولا أزول أبداً، أللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه، والذابين
عنه، والمسارعين إليه في قضاء حوائجه، والممتثلين لأوامره، والمحامين عنه والسابقين
إلى إرادته والمستشهدين بين يده “.(13)
وستجد في الأدعية من هذا الكتاب ما يرتبط بالبيعة .
* أوقـات تجديــد البيعـــة
تتوزع الأدعية المتضمنة لعبارات البيعة على الأوقات التالية :
1- بعد صلاة الصبح .
2- بعد كل صلاة .
3- في يوم الجمعة الذي يحظى بأهمية خاصة لتجديد البيعة فيه.
* قال في مكيال المكارم :
“ ويستحب تجديد العهد والبيعة له في كل جمعة نظراً إلى ما قدمناه من الرواية أن
الملائكة يجتمعون في كل جمعة في البيت المعمور ويجددون عهد ولاية الأئمة عليهم
السلام “..” مضافاً إلى أن يوم الجمعة هو اليوم الذي أخذ الله العهد والميثاق
بولايتهم عليهم السلام من العالمين، ومضافاً إلى مزيد اختصاص ذلك اليوم به صلوات
الله وسلامه عليه “.(14)
4- الإنتظــار
* التقـوى
* المرابطـة
* العزم على الجهـاد بين يديـه
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
طوبى
لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو يأتم به في غيبته قبل قيامه ويتولى أولياءه ويعادي
أعداءه، ذلك من رفقائي وذوي مودتي، وأكرم أمتي عليّ يوم القيامة
كمال الدين وتمام النعمة / 286
وانظر: الشيخ الطوسي، الغَيبة456
تظافرت الروايات حول أهمية إنتظار المهدي المنتظر و فرج الأمة بتوليه لقيادة
مسيرتها بشكل ظاهر لينجز الله وعده ويعز جنده ويظهر دينه على الدين كله.
* من روايات الإنتظار
1- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
“ أفضل أعمال أمتي إنتظار الفرج “.(15)
2- وعنه صلى الله عليه وآله وسلم :
“ أفضل العبادة إنتظار الفرج “.(16)
3- عن الإمام الصادق عليه السلام :
“ من مات منتظراً هذا الأمر، كان كمن هو في الفسطاط الذي للقائم عليه السلام “.(17)
1- وعنه عليه السلام :
“ ألا أخبركم بما لا يقبل الله عز وجل من العباد عملاً إلا به “..” شهادة أن لا إله
إلا الله وأن محمداً عبده والإقرار بما أمر الله به والولاية لنا “..” والإنتظار
للقائم “.(18)
* حقيقــة الإنتظــار
الإنتظار عمل :“ أفضل أعمال أمتي “ فهو لا يعني السلبية والإمتناع عن أي عمل جهادي
كما يحلو للبعض أن يفهموه، ومن انتظر قافلة ليسافر معها، فمن الطبيعي أن يكون على
أتم استعداد للإنطلاق بمجرد إيذانه بذلك، وبهذا يكون منتظراً لهذه القافلة .
والإنتظار لكل أمر يستتبع استعداداً متناسباً مع ذلك الأمر المنتظر.
فانتظار سفر قصير يستتبع استعداداً معيناً، يختلف عن الإستعداد الذي يستلزمه انتظار
سفر طويل.
ومن الواضح أن المنتظر للإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ينتظر قائداً
إلهياً سيقود مسيرة تحف بها الملائكة(19)
وجمهورها الأساس أهل التقوى و العبادة، وسيخوض المعارك الحامية الوطيس والمتتالية.
* عن الإمام الصادق عليه السلام :
ما تستعجلون بخروج القائم فوالله ما لباسه إلا الغليظ، وما طعامه إلا الشعير الجشب،
وما هو إلا السيف، والموت تحت ظل السيف".(20)
وهل يمكن تحقيق التناسب في نفس الإنسان مع هذه المسيرة إلا بتعاهدها بالرعاية في
مجالي الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر؟
وإذا كان المنتظر له عليه السلام لم يهتم بتهذيب نفسه وتزكيتها، فهل باستطاعته
الإنسجام مع مسيرة المتقين والأبدال؟
بل هل يمكنه تحقيق هذا الإنسجام والتناسب، إذا لم يكن يحمل روح الجهاد متشوقاً إلى
الشهادة في سبيل الله بما يستلزمه ذلك من إعداد عسكري يمكّنه أن يجاهد بين يدي
الإمام عليه السلام؟
من الطبيعي جداً أن من لا يحرص على إعداد نفسه في هذين المجالين، فلا يصح أن يسمى
منتظراً، بل ينبغي أن يخاف من شمول بعض الأحاديث له.
من ذلك ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام :
إذا خرج القائم عليه السلام، خرج من هذا الأمر من كان يرى أنه من أهله ودخل فيه شبه
عبدة الشمس والقمر.(21)
أللهم أعنا على أنفسنا وارزقنا حسن العاقبة.
* إذا كانت الثورة الإسلامية المباركة في إيران قد أحدثت هذه الهزة الكبيرة في
العالم، واستدعت كل هذه الجهود التي يبذلها المجاهدون في مختلف أنحاء الأرض فكيف
ستكون الخارطة السياسية والأمنية والعسكرية في عصر الظهور؟
وأيُّ متغيرات ستعصف بالعالم كله؟
وكم هو المخزون الهائل من التقوى والمرابطة، الذي ينبغي توفره في الأمة لتستجيب
لقائدها وهو يخطو بها من نصر إلى نصر؟
إن حرب الخليج التي فرضت على دولة الإسلام، والحملات الإعلامية العالمية، والهجمة
الشرسة على أنصار رسول الله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وملاحقتهم بمختلف
الأساليب الفرعونية الحاقدة، ليست إلا عينات صغيرة تشير إلى الأحداث الجسام
المشابهة التي ستقع في عصر الظهور.
ولا يمكن الإعداد لتحمل ذلك إلا بالبناء الإيماني الصادق العميق، وروح الجهاد المعتمدة
على الله تعالى.
وفي ما يلي وقفة مع هذين العاملين:
* التقـوى
الإعتقاد بوجود الإمام المهدي عليه السلام، وبيعتُه، وتجديد البيعة، أوالإلتزام
بقيادته عبر بيعة نائبه وطاعته، وانتظارُه، والمواظبة على آداب الغيبة،
كل ذلك لا ينفع صاحبه شيئاً اذا لم يكن متقياً.
فالتقوى هي المنطلق، وهي الشرط الذي لا يقبل بدونه
عمل، والمسيرة التي سيقودها عليه السلام، هي مسيرة أهل العبادة الذين تطوى لهم
الأرض(22)
ومنهم من " يسير في السحاب نهاراً"(23)
وأهل البصائر الذين لا ذنوب لهم تحجبهم عن رؤية الحقيقة حين “ تتطاير القلوب
مطايرها “.(24)
ومما يرشدنا إلى الترابط بين الإنتظار والتقوى ما
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام :
“ من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر، وليعمل
بالورع، ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل
أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا”.(25)
* وبديهي أن التقوى واجبة في كل حال، إلا أن المقصود
هو الإشارة إلى هذه العلاقة بينها وبين الإنتظار، وفائدة ذلك أن يدرك من يغلب عليه
الطابع الحركي العملي، ويحسب أنه من جنود المهدي دون شك! إلى أن هذا البعد وحده لا
يكفي.
فما على أحدنا اذا أراد أن يكون من جنوده عليه
السلام، إلا أن يعتني بتهذيب نفسه، ليحصل على الأقل على شيء من التناسب بينه وبين
هذه المسيرة الربانية التي سيملأ الله بها الأرض قسطاً وعدلاً.
ثم إن الحصول على شيء من التناسب ليس نهاية المطاف،
بل العبرة بلزوم ما حصل عليه بالحذر الدائم من الإرتكاس والإنقلاب على الأعقاب.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام، في بيان أوصاف
أنصار الإمام المهدي عليه السلام :
“ رجال كأن قلوبهم زُبُرُ الحديد، لا يشوبها شك في
ذات الله، أشد من الحجر، لو حملوا على الجبال لأزالوها “..” يتمسحون بسَرْج الإمام
عليه السلام يطلبون بذلك البركة ويحفون به، يقونه بأنفسهم في الحروب “..” لا ينامون
الليل لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل يبيتون قياماً على أطرافهم، ويصبحون على
خيولهم، رهبانٌ بالليل، ليوثٌ بالنهار، هم أطوع له من الأمة لسيدها، كالمصابيح، كأن
قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون، يدعون بالشهادة، ويتمنون أن يقتلوا في
سبيل الله، شعارهم يا لثارات الحسين، اذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر”.(26)
* المرابطـة، وروح الجهـاد
يتضح من
النص المتقدم مدى عمق البعدين : الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر في أنصار الإمام
المهدي عليه السلام، وقد وردت أحاديث كثيرة في الحث على المرابطة في زمن الإنتظار.
ولست
هنا بصدد الوقفة المتأنية مع هذه النصوص إلا أن الذي أود تسجيله في هذا السياق هو
استغراب إضفاء طابع السلبية والقعود عن الجهاد، على مفهوم جهادي رافض، هو
المرابطة.
وهل
يكون مرابطاً من يكون على هامش الأحداث، لا يهتم بأمور المسلمين من قريب أو بعيد،
وعلى أي الجبهات يرابط يا ترى ؟
* وبعض
روايات المرابطة صريح في ذلك :
" في
تفسير البرهان وغيره عن العياشي بسنده عن الصادق في معنى آية المرابطة: {يا
أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا و رابطوا و اتقوا الله لعلكم تفلحون}. قال
عليه السلام “..” ورابطوا : “ في سبيل الله، ونحن السبيل في ما بين الله وخلقه، ونحن
الرباط الأدنى، فمن جاهد عنا فقد جاهد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما جاء
به من عند الله “.(27)
وفي
تفسير نور الثقلين :
" وروي
عن أبي جعفر، الإمام الباقر عليه السلام في تفسير الآية :
معناه
اصبروا على المصائب وصابروا على عدوكم ورابطوا عدوكم ".
(28)
وهناك
روايات تفسر المرابطة هكذا :
“
ورابطوا إمامكم المنتظر “ .(29)
ولدى
التأمل في المعنى نجده نفس المعنى الأول.
ويدل
عليه ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام عندما سئل عن قوله تعالى ورابطوا قال : “
المقام مع إمامكم “.(30)
* ولا
شك أن الوقوف مع الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، أثناء غيبته إنما
يتحقق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله مع نائبه الفقيه
الجامع للشرائط، انطلاقاً من الإهتمام بأمور المسلمين، ومواجهة الطواغيت الذين
يريدون ليطفؤوا نور الله تعالى.
وفي
هذا السياق يمكن فهم الروايات التي تتحدث عن إعداد السلاح أو واسطة النقل " الدابة
وغيرها " وتتحدث عن حملٍ لهم المسلمين لا ينفك عن الجهاد الأصغر.
بديهي
أنه ليس المطلوب إعداد الفرس لتبقى في المربط، بل المطلوب أن يكون المرابط على
مشارف الإنطلاقة إلى ميدان الجهاد.
إن
الإنتظار لا يعني على الإطلاق تأجيل الصراع مع أعداء الله تعالى حتى إشعار آخر،
وإنما يعني استمرار الصراع حتى تكون الجولة الفاصلة بإذن الله على يدي وليه الإمام
المنتظر.
ومن
النتائج العملية المترتبة على ذلك، الإهتمام بالتدريب العسكري فإن المرابطة مع عدم
القدرة على القتال أمر عبثي.
*
وخلاصة القول
إن "
المرابطة " في غيبة الإمام المنتظر، تعني امتلاك الأمة رصيداً كبيراً من الإحساس
بالمسؤولية، يحملها على تحصين ساحتها بالإعداد العسكري الذي يمكنها من حماية ثغورها،
والمرابطة عليها، في مواجهة كل قوى الكفر والنفاق، وبهذا تكون الأمة
{خير أمة أخرجت للناس}
وتكون " مع الإمام " وصي
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تجاهد في سبيل الله دفاعاً عن الإسلام لتكون
كلمة الله هي العليا.
* العـزم على الجهـاد بين يديـه
عن الإمام
الباقر عليه السلام :
" ..
إن القائل منكم اذا قال : إن أدركت قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونصرته،
كالمقارع معه بسيفه، والشهادة معه شهادتان ".(31)
وهذا
الحديث المبارك وحده يكفي للحث على العزم على الجهاد بين يديه عليه السلام.
والأحاديث التي تؤكد هذا المعنى كثيرة جداً.
وينبغي
أن يكون واضحاً أن مجرد هذا العزم يترتب عليه الثواب الكبير الذي تتحدث عنه الرواية،
بدليل ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام :
“ إن
لكم ثواب من استشهد معه بنياتكم، وإن متم على فرشكم “(32)
وتدل
على ذلك جميع الروايات التي تبين أن الراضي بفعل قوم فهو شريك لهم في عملهم.
ومنها
ما ورد في كلام أمير المؤمنين عليه السلام لمن تمنى في حرب الجمل أن يكون أخوه شهد
هذه الحرب مع أمير المؤمنين فقال عليه السلام :
“ أهوى
أخيك معنا ، فقال : نعم ، قال : فقد شهدنا، ولقد شهدنا في عسكرنا هذا أقوام في
أصلاب الرجال وأرحام النساء سَيَرْعُف بهم الزمان ويقوى بهم الإيمان “.(33)
ويدل
عليه كذلك ما دل على أن من كانت نيته أنه لو كان في كربلاء لوقف مع الإمام الحسين
وجاهد في سبيل الله تعالى بين يديه، فهو شريك شهداء كربلاء في الأجر.(34)
بل إن دعاء العهد الوارد عن الإمام الصادق عليه السلام، والذي رواه كبار علمائنا
يتضمن فقرة ملفتة ترشدنا إلى مدى الحنين إلى الجهاد بين يديه عليه السلام والتلهف
على ذلك، بحيث يكون لزاماً على المؤمن أن لا يتمنى أن يوفق إلى الجهاد بين يدي بقية
الله وحسب، بل أن يتمنى أن يمن الله عليه ببعثه من قبره، ليحظى بهذا الشرف الكبير
:
“
أللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتماً مقضياً فأخرجني من قبري
مؤتزراً كفني، شاهراً سيفي مجرداً قناتي ملبياً دعوة الداعي “.(35)
ومن
الجدير بالذكر أن العزم الحقيقي على الجهاد بين يديه عليه السلام يتوقف على الإلمام
بفنون القتال، أو القابلية لذلك على أقل تقدير، وإلا كان عبثاً لا طائل تحته.
إن
المجاهد الذي خبر الحرب وأهوالها، هو - عادة - وحده الذي يمكن أن يدعو بهذه الفقرات بصدق،
وإلا فهل يتوقع لمن كان في حياته لا يجاهد ولا يحدث نفسه بجهاد أن يبعثه
الله من قبره لينال هذا الوسام الإلهي العظيم؟!
إن
الإعداد العسكري الجهادي، في طليعة واجبات المجتمع المسلم، بل إن إحدى مقومات
الشخصية الإسلامية “ الجهاد الأصغر “ ومن لم يوفق لذلك فلا أقل من أن يكون محباً
له يحدث به نفسه.
* * * *
وهكذا
يتضح أن الإنتظار عمل باتجاه تزكية النفس وتهذيبها، ومرابطة حيث يدعو التكليف
الشرعي، وعزم على الجهاد بين يدي الإمام المنتظر تؤهل له التقوى والمرابطة.
5- الشوق إليه، والحنين
{ قل
إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون
كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم
من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي
الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين }
التوبة – 24
ألحب
حق لله تعالى لا يشاركه فيه على وجه الإستقلال أحد:
"...
أحب إليكم من الله" " يحبهم ويحبونه".
ومن حب
الله تعالى الأصل، يتفرع حب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم :
"إن
كنتم تحبون الله فاتبعوني" "أحب إليكم من الله ورسوله".
ويتفرع
حب آل بيته عليهم السلام.
{ قل
لا أسألكم عليه اجراً إلا المودة في القربى } الشورى – 23
والمسيرة التوحيدية المباركة هي في جوهرها مسيرة الحب، وبالحب الحقيقي وحده ينبغي
تلخيص الدين.
وتاريخ
الإسلام حافل بفيض حب الله تعالى وما يتفرع عليه من حب المصطفى الحبيب وأهل بيته
صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم.
وهل
تمثل بدر أو كربلاء، إلا بعض مفردات هذا الهيام والروائع.
والمهدي المنتظر، القائد الإلهي العظيم الذي يصلي خلفه نبي الله عيسى عليه السلام،
من أهل البيت ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي يحقق الله تعالى على
يديه أهداف الرسالات الإلهية جميعاً.
يعني
ذلك بكل جلاء أن له عليه السلام من واجب الحب، مايرتبط بسر الوجود!
أوليس
سر الوجود بإذن الله تعالى محمدياً؟
أوليس
المهدي المنتظرأرواحنا فداه، من الحقيقة المحمدية، بامتيازٍ هو ما يأذن الله تعالى
بتحققه على يديه، لتكتمل به عليه السلام فريدة المدار المحمدي.
أليس
من أبسط الواجبات، وأوضح البديهيات إذاً، أن يعمر قلوبنا الشوق والحنين إليه، صلوات
الله عليه، فنردد بلسان الحال والمقال :
هل
إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى؟
هل يتصل يومنا منك بعدة فنحظى؟
متى نغاديك ونراوحك فنقر عيناً؟
متى ترانا و نراك وقد نشرت لواء النصر؟
ترى، أترانا نحف بك و أنت تأم الملا، وقد ملأت الأرض عدلاً.(36)
إنه
ولي الله الأعظم في زمنه.
ومن
أحب الله تعالى أحب وليه، وبهذا أُمرنا.
" إلا
المودة في القربى"
* في
حديث طويل عن ليلة الإسراء يتضمن أن المصطفى رأي علياً وفاطمة والأئمة من ذريتهما
صلوات الله عليه وعليهم، ورد قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
“ فقلت يا رب ومن هؤلاء؟
قال : هؤلاء الأئمة وهذا القائم يحل حلالي ويحرم حرامي وينتقم من أعدائي، يا محمد
أحِبًّه ، فإني أحبه وأحب من يحبه “(37)
* وعنه
صلى الله عليه وآله وسلم في حديث ذكر فيه أسماء الأئمة عليهم السلام إلى أن قال:
" من أحب أن يلقى الله وقد كمل إيمانه، وحسن إسلامه فليتول الحجة صاحب الزمان
المنتظر فهؤلاء مصابيح الدجى و أئمة الهدى و أعلام التقى من أحبهم وتولاهم كنت
ضامناً له على الله الجنة".(38)
* كما
ورد في حديث طويل أن سائلاً سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن المهدي، فأخبره
الإمام بصفاته الحميدة إلى أن قال :
ّ أللهم فاجعل بيعته خروجاً من الغُمة، وأجمع به شمل الأمة ".." شوقاً إلى رؤيته".(39)
* ويدل
على مدى الحنين الذي ينبغي للموالي تجاهه عليه السلام، ما ورد عن الإمام الصادق
عليه السلام:
* روى
الشيخ الطوسي رحمه الله في حديث طويل أن بعض أجلاء أصحاب الإمام الصادق دخلوا عليه
فرأوه يبكى وهو يقول:
“
غيبتك نفت رقادي، وضيَّقت علي مهادي وابتزت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك وصلت مصائبي
بفجائع الأبد… “ .
ولما
سئل الإمام عليه السلام عن سبب حزنه البالغ وبكائه المرير قال:
“ إني نظرت صبيحة هذا اليوم في كتاب الجفر المشتمل على علم البلايا والمنايا وعلم
ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمداً والأئمة من بعده
عليهم السلام وتأملت في مولد قائمنا عليه السلام وغيبته وإبطائه وطول عمره وبلوى
المؤمنين من بعده ".." فأخذتني الرقة واستولت علي الأحزان “.(40)
والنصوص المؤكدة على ذلك كثيرة، تهدف جميعاً إلى إيضاح علاقة الحب العارم التي
ينبغي أن تكون قائمة بين الأمة وإمامها عليه صلوات الله وسلامه.
* حبنا
له عليه السلام، لطف بنا، ورحمـة
* وفي
حين يعصف بالقلوب الخواء المدمر، ويستبد بها الهلع الفناء، فإذا بها " قلوب لم
تتذوق حلاوة حب الله تعالى فابتليت بحب غيره" تتعاظم قلوب محمدية فتبلغ بحنانه
الأًحدي، الأُحدي " اهد قومي" سدرة منتهاها فلا يؤذن حتى لهمزة وصلها بالعالم
الأدنى أن تقترب قيد أنملة.
هناك،
هناك، في سرادق عظمتها المحمدية، وفي ما يناسبها من عوالم
" أوحى
إلى عبده ما أوحى "
تنهمر سماوات كوثرالحب - دونما ترقُّب " أقلعي " - بشلالات المزن من معدن الرحمة،
وتتفجر أرض هذه القلوب المحمدية فيضاً، وعيوناً - لايساورها حتى خيالُ أن تغيض-
فيلتقي من أمر ماء القلب الحنان والحنين على أمر قد قُدر.
من لغة
القلب العاقل هذه، في تضوّع العطر المحمدي والوصال:
سلّيا
بالحديــث غير فؤادي
بِمَ يسلو عن الورود الصـادي
بين جنبي جذوة تتلـــظى
مهجتي فــوق حـرها الوقاد
أين منها الخمــود هيهات
إلا بلقـا من لقاه أقصى مرادي(41)
ومن
طُور وادي طِوى الأيمن هذا:
ياكراماً صبرنا عنهم محال
إن حالي من جفـاكم شر حــــال
إن أتى من حيكم ريح الشمال
صرت لا أدري يميني من شمــال
***
حَبّذا
ريحٌ سَرى من ذي سَلَم
من ربى نَجـد وسَلْع والعَلم
أَذْهَبَ الأحـــزانَ عنا والألم
والأماني أُدركت والهم زال(42)
***
قل
الله ثم ذرهم!!!
* حبــه التوحــيد!
الحب الصادق اتباع: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني.
والإتباع الصادق انقطاع: قل الله ثم ذرهم!
وغاية
الإنقطاع محض الولاية بتمام الطاعة: من يطع الرسول فقد أطاع الله! إنما وليكم الله
ورسوله والذين آمنوا!
والإنقطاع القائم على شَوْب الغنى إدلال: يمنون عليك أن أسلموا! وعلى الفقر تبتل:
وتبتل إليه تبتيلا.(43)
والفصل
بين حب الله تعالى وبين حب المصطفى الحبيب سيد الأولين والآخرين، ضلال بعيد،
واعتبار حبهما واحداً لايعرف الأصل منه من الفرع، ضلال ما بعده ضلال.
التوحيد، توحيد الإتباع، وتوحيد الإنقطاع، وتوحيد الولاية، بتمام توحيد الطاعة.
وبدء
التوحيد محمدي الأسوة: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.
ومسار
التوحيد محمديُّ الإتيان والإنتهاء: ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا!
وتصحيح
المسار عند الإنحراف: " جاؤوك "!
والمصير محمدي:
" أنا فرطكم على الحوض"!
الوسام
عند أول بارقة حب، محمدي: "فاتبعوني".
والوسام بعد طي المراتب، واكتمال بدر الحب:
يحببكم الله!
فهل
إلى فصل بين الحبين من سبيل؟!
حب
الرسول حب المرسِل.
ليسا
اثنين، وليسا واحداً.
" لغة
الحب غير كل اللغات".
إنهما
الأصل والتجلي.
لاتُعكِّر صفو عوالم الحب والمعنى بحديث المرآة.
أين
ومضة التجلي من التماع كل المرائي.
أين
الثريا من الثرى؟!
***
وبدء
التيه والضلال البعيد: الفصل بين حب المصطفى وآله!!
أهل
البيت أدرى بما في البيت ودحوِ الأرض من تحته، وخلقِ السماء قبل الدحو، والسرِّ
المستسر في ملاحم ماقبل الخلق.
وهم
الأدرى بالكنز المخفي.
نورٌ
واحد، وحقيقة محمدية واحدة.
حبهم
التجلي.
من
أحبهم فقد أحب الله!!
فهل
إلى أوهام الفصل من سبيل؟
حب آل
الرسول، حب الرسول، وحبه، حب المرسِل.
حبهم -
أيضاً - حب المرسِل.
لولا
أمره بحبهم، لما عمر قلوبنا حبهم.
حبهــــم هو التوحيد.
***
" من
أراد الله بدأ بهم "
ومن
بدأ بهم ولم يصل بالمطلع الختام.
لم
يكمل البدء، ولا استقام على الطريقة.
***
لم يقم
للزمان عمود، ولااخضر لشريطه عود، إلا بسرهم.
فلو
خلا منهم لما كان، ولا استدار.
" من
لم يعرف إمام زمانه فميتته جاهلية "
***
البيت
الذي هم أهله، مبدأ دحو الأرض !
هل
أتاك حديث البيت المعمور؟ " هل أتى"؟
لولا
ظاهرهم لم يُخلق المكان !
لا ماء
ولا هواء إلا بهم، ولا نور.
موحد
أنت إن قلت: بدون الماء والهواء والضياء، لا حياة لموجود.
ومشرك
من قال: بدون الحقيقة المحمدية، لايكون الوجود، ولا يستقيم؟!
تلك هي
القسمة الضيزى!!
هل أنت
موحد؟
***
ما
وحَّد الله تعالى، ولم يعرفه، من لم يكن المصطفى الحبيب أحب إليه من نفسه!
ومن لم
يعمر قلبه حب عترته أكثر من عترته، فلم يعرف المصطفى الحبيب، ولن يجد إلى حبه
سبيلا!
***
لقد
وجد يعقوب ريح يوسف " لما فصلت " فارتد بصيرا
فهل
وجد القلب ريح العطر المحمدي في المهدي المنتظر؟!!!
***
أوليس
الوجود كله بإذن الله تعالى محمدياً؟
ألم
يدعك الشاهد على الأنبياء والآخرين، إلى الصلاة على محمد وآل محمد؟
ألم
يبلغ الرؤوف الرحيم الشاهد والغائب: " فليتول الحجة صاحب الزمان المنتظر.."
***
المهدي
من الحقيقة المحمدية، نورها الدري.
صاحب
الزمان والمكان!
وصاحب
الأمر الذي يتنزل من الله تعالى في ليلة القدر.
ذو
اقتدار إن يشأ قلب الطباع
صيّر الإظـــلام طبعــاً للشعاع
واكتسى الإمكان بُرد الإمتناع
قدرة مـوهـوبـة من ذي الجـلال(44)
***
أللهـم
أرنا الطلـعة الرشيـدة، واجعلنا من أنصـاره وأعوانـه، والمستشهدين بين يديه.
6 – الـزيارة
قال الكفعمي رحمه الله :
“ يستحب زيارة المهدي في كل مكان وزمان، والدعاء بتعجيل فرجه صلوات الله عليه “.(45)
وزياراته عليه السلام أيضاً كثيرة، يُكتفى هنا بذكر بعضها مع الإشارة إلى البعض
الآخر:
1 – زيارة بعد صلاة الفجر
تقدمت الإشارة إليها في " البيعة" فهي زيارةٌ وبيعة، وقد أوردها السيد
الجليل ابن طاوس رضي الله عنه كما يلي:
" أللهم بلغ مولاي صاحب العصر والزمان صلوات الله عليه، عن جميع المؤمنين والمؤمنات
في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها، وسهلها وجبلها، حيهم وميتهم، وعن والدي
وولدي، وعني من الصلوات والتحيات، زنة عرش الله ومداد كلماته، ومنتهى رضاه، وعدد ما
أحصاه كتابه، وأحاط به علمه، أللهم إني أجدد له في هذا اليوم وفي كل يوم عهداً
وعقداً وبيعة له في رقبتي.
أللهم كما شرفتني بهذا التشريف، وفضلتني بهذه الفضيلة، وخصصتني بهذه النعمة، فصل
على مولاي وسيدي صاحب الزمان، واجعلني من أنصاره وأشياعه، والذابين عنه، واجعلني من
المستشهدين بين يديه، طائعاً غير مكرَه، في الصف الذي نعتَّ أهله فقلت: “ كأنهم
بنيان مرصوص “ على طاعتك وطاعة رسولك وآله عليهم السلام. أللهم هذه بيعة له في عنقي
إلى يوم القيامة.(46)
" ويصفق بيده اليمنى على اليسرى ".(47)
2 – يوم الجمعة
أورد السيد الجليل ابن طاوس عليه الرحمة - وغيره - هذه الزيارة للإمام
المنتظر عليه السلام في يوم الجمعة :
" ألسلام عليك يا حجة الله في أرضه، ألسلام عليك يا عين الله في خلقه، السلام عليك
يا نور الله الذي به يهتدي المهتدون، ويفرَّج به عن المؤمنين. ألسلام عليك أيها
المهذَّب الخائف(48)
ألسلام عليك أيها الولي الناصح، ألسلام عليك يا سفينة النجاة، ألسلام عليك يا عين
الحياة، السلام عليك صلى الله عليك وعلى آل بيتك الطيبين الطاهرين، ألسلام عليك عجل
الله لك ما وعدك من النصر، وظهور الأمر. ألسلام عليك يا مولاي ، أنا مولاك عارف
بأولاك وأخراك، أتقرب إلى الله تعالى بك وبآل بيتك، وأنتظر ظهورك وظهور الحق على
يديك، وأسأل الله أن يصلي على محمد وآل محمد، وأن يجعلني من المنتظرين لك،
والتابعين والناصرين لك على أعدائك، والمستشهدين في جملة أوليائك، يا مولاي يا صاحب
الزمان صلوات الله عليك وعلى آبائك، هذا يوم الجمعة وهو يومك المتوقع فيه ظهورك،
والفرج فيه للمؤمنين على يديك، وقتلُ الكافرين بسيفك، وأنا يا مولاي فيه ضيفك وجارك
، وأنت يا مولاي كريم من أولاد الكرام، ومأمور بالإجارة ، فأضفني وأجرني صلوات الله
عليك وعلى أهل بيتك الطاهرين.
(49)
3 – زيارة سلام على آل يس
وهي زيارة معروفة جداً كسابقتها ويستفاد من كلام بعض أهل العبادة أن هاتين
الزيارتين طريق إلى التشرف بلقائه عليه السلام .
وتجد هذه الزيارة في أواخر كتاب مفاتيح الجنان، بعد أعمال سامراء، وقبل دعاء
الندبة، وقد ورد في روايتها قول الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف :
إذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا فقولوا:
سلام على آل يس الخ.
وتجد الزيارة بتمامها، وتوضيحاً حولها، في الملاحق من هذا الكتاب
(50)
* * *
وهناك العديد من الزيارات في أماكن مشرفة وأوقات مباركة، فلتطلب من مظانها.(51)
7- الـدعــاء
قل
ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم
الفرقان 77
"..أحب إليه من نفسه، وعترتي أحب إليه من عترته.
الرسول الأكرم
من أولويات المؤمن أن يكون
دعاؤه لرسول الله صلى الله عليه وآله، وأهل بيته المعصومين، ولإمام زمانه بالخصوص
أكثر من دعائه لنفسه، ليلتزم بذلك مع ما بلَّغه المصطفى الحبيب عن الله تعالى: "
لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، وتكون عترتي أحب إليه من عترته" (52)
وعلى هذا الأساس ينبغي أن نفهم
تأكيد العلماء على أن الدعاء للإمام، والصدقة عنه عليه السلام - وسائر الأعمال
المستحبة مثلهما - مقدم على النفس في كل حال.
قال السيد ابن طاوس عليه
الرحمة:
"فكن في موالاته، والوفاء له،
وتعلق الخاطر به، على قدر مراد الله جل جلاله، ومراد رسوله صلى الله عليه وآله،
ومراد آبائه عليهم السلام ومراده عليه السلام منك، وقدم حوائجه على حوائجك عند صلاة
الحاجات كما ذكرناه في كتاب " المهمات والتتمات" والصدقة عنه قبل الصدقة عنك وعمن
يعز عليك، والدعاء له قبل الدعاء لك، وقدمه في كل خير يكون وفاء له، ومقتضياً لإقباله
عليك، وإحسانه إليك، فاعرض حاجتك عليه كل يوم الإثنين ويوم الخميس من كل أسبوع، لما
يجب له من أدب الخضوع، وقل عند خطابه بعد السلام عليه بما ذكرناه في أواخر الأجزاء
من كتاب " المهمات " من الزيارة التي أولها" سلام الله الكامل":
* يا أيها العزيز مسنا وأهلنا
الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين" *
يوسف 88
(53)
وسيأتي في مطاوي هذا الباب"
الدعاء" أن عدداً من الأئمة كانوا يدعون للإمام المهدي عليهم جميعاً صلوات الرحمن،
الأمر الذي يعطي بعداً آخر نوعياً لموضوع الدعاء له عليه السلام.
وأتحدث هنا باختصار عن قسمين من
الدعاء :
أ - الدعاء لمعرفته عليه صلوات
الرحمن، والثبات على ولايته، باعتباره حجة الله تعالى على خلقه.
ب - الدعاء له عليه السلام لحفظه ونصرته .
وفي المجالين أدعية كثيرة أقتصر
هنا على ذكر المختصر منها محيلاً في غيره إلى المصادر المختصة.
* مـن
أدعيـة الغَـيبـة
1 – عن الإمام الصادق عليه السلام :
يا زرارة إن أدركت ذلك الزمان –
زمان الغيبة – فأدم هذا الدعاء :
أللهم عرفني نفسك فإنك إن لم
تعرفني نفسك لم أعرف رسولك.
أللهم عرفني رسولك فإنك إن لم
تعرفني رسولك لم أعرف حجتك. أللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني. (54)
2- دعـاء
الغـريـق
عن عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال :
ستصيبكم شبهة فتبقون بلا عَلَم
يُرى، ولا إمام هدى، ولا ينجو إلا من دعا بدعاء الغريق.
قلت : كيف دعاء الغريق، قال:
يقول :
“ يا ألله يا رحمن يا رحيم، يا
مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك “ .
فقلت : “ يا الله يا رحمن يا
رحيم، يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك “ .
قال : “ إن الله عز وجل مقلب
القلوب والأبصار، ولكن قل كما أقول لك :
“ يا مقلب القلوب ثبت قلبي على
دينك“. (55)
3 –
دعـاء بعـد كل فريضـة في شهـر رمضـان
عن رسول الله صلى الله عليه وآله :
من دعا بهذا الدعاء في شهر
رمضان بعد المكتوبة، غفر الله له ذنوبه إلى يوم القيامة، وهو:
" أللهم أدخل على أهل القبور
السرور، أللهم أغن كل فقير، أللهم أشبع كل جائع، أللهم اكس كل عريان، أللهم اقض دين
كل مدين، أللهم فرج عن كل مكروب، أللهم رد كل غريب، أللهم فك كل أسير، أللهم أصلح
كل فاسد من أمور المسلمين، أللهم اشف كل مريض، أللهم سد فقرنا بغناك، أللهم غير سوء
حالنا بحسن حالك، أللهم اقض عنا الدين وأغننا من الفقر، إنك على كل شيء قدير". (56)
وإنما ذكرته هنا لجودة مضمون
قصة نقلها بعض من تشرف بلقائه عليه السلام كما وجدت في بعض المصادر، وملخص القصة أن
الإمام عليه السلام حدثه عن هذا الدعاء وقال :
إنه في الحقيقة دعاء لي بالفرج،
والدليل : إن هذه المضامين الواردة فيه لا تتحقق إلا بعد ظهوري.
4 –
دعـاء العـهـد
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:
من دعا إلى الله أربعين صباحا
بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، وإن مات أخرجه الله إليه من قبره، وأعطاه الله بكل
كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة، وهذا هو العهد :(57)
أللهم رب النور العظيم، ورب
الكرسي الرفيع، ورب البحر المسجور، ومنزل التوراة والإنجيل والزبور، ورب الظل
والحرور، ومنزل الفرقان العظيم، ورب الملائكة المقربين، والأنبياء والمرسلين.
أللهم إني أسئلك بوجهك الكريم،
وبنور وجهك المنير، وملكك القديم، يا حي يا قيوم، أسألك باسمك الذي أشرقت به
السماوات والأرضون، يا حيُّ قبل كل حي، لا إله إلا أنت.
أللهم بلغ مولانا الإمام المهدي
القائم بأمر الله صلى الله عليه وآله وعلى آبائه الطاهرين، عن جميع المؤمنين
والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها وسهلها وجبلها وبرها وبحرها، وعني وعن والديَّ
من الصلاة زنة عرش الله، وعدد كلماته وما أحصاه كتابه، وأحاط به علمه.
أللهم إني أجدد له في صبيحة هذا
اليوم، وما عشت به في أيامي، عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول.
أللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه
وأنصاره والذابين عنه، والمسارعين في حوائجه، والممتثلين لأوامره، والمحامين عنه،
والمستشهدين بين يديه.
أللهم فإن حال بيني وبينه الموت
الذي جعلته على عبادك حتماً، فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني، شاهراً سيفي، مجرداً
قناتي، ملبياً دعوة الداعي في الحاضر والبادي.
أللهم أرني الطلعة الرشيدة،
والغرة الحميدة، واكحل مَرَهِي (58)
بنظرة مني إليه، وعجل فرجه، وأوسع منهجه واسلك بي
محجته وأنفذ أمره، واشدد أزره، واعمر اللهم به بلادك، وأَحْيِ به عبادك، إنك أنت
قلت وقولك الحق:
" ظهر الفساد في البر والبحر
بما كسبت أيدي الناس "
فأظهر اللهم لنا وليك وابن
وليك، وابنت بنت نبيك، المسمى باسم رسولك في الدنيا حتى لا يظفر بشيء من الباطل
إلا مزقه، ويحق الحق ويحققه.
أللهم واجعله مفزعاً للمظلوم من
عبادك، وناصراً لمن لم يجد له ناصراً غيرك، ومجدداً لما عطل من أحكام كتابك،
ومشيداً لما دَرَسَ من أعلام دينك، وسنن نبيك صلى الله عليه وعلى آله، واجعله اللهم
ممن حصنته من بأس المعتدين.
أللهم وسُرَّ نبيك محمداً صلى
الله عليه وآله الطاهرين برؤيته، ومن تبعه على دعوته وارحم استكانتنا من بعده.
أللهم اكشف هذه الغُمة عن الأمة
بحضوره، وعجل اللهم لنا ظهوره.
إنهم يرونه بعيداً، ونراه
قريبا.
يا أرحم الراحمين.
***
وانظر توضيحاً في الملاحق، حول
دعاء العهد.
5- دعـاء
العهـد الصـغيـر
عن الإمام الصادق عليه السلام :
"من قرأ بعد كل فريضة هذا
الدعاء، فإنه يراه في اليقظة أو في المنام:
بسم الله الرحمن الرحيم
أللهم بلغ مولانا صاحب الزمان،
أينما كان، وحيثما كان من مشارق الأرض ومغاربها، سهلها وجبلها، عني وعن والديّ وعن
وُلدي وإخواني التحية والسلام، عدد خلق الله، وزنة عرش الله، وما أحصاه كتابه، وأحاط
به علمه .
أللهم إني أجدد له في صبيحة
يومي هذا، وما عشت من أيام حياتي، عهداً وعقداً وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا
أزول .
أللهم فإن حال بيني وبينه الموت
الذي جعلته على عبادك حتماً مقضياً، فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني، شاهراً سيفي،
مجرداً قناتي، ملبياً دعوة الداعي في الحاضر والبادي.
أللهم أرني الطلعة الرشيدة،
والغرة الحميدة، واكحل بصري بنظرة مني إليه، وعجل فرجه، وسهل مخرجه .
أللهم اشدد أزره، وقوّ ظهره،
وطوّل عمره .
أللهم اعمر به بلادك، وأَحْيِ
به عبادك، فإنك قلت وقولك الحق:
" ظهر الفساد في البر والبحر
بما كسبت أيدي الناس "
فأظهر اللهم لنا وليك وابن بنت
نبيك، المسمى باسم رسولك صلى الله عليه وآله وسلم، حتى لا يظفر بشيء من إلا مزّقه،
ويحق الحق بكلماته ويحققه.
أللهم اكشف هذه الغمة عن هذه
الأمة بظهوره.
" إنهم يرونه بعيداً ونراه
قريباً "
وصلى الله على محمد وآله . (59)
وينبغي التنبه إلى أن هذا
الدعاء غير دعاء العهد المشهور، الذي ورد هنا قبله، وإن اشترك معه في أكثر
ألفاظه.
6- بعـد
صلاة الفجر
من المناسب التذكير هنا بما تقدم في تجديد البيعة، ويأتي في الزيارة، وهو ما
يزاربه عليه السلام بعد صلاة الفجر، وسبب المناسبة أن النص ينسجم مع كونه دعاء، إلا
أنه ورد كزيارة، وهو :
أللهم بلغ مولاي صاحب الزمان -
صلوات الله عليه - عن جميع المؤمنين والمؤمنات، في مشارق الأرض ومغاربها.. " إلى
آخر ماتقدم في البيعة.
7 – بعـد
صـلاة الظهـر
عن عباد بن محمد المدائني قال : دخلت على أبي عبد الله ( الإمام الصادق)
عليه السلام بالمدينة حين فرغ من مكتوبة الظهر وقد رفع يديه إلى السماء وهو يقول :
يا سامع كل صـوت، يا جامع كل
فـوت، يا باريء كل نفس بعـد الموت، يا باعـث يا وارث، يا سيـد السادة، يا إلـه
الآلهة، يا جبـار الجبابرة، يا مالك الدنيا والآخـرة، يا رب الأرباب، يا ملك
الملوك، يا بطَّاش ذا البطش الشديد، يا فعالاً لما يريد، يا محصيَ عـددِ الأنفاس
ونقل الأقدام، يا من السـر عنـده علانيـة، يا مبديءُ يا معيـد، أسألك بحقـك على
خيرتـك من خلقـك، وبحقهـم الذي أوجبت لهـم على نفسـك، أن تصلي على محمد وآل محمد أهل
بيته، وأن تمن عليَّ الساعـة بفكاك رقبتي من النار، وأنجز لوليك وابن نبيـك -
الداعي إليـك بإذنك، وأمينـك على خلقـك، وعينك في عبادك، وحجتـك على خلقك عليه
صلواتك وبركاتك - وَعْدَه.
أللهم أيـده بنصـرك، وانصر
عـبدك، وقـَوِّ أصحابه وصبّرهم، وافتح لهم من لدنك سلطاناً نصيراً، وعجل فرجه،
وأَمْكِنْه من أعدائـك وأعداء رسـولك، يا أرحم الراحمين .
قال له الراوي: فقلت له:
أليس دعوت لنفسك جعلت فداك ؟
قال : دعوت لنور آل محمد
وسابقهم والمنتقم بأمر الله من أعدائهم .
قلت : متى يكون خروجه جعلني
الله فداك؟
قال عليه السلام : إذا شاء من
له الخلق والأمر. (60)
8- بعـد
صـلاة العصـر
تقدم ذكر الدعاء المختصر في المعرفة “ أللهم عرفني نفسك الخ “ وهناك دعاء
طويل وهام، يبدأ بهذه الفقرات، ويتضح من الروايات أن كلاً منهما دعاء مستقل.
وفي كمال الدين للشيخ الصدوق،
ومصباح المتهجد للشيخ الطوسي، ما يشير إلى أن إسم هذا الدعاء الطويل هو :
“ الدعاء
في غيبة القائم “. (61)
*وقد أكد السيد ابن طاوس عليه
الرحمة على أهمية هذا الدعاء، وألحّ في الحث على قراءته بعد صلاة العصر من يوم
الجمعة بشكل خاص.
قال رحمه الله :
إذا كان لك عذر عن جميع ما ذكرناه من تعقيب العصر يوم الجمعة، فإياك أن تهمل الدعاء
به، فإننا عرفنا ذلك من فضل الله جل جلاله الذي خصنا به فاعتمد عليه.(62)
وستجد في الملحق التوضيحي حوله
مايدل على قوة سنده بدرجة عالية جداً.
* وهـذا هـو الـدعـاء:
" أللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك. أللهم عرفني نبيك، فإنك
إن لم تعرفني نبيك، لم أعرف حجتك، أللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك، ضللت
عن ديني.
أللهم لا تمتني مِيتةً جاهلية،
ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني.
أللهم فكما هديتني بولاية من
فرضت طاعته عليّ من ولاة أمرك بعد رسولك صلوات الله عليه وآله، حتى واليت ولاة أمرك
أمير المؤمنين والحسن و الحسين، وعلياً ومحمداً وجعفراً وموسى، وعلياً ومحمداً
وعلياً، والحسن والحجة القائم المهدي صلوات الله عليهم أجمعين، أللهم فثبتني على
دينك واستعملني بطاعتك، ولَيِّن قلبي لوليِّ أمرك، وعافني مما امتحنت به خلقك،
وثبتني على طاعة ولي أمرك الذي سترته عن خلقك، فبإذنك غاب عن بريتك، وأمرَك ينتظر،
وأنت العالم غيرَ مُعلَّم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك في الإذن له بإظهار أمره
وكشف ستره، فصبِّرني على ذلك حتى لا أُحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت، ولا
أكشفَ عما سترته، ولا أبحث عما كتمته، ولا انازعك في تدبيرك، ولا أقول : لم وكيف ؟
وما بالُ وليِّ الأمر لا يظهر؟ وقد امتلأت الأرض من الجور؟ وأفوضَ أموري كلَّها
إليك. أللهم إني أسألك أن تريَني وليَّ أمرك ظاهراً نافذاً لأمرك، مع علمي بأن لك
السلطان والقدرة والبرهان والحجة والمشيئة والإرادة والحول والقوة، فافعل ذلك بي
وبجميع المؤمنين حتى ننظر إلى وليك صلواتك عليه وآله ظاهر المقالة، واضح الدلالة،
هادياً من الضلالة، شافياً من الجهالة، أَبْرِزْ يا رب مَشاهِدَه، وثبت قواعده،
واجعلنا ممن تقر عينه برؤيته، وأقمنا بخدمته، وتَوفَّنا على ملته، واحشرنا في
زمرته.
أللهم أَعِذْهُ من شَرِّ جميع
ما خلقت وبرأت، وذرأت وأنشأت وصورت، واحفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن
شماله، ومن فوقه ومن تحته بحفظك الذي لا يضيع مَن حَفِظته به، واحفظ فيه رسولك ووصي
رسولك.
أللهم ومُدَّ في عمره، وزد في
أجله، وأعنه على ما أوليته واسترعيته، وزد في كرامتك له فإنه الهادي والمهتدي
والقائم المهدي، الطاهر التقي النقي الزكي والرضي المَرضي، الصابر المجتهد الشكور.
أللهم ولا تسلبنا اليقين لطول
الأمد في غيبته وانقطاع خبره عنا، ولا تُنسنا ذكره وانتظاره والإيمان وقوة اليقين
في ظهوره، والدعاء له، والصلاة عليه، حتى لا يُقنطَنا طول غيبته من ظهوره وقيامه،
ويكون يقيننا في ذلك كيقيننا في قيام رسولك صلواتك عليه وآله، وما جاء به من وحيك
وتنزيلك، وقَوِّ قلوبنا على الإيمان به حتى تسلك بنا على يده منهاج الهدى والحجة
العظمى، والطريقة الوسطى، وقَوِّنا على طاعته، وثبتنا على متابعته، واجعلنا في حزبه
وأعوانه وأنصاره، والراضين بفعله، ولا تسلبنا ذلك في حياتنا ولا عند وفاتنا، حتى
تتوفانا ونحن على ذلك، غيرَ شاكين ولا ناكثين ولا مرتابين ولا مكذبين.
أللهم عجل فرجه وأيده بالنصر،
وانصر ناصريه، واخذل خاذليه، ودمِّر على من نصب له وكذب به، وأظهر به الحق، وأَمِت
به الباطل، واستنقذ به عبادَك المؤمنين من الذل، وانعَش به البلاد، واقتل به جبابرة
الكفر، واقصُم به رؤوس الضلالة، وذلل به الجبارين والكافرين، وأبر به المنافقين
والناكثين، وجميع المخالفين والملحدين في مشارق الارض ومغاربها، وبرها وبحرها،
وسهلها وجبلها، حتى لا تدع منهم دَيَّاراً ولا تبقي لهم آثارا، وتطهر منهم بلادك،
واشف منهم صدور عبادك، و جَدِّد به ما امتحى من دينك، وأَصلح به ما بُدِّل من
حُكمك، وغُيِّر من سُنتك، حتى يعود دينك به وعلى يديه غَضّاً جديداً صحيحاً، لا
عِوَجَ فيه ولا بدعة معه، حتى تطفيء بعدله نيرانَ الكافرين، فإنه عبدك الذي
استخلصته لنفسك وارتضيته لنصرة نبيك، واصطفيته بعلمك، وعصمته من الذنوب وبرأته من
العيوب، وأَطْلَعْتَه على الغيوب، وأنعمت عليه وطهرته من الرجس ونقيته من الدنس.
أللهم فصل عليه وعلى آبائه الائمة الطاهرين، وعلى شيعتهم المنتجبين، وبلِّغهم من
آمالهم أفضل ما يأملون، واجعل ذلك منا خالصاً من كل شك وشبهة، ورياء وسمعة، حتي لا
نريدَ به غيرَك، ولا نطلبَ به إلا وجهك.
أللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا،
وغيبة ولينا، وشدة الزمان علينا، ووقوع الفتن [ بنا ] ، وتظاهر الأعداء [ علينا ]
، وكثرة عدونا، وقلة عددنا.
أللهم فافرُجْ ذلك بفتح منك
تعجله، ونصر منك تعزه، وإمام عدل تظهره، إله الحق رب العالمين.
أللهم إنا نسألك أن تأذن لوليك
في إظهار عدلك في عبادك، وقَتْلِ أعدائك في بلادك، حتى لا تدع للجور يا رب دِعامة
إلا قََصْمَتها، ولا بُنيةً إلا أفنيتها، ولا قوة إلا أوهنتها، ولا ركناً إلا
هددته، ولا حَدّاً إلا فللته، ولا سلاحاً إلا أكللته ولا رايةً إلا نَكَّسْتَها،
ولا شجاعاً إلا قتلته، ولا جيشاً إلا خذلته، وارمهم يا رب بحَجَرِك الدامغ، واضربهم
بسيفك القاطع، وببأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين، وعذِّب أعداءك وأعداء دينك
وأعداء رسولك، بيد وليك وأيدي عبادك المؤمنين.
أللهم اكف وليك وججتك في أرضك
هول عدوه، وكِدْ من كاده، وامكر من مكر به، واجعل دائرة السوء على من أراد به سوءاً،
واقطع عنه مادَّتهم، وارعب له قلوبهم، وزلزل له أقدامهم، وخذهم جَهرة وبغتة،
وشدِّد عليهم عقابك، واخزهم في عبادك، والعنهم في بلادك، وأَسْكِنْهُم أسفلَ نارك،
وأَحِطْ بهم أشد عذابك، وأَصْلِهِم ناراً، واحْشُ قبور موتاهم ناراً، وأَصْلِهِم
حَرَّ نارك، فإنهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وأذلوا عبادك.
أللهم وأحي بوليك القرآن، وأرنا
نوره سرمداً لا ظلمة فيه، وأَحْيِ به القلوب الميتة، واشف به الصدور الوغرة (63)
واجمع
به الأهواء المختلفةَ على الحق، وأقم به الحدود المعطلة، والأحكام المهملة، حتى لا
يبقى حق إلا ظهر، ولا عدل إلا زهر، و اجعلنا يا رب من أعوانه ومقوي سلطانه،
والمؤتمرين لأمره، والراضين بفعله، و المسلِّمين لأحكامه، وممن لا حاجة له به إلى
التقية من خلقك، أنت يا رب الذي تكشف السوء وتجيب المضطر إذا دعاك، وتنجي من الكرب
العظيم، فاكشف يا رب الضر عن وليك، واجعله خليفةً في أرضك كما ضمنت له.
أللهم ولا تجعلني من خصماء آل
محمد، ولا تجعلني من أعداء آل محمد، ولا تجعلني من أهل الحَنَق والغيظ على آل محمد،
فإني أعوذ بك من ذلك فأعذني، وأستجير بك فأجرني.
أللهم صل على محمد وآل محمد،
واجعلني بهم فائزاً عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين". (64)
9 –
دعـاء النـدبـة
وهو مذكور في مختلف كتب الأدعية، والمشهور من أوقات قراءته، أنه يقرأ كل يوم
جمعة، إلا أن المروي هواستحباب قراءته في الأعياد الأربعة . (65)
وقد جرت سيرة كثيرين من العلماء
الأعلام على قراءته، وشدة العناية به، وترديد بعض فقراته في مطاوي الكلام، أو في
حالات التوسل والمناجاة. ومضامينه في غاية الأهمية.
وتلتقي المصادرالتي تروي هذا
الدعاء – في الغالب – على إيراده من كتاب " المزار" للشيخ الجليل محمد بن (جعفر)
المشهدي الذي رواه عن الشيخ ابن أبي قرة، الذي رواه بدوره عن كتاب البزوفري وهو من
مشايخ المفيد رضي الله عنهم أجمعين.
وتجد في الملاحق في آخر هذا
الكتاب – الذي بين يديك - ملحقاً موجزاً ، حول " سند " هذا الدعاء الملحمي الجليل،
الذي شكَّل وما يزال رافداً فاعلاً في بناء الشخصية المؤمنة.
وتمس الحاجة للإلتفات إلى أن من
الأسرار ما يعرض بطريقة لا يفهمها حتى من يراد له بلوغ هذا السر، إلا بعد كثرة
السؤال، ويبقى مصوناً عمن سواه.
استحضر إن شئت خرق السفينة،
وإقامة الجدار، وقتل الغلام!
وليس السؤال: أي سر في دعاء
الندبة؟
بل السؤال: أي سر هو دعاء
الندبةًً!!
***
10 –
دعاء ليلة النصف من شعبان
وهي ليلة عظيمة تضاهي ليلة القدر، بل هي من ليالي مراحل التقدير. وقد ورد أن
الله تعالى جعلها لأهل البيت عليهم السلام في مقابل ليلة القدر للمصطفى صلى الله
عليه وآله وسلم.
(66)
* من أعمال هذه الليلة الدعاء
الذي أوله :
أللهم بحق ليلتنا هذه ومولودها
الخ .
أورد ذلك الشيخ الطوسي عليه
الرحمة وغيره، والدعاء موجود في مفاتيح الجنان، في أعمال ليلة النصف من شعبان.
11- في
ليلة القدر، وفي كل وقت، وعلى كل حال
قال الشيخ الطوسي عليه الرحمة:
" وروى محمد بن عيسى بإسناده عن
الصالحين عليهم السلام قال : تكرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان هذا الدعاء
ساجداً وقائماً وقاعداً وعلى كل حال، وفي الشهر كله، وكيف ما أمكنك ومتى حضر من
دهرك. تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله :
اللهم ! كن لوليك ( فلان بن فلان) في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً
وناصراً ودليلاً وعيناً، حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلا ".
(67)
* وقال السيد ابن طاوس رحمه
الله تعالى:
" ومن وظائف كل ليلة( في شهر
رمضان ) أن يبدأ العبد في كل دعاء مبرور، ويختم في كل عمل مشكور، بذكر من يعتقد أنه
نائب الله جل جلاله في عباده وبلاده، وأنه القيِّم بما يحتاج إليه هذا الصائم ، من
طعامه وشرابه وغير ذلك من مراده، من سائر الأسباب التي هي متعلقة بالنائب عن رب
الأرباب، أن يدعو له هذا الصائم بما يليق أن يدعى به لمثله، ويعتقد أن المنة لله جل
جلاله ولنائبه، كيف أهَّلاه لذلك ورفعاه به به في مزلته ومحله.
" فمن الرواية في الدعاء لمن
أشرنا إليه صلوات الله عليه، ما ذكره جماعة من أصحابنا ".." عن الصالحين عليهم
السلام قال:
وكرر في ليلة ثلاث وعشرين من
شهر رمضان قائماً وقاعداً وعلى كل حال، والشهر كله، وكيف أمكنك، ومتى حضرك في دهرك،
تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي وآله عليهم السلام:
أللهم كن لوليك، القائم بأمرك،
الحجة ، محمد بن الحسن المهدي ، عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام، في هذه
الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً، ودليلاً ومؤيِّداً، حتى تسكنه
أرضك طوعاً، وتمتعه فيها طويلاً و(عر{ي}ضا (68)
) ، وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين.
أللهم انصره وانتصر به، واجعل النصر منك له وعلى يده، والفتح على وجهه، ولا توجه
الأمر إلى غيره.
أللهم أظهر به دينك وسنة نبيك،
حتى لا يستخفى بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق.
أللهم إني أرغب إليك في دولة
كريمة، تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى
طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وآتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب
النار، واجمع لنا خير الدارين، واقض عنا جميع ما تحب فيهما، واجعل لنا في ذلك
الخِيَرَة برحمتك ومَنِّك في عافية، آمين رب العالمين ، زدنا من فضلك ويدك المليء،
فان كل مُعْطٍ يَنْقُصُ من ملكه، وعطاؤك يزيد في ملكك ". (69)
***
12- من
أدعية الأئمة، للإمام المهدي عليهم جميعاً السلام
قال السيد ابن طاوس عليه الرحمة:
" قدمنا في جملة عمل اليوم
والليلة من اهتمام أهل القدوة بالدعاء للمهدي صلوات الله عليه في ما مضى من
الأزمان، ما ينبه على أن الدعاء له من مهمات أهل الاسلام والايمان، حتى روينا في
تعقيب الظهر من عمل اليوم والليلة دعاء الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليه، قد دعا
به للمهدى عليه السلام أبلغ من الدعاء لنفسه سلام الله عليه، وقد ذكرنا في ما
رويناه في تعقيب صلوة العصر من عمل اليوم والليلة إيضاً فصلاً جميلاً قد دعا به
الكاظم موسى بن جعفر للمهدى عليهم السلام أبلغ من الدعاء لنفسه صلوات الله عليهما،
وفي الاقتداء بالصادق والكاظم عليهما السلام عذر لمن عرف محلهما في الإسلام.
وسنذكر ايضاً أمر الرضا علي بن موسى صلوات الله عليهما وأمر غيره بالدعاء للمهدي
صلوات الله عليه، ودعاء كان يدعو به صلوات الله عليه.
ذكر الدعاء لصاحب الأمر المروى
عن الرضا عليهما أفضل السلام : (70)
*عن مولانا أبي الحسن على بن
موسى الرضا عليهما السلام أنه كان يأمر بالدعاء للحجة صاحب الزمان عليه السلام فكان
من دعائه له صلوات الله عليهما:
أللهم صل على محمد وآل محمد،
وادفع عن وليك وخليفتك وحجتك على خلقك، ولسانك المعبر عنك باذنك، الناطق بحكمتك
وعينك الناظرة في بريتك، وشاهداً على عبادك، الجحجاح(71) المجاهد المجتهد، عبدِِك العائذ
بك.
أللهم وأَعذه من شر ماخلقت
وذرأت وبرأت وانشأت وصورت، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن
فوقه ومن تحته، بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به، واحفظ فيه رسولك ووصى رسولك
وآبائه، أئمتَك ودعائم دينك صلواتك عليهم أجمعين، واجعله في وديعتك التي لا تضيع
وفي جوارك الذي لا يخفر (72)
وفي منعك وعزك الذي لا يقهر.
أللهم وآمنه بأمانك الوثيق الذي
لا يخذل من آمنته به، واجعله في كَنَفِكَ الذي لا يضام من كان فيه، وانصره بنصرك
العزيز، وأيِّده بجندك الغالب، وقَـوِّه بقوتك، واردفه بملائكتك.
أللهم وال من والاه وعاد من
عاداه، وأَلبسه درعك الحصينة، وحفه بملائكتك حفاً.
أللهم وبلغه أفضل ما بلغت
القائلين بقسطك من أتباع النبيين. أاللهم اشعب به الصدع وارتُق به الفَتق، وأَمِتْ
به الجَوْر، وأَظهر به العدل ، وزين بطول بقائه الأرض، وأَيده بالنصر، وانصره
بالرعب، وافتح له فتحاً يسيراً، واجعل له من لدنك على عدوك وعدوه سلطاناً نصيرا .
أللهم اجعله القائم المنتظر، والإمام الذي به تنتصر، وأيده بنصر عزيز وفتح قريب
وورِّثه مشارق الأرض ومغاربها اللاتى باركت فيها ، وأًحْيِ به سنة نبيك صلواتك عليه
وآله، حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق، وقَـوِّ ناصره واخذل خاذله،
ودَمدِم على من نصب له، ودمر على من غشه.
أللهم واقتل جبابرة الكفر
وعُمُدَه ودعائمه والقُوام به، واقصم به رؤس الضلالة، وشارعة البدعة، ومميتة السنة،
ومقويِّة الباطل، واذلل به الجبارين، وأَبِرْ به الكافرين والمنافقين وجميع
الملحدين حيث كانوا، وأين كانوا من مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها، وسهلها
وجبلها، حتى لا تدع منهم دياراً ولا تبقى آثاراً.
أللهم وطهر منهم بلادك، واشف
منهم عبادك، وأعزَّ به المؤمنين، وأَحْيِ به سنن المرسلين، ودارسَ حُكم النبيين،
وجدد به ما مُحي من دينك وبُدل من حُكمك، حتى تعيد دينك به وعلى يديه غضاً جديداً،
صحيحاً محضاً، لا عوج فيه ولا بدعة معه، حتى تنير بعدله ظلم الجور وتطفئ به نيران
الكفر وتظهر به معاقد الحق ومجهول العدل، وتوضح به مشكلات الحُكم.
أللهم وإنَّـه عبدُك الذى
استخلصته لنفسك، واصطفيته من خلقك، واصطفيته على عبادك، وائتمنته على غيبك، وعصمته
من الذنوب وبرَّأته من العيوب، وطهرته ( من الرجس )، وصرفته عن الدنس، وسلمته من
الريب.
أللهم فإنا نشهد له يوم
القيامة، ويوم حلول الطامة، أنه لم يذنب ولم يأت حُوباً (73)
ولم يرتكب لك معصية، ولم
يُضيِّع لك طاعة، ولم يهتك لك حرمة، ولم يبدِّل لك فريضة، ولم يغيَّر لك شريعة،
وأنه الإمام التقى، الهادي المهدي، الطاهر التقي، الوفي الرضي الزكي.
أللهم فصل عليه وعلى آبائه،
واعطه في نفسه وولده وأهله وذريته وأُمته، وجميع رعيته، ما تقر به عينه، وتَسُرُّ به
نفسَه، وتجمع له ملك المملكات كلها، قريبِها وبعيدِها، وعزيزِها وذليلِها، حتى يجري
حكمه على كل حكم، ويغلب بحقه على كل باطل.
أللهم واسلك بنا على يديه منهاج
الهدى، والمحجة العظمى والطريقة الوسطى، التي يرجع إليها الغالى ويلحق بها التالي.
أللهم وقَـوِّنا على طاعته،
وثبتنا على مشايعته، وامنن علينا بمتابعته، واجعلنا في حزبه القوامين بأمره
الصابرين معه، الطالبين رضاك بمناصحته، حتى تحشرنا يوم القيامة في انصاره وأعوانه،
ومقوية سلطانه، صل على محمد وآل محمد، واجعل ذلك كلَّه مِنّا لك خالصاً من كل شك
وشبهة، ورياء وسمعة، حتى لا نعتمد به غيرك ولا نطلب به الا وجهك، وحتى تحلنا محله
وتجعلنا في الجنة معه، ولا تَبْتَلِنا في أمره بالسآمة والكسل، والفترة والفشل،
واجعلنا ممن تنتصر به لدينك، وتعز به نصر وليك، ولا تستبدل بنا غيرنا، فان استبدالك
بنا غيرنا عليك يسير، وهو علينا كبير. إنك على كل شئ قدير.
أللهم وصل على ولاة عهوده،
وبلغهم آمالهم، وزد في آجالهم، وانصرهم، وتمم لهم ما أَسندت إليهم (74)
أمر دينك، واجعلنا
لهم أعواناً، وعلى دينك انصاراً، وصل على آبائه الطاهرين الأئمة الراشدين، أللهم
فإنهم معادن كلماتك، وخُزَّانُ علمك، ووُلاة أمرك، وخالصتُك من عبادك، وخِيَرَتُك من
خلقك، وأولياؤك(75)
وسلائل أوليائك، وصفوتك وأولاد أصفيائك، صلواتك ورحمتك وبركاتك
عليهم أجمعين.
أللهم وشركاؤه في أمره، ومعاونوه
على طاعتك، الذين جعلتهم حصنه (76)
وسلاحه ومفزعه، الذين سَلَوْا عن الأهل والأولاد،
وتجافَـوا الوطن، وعطلوا الوثير من المهاد(77)
قد رفضوا تجاراتِهم، وأضرُّوا بمعايشهم،
وفُقدوا في أنديتهم بغير غيبةٍ عن مِصرهم، وحالفوا البعيد ممن عاضدهم على أمرهم،
وخالفوا القريب ممن صد عن وجهتهم، وائتلفوا بعد التدابر والتقاطع في دهرهم، وقطعوا
الأسباب المتصلة بعاجل حطام من الدنيا، فاجعلهم اللهم في حرزك وفي ظل كنَفك، ورُدَّ
عنهم بأس من قصد إليهم بالعداوة من خلقك، وأَجزل لهم من دعوتك من كفايتك(78)
ومعونتك
لهم، وتأييدك ونصرك إياهم، ما تعينهم به على طاعتك، وأَزهق بحقهم باطل من أراد إطفاء
نورك، وصل على محمد وآله، واملأ بهم كل أُفق من الآفاق، وقُطْرٍ من الأقطار، قسطاً
وعدلاً ورحمة وفضلاً، واشكرعلى حسب كرمك وجودك، وما مننت به على القائمين بالقسط
من عبادك، واذخَر لهم من ثوابك ما ترفع لهم به الدرجات، انك تفعل ما تشاء وتحكم
ما تريد. آمين رب العالمين .(79)
هذه نماذج من الأدعية الكثيرة
الواردة في هذا المجال، التي ينبغي أن يفرد لها كتاب مستقل لكثرتها وأهميتها.
والعنوان الأبرز في باب الدعاء
للإمام عليه صلوات الرحمن، أنه ليس محدوداً بوقت ولامكان، ولا حالٍ دون حال، فهو
ولي الله تعالى، وكما يجب أن تكون العلاقة بالله عز وجل في كل حال، فكذلك هو فرعها
والباب الحصري إليها، بأمره جل ثناؤه، والعلاقة بولي الله تعالى الذي به يتوجه
سائر الأولياء إلى الله الواحد الأحد تقدست أسماؤه.
***
خيالك في عيني وذكرك في فمي
ومثواك في قلبي فأين تغيب
***
" جاؤوك، فاستغفَروا
الله " !
لا يوجد أي مانع شرعي يمنع من التوسل إلى الله تعالى بنبيه المصطفى وأهل
بيته صلى الله عليه وعليهم، والإستغاثة بهم .
فالغارق في بحار الذنوب لا
يمكنه إلا أن يلتجيء إلى من أمر الله تعالى بالرجوع إليهم.
والتوسل مبدأ قرآني واضح، وهو
صريح العقل، والعمودُ الفقري في حركة الحياة، ومقتضى الحاجة إلى الهواء والماء
والدواء.
ومن أنكر هذه الحقيقة الصراح،
فليلجأ إلى التوسل ليشفى من مرضه العضال، الذي أفقده حاسة الإنسانية الأولى في
التعامل مع البديهيات.
***
* من نعم الله تعالى علينا أنه
اختار سيد الأولين والأخرين خاتم الأنبياء رسولاًً يبلغنا رسالة ربنا.
* ومن نعمه عز وجل أنه أذن لنا
بأن نلجأ إليه سبحانه " من غير شفيع" نناجيه سبحانه ونطلب منه التسديد والصفه
والغفران.
* ومن نعمه جلت آلاؤه، أنه أتاح
لنا إذا مسنا الضر وداهمنا الخطر، وبلغت المعاصي ونتائجها حد الحاجة إلى مايعزز
فينا الأمل بالقبول، ويحول دون تمكن اليأس من قلوبنا والنفوس، أن نقف بباب المصطفى
الحبيب صلى الله عليه وآله، نستعين برسول الله ليستغفر لنا الله تعالى " ولو أنهم
إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله، واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً
رحيما" !
وأي ضر فوق ضر الذنوب، التي
يتعاظم ظلمها ليبلغ ظلمات الشرك بالله تعالى.
وأي داهم خطر يضارع خطرها ؟
وإذا كان الملجأ في الذنوب
هوالمصطفى صلى الله عليه وآله، فقد اتضح أنه الملجأ في كل شدة، لأن الشدائد عموماً
نتائج ذنوب، فما يصيبنا هو بما كسبت أيدينا.
* ومن نعمه عز وجل أنه جعل هذا
الوقوف بباب رسوله الذي هو الوقوف ببابه سبحانه، أصلاً ثابتاً ومبدأً قائماً،
ماقامت السماوات واستدار الوجود.
لايُبلي الجديدان – ولا الخلود
- القيَم، فهي باتصالها بالله تعالى فوق دورة الزمن، فكيف يخطر ببال محمدي أن يطوي
كر القرون ولو ومضة من النورالأول الذي خلق الله تعالى منه كل خير!!
* ومن نعمه تقدست آلاؤه، تعدد
تجليات الحقيقة المحمدية : من نفسه المرتضى، وروحه الصديقة الكبرى إلى بقيته بقية
الله تعالى المهدي المنتظر.
ولكل من هذه التجليات المحمدية
والنعم الإلهية حديث ذو شجون.
ألا ترى فيض اللطف الغامر في
مجرد فتح باب التوبة، فكيف إذا تعددت سبل قبولها وتعززت العوامل المساعدة لتوفر
مالا يمكن إلا بالتفضل وغاية الجود.
" عن سلمان الفارسي قال : سمعت
محمداً صلى الله عليه وآله يقول: إن الله عزوجل يقول: يا عبادي، أو ليس من له
إليكم حوائج كبار، لا تجودون بها إلا أن يتحمل عليكم بأحب الخلق إليكم، تقضونها كرامة
لشفيعهم، ألا فاعلموا أن أكرم الخلق عليّ، وأفضلهم لدي، محمد وأخوه علي، ومن بعده
الأئمة الذين هم الوسائل إلى الله، ألا فليدعني من هًمّتْه حاجة يريد نُجحها، أو
دهته داهية يريد كشف ضررها، بمحمد وآله الطيبين الطاهرين أقضها له أحسن ما يقضيها من
تستشفعون بأعز الخلق عليه.. ". (80)
أليس تعدد الوسائل أبلغَ
الرسائل التي تختزن من منسوب الحب مايسهِّل كل صعب ليتحقق الوصول!
سبحانك مبتدئاً بالنعم قبل
استحقاقها! سبحانك!
" ولو دل مخلوق مخلوقاً من نفسه
على ما دللت عليه عبادك منك، كان موصوفاً بالإحسان، ومنعوتاً بالإمتنان، ومحموداً بكل
لسان، فلك الحمد ما وجد في حمدك مذهب، وما بقي للحمد لفظ يحمد به، ومعنى يصرف إليه،
يا من تحمد إلى عباده بالإحسان والفضل، وعاملهم بالمنّ والطول، ما أفشى فينا نعمك،
وأسبغ علينا مننك، وأخصنا ببرك، هديتنا لدينك الذي اصطفيت، وملتك التي ارتضيت،
وسبيلك الذي سهلت، وبصرتنا ما يوجب الزلفة إليك والوصول إلى كرامتك.. ". (81)
لم يترك أرحم الراحمين غرقى
بحار البعد عنه في كل عصر، وبالتالي غرقى تلاطم الهم والغم، دون رسم معالم السبيل
إلى شاطيء الأمن لينعموا بالفرج.
أهاب بالجميع: وابتغوا إليه الوسيلة!
وأتاح لكل مكروب أن يتلقى من
ربه كلمات!
وكما قضى سبحانه أن يكون بدء
الوسيلة والكلماتِ محمدياً، كان كذلك قضاؤه في الإستمرار ومسك الختام.
وهل تتلخص مسيرة الإنسان في
دروب الهداية إلا ببارقة نور تلوح في أفق النفس، تتلوها استغاثة المقيم في الظلمات،
ليتحقق باللطف الوصول، وتكون النجاة.
وهل من جوهر للحقيقة المحمدية -
بكل التجليات - غير إغاثة الملهوف، وإنقاذ الغريق!
ولم يعرف تاريخ البشرية، ولن
يعرف صاحب أمر لهذه الوسيلة المحمدية، تمتد إمامته المباشرة ظاهراً وباطناً للزمان
والمكان، والأجيال والقرون، مثل آخر أوصياء المصطفى الحبيب :
" خاتم الولاية المحمدية ومقبض
فيوضات الأحمدية، الذي يظهر بالربوبية بعدما ظهر آباؤه عليهم السلام بالعبودية، فإن
العبودية جوهرة كنهها الربوبية، خليفة الله في الملك والملكوت، وإمام أئمة قُطّان
الجبروت، جامع أحدية الأسماء الإلهية، ومظهر تجليات الأولية والآخرية، الحجة الغائب
المنتظر، ونتيجة من سَلَف وغًَبَر، أرواحنا له الفداء، وجعلنا الله من أنصاره". (82)
على أعتاب انتظاره القدسي، تبحث
القلوب المحمدية عن طاعة رسول الله، لتحقق طاعة الله تعالى.
وعلى هذه الأعتاب الرؤوفة
الرحيمة، تتماهى كل تموجات الحنين إلى النور، وتلاوين الحب والهيام، لترسم المشهد
التوحيدي الأبهى: بنسخته المحمدية!
وبهذا الباب، وعلى هذه الأعتاب، تزدهر الآمال، وتشرق أرض العقول والقلوب بنور ربها
– فالمتصل بالمتصل متصل - فتنجلي غياهب الغربة والوحشة، وتتبدد دياجيرالغموم
والهموم، وتُستبدل الآلام وتتلاشى.
إنه النور المحمدي الذي يهب
الشمس بإذن الله تعالى الضياء.
باب الله الذي منه يؤتى!
السبب المتصل بين الأرض
والسماء!
إنْ نابتْك نائبة، واعصوصب
الأمر، واستحكم الخطر، فتذكر وصية المصطفى الحبيب لللأجيال، مبلّغاً عن أرحم
الراحمين:
" ألا فليدعني من هًمّتْه حاجة
يريد نُجحها، أو دهته داهية يريد كشف ضررها بمحمد وآله الطيبين الطاهرين ".
ولاتنس أن الموحد الذي أسلم
وجهه لله وهو محسن، يلجأ ألى الله تعالى كما أمر سبحانه أن يكون اللجوء إليه:
" وأتوا البيوت من أبوابها ".
في هذا السياق وعلى أساسه، تم
تحديد طرق متعددة، لمن يريد الإكثار من قرع الباب المحمدي، الذي لايوصد إلا دون من
أوصده بسوء ظنه بالله تعالى.
وفي ما يلي مختارات من ذلك.
8- الإستغاثة به عليه
السلام
في ضوء ماتقدم، ليس التوسل إلا
وقوفاً بباب الله تعالى الواحد الأحد، الذي لاحول ولاقوة لنبي ولا إمام ولاموجود
إلا به عز وجل.
ليس التوسل إذاً إلا طريقة
علمية وعملية في الوقوف بهذا الباب.
ويرجع السبب في اعتماد هذه
الطريقة إلى طاعة الله سبحانه، وامتثال أمره، وتظهير التوحيد في إتيان البيوت من
الأبواب.
ليس الوقوف بباب الله تعالى
والطلب منه سبحانه، كما نريد نحن، بل كما يريد هو، وكما أمر جل جلاله.
ومن أصر على تجاوز هذه الطريقة،
فهو كمن أصر في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله، على أنه لايشترط في إسلامه
الإلتزام بما جاء به الرسول.
يريد المتوسل أن يقف بباب رسول
الله صلى الله عليه وآله، لأنه باب الله الذي منه يؤتى، ولامجال لتحقق الوقوف بباب
المصطفى الحبيب، إلا بالوقوف بباب وصيه المهدي المنتظر أرواح العالمين لوجوده
المحمدي الفداء.
وعندما تدقق في نصوص
الإستغاثات، تجد بكل جلاء، أنها التمحض في التوحيد، الذي لامعنى له إلا بالعكوف على
باب المصطفى بكل لطف، ليجتنب القلب مصيرأكثر " الذين ينادونك من وراء الحجرات"!
***
وقد وردت صيغ متعددة،
للإستغاثة، بإمام الزمان من العترة الهادية، ومن هذه الصيغ مايلي:
1- الإستغاثة
بزيارة " سلام الله الكامل
أورد العلامة المجلسي الإستغاثة
بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، بزيارة سلام الله الكامل، كما يلي:
" تطهر( يأتي أن الغسل أولى)
وصل ركعتين، تقرأ في الأولى بعد الحمد، إنا فتحنا لك فتحاً مبينا (83)
وفي الثانية بعد الحمد، إذا جاء نصر الله والفتح، ثم قم وأنت مستقبل القبلة تحت
السماء وقل :
سلام الله الكامل التام الشامل
العام، وصلواته الدائمة، وبركاته القائمة، على حجة الله، ووليه في أرضه وبلاده،
وخليفته على خلقه وعباده، سلالة النبوة وبقية العترة والصفوة، صاحب الزمان، ومظهر
الإيمان، ومعلن أحكام القرآن، مطهر الأرض، وناشر العدل في الطول والعرض، الحجة
القائم المهدي، والإمام المنتظر المرضي، الطاهر ابن الائمة الطاهرين، الوصي (ابن
(84))
الأوصياء المرضيين الهادي المعصوم ابن الهداة المعصومين.
السلام عليك يا إمام المسلمين
والمؤمنين، السلام عليك يا وارث علم النبيين ومستودع حكمة الوصيين، السلام عليك يا
عصمة الدين، السلام عليك يا معز المؤمنين المستضعفين، السلام عليك يا مذل الكافرين
المتكبرين الظالمين. السلام عليك يا مولاي يا صاحب الزمان، ياابن أمير المؤمنين
وابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا ابن الأئمة الحجج على الخلق
أجمعين. السلام عليك يا مولاي سلام مخلص لك في الولاء، أشهد أنك الإمام المهدي
قولاً وفعلاً، وأنك الذي تملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ًفعجل الله فرجك، وسهل مَخرجك
وقرَّب زمانك، وأكثر أنصارك وأعوانك، وأنجز لك مَوعِِدَك وهو أصدق القائلين: (85)
" ونريد أن نمن على الذين
استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين "
يا مولاي حاجتي ( كذا وكذا )
فاشفع لي في نجاحها.
وتدعو بما أحببت . (86)
وتجد هذه الزيارة - الإستغاثة -
في مفاتيح الجنان، قبل أعمال شهر رجب.
وبالنظر إلى أن ذكر الغسل بوضوح
قد ورد في ما ذكره الشيخ الكفعمي، فالغسل قبل هذه الإستغاثة أولى.
2-
الإستغاثة بالرقعة
وردت عدة روايات في التوسل بكتابة نص معين، يتوسل فيه إلى الله عزوجل بوليه
المهدي وآبائه عليهم السلام، وقد اصطلح على هذا المكتوب في ورقة ب" الرُّقعة "
وتعميماً للفائدة أذكر هنا بعضها:
أ- قال
الشيخ الكفعمي
استغاثة إلى المهدي عليه السلام. تكتب ما سنذكره في رقعة، وتطرحها على قبرٍ من
قبور الأئمة عليهم السلام، أو فشُدَّها واختمها واعجن طيناً نظيفاً واجعلها فيه،
واطرحها في نهرٍ أو بئرٍ عميقة، أو غدير ماء، فإنها تصل إلى صاحب الأمر عليه السلام
وهو يتولى قضاء حاجتك بنفسه.
* تكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبت يا مولاي صلوات الله عليك مستغيثاً، وشكوت ما نزل بي مستجيراً بالله عز وجل ثم
بك، من أمر قد دهمني وأشغل قلبي وأطار فكري، وسلبني بعض لبي، وغيَّر خطير نعمة الله
عندي، أسلمني عند تخيُّل وروده الخليل، وتبرأ مني عند ترائي إقباله إليَّ الحميم،
وعجزتْ عن دفاعه حيلتي، وخانني في تحمله صبري وقوتي، فلجأت فيه إليك وتوكلت في
المسألة لله جل ثناؤه عليه وعليك، في دفاعه عني علماً بمكانك من الله رب العالمين،
ولي التدبير، ومالك الأمور، واثقاً بك في المسارعة في الشفاعة إليه جل ثناؤه في
أمري، متيقناً لإجابته تبارك وتعالى إياك بإعطائي سؤلي، وأنت يا مولاي جدير بتحقيق
ظني، وتصديق أملي فيك في أمر كذا وكذا ( تذكر هنا حاجتك ) في ما لا طاقة لي
بحمله، ولا صبر لي عليه، وإن كنت مستحقاً له ولأضعافه بقبيح أفعالي، وتفريطي في
الواجبات التي لله عز وجل، فأغثني يا مولاي صلوات الله عليك عند اللَّهَف، وقدم
المسألة لله عز وجل في أمري قبل حلول التلف، وشماتة الأعداء، فبك بُسِطَتِ النِّعم
علي، واسألِ الله جل جلاله لي نصراً عزيزاً، وفتحاً قريباً فيه بلوغ الآمال وخير
المبادي وخواتيم الأعمال، والأمنُ من المخاوف كلِّها في كل حال، إنه جل ثناؤه لما
يشاء فعال، وهو حسبي ونعم الوكيل في المبدأ والمآل “.
* ثم تقصد
النهر أو الغدير، وتعتمد بعض الأبواب( أي تنادي أحد السفراء) إما:
1 – عثمان بن سعيد العَمري .
2 – أو ولده: محمد بن عثمان .
3 – أو: الحسين بن روح .
4 – أو: علي بن محمد السمري .
فهؤلاء كانوا أبواب المهدي عليه
السلام، فتنادي بأحدهم وتقول: يافلان بن فلان : سلام عليك. أشهد أن وفاتك في سبيل
الله، وأنك حيٌّ عند الله مرزوق، وقد خاطبتك في حياتك التي لك عند الله عز وجل، وهذه
رقعتي وحاجتي إلى مولانا صلى الله عليه وآله، فسلمها إليه، فأنت الثقة الأمين.
ثم ارمها في النهر أو البئر أو
الغدير، تقضى حاجتك إن شاء الله تعالى (87).
قال المجلسي رحمه الله:
"ثم ارم بها في الماء، وكأنك يخيل لك أنك تسلمها إليه، فانها تصل وتقضى الحاجة إن
شاء الله تعالى"(88).
أنظر: الملاحق.
***
ب-
الرقعة الكشمردية
وتعرف بذلك نسبة إلى أبي العباس أحمد بن كشمرد (89)
الذي كان من الوجوه السياسية البارزة في الدولة العباسية، أيام المكتفي والمقتدر،
إلا أنه كان سليم المعتقد، وقد وقع في الأسر بعد مواجهة غير متكافئة مع القرامطة
أدت إلى مقتل حوالي خمسين ألفاً من حجاج بيت الله الحرام في طريق العودة إلى
ديارهم، وكان للقرامطة الذين وقع في أسرهم ثار عنده، حيث كان قد تسبب بمقتل القائد
القرمطي الشهير" صاحب الشامة" ورغم أن القائد الذي وقع أبو العباس بن كشمرد في أسره
أقسم أيماناً مغلظة على قتله، إلا أنه نجا من القتل ببركة أمير المؤمنين عليه
السلام حين علمه الإستغاثة بهذه الطريقة، كما يأتي بيانه بالتفصيل.
وممن أورد هذه الإستغاثة الشيخ
الكفعمي قدس سره، حيث قال:
تكتب بالحمد وآية الكرسي، آية
العرش (90)
ثم تكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
من العبد الذليل فلان بن فلان إلى المولى الجليل الذي لا إله إلا هو الحي القيوم،
وسلام على آل يس محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي
ومحمد وعلي والحسن ومحمد بن الحسن حجتك يا رب العالمين .
أللهم إني أسألك بأني أشهد أنك
أنت الله إلهي وإله الاولين والآخرين لا إله غيرك، أتوجه إليك بحق هذه الأسماء التي
إذا دعيت بها أجبت (91)
وإذا سُئلت بها أَعطيت، لما صليت عليهم وهونت علي خروج روحي، وكنت لي قبل ذلك
غياثاً ومجيراً، لمن أراد أن يفرُط عليَّ أو أن يطغى ".
ثم تدعو بما تختار، وتكتب هذه
القصة( أي الرقعة) في قرطاس، ثم توضع في بُندقة طينٍ طاهرٍ نظيف، ثم يُقرأ عليها
سورة ياسين، ثم ترمى في بئر عميقة، أو نهرٍ، أو عينٍ عميقة، تنجح إن شاء الله
تعالى. (92)
***
وتجد في الملاحق سرد القصة
المثيرة جداً التي تضمنت هذه الإستغاثة، و تتبعاً وافياً للمصادر التي تحدثت عنها
أو عما يرتبط بها، بهدف التعرف على جميع الأشخاص الواردة أسماؤهم فيها، والتعرف على
درجة الوثوق بهذه القصة، لتتضح إمكانية اعتماد هذه الرقعة في الشدائد.
ج-
الرقعة المزدوجة المقترنة بالقصة الكشمردية:
تجد توضيح ذلك في ماتقدمت الإشارة إليه من التحقيق حول القصة الكشمردية في
الملاحق من هذا الكتاب.
وتتألف هذه " المقترنة " من
رقعتين إحداهما إلى الله تعالى، والثانية إلى وليه صاحب الزمان، توضع التي هي لله
تعالى في وسط رقعة الإمام، كما يأتي.
تكتب في الرقعة التي هي إلى
الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الله، سبحانه وتقدست أسماؤه، رب الأرباب وقاصم الجبابرة العظام، عالم الغيب،
وكاشف الضر، الذي سبق في علمه ما كان وما يكون، من عبده الذليل المسكين، الذي
انقطعت به الأسباب، وطال عليه العذاب وهجره الأهل، وباينه الصديق الحميم، فبقي
مرتهناً بذنبه ، قد أوبقه جرمه، وطلب النجا فلم يجد ملجأً ولا ملتجأً غيرَ القادر
على حل العُقَد، ومؤبد الأبد، ففزعي إليه واعتمادي عليه، ولا لجأ ولا ملتجأ إلا
إليه.
أللهم إني أسألك بعلمك الماضي،
وبنورك العظيم، وبوجهك الكريم وبحجتك البالغة، أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن
تأخذ بيدي وتجعلني ممن تقبل دعوته، وتقيل عثرته، وتكشف كربته ، وتزيل ترحته، وتجعل
له من أمره فرجاً ومخرجاً، وترد عني بأس هذا الظالم الغاشم وبأس الناس يا رب
الملائكة والناس، حسبي أنت وكُفِيَ من أنت حسبه (93)
يا كاشف الأمور العظام، فانه لا حول ولا قوة إلا بك".
* وتكتب رقعه أخرى إلى صاحب
الزمان عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
توسلت بحجة الله الخلف الصالح، محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب النبأ العظيم، والصراط المستقيم،
والحبل المتين ، عصمة الملجأ وقسيم الجنة والنار أتوسل إليك بآبائك الطاهرين
الخيِّرين المنتجبين، وأمهاتك الطاهرات الباقيات الصالحات الذين ذكرهم الله في
كتابه فقال عز من قائل: " الباقيات الصالحات " وبجدك رسول الله صلى الله عليه وآله،
وخليله وحبيبه، وخيرته من خلقه، أن تكون وسيلتي إلى الله عزوجل في كشف ضري، وحل
عقدي وفرج حسرتي، وكشف بليتي، وتنفيس ترحتي، وبكهيعص وبيس والقرآن الحكيم، وبالكلمة
الطيبة وبمجاري القرآن، وبمستقر الرحمة، وبجبروت العظمة، وباللوح المحفوظ وبحقيقة
الإيمان، وقوام البرهان ، وبنور النور، وبمعدن النور، والحجاب المستور، والبيت
المعمور ، وبالسبع المثاني والقرآن العظيم، وفرائض الأحكام، والمكلم بالعبراني ،
والمترجم باليوناني، والمناجي بالسرياني، وما دار في الخطرات وما لم يحط به الظنون (94)
من علمك المخزون، وبسرك المصون، والتوراة والإنجيل والزبور، يا ذا الجلال والإكرام،
صل على محمد وآله، وخذ بيدي، وفرج عني بأنوارك وأقسامك وكلماتك البالغة إنك جواد
كريم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وصلواته
وسلامه على صفوته من بريته محمد وذريته.
1- وتطيِّب الرقعتين (95)
2- وتجعل رقعة الباري تعالى في رقعة الإمام عليه السلام.
3- وتطرحهما في نهر جار أو بئر ماء بعد أن تجعلهما في طين حر.(96)
4- وتصلي ركعتين وتتوجه إلى الله تعالى بمحمد وآله عليهم السلام 5- وتطرحهما ليلة
الجمعة
6- واستشعر فيها الإجابة لا على سبيل التجربة.
7- ولا يكون إلا عند الشدائد والأمور الصعبة، ولا تكتبها لغير أهلها فانها لا
تنفعه، وهي أمانة في عنقك، وسوف تسأل عنها .
8- وإذا رميتهما فادع بهذا الدعاء:
*أللهم إني أسئلك بالقدرة التي
لحظت بها البحر العجَّاج فأزبد وهاج وماج، وكان كالليل الداج، طوعاً لأمرك، وخوفاً
من سطوتك، فأَفْتَقَ أُجاجُه، وائتلق منهاجه، وسبَّحت جزائره، وقدست جواهره، تناديك
حيتانه باختلاف لغاتها، إلهنا وسيدنا ما الذي نزل بنا وما الذي حل ببحرنا فقلت لها:
اسكني سأُسكُنِك ملياً، وأجاور بك عبداً زكياً، فسكن وسبح ووعد بضمائرالمنح، فلما
نزل به ابن متى بما ألم { الظنون } فلما صار في فيها (97)
سبح في أمعائها، فبكت الجبال عليه تلهفاً، وأشفقت عليه الأرض تأسفاً، فيونس في حوته
كموسى في تابوته، لأمرك طائع، ولوجهك ساجد خاضع، فلما أحببتَ أن تقيه، ألقيته بشاطئ
البحر شِلْواً لا تنظر عيناه، ولا تبطش يداه، ولا تركض رجلاه، وأنبتَّ مِنَةً منك
عليه شجرة من يقطين، وأجريت له فراتاً من معين، فلما استغفر وتاب خرقت له إلى الجنة
باباً، إنك أنت الوهاب.
9- وتذكر الأئمة واحداً واحداً
. (98)
9- طلب التشرف بلقائه
يثير البعض مسألة توقيع الإمام (أي رسالته ) إلى سفيره الرابع السُّمَّري رحمه
الله، ليستدلوا بها على عدم إمكان رؤيته عليه السلام، في الغيبة الكبرى.
ولكن كبار فقهائنا وفي طليعتهم المراجع منذ بدء الغيبة الكبرى وإلى الآن يصرحون
بإمكان الرؤية أو وقوعها، ولا يرون أن توقيع السمري يشكل دليلاً على العدم، فهو
بصدد نفي المشاهدة التي كانت متاحة للسمري كنائب خاص، أي أن التوقيع ينفي المشاهدة
التي تستتبع ادعاء النيابة الخاصة .
يؤكد أن هذا هو مَصَبُّ نفي المشاهدة في التوقيع، أن قصص المشاهدة الصحيحة السند –
برأي علمائنا – تحسم أمر وقوع المشاهدة وتحققها بما لا يقبل الشك.
أضف إلى ذلك أن كثيراً ممن تشرفوا بلقائه عليه السلام، هم من العلماء الأعلام،
وأجلة الأتقياء.
وللتوسع في ذلك مجال آخر.(99)
* الطريق إلى رؤيته عليه السلام ؟
قال المحدث النوري عليه الرحمة:
" قد علم من تضاعيف تلك الحكايات ( يقصد قصص التشرف باللقاء) أن المداومة على
العبادة، والمواظبة على التضرع والإنابة، في أربعين ليلة الأربعاء في مسجد السهلة،
أو ليلة الجمعة فيها (السهلة) أو في مسجد الكوفة، أو الحائر الحسيني على مشرفه
السلام، أو أربعين ليلة من أي الليالي في أي محل ومكان، كما في قصة الرمان المنقولة
في البحار(100)
، طريق إلى الفوز بلقائه عليه السلام ومشاهدة جماله، وهذا عمل شائع، معروف في
المشهدين الشريفين، ولهم في ذلك حكايات كثيرة، ولم نتعرض لذكر أكثرها لعدم وصول كل
واحد منها إلينا بطريق يعتمد عليه، إلا أن الظاهر أن العمل من الأعمال المجربة،
وعليه العلماء والصلحاء والأتقياء، ولم نعثر لهم على مستند خاص وخبرٍ مخصوص، ولعلهم
عثروا عليه أو استنبطوا ذلك من كثير من الأخبار التي يستظهر منها أن للمداومة على
عمل مخصوص، من دعاء أو صلاة، أو قراءة أو ذكر، أو أكل شيء مخصوص، أو تركه في أربعين
يوماً، تأثيراً في الانتقال والترقي من درجة إلى درجة، ومن حالة إلى حالة، بل في
النزول كذلك، فيستظهر منها أن في المواظبة عليه في تلك الأيام تأثيراً لإنجاح كل
مهم أراده ".(101)
* في ضوء ماقاله رحمه الله، وعلى أساس ملاحظة مختلف قصص التشرف بلقائه عليه السلام،
وبعض ما كتبه العلماء الأعلام بهذا الصدد نجد أن من الأمور التي قد تكون طريقاً إلى
التشرف بلقائه عليه السلام، ما يلي :
1 - التقوى والإهتمام الجاد بسفر الآخرة وتهذيب النفس .
2 - المواظبة على أعمال عبادية ( غير محددة ) لمدة أربعين يوماً .
3 - عمل الإستجارة ويعني :
أ – زيارة سيد الشهداء عليه السلام أربعين ليلة جمعة ( عن قرب ) .
ب – زيارة مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء .
ج – زيارة مسجد الكوفة – أو أي مسجد آخر – أربعين ليلة جمعة كل ذلك بهدف التشرف
بلقائه عليه السلام.
د- التوجه إلى مكانٍ ما في البرية لمدة 40 ليلة، بهدف التعبد لله تعالى وطلب رؤية
وليه عليه السلام.
4 - دعاء العهد الصغيرالذي تقدم في فقرة “ الدعاء “
أنه يدعى به بعد كل فريضة.
وهناك أعمال لرؤيته عليه السلام في المنام فلتطلب من مظانها، كدار السلام، وجنة
المأوى الملحقة بالجزء الثالث والخمسين من البحار، والنجم الثاقب، وجميعها للمحدث
النوري، صاحب المستدرك، رحمه الله.
10 – القيام عند ذكر (
القائم )
جاء في النجم الثاقب ما ترجمته
:
السادس – من الآداب – القيام
تعظيماً عند سماع اسمه المبارك خصوصاً الإسم المبارك “ القائم “ كما هي سيرة
أوليائه ومحبيه في جميع البلاد من العرب والعجم .
وهذا وحده كاشف عن وجود أساس
شرعي لهذا العمل رغم أنني لم أعثر عليه، ولكن نقل عن عدة من العلماء المتتبعين
أنهم وجدوا ما يدل على ذلك، وقد نقل بعضهم أنه سأل العالم الجليل المتبحر سبط المحدث
الجزائري عن ذلك فقال أنه وجد حديثاً مفاده أن الإمام الصادق عليه السلام كان في
مجلس فذكر اسم الإمام المهدي عليه السلام فقام الإمام الصادق إجلالاً وتعظيماً له ،
عليهما السلام . (102)
وقال المحدث القمي بعد بعد نقل
هذا الكلام ما ترجمته :
كان هذا كلام شيخنا في النجم
الثاقب لكن العالم المحدث الجليل ".." السيد حسن الكاظمي قال في تكملة أمل الآمل ما
حاصله :
إن أحد علماء الإمامية وهو عبد
الرضا بن محمد وهو من أولاد المتوكل، ألف كتاباً في وفاة الإمام الرضا عليه السلام،
سماه تأجيج نيران الأحزان في وفاة سلطان خراسان، ومما تفرد به هذا الكتاب ما رواه أن
دعبل الخزاعي عندما أنشد الإمام الرضا قصيدته التائية ووصل إلى هذا البيت :
خروج إمام لامحالة قائم يقوم
على اسم الله بالبركات
نهض الإمام الرضا عليه السلام
قائماً وأحنى رأسه المبارك ووضع يدي اليمنى على رأسه وقال:
اللهم عجل فرجه ومخرجه وانصرنا
به نصراً عزيزاً . (103)
11 – إحياء أمره بين
الناس
هل نقوم الآن بواجبنا في المجال
الإعلامي تجاه الإمام المهدي أرواحنا فداه ؟
وما مدى تشرفنا بالحديث عنه في
وسائل إعلامنا ؟
ومدى حضورالتشرف بذكره في
مؤسساتنا على اختلافها ؟
هل نلتزم بعد افتتاح أعمالنا
بكتاب الله تعالى بالدعاء له ؟
وفي مساجدنا هل نلهج بذكره
في التعقيبات وغيرها، كما ينبغي؟
لاشك أن وضعنا الآن أحسن بكثير
مما مضى.
إلا أنه يبقى من واجبنا أن نبذل
مزيداً من الجهد لنصبح جميعاً نشعر بالإرتباط الحقيقي بقائدنا بقية الله .
ولا يصح أن تبقى العلاقة في
إطارها الفعلي.
* قال الإمام الصادق عليه
السلام لفضيل :
تجلسون وتتحدثون ؟
قال فضيل : نعم جعلت فداك .
قال عليه السلام : إن تلك المجالس أحبها أحيوا أمرنا فرحم الله من أحيا أمرنا. (104)
* وعنه عليه السلام :
رحم الله عبداً حببنا إلى الناس. (105)
إن إحياء أمرِ وحي الله وكتابه
وسنة المصطفى وآل بيته عليهم السلام يتوقف على مدى علاقتنا بالدليل إلى الله تعالى،
وصيَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد عرفت في ما تقدم جانباً من اهتمام
المصطفى وأهل بيته عليهم السلام بأمر المهدي مما يدل على أن قضية الإسلام المركزية
الآن هي غيبته وبمقدار حضوره عليه السلام في حياتنا تكون علاقتنا بالإسلام وبآبائه
وأجداده الطاهرين عليهم جميعاً صلوات الله.
من هنا كان لابد من العمل
لتعريف أنفسنا والناس بالإمام المهدي وإحياء أمره وذلك عن طريق :
1 – زيارة المجاهدين في مواقعهم
الجهادية وغيرها وعيادة الجرحى منهم باعتبارهم جنوده عليه السلام، وقد ورد عنهم
عليهم السلام :
“ من لم يقدر على زيارتنا فليزر
صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا “ .
2 – إقامة مجالس الدعاء
والزيارة له عليه السلام، خصوصاً دعاء الندبة .
3 – إقامة الندوات والإحتفالات أو المشاركة بالحضور فيها، مع الحرص على عدم تلويثها
بمزامير الشيطان التي إن غزت مجالسنا، مسختها.
4 – نظم الشعر. ومن المفيد هنا العناية بكل الطاقات في هذا المجال، حتى الشعر
الشعبي العفوي المترسل.
5 – تأليف الكتب وكتابة المقالات.
6 – الإهتمام بإحياء ليلة النصف من شعبان .
7 – تعميم مظاهر الزينة والإبتهاج في يوم مولده المبارك، في الخامس عشر من شعبان .
8 – الإهتمام بشؤون الفقراء والمحتاجين دائماً باسمه عليه السلام .
إلى غير ذلك من الأساليب التي
تشترك جميعها في تحقيق هذا الهدف.
12 - التبرؤ من أعدائه
يتوقف الإلتزام بولايته عليه
السلام على التبرؤ من أعدائه.
وأعداؤه هم كل أعداء الله تعالى
وأعداء رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من الكافرين والمشركين والمنافقين.
جاء في الحديث المروي عن جده
صلى الله عليه وآله وسلم :
طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتدٍ به من قبل قيامه يأتم به وبأئمة الهدى من
قبله ويبرأ إلى الله عز وجل من عدوهم أولئك رفقائي وأكرم أمتي علي. (106)
إن من شأن هذا التبرؤ أن يحصن
المسلم من الخضوع للطواغيت، فيصون بذلك دينه.
كما أن من شأنه أن يرفد الأمة
بروح جهادية معطاءة، تحملها على المحافظة على شخصيتها وثقافتها وعقيدتها .
إن شعور المسلم بارتباطه بقائد
إلهي من جهة، ووجوب “ التبري “ من الطواغيت من جهة أخرى، يحول بينه وبين الإنحراف
الذي يبدأ عندما يفقد الإنسان هويته، ويشعر بالضعف أمام التيارات السياسية الجارفة،
فيدفعه ذلك إلى الإنتماء الضال، الذي يقذف به في لهوات شباك إبليس، ويخرجه من ولاية
الله تعالى.
وذلك هو الخسران المبين.
ثم إن للتبري على مستوى الأمة
مستلزماتٍ كثيرة لا يمكن إهمالها .
فالأمة الرافضة للكفر والشرك
وامتداداتهما المنافقة، سوف يَشُن الكفر عليها حرباً ضروساً لا هوادة فيها، الأمر
الذي يستدعي تواصياً بالحق وتواصياً بالصبر، ووحدة إسلامية، وأخوة إيمانية، لتتمكن
الأمة من مواصلة مسيرة الرفض والتبرؤ، والإعتراض والممانعة، ولا تسقط أمام الضغوط
والتحديات .
وقد ورد عن أئمة أهل البيت
عليهم السلام ما يوضح واجب المسلم في مثل هذه الحال في زمن الغيبة :
عن جابر قال :
دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي ( الباقر ) عليهما السلام ونحن جماعة بعدما قضينا
نسكنا فودعناه وقلنا له: أوصنا يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال :
1 – ليعن قويكم ضعيفكم .
2 – وليعطف غنيكم على فقيركم .
3 – ولينصح الرجل أخاه النصيحة لنفسه .
4 – واكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا .
5 – وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه
موافقاً فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردوه الينا، حتى نشرح لكم من ذلك
ما شرح لنا ،
“ وإذا كنتم كما أوصيناكم لم
تَعْدوا إلى غيره ( فمن ) مات قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً، ومن أدرك منكم قائمنا
فقتل معه كان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدواً كان له أجر عشرين شهيداً “. (107)
إن التبرؤ من أعداء ولي الله
معلم من معالم الولاء الحقيقي، وهو لا ينفك عن التواصي بالصبر الذي يحدد هذا الحديث
الشريف أسسه.
ولاشك أن حقيقة التبرؤ في هذا
العصر هي رهن الموقف من الشيطان الأكبر أمريكا، وغدتها السرطانية المسماة " إسرائيل
".
وليس " الموقف " عبارة عن تدبيج
الكلام، ولا تنميق الإصطفاف، بل هو نأْيٌ وبراءة تامان من أدنى شبهة قعود عن خوض
غمار الشدائد والإصطلاء بلهواتها، في خط الجهاد ضد الكفر الذي يجلب بخيله ورَجِلِه على
القرآن والإسلام، ويجوس الديار، ويعيث في الأرض منكراً وفساداً.
أللهم إنا نبرأ إليك من القعود
والقاعدين، والتخاذل والمخذولين.
يجدر في الختام التنبه إلى أن
لهذا الموقف المحمدي علامة، أدنى درجاتها: مقاطعة السلع الأمريكية والبريطانية.
إن ألف خطبة رنانة نارية لاهبة،
تتساقط شلواً لاحراك فيه، أمام وقوع صاحبها في أسر سلعة من سلع الشيطان الأكبر!!!
من كان كذلك يثبت بما لامزيد
عليه أنه لايعرف الإمام المهدي عليه السلام، ولايريد أن يعرفه.
* ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ
هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب*
13- النـوادر
يندرج في هذا العنوان مختارات وفرائد من الأعمال والأذكارالتي
ورد أنه عليه السلام أمر بها في زمن الغيبة، وردت في مطاوي كلمات العلماء الأعلام،
أو في قصص التشرف المعتبرة، ورغم مراعاة الدقة في إيراد هذه الشذرات، فإن شاهدها
معها فهي مما يعلم رجحانه لاندراجه تحت عناوين لايختلف فيها الفقهاء.
من ذلك أمره عليه السلام بما يلي:
1- قراءة السور الخمس، ياسين، عمَّ، نوح، الواقعة، الملك، بعد الصلوات الخمس
بالترتيب المذمور هنا.
2- حفظ خطبة الصديقة الكبرى الزهراء عليها السلام، والخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين
عليه السلام، وخطبة سيدتنا زينب عليها السلام التي خطبتها في مجلس يزيد في الشام.
3- العناية التامة بزيارة سيد الشهداء عليه السلام.
4- العناية الخاصة بصلاة الليل، وزيارة عاشوراء، والزيارة الجامعة( الكبيرة).
5- قراءة هذا الدعاء في القنوت:
أللهم صل على محمد وآله، أللهم إني أسألك بحق فاطمة وأبيها، وبعلها وبنيها، والسر
المستودع فيها أن تصلي علة محمد وآل محمد وأن تفعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما
أنا أهله، برحمتك يا أرحم الراحمين.
6- قراءة هذا الذكر بعد السلام من الفرائض الخمس: أللهم سرحني من الهموم والغموم
ووحشة الصدر.
7- الإهتمام الخاص بالصلاة جماعة.
8- إكرام الذرية الطاهرة لأهل البيت عليهم السلام ( السادة زادهم الله تعالى عزاً)
وزيارة مراقدهم
(108).
هوامش
(1) كمال الدين وتمام النعمة للصدوق / 412 ومنتخب الأثر /
15 نقلاً عن الحميدي قال : أخرجه في الجمع بين الصحيحين وأخرج الحاكم مشابهاً له في
معناه وهو قوله عليه الصلاة والسلام : “ من مات وليس عليه إمام فإن موته موتة
جاهلية “ .
(2) كمال الدين 342 / 343 .
(3) منتخب الأثر، نقلاً عن الدر المنثور للسيوطي، وغيره .
(4) كمال الدين وتمام النعمة 342 / 343 وقد وردت هذه
الفقرات كدعاء مستقل يدعى به في عصر الغيبة، ورواها أيضاً النعماني في الغيبة / 166
بسند آخر، وبنفس اللفظ المذكور هنا في المتن، كما رواها الكليني في الكافي بسندين ج 1
/ 337 و 342 “ باب الغيبة “ ، ورد في الأول لفظ رسولك ثلاث مرات، وفي الثاني لفظ نبيك
بدلاً منها جميعاً، وقد نقل النعماني الحديث بهذين السندين أيضاً، بالإضافة الى ما
تفرد به، ورواها نقلاً عنه العلامة المجلسي في البحار 52 / 146 ، كما أورد الشيخ الطوسي في الغيبة / 202 الرواية وبعض هذه الفقرات .
(5) مكيال المكارم 2 / 185 نقلاً عن الكافي، وقد وصف الحديث بأنه صحيح.
(6) نفس المصدر 2 / 184 ومن المصادر الأساسية في علامات الظهور “
الملاحم والفتن “ للسيد ابن طاووس عليه الرحمة.
(7) منتخب الأثر / 439 عن كمال الدين وتمام النعمة للصدوق، والغيبة
للشيخ الطوسي 267 وتجد فيه حديثاً عن علامات "حتمية" أخرى.
(8) الشريف المرتضى، رسائل المرتضى 2/ 2333 وانظرفي الروايات: الكليني،
الكافي 1/330 و428 والصدوق، علل الشرائع 1/59 والتوحيد 258، وكمال الدين وتمام
النعمة 18 و30 و229.
(9) أنظر في ذلك، الشيخ المفيد، رسائل في الغيبة. الرسالة الثالثة :
الفرق بين الأئمة وصاحب الزمان.
(10) المجلسي، بحار الأنوار ج99 ص 97
(11) اللفظ هنا لمسلم أورده عنه السيد محمد تقي الموسوي الأصفهاني،
مكيال المكارم 2 / 233 . وانظر: الكليني، الكافي 1/376 وما وجدته في صحيح مسلم هو
التالي: "و من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ". صحيح مسلم 6/22 وهذ المعني
مستفيض بطرق الفريقين. وقد تقدم.
(12) عمدة الزائر / 359 عن الإقبال. ويأتي النص بتمامه تحت عنوان "
الزيارة"، كما تأتي الإشارة إليه تحت عنوان " الدعاء" . وانظر مفاتيح الجنان / 538 .
(13) نفس المصدر 360 ومفاتيح الجنان / 539
(14) مكيال المكارم 2 / 236 .
(15) منتخب الأثر / 234 من رسالة الإمام العسكري عليه السلام/ لوالد
الشيخ الصدوق .
(16) كمال الدين وتمام النعمة / 287 .
(17) الغيبة للنعماني / 200 .
(18) منتخب الأثر / 497 .
(19) غيبة النعماني 195 / 234 و 243 و 307 و 309 و 310 ، والبحار 52 /
326 و 329 / 337 و 137 .
(20) الغيبة للطوسي / 277 والغيبة للنعماني / 233 .
(21) نفس المصدر / 317 .
(22) تؤكد الروايات بالتصريح وبالتلميح أن القادة الأساسيين الذين
يبايعونه عليه السلام، كلهم ممن تطوى لهم الأرض، وذلك يدل على درجة عالية من
العبادة. أنظر: الطبري، دلائل الإمامة555، والخصيبي، الهداية الكبرى 396
(23) النعماني، الغيبة 313.
(24) التعبير لمولاتنا العظيمة أم المؤمنين أم سلمة رضوان الله عليها
، فقد روي: " عن ثابت مولى أبي ذر رحمه الله قال : شهدت مع علي يوم الجمل، فلما رأيت
عائشة واقفة دخلني من الشك بعض ما يدخل الناس، فلما زالت الشمس كشف الله ذلك عني،
فقاتلت مع أمير المؤمنين، ثم أتيت بعد ذلك أم سلمة زوج النبي [ صلى الله عليه وآله ]
ورحمها [ الله ] فقصصت عليها قصتي، فقالت: كيف صنعت حين طارت القلوب مطايرها ؟ قال: قلت إلى أحسن ذلك والحمد لله كشف الله عزوجل عني ذلك عند زوال الشمس فقاتلت مع
أمير المؤمنين قتالاً شديداً. فقالت : أحسنت سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وآله ]
يقول : علي مع القرآن، والقرآن معه، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض ". المجلسي،
البحار 32/206
(25) منتخب الأثر / 497 - 498 .
(26) بحار الأنوار 52 / 308 . وقد روي وصف"رهبان بالليل، ليوث
بالنهار، كأن قلوبهم زُبُرُ الحديد" عن رسول الله صلى الله عليه وآله. الشيخ
المفيد؟، الإختصاص208، وعنه في عدد من أمهات المصادر.
(27) مكيال المكارم – 2 / 327 بتصرف يسير .
(28) نور الثقلين 1 / 428 .
(29) النعماني، الغيبة 27 عن الإمام الباقر عليه السلام.
(30) المصدر السابق 1 / 326 .
(31) السيد الأصفهاني، مكيال المكارم 2 / 228 نقلاً عن روضة الكافي ج
8 ص 80 ح 37 . وانظر: البرقي، المحاسن 173 والمازندراني، شرح أصول الكافي 11/453
والمجلسي، البحار 52/126.
(32)المصدر السابق 229 .
(33) نهج البلاغة ح 12 .
(34) نفس المهموم للمحدث القمي / 544 ، ومكيال المكارم 2 / 228 .
(35) بحار الأنوار 102 / 111 .
(36) من دعاء الندبة المعروف، الذي يدعى به في زمن الغيبة، في الأعياد
الأربعة: الفطر، والأضحى، والغدير، ويوم الجمعة.
(37) مكيال المكارم 2 / 138 .
(38) نفس المصدر، وانظر: بحار الأنوار 36 / 297 .
(39) النعماني، الغيبة 214 و المجلسي، البحار51/115.
(40) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة 253، والشيخ الطوسي،
الغيبة 168، والمجلسي، البحار 41/ 219 ..
(41) الشيخ عبد الحسين الأعسم رحمه الله تعالى، ينتدب صاحب الزمان
أرواحنا فداه، ويرثي الحسين عليه السلام. السيد محسن الأمين، الدر النضيد في مراثي
السبط الشهيد 95 - 99 وتجد القصيدة في الملحق، في آخرهذا الكتاب.
(42) الشيخ البهائي رضوان الله تعالى عليه ، الكشكول. وتجد القصيدة
بتمامها في الملاحق في آخر هذا الكتاب.
(43) قال ابن سلام: وقد روي في قوله تعالى) " وتبتل إليه تبتيلا "
أخلص إليه إخلاصاً، ولا أرى الأصل إلا من هذا، يقول : انقطع إليه بعملك ونيتك
وإخلاصك". غريب الحديث - إبن سلام ج 4 ص 20
(44) من قصيدة الشيخ البهائي المشار إليها سابقاً، وتجدها في الملاحق.
(45) البلد الأمين / 309 .
(46) عمدة الزائر 359 / 360 .
(47)
هذه العبارة أوردها المجلسي رحمه الله، قال:
وجدت في بعض الكتب القديمة بعد ذلك. ثم أورد العبارة المذكورة. البحار99/111.
(48)
المراد: الخائف على الإسلام من غلبة
الجهال، يدل عليه – إضافة إلى الثوابت - ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام، حول
قوله تعالى: " فأوجس في نفسه خيفة موسى" وهو قوله عليه صلوات الله تعالى: لم يوجس
موسى عليه السلام خيفة على نفسه، بل أشفق من غلبة الجهال، ودولة الضلال. إبن أبي
الحديد، شرح النهج 1/207، وقد أورد هذه الزيارة ابن المشهدي في المزار632-633،
والمجلسي في البحار99/110 نقلاً عن السيد ابن طاوس.
(49) السيد ابن طاوس، جمال الأسبوع 41،
والمجلسي، البحار 99/215، والمحدث النوري، النجم الثاقب / 467 .
(50) المجلسي، البحار99/ 92 ، وعمدة الزائر /
345. ومفاتيح الجنان.
(51) أورد عداً وافياً منها، المجلسي في
البحار99/ 92 فما بعد.
(52) الشيخ الصدوق، الأمالي414 وانظر: المتقي
الهندي، كنز العمال1/41
(53) السيد ابن طاوس، كشف المحجة لثمرة المهجة
151-152
(54) تقدم ذكر هذا الدعاء تحت عنوان معرفة
الإمام، وذكرت هناك بعض مصادره، وأضيف إليها هنا منتهى الآمال / 866 . وإنما ذكرته
هنا للتناسب والفائدة، وسيأتي أن هذا الدعاء غير الدعاء الطويل الذي يدعى به عصر
الجمعة في زمن الغيبة .
(55) كمال الدين وتمام النعمة /352 ، وعنه:
المجلسي، البحار92/326. وغيبة النعماني / 159 ومنتخب الأثر / 510 والنجم الثاقب /
450 ومنتهى الآمال للمحدث القمي / 867 وانظر: البحار 52 / 149 .
(56) المحدث النوري، مستدرك الوسائل 7/447
نقلاً عن الكفعمي، في البلد الأمين ، وعن مجموعة الشهيد الأول. والمجلسي، البحار
95/120 ناقلاً ماوجده بخط الشيخ محمد بن على الجبعي، نقلاً من خط الشهيد.
(57) المجلسي، البحار 91/42- 43 واللفظ له ولم
يورد هنا في آخر الدعاء، الضرب باليمنى على الفخذ ثلاثاً، وانظر: الموسوي، مكيال
المكارم 2 / 234 وفيه: من دعا بهذا الدعاء أربعين صباحاً كان من أنصار القائم عليه
السلام، وإن مات قبل ظهوره أحياه الله تعالى حتى يجاهد معه، ويكتب له بعدد كل كلمة
ألف حسنة، ويمحى عنه ألف سيئة. وانظر: عمدة الزائر / 360 والبلد الأمين / 82 وقد
وردت الرواية في عمدة الزائر باختلاف يسير عما أثبته هنا من مكيال المكارم، بينما
لم ترد الرواية أ صلاً في البلد الأمين، واقتصر على إيراد الدعاء .
(58) في صحاح الجوهري عن أبي عبيد: مره العين
بياضها ، فالمراد هنا: واكحل بياض ناظري بنظرة مني إليه.
(59) مكيال المكارم 2 / 4 وانظر: المجلسي،
البحار 83/61 نقلاً عن اختيار ابن الباقي، والنجم الثاقب 485 / 486 وقد ذكر المحدث
أن لهذا الدعاء نسخاً مختلفة وقد تفرد السيد الجليل ابن باقي في المصباح بأن من
قرأه رأى الإمام عليه السلام
(60) الشيخ الطوسي، مصباح المتجهد / 54 ضمن
تعقيب صلاة الظهر، وانظر: النجم الثاقب / 436 ومكيال المكارم 2 / 10 .
(61) تجد الدعاء في كمال الدين / 512 ومنتخب
الأثر / 502 ومصباح المتجهد / 369 والبلد الأمين / 306 .
(62) منتخب الأثر / 505 والنجم الثاقب / 448 .
(63) الصدور الوغِرة: التي تتوقد من حرارة
الغيظ والمظلومية.
(64) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام
النعمة512-514
(65) تحية الزائر / 226 . والأعياد الأربعة: العيدان: الفطر
والأضحى، وعيد الغدير، ويوم الجمعة.
(66) مصباح المتهجد / 762 .
(67) الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد630-631
(68) في المصدر : طويلاً وعرضاً، وهو كما ترى،
فإما أن يكون: " طولاً وعرضا ً" أو " طويلاً وعريضا ً" وهو يلتقي مع ما ورد في
استغاثة سلام الله الكامل، وهو: " وناشر العدل في الطول والعرض"فلاحظ.
(69) السيد ابن طاوس، الإقبال191 قال رحمه
الله " وقد اخترنا ما ذكره ابن أبي قرة في كتابه، فقال باسناده الى علي بن الحسن بن
علي بن فضال ، عن محمد بن عيسى بن عبيد، باسناده عن الصالحين".
(70) أورد السيد روايتين لهذا الدعاء، وهذه
الواردة هنا هي الرواية الثانية، وليلاحظ أن الشيخ الطوسي قد أورد في المصباح
الرواية التي لم أوردها من روايتي السيد ابن طاوس.
(71) الجحجاح: السيد السمح الكريم. الخليل
الفراهيدي. العين 3/10. وقال ابن منظور في لسان العرب2/551: العظيم السؤدد. وقد
ضبطه عبد القادر في مختار الصحاح بالفتح.
(72) في المصدر: لايحتقر والتصحيح بحسب ما في
مصباح المتهجد، وفي رواية السيد الثانية: لايحقر.
(73) الحُوب: الإثم.
(74) في مصباح المتهجد: من أمرك لهم. وفي
رواية السيد التي لم أوردها هنا : في أمرك لهم.
(75) في المصدر: وأوليائك. والتصحيح بحسب مافي
مصباح المتهجد.
(76) في المصدر : حصنة، والتصحيح بحسب مافي
البحار92/332.
(77) هجروا الفراش المريح.
(78) كذا في المصدر، وعنه في البحار.
(79) السيد ابن طاوس، جمال الأسبوع 307-314.
وانظر: الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد 409- 411. مع ملاحظة أن الشيخ قد أورد الرواية
الثانية التي لم أوردها هنا من روايتي السيد، رحمهما الله تعالى. وانظر: البحار
92/332-336.
(80) الحر العاملي، وسائل الشيعة 7/101 ( ط:
آل البيت) والمجلسي، البحار 91/ 22 نقلاً عن الشيخ
ابن فهد الحلي، عدة الداعي.، وانظر: عدة الداعي 151
(81) الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد 643 من
أدعية الصحيفة السجادية- الدعاء في وداع شهر رمضان.
(82) من إجازة الإمام الخميني الفلسفية
للميرزا حواد الهمداني عام 1354 هجري قمري، صحيفه نور ج 1 ص 4-5-6 والنص في الأصل
بالعربية
(83) سيأتي ذكر رواية ثانية في هاتين الركعتين
بالحمد وسورة دون تحديد، ولكن الأحوط هو العمل بهذه الرواية، أي بقراءة الحمد
والفتح، والحمد والنصر.
(84) مصححاً على مافي البلد الأمين للكفعمي
158( ط: قديمة، ليس عليها اسم دار نشر ولا مطبعة، في الصفحات الأولى ترجمة الكفعمي
من الغدير. وفي ص8 " شجرة نسب شيخنا الكفعمي). وقد ورد فيه حول هذه الإستغاثة:
استغاثة إلى المهدي عليه السلام، أيضاً، وهي بعد الغسل وصلاة ركعتين تحت السماء،
تقرأ في الأولى بالحمد والفتح، وفي الثانية بالحمد والنصر، فإذا سلمت فقم وقل: سلام
الله الكامل الخ .
(85) وهكذا ورد اللفظ في البلد الأمين.
(86) المجلسي، البحار91/31.
(87) الكفعمي، المصباح 404-405، وقد أوردها
المحدث القمي في منتهى الآمال 2 / 870 .وقال في تحفة الزائر للمجلسي ومفاتيح النجاة
للسبزواري أن من كانت له حاجة فليكتب في رسالة ما سيأتي نصه ثم يلقيها في ضريح أحد
الأئمة عليهم السلام أو يعلقها على الضريح، أو يطوي الرسالة ويغلفها بطين طاهر
ويرمي بها في نهر أو بئر عميق أو غدير، فإنها تصل إلى صاحب الزمان صلوات الله
وسلامه عليه ويتولى هو بنفسه قضاء تلك الحاجة.
(88)إضافة – بتصرف يسير- من البحار91/30.
(89) الكفعمي، المصباح 405 أوردها باسم القصة
الكشمردية، ولم يذكر اسم صاحبها، وقد ذكره المجلسي في البحار110/281، وقد ذكر الشيخ
الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة443 في من رأى الحجة من غير الوكلاء، محمد بن
كشمرد، كما ذكر في ص495 أنه كان قد كتب إلى الإمام أن يحل ابنه أحمد، فورد الجواب با
لإيجاب. اه ويبدو أن المقصود هو والد صاحب القصة الكشمردية، وابنه أحمد
"المترجَم"هنا.
(90) جاء في هامش المصباح للكفعمي، أن المراد
بآية العرش،الآيات 54و55 و56 من سورة الأعراف، وهي المعروفة بآية السخرة، وهي:" إن
ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل
النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ألا له الخلق والأمر، تبارك
الله رب العالمين. ادعوا ربكم تضرعا ًوخفية إنه لا يحب المعتدين، ولا تفسدوا في
الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين.
(91) في نسخة غيرها : استجبت.
(92) الكفعمي، المصباح 405 وانظر: المجلسي،
البحار91/24- 25 .
(93) في المصدر: " وكفى ممن أنت حسبه ".
(94) في المصدر: "للظنون".
(95) أي تجعل عليهما شيئاً من الطيب.
(96) الطين الحر، أو حر الطين : هو الطين الذي
ليس فيه رمل.
(97) في العبارة نقص كما لايخفى. ولعلها: "
فنزل به ابن متى بما ألم الظنون، فلما صار". الخ أو " بما ألم من الظنون. ومن
الواضح أن في نص هذا الدعاء اضطراباً في أكثر من مورد، إلا أن السياق الذي ورد فيه
يقوي احتمال أن يد التصحيف قد لعبت به، ويعزز العناية به- رغم ذلك- كما سترى في
الملاحق
(98) المجلسي، البحار91/27-29
(99) أنظر: المؤلف، حول
رؤية المهدي. (راجع: " الكتب " في هذا الموقع).
(100) المجلسي، البحار52/177-180.
(101) البحار ج53/325
من الملحق الوافي الذي كتبه المحدث النوري وفيه تفاصيل كثيرة هامة، وقد تحدث رحمه
الله تعالى عن عمل الإستجارة بالتفصيل في النجم الثاقب / 480 وتجد فيه بعض التفاصيل
المذكورة أعلاه.
(102) النجم الثاقب /
444 / 445 .
(103) منتهى الأمال ،
فارسي / 865 وتوجد تفاصيل أخرى في منتخب الأثر 505 / 506 .
(104) مكيال المكارم 2
/ 168 .
(105) نفس المصدر / 140
.
(106) منتخب الأثر /
511 وقد تقدم نقلاً عن كمال الدين وتمام النعمة .
(107) منتخب الأثر 511
/ 512 .
(108) أورد أكثر هذه
النوادر، المرجع المقدس السيد المرعشي، في ما كتبه إلى : حسين عماد زادة، مؤلف كتاب
منتقم حقيقي:" على ماورد في الكتاب ص427-434، ولم يصرح السيد المرعشي باسم من تشرف
باللقاء، بل قال ه: سيد جليل القدر من أهل العلم، يقطع بصدقه وسداده وتقواه" ثم
أورد ثلاث قصص، تضمنت توجيهات وتأكيدات، منها أكثر ماورد هنا، وقد نقل لي بعض الثقاة
عن السيد المرعشي أنه المعني بالتشرف.
|