أجزاء الفصل الأول (1) (2) (3)

 

 

توجه مسلم بن عقيل رضوان الله تعالى عليه إلى الكوفة، لينفذ مهمة محددة رسمها له الإمام الحسين عليه السلام، فبعد أن اجتمعت عند الإمام كتب الكوفيين، كتب مع هانيء بن هانيء وسعيد بن عبدالله (1) وكانا آخر الرسل :

بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى الملأ من المسلمين والمؤمنين، أما بعد، فان هانياً وسعيداً قدما عليّ بكتبكم، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلّكم : إ نـّه ليس علينا إمام فأقبل لعلّ الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق، وإني باعث إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي {وأمرته أن يكتب اليّ بحالكم ورأيكم} فإن كتب إلي انه قد اجتمع رأي ملأكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم، وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكاً إن شاء الله، فلعمري ما الإمام إلاّ الحاكم بالكتاب القائم بالقسط الدائن بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله والسلام . (2)

و ينبغي الوقوف حول مهمة الشهيد مسلم في الكوفة عند نصين:
الأول: ما أورده الدَّيْنَوَري حيث يقول: كان مسلم بن عقيل خرج معه من المدينة إلى مكة، فقال له الحسين عليه السلام : يا ابن عم، قد رأيت أن تسير إلى الكوفة، فتنظر ما اجتمع عليه رأي أهلها، فإن كانوا على ما أتتني به كتبهم، فعجل علي بكتابك لأسرع القدوم عليك، وإن تكن الأخرى، فعجل الإنصراف".
(3)

و هو نص يضيف إلى ما هو معروف عن الشهيد مسلم، وإلى تحديد المهمة، أن الشهيد كان في صلب نهضة سيد الشهداء عليه السلام منذ خروجه من المدينة، وهو ما يسلط مزيداً من الضوء على سمو منزلته رضوان الله تعالى عليه.

الثاني: قال الخوارزمي :
"ثم طوى الكتاب وختمه ودعا بمسلم بن عقيل، فدفع إليه الكتاب، وقال: إني موجهك إلى أهل الكوفة، وسيقضي الله من أمرك ما يحب ويرضى، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامض ببركة الله وعونه حتى تدخل الكوفة، فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها، وادع الناس إلى طاعتي، فإن رأيتهم مجتمعين على بيعتي، فعجل علي بالخبر، حتى أعمل على حسب ذلك إن شاء الله تعالى. ثم عانقه الحسين وودعه وبكيا جميعاً".
(4)

و هو يضيف أن الإمام يلمِّح – على الأقل – إلى شهادته وشهادة مسلم.

و من الواضح أن الجانب المعلن في مهمة مسلم، هو استطلاع وضع الكوفة فالإمام يقول في رسالته : فإن كتب إلي - مسلم - انه قد اجتمع رأي ملأكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم، وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكاً إن شاء الله، إلا أن هذا لا ينافي أن يكون في صلب مهمة مسلم، إعداد الكوفة للحرب - وعلى الأقل- لمواجهة ما قد يستجد من تطورات، وهو ما سنلحظه في ما تم تنفيذه في الكوفة.

كان على الشهيد مسلم أن ينفذ هذه المهمة في وضع أمني وسياسي شديد التعقيد، فقد كان عليه أن يدخل الكوفة سرّاً لأنها في الظاهر تحت سلطة يزيد، وأهل الكوفة رغم كل اندفاعهم للإمام الحسين عليه السلام، كانوا متكتمين على موقفهم ضدّ بني أمية، ثم ان الإمام الحسين عليه السلام أوصاه بسرية التحرك.

 قال الشيخ المفيد والطبري:

"ودعا الحسين عليه السلام مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، فسرحه مع قيس بن مسْهر الصيداوي وعمارة بن عبدالله السلولي وعبد الرحمن بن عبدالله الأرحبي، وأمره بتقوى الله وكتمان أمره واللطف، فإن رأى الناس مجتمعين مستوسقين عجل إليه بذلك ".(5)

و أول ما يطالعنا هنا علّو همة مسلم، وروح أبي طالب المتوثبه بين جنبيه، ولا غرو في ذلك بعد ما تقدم من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لله در أبي طالب لو ولد الناس كلهم كانوا شجعانا. (6)

أصرّ مسلم رضوان الله عليه، أن يفتح مساره الكربلائي متبركاً بزيارة المصطفى الحبيب صلى الله عليه وآله، فتوجه من مكة الى المدينة التي لم يكن دخوله إليها في مثل تلك الظروف أمراً سهلاً، إلا أن نفسه الكبيرة أتعبت جسده، يحمله على ذلك حنين شجي ينبعث فواره من إحساس عميق - وربما العلم - بأنها آخر مرة يدخل فيها المدينة المنورة.

أو لم يتقدم أن سيد الشهداء عليه السلام قال له: وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء.

لابد إذاً من تجديد العهد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووداع من يختار وداعه من أهله نظراً لظرفه الأمني " فأقبل مسلم حتى أتى المدينة فصلى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وودّع من أحب من أهله ثم استأجر دليلين من قيس فأقبلا به يتنكّبان الطريق". (7) أي يتجنبان الطريق العام لأن طبيعة المهمة تقتضي ذلك .

أشير هنا إلى أن قيس بن مسْهر وعبد الرحمن الأرحبي اللذين كانا مع مسلم في هذه الرحلة(8) قد استشهدا في ما بعد، الأول في الكوفة والثاني في كربلاء.
 

* في الطـريـق؟
كان خروج الحسين عليه السلام من المدينة، قد أثار حفيظة النظام، فاستنفر أجهزته لرصد تحركه، وقد أتاحت المدة التي أمضاها الإمام في مكة منذ دخولها وحتى إرسال مسلم إلى الكوفة، فرصة للنظام لتضييق حلقة الحصار، وبث العيون، الأمر الذي يحتم أن تحاط مهمة مسلم منذ انطلاقتها بالسرية التامة.

لذلك كان لابد من تنكب الطريق العام حذراً من عيون النظام، ولئن مرت الرحلة بسلام بين مكة والمدينة، إلا أن الأمر بين المدينة والكوفة كان مختلفاً، إذ تعرضت لانتكاسة حادة لم يتم تجاوزها إلا بعد موت الدليلين عطشاً، وإشراف الباقين على الهلاك، ولذلك تأخر الوصول إلى الكوفة أياما.

كتب مسلم بن عقيل رحمة الله عليهما من الموضع المعروف بالمضيق مع قيس بن مسْهر(9) : أما بعد فإني أقبلت من المدينة { وفي التعبير دلالة على أنه كان قد استأذن الإمام بالتوجه الى المدينة أولاً } مع دليلين فجازا عن الطريق، فضلا، واشتد عليهما العطش، فلم يلبثا أن ماتا، وأقبلنا حتى انتهينا الى الماء فلم ننج إلا بحشاشة أنفسنا، وذلك الماء بمكان يدعى المضيق من بطن الخبت وقد تطيَّرت من وجهي هذا فإن رأيت أعفيتني منه وبعثت غيري والسلام.

فكتب إليه الحسين عليه السلام :
أما بعد فقد خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إليّ في الإستعفاء من الوجه الذي وجهتك إلاّ الجبن فامض لوجهك الذي وجهتك فيه والسلام .
فلما قرأ مسلم الكتاب قال : أما هذا فلست أتخوفه على نفسي.
(10)

ثم مضى نحو الكوفة.
ويورد الدينوَري نصاً آخر لجواب الإمام عليه السلام وهو: " أما بعد، فقد ظننت أن الجبن قد قصر بك عما وجهتك به، فامض لما أمرتك فإني غير معفيك، والسلام ".
(11)

وتجدر الإشارة إلى أن العبارة الأولى من رسالة الإمام عليه السلام قد وردت في البحار: "أما بعد فقد حسبت"(12) ويحتمل فيها التصحيف كما يحتمل في "خشيت" فليلاحظ.

و لابد هنا من طرح سؤالين:
1- لماذا أرسل الشهيد إلى الإمام يستعفيه من التوجه إلى الكوفة.
2- لماذا قال له الإمام عليه السلام " فقد خشيت – أو ظننت- أن لايكون حملك ".." إلا الجبن"؟.

وتتوزع آراء المتأخرين من المعنيين بتدوين مراحل النهضة الحسينية في هذه الحادثة – التي هي منشأ هذين السؤالين- على أربعة آراء:
1- فمنهم من ينفيها باستدلال
(13) يمكن المناقشة فيه بأنها وردت في نصي الشيخ المفيد والطبري، ولا مسوِّغ لرد بعض النص وقبول الباقي إلا بدليل على بطلانه.
2- ومنهم من يقبل أصل الحادثة وسائر تفاصيلها ويرفض نسبة التطير والجبن إلى الشهيد مسلم
(14)
. وهما منفيان عنه في السياق الذي يأتي بيانه.
3- و منهم من يسوقها كما هي دون توضيح كما هو دأب المصادر الأساسية.
4- ومنهم من قدم إيضاحات وافية حولها تستحق العناية.
(15)

و هو ما يستدعي الوقوف عند ما ورد أنه جرى لمسلم في الطريق إلى الكوفة بشيء من التفصيل، ليشمل الحديث إمكان أن يطلب الشهيد مسلم من سيد الشهداء إعفاءه من التوجه إلى الكوفة، ويشمل أيضاً وقوع الحادث وأين وقع وكيف، لأن بعض من ينفي هذه الحادثة يستند إلى عدم إمكان مثل ذلك للشهيد مسلم، غير أني أرجح البدء بالحديث حول الوقوع ليكون الحديث عن الإمكان في ضوئه.

و لدى التأمل في ما روي عن هذه الحادثة ومحاولة التعرف على المنطقة التي ذكر أنها وقعت فيها، يتضح أن الشهيد قد غادر المدينة متوجهاً إلى العراق، وضلَّ الدليلان الطريق، وبعد مرور فترة لم تحدَّد، مات الدليلان ونجا الباقون وقد أشرفوا على الهلاك، وتبين أنهم قد وصلوا إلى منطقة تقع بين مكة والمدينة، أي أنهم كانوا متوجهين شمالاً وبعد كل هذه المسافة التي قطعوها تبين أنهم في بعض فترة التيه هذه - إن لم يكن أكثرها- كانوا يسيرون باتجاه آخر بعضه - على الأقل- باتجاه الجنوب.

و بعبارة ثانية : تبعد المدينة عن مكة حوالي الأربعمائة كلم، وقد قطعوا خلال هذه الفترة مسافة تفوق المائة والخمسين كلم، فمن المفترض أن يصلوا إلى منطقة تبعد عن مكة حوالي الخمسمائة والخمسين كلم، إلا أنهم وجدوا أنفسهم على بعد حوالي المائتين والخمسين كلم منها، فقد وصلوا إلى منطقة يمكن اعتبارها من توابع الجحفة، الميقات المعروف! (انظر الملحق الخاص بذلك في آخر الكتاب).

كان الركب بأمس الحاجة إلى التوقف لبعض الوقت لاستعادة النشاط، وهو الوقت الكافي لوصول رسول إلى مكة وعودته بالجواب، وكان من الطبيعي جداً أن يتواصل الشهيد مسلم مع سيد الشهداء عليه السلام، وقد خطر له أن يستشيره حول إمكانيّة أن يبعث إلى الكوفة غيره، رغم أنه كان مستعداً لمواصلة السير.

إلى هنا يتضح جلياً أنه لم يكتب إلى الإمام الحسين عليه السلام من تخوم العراق مثلاً، أو بعد أن اجتاز أكثر من نصف مسافة الطريق وإنما كتب له من منطقة تعتبر نسبياً قريبة من مكة.

يبقى - في الإجابة على السؤال الأول- توضيح سبب طلب الشهيد مسلم الإعفاء من التوجه إلى الكوفة.

و أعتقد أن من الموضوعية والدقة أن نضع هذا الطلب في سياق تأكيد عميق معرفة سيد الشهداء وثقته من أهل بيته بعدم المراهنة على الكوفيين، وأن الشهيد قد توجه إلى الكوفة في جو عدم المراهنة هذا، ولم يكن إطلاقاً في وارد أن الكوفيين سيغيرون مجرى الأحداث، ولا ينافي ذلك أنه كتب من الكوفة في ما بعد يستعجل الإمام القدوم، فقد بلغ التوثب الكوفي الكاذب الحد الذي يخدع بمثله غير المعصوم كائناً من كان، وهذا هو المختار بن أبي عبيدة الذي لا يصطلى بناره في عمق التحليل واقتناص الفرص يدخل الكوفة محارباً ويجد نفسه في ساحتها مكشوفاً من أدنى شائبة حنكة، وعندما طولب بهذا الجنون الذي يقترف قال : أصبح رأيي مرتجاً لعظم خطيئتكم (16) كما سيأتي بتفصيله.

لم يكن الشهيد مسلم يثق بأهل الكوفة، ولا كان قد سمع من سيد الشهداء ما يحمله على الثقة بهم، وعلى هذا الأساس توجه إليها ممتثلاً لأمر الإمام، وبعد ما جرى له رأى أن يسأل بأدب إذا كان إعفاؤه ممكناً فقال : وقد تطيرت من وجهي هذا فإن رأيت أعفيتني منه وبعثت غيري.

و قد سأل ذلك وهو مرابط لمواصلة المسير.

أما السؤال عما ورد في جواب الإمام الحسين عليه السلام، وهو قوله: فقد خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إليّ في الإستعفاء من الوجه الذي وجهتك إلاّ الجبن فامض لوجهك الذي وجهتك فيه، فينبغي الجواب عليه في ضوء ملاحظة المتكلم والمخاطب كأي نص آخر يتعامل معه بمنهجية سليمة، فإنَّ فصل النص عن سياقه يفتح الباب أمام تأويلات لا تنسجم معه، وهو أصل في التلقي من النص تظهر آثاره الهامة في حسن التدبر في خطاب الله تعالى للأنبياء، وخطاب المعصوم للخواص، وكل خطاب مماثل.

ونحن هنا أمام تعبير الإمام الحسين عليه السلام عن "خشية" أن يكون السبب في طلب الشهيد مسلم الإستعفاء هو "الجبن".

أما المتكلم فهو سيد الشهداء عليه السلام و"نفس أبيه بين جنبيه" ومقياسه في الشجاعة والجبن هو المقياس الذي يجعله يقول ذلك لمن هو كمالك الأشتر ومحمد بن الحنفية أو مسلم بن عقيل، ولقد قال أمير المؤمنين عليه السلام للمَعْلم الجهادي الشامخ محمد بن الحنفية من قبل في يوم الجمل : أدركك عرق من أمك (17) ، فلم يناف ذلك أن محمد بن الحنفية كان محمدي الجولات وعلويها، ولا يدل كلام الإمام في حقه على "جبن" من النوع الذي نعهده فينا وفي سائر الناس حتى المتميزين منهم بشجاعة لا ترقى على علو شأنها إلى أن تبلغ سفح شجاعة محمد بن الحنفية.

و أما المخاطب فهو "أرجل ولد عقيل، وأشجعها" (18) وقد عرفت في الثابت من سيرته رضوان الله تعالى عليه أنه كان في صفين جديراً بقيادة الميمنة بأمر أمير المؤمنين عليه السلام، في جيش هو الأول على مستوى العالم آنذاك، كما أثبتت مواقفه في الكوفة أنه رضوان الله تعالى عليه كان قمة في الشجاعة ورباطة الجأش حتى عندما قدم لتضرب عنقه صبراً.

وفي رسالة الإمام عليه السلام شهادة ضمنية بهذه الشجاعة لأن تعبير "خشيت" أو "ظننت" ينسجم مع استبعاد "الجبن" بعد احتماله لا لأن من احتُمل في حقه يتصف بذلك بل لأنه لا وجود لأي احتمال آخر مما يجعل الأمر منحصراً بهذا الإحتمال، وكأن الإمام يقول لمسلم : إني لم أجد مبرراً وجيهاً لترددك إلا الجبن وهو مستبعد في حقك "فامض لوجهك الذي وجّهتك فيه". وفي بعض المصادر المتأخرة : " فقد خشيت أن يكون حملك على هذا غير ما تذكر".(19)

يضاف إلى ذلك أن الطابع الأمني لرسالة الشهيد مسلم وجواب الإمام عليه السلام، ينبغي أن يلحظ، فلم يكن بالوسع الحديث بوضوح عن أهل الكوفة وحقيقة موقفهم، إلا أن رسالة الشهيد تشير إلى ذلك بالحديث عن التطير، وجواب الإمام عليه السلام يلزم بتنفيذ المهمة رغم ما يشير إليه الشهيد، وقد جاء التعبير عن ذلك باللغة التي تنفي وجود أي مسوِّغ للتردد.

* دخول الكوفة
دخل مسلم الكوفة في الخامس من شوال
(20) ونزل في دار "أوثق أهلها" كما كان الإمام الحسين عليه السلام قد أوصاه، وقيل إنه "المختار" (21) ثم بدأ الشيعة يزورونه" و أقبلت الشيعة تختلف إليه فكلما إجتمعت إليه جماعة منهم، قرأ عليهم كتاب الحسين بن علي عليهما السلام وهم يبكون."(22)

و يقف الشهيد الجليل عابس بن أبي شبيب الشاكري رضوان الله تعالى عليه قائلاً لمسلم : " أما بعد فإني لا أخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في أنفسهم، وما أغرّك منهم، والله أحدثك عما أنا موطن نفسي عليه، والله لأجيبنّكم إذا دعوتم، ولأقاتلنّ معكم عدوكم، ولأضربنّ بسيفي دونكم حتى ألقى الله، لا أريد بذلك إلاّ ما عند الله ".

وقام بعده الشهيد حبيب بن مظاهر، فأكّد كلام عابس قائلاً :
"رحمك الله، قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك، وأنا والله الذي لا إله الاّ هو على مثل ما هذا عليه" .
(23)

ثم تكلم الشهيد سعيد بن عبدالله الحنفي بمثل كلامهما رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
و من الطريف هنا أننا نجد نصّاً نادراً يوضح لنا ما كان يعتمل في نفوس بعض الحاضرين في هذا المجلس التاريخي: " قال الحجاج بن علي - راوي الحديث المتقدّم - فقلت لمحمد بن بشير - الذي كان حاضراً وسمع ما تقدم ونقله - فهل كان منك أنت قول؟ فقال : إن كنت لأُحبُّ أن يُعزّ الله أصحابي بالظفر، وما كنت لأحبّ أن أقتل، وكرهت أن أكذب".
(24)

* هل نزل مسلم في دار المختار
أغلب الظنّ أن الدار التي نزل فيها مسلم رضوان الله تعالى عليه لم تكن آنذاك للمختار، ويبدو أن المختار تملّكها لاحقاً وأصبحت تعرف باسمه وعندما دوّنت أحداث فترة دخول مسلم الى الكوفة كانت هذه الدار قد أصبحت معروفة باسم غيره، وهو ما يشعر به ما أورده كل من الشيخ المفيد والطبري اللذين يبدو أنهما معاً اعتمدا نص أبي مخنف
(25) فقد قالا: " فنزل دار المختار بن أبي عبيد وهي التي تدعى اليوم دار مسلم بن المسيب".(26)

و يشعر بذلك بدرجة أقوى - على الأقل - ما أورده الدينوري حيث قال: " ونزل في الدار التي تعرف بدار المختار بن أبي عبيدة ، ثم عرفت اليوم بدار المسيب ". (27)
إلا أن بين النصوص القديمة ما يذكر نزول الشهيد في بيت المختار دون إضافة ما يشعر أن يكون المراد من "دار المختار" الدار التي تعرف الآن بدار المختار، فقد قال ابن حبان: ودخل الكوفة فلما نزلها دخل دار المختار بن أبي عبيد".
(28)

إلا أن هذا النص وما شابهه لا يخرج البحث من دائرة الإلتباس، ولا ينفي احتمال أن يكون صاحبه قد انساق مع السائد في ما بعد أي في فترة الإخبار بأحداث الكوفة عند دخول مسلم إليها، وأن تلك الدار كانت آنذاك تعرف ب"دار المختار" خاصة وأن المختار قد اشتهر في الكوفة وغيرها بعد حركة التوابين، وقد يعزز ذلك، وجودُ نص قديم مختلف عن السائد، وهو ما أورده ابن شهراشوب حيث يقول: " فسكن في دار سالم بن المسيب"(29)

و لكن أبا مخنف كوفي، وهو أدرى بشعابها، وقد تفرد ابن شهراشوب بذكر "سالم بن المسيب" بدلاً من مسلم، ولعله تصحيف، والظاهرأنه اقتصر على الإسم الذي كانت الدار تعرف به لاحقاً كما ذكر أبو مخنف.

و على أي حال فينبغي الوقوف ملياً عند ثلاث نقاط هامة تجعل من البعيد جداً أن يكون الشهيد مسلمً قد نزل في بيت المختار، وهي:
1- احتمال أن يكون تعبير "دار المختار" بمعنى الدار التي تعرف حين سرد الحادثة بهذا الإسم، بقرينة نص أبي مخنف ودلالة نص الدينوري، وكون النصوص حول تحديد البيت الذي نزل فيه الشهيد مسلم متعارضة، كما تقدم.
2- أن سيد الشهداء عليه السلام قد أوصى الشهيد بأن ينزل في الكوفة عند "أوثق أهلها" ومن المستبعد جداً أن يكون هذا الوصف منطبقاً على المختار في ذلك الوقت، فقد روي أن المختار كان في زمن الإمام الحسن عليه السلام قد اقترح على عمه تسليم الإمام الحسن إلى معاوية
(30) كما روي التحاق المختار لبعض الوقت بعبدالله بن الزبير، مما يجعل من الصعب إثبات استقامة المختار في الفترة الواقعة بين ما عرف بصلح الإمام الحسن عليه السلام، وانتهاء حركة التوابين حيث إننا في ما يبدو لا نملك ما يصب في صالح استقامته في هذه الفترة إلا نصين:
الأول: أنه دخل الكوفة قادماً من " قرية له " وكان ومن معه في وضع قتالي، ولما علم بفشل هجوم الشهيد مسلم على قصر الإمارة، ركز رايته بباب عمرو بن حريث مظهراً أنه جاء للدفاع عنه، ثم اعتقل.
(31) ويأتي ذلك في " حصار القصر".
الثاني: أنه كان في السجن مع الشهيد ميثم التمار الذي قال للمختار: وأنت تخرج ثائراً بدم الحسين عليه السلام، وتقتل هذا الذي يريد قتلنا وتطأ بقدمك على وجنتيه".
(32)

و هي شهادة نوعية للمختار رضي الله عنه، ولكنها شهادة مستقبلية، ويأتي بعض تفصيل ذلك في ترجمة الشهيد ميثم.
3- أنه لم يسجَّل على الإطلاق أن المختار أدين أو اتُّهم بنزول مسلم في داره، ومن الواضح أن مثل هذا الأمر لا يبقى طيّ الكتمان بعد الإنهيار الكوفي العاصف، وقد كان الذين التقوا الشهيد مسلم آلافاً مؤلفة، اتضح أن أكثرهم شيعة آل أبي سفيان وتوجهوا لحرب الإمام عليه السلام.
هذه النقاط مجتمعة تلحّ باستبعاد أن يكون الشهيد مسلم قد نزل في دار المختار.
و لعلّ نصّ المسعودي يكشف لنا عن اسم صاحب الدار عند نزول مسلم فيها فقد قال : فنزل على رجل يقال له عوسجة، مستتراً".
(33) وهو ما روي عن الإمام الباقر عليه السلام من سرد موجز لأحداث نهضة سيد الشهداء عليه السلام - أورده الطبري- وجاء فيه قوله: " فنزل على رجل من أهلها يقال له عوسجة ".(34) وقد أورده أيضاً ابن حجر في الإصابة، فقال: " فنزل على رجل يقال له عوسجة". (35)

و قد ذكرالمحدث القمي في هامش نفس المهموم (36) احتمال أن يكون عوسجة هذا والد مسلم بن عوسجة، مما يجعلنا أمام احتمال أن يكون هذا هو السبب الذي من أجله ركز معقل على مسلم بن عوسجة ليصل من طريقه الى مسلم ، كما سيأتـي إن شاء الله تعالى.

بل إن هناك تصريحاً بأن الشهيد قد نزل في دار مسلم بن عوسجة، فقد قال ابن كثير ما يلي: " فلما دخل الكوفة نزل على رجل يقال له مسلم بن عوسجة الأسدي، وقيل نزل في دار المختار بن أبي عبيد الثقفي، فالله أعلم". (37)

و المحصلة النهائية هي أن نزول الشهيد في بيت المختار مستبعد جداً، إلا أن نزوله في البيت الذي عرف في مرحلة تالية بدار المختار هو الأرجح، ويبدو أنه كان منزل "عوسجة" الذي يغلب على الظن أنه والد الشهيد مسلم بن عوسجة.

و ينبغي أن يدخل في القرائن المرجحة لذلك أن معقلاً الذي تظاهر للشهيد مسلم بن عوسجة بأنه من الموالين، كان قد سمع الناس يقولون عن ابن عوسجة إنه يبايع للحسين، حيث يشير ذلك إلى علاقة خاصة ومبكرة للشهيد مسلم بن عوسجة بالشهيد مسلم بن عقيل رضوان الله تعالى عليهما.

* بيعة الكوفيين
حلّ مسلم في الكوفة متكتماً، وبدأ يأخذ البيعة من أهلها للإمام الحسين عليه السلام بأسلو بين ، مباشرة، وعبر معتمدين انتدبهم لذلك، فقد ورد حول عدد من الشهداء الكربلائيين عبارة "و كان يأخذ البيعة" كما يأتي في تراجمهم، وقد اختلفت الأقوال في عدد المبايعين، ولعلّ السبب في ذلك يرجع الى إطراد حركة البيعة وازديادها المستمر كما هو صريح عبارة "المناقب" عند ذكره الرقم الثاني، مما يجعل كل رقم يعبر عن مرحلة من مراحل البيعة، ومن الأرقام التي ذكرت :
أ ـ اثنا عشر ألفاً
(38)
ب ـ ثمانية عشر ألفاً 
(39)
ج ـ خمسة وعشرون ألفاً 
(40)
د ـ أربعون ألفاً
(41)

وفي بعض المصادر حديث عن أنصار الإمام في الكوفة - لا مبايعيه - وأنهم على ما كتب أهل الكوفة إلى الإمام "مائة ألف سيف". (42) وسيأتي في بعض نصوص رسالة الشهيد مسلم إلى الإمام "جميع أهل الكوفة معك".

* رسالته إلى الإمام
لقد وجد مسلم أهل الكوفة مجمعين على الإمام الحسين، يلهجون بذكره، مبادرين إلى بيعته، وبعد أن أخذ بيعة اثني عشر ألفاً
(43) أو ثمانية عشر ألفاً (44) كتب إلى سيد الشهداء عليه السلام يخبره بما رأى في الكوفة، وفي المصادر حديث مضطرب عن الرسائل التي ذكر أن الشهيد بعث بها إلى الإمام، وهذه عمدة النصوص في ذلك:

1- " أما بعد فإني أخبرك أنه قد بايعك من أهل الكوفة كذا فإذا أتاك كتابي هذا فالعجل العجل فإن الناس معك وليس لهم في يزيد رأي ولا هوى". (45)
2- " وكتب مسلم بن عقيل الى الحسين عليه السلام كتاباً أما بعد فإن الرائد لا يكذب اهله وإن جميع أهل الكوفة معك وقد بايعني منهم ثمانية عشر الفاً فعجل الإقبال حين تقرأ كتابي والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ".
(46)
3- " وكان كتاب مسلم قد وصل إليه قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة، ومضمونه: أما بعد فإن الرائد لا يكذب أهله، وإن جميع أهل الكوفة معك، فأقبل حين تقرأ كتابي هذا والسلام عليكم". 
(47)
4- " أما بعد : فان الرائد لا يكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر الفاً فعجل الإقبال حين يأتيك كتابي، فان الناس كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى، والسلام".
(48)

ولا يمكن الجزم بترتيب هذه الرسائل وأيها الأولى، خاصة مع وجود التصريح بأن النص الوارد أعلاه أولاً، هو نص الرسالة التي حملها الشهيد عبدالله بن بقطر، وأنها أخذت منه لدى اعتقاله، وأن ذلك قد حدث عند رجوع ابن زياد من بيت الشهيد هانيء وكان في عيادة شريك بن الأعور (49) والراجح هو أن ما تورده المصادر عبارة عن رسالتين بعث الشهيد إحداهما بعد دخوله الكوفة بفترة، والثانية قبل شهادته بسبع وعشرين ليلة، وهذا يعني أن تاريخها كان حوالي الثاني عشر من ذي القعدة، وإذا افترضنا أن الرسالة الأولى كانت بتاريخ الخامس عشر من شوال- أي بعد دخوله الكوفة بعشرة أيام - فهذا يعني أن هناك رسائل أخرى متبادلة في الفترة الواقعة بين الخامس عشر من شوال والثاني عشر من ذي القعدة، ويبدو أن الشهيد عبدالله بن بقطر قد حمل في هذه الفترة بالذات رسالة من الإمام إلى الشهيد مسلم وأوصلها إليه ثم حمل رسالة من الشهيد مسلم فاعتقل كما يأتي في ترجمته.

* رسالة الإمام ، بعد البيعة
و قد كتب عليه السلام الى أهل الكوفة :
بسم الله الرحمن الرحيم
من الحسين بن علي إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا اله الا ّهو، أمّا بعد : فإنّ كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبر فيه بحسن رأيكم واجتماع ملأكم على نصرنا والطلب بحقنا، فسألت الله أن يحسن لنا الصنيع، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر، وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية، فإذا قدم عليكم رسولي فانكمشوا في أمركم وجدوا، فإني قادم عليكم في أيامي هذه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(50)

و لم تصل هذه الرسالة إلى مسلم لأنه رضوان الله تعالى عليه استشهد في اليوم التالي لكتابتها، ولم تصل كذلك الى أهل الكوفة، فإن فورتهم كانت قد خمدت، وألقي القبض على الرسول فألقي من أعلى القصر (51) بعد أن وقف موقف الأبدال.

وتسأل: إذا كان الإمام يعرف ما يؤول إليه أمر الكوفيين، فلماذا توجه إلى العراق؟ ولماذا اهتم برعاية الحراك الكوفي الذي يعلم أنه سيذهب أدراج الرياح؟
ويقتضي الجواب على ذلك - الذي تقدمت إشارة موجزة له مع وعد بمزيد بيان - الوقوف عند نقطتين: الإفادة من الممكن، وإتمام الحجة.

* الإفادة من الممكن
من أبعاد غربة الإمام الحسين عليه السلام بيننا، تلك الغفلة المنكرة عن الهدف المركزي الذي يجب التنبه له جيداً عند تناول تواصل الإمام عليه السلام مع أهل الكوفة، وهو الإفادة من أي تحرك في الأمة يصب في ضرب أركان النظام الأموي الفرعوني ويخدم بالتالي ولو على المدى البعيد حفظ أصالة الإسلام ونقاء مفاهيمه من كل لوثة تحريف، ويخدم بالتالي تحرر الأمة من الملك العضوض، ووعيها لإشكالية الحاكم والمحكوم.

كان معاوية قد شوه البنية الفكرية العامة في المجتمع الإسلامي إلى حد أنها أصبحت لا ترى في وصول يزيد إلى موقع الخليفة ما يحمل على الجهاد لإحقاق الحق، وكان الهدف المركزي لسيد الشهداء عليه السلام أن يسقط من أذهان الأمة أي شائبة شرعية لمثل هذا النظام، ولم يكن في الأمة من يسهم في تظهير هذا الهدف إلا ثلة مجاهدة هي الأصحاب الأبرار الذين بذلوا مهجهم دون الحسين لأنه من رسول الله ورسول الله منه، وكانت هناك إمكانية حراك في الكوفة يعرف القاصي والداني سلفاً أنها فورة لا تلبث أن تستلب، فهل من الحكمة أن يصرف النظر عن هذه الفورة، أم أن الحكمة كل الحكمة في رعاية هذا الحراك – الفورة، ليخدم أهداف الأمة والإسلام إلى آخر لحظة ممكنة؟

وكان ثمن هذه الرعاية أن يبرز الشهيد مسلم بن عقيل، لينازل الخذلان الكوفي في عقر داره، ويستشهد في الكوفة، بدلاً من أن يبرز في ميدان المعركة في كربلاء ويستشهد فيها.

وقد حقق هذا الخيار الفريد المتمثل بإصرار الإمام الحسين عليه السلام على الإفادة الممكنة من بوادر حركة الإعتراض والممانعة في الكوفة، جميع الأهداف المرجوة من مثله، وهي كما يلي:
1- إظهار أن الكوفة ما بين لابتيها وقبل الإستبدال، لا ترى في يزيد إلا الحاكم الجائر المتسلط بالقهر، والكوفة آنذاك هي الحاضرة الإسلامية الأبرز في المسار العملي، فهي دار الجند، ومركز تجمع جيوش الفتح في القادسية وغيرها، وانطلاقاتها التالية إلى سائر الجهات كما تقدم، والموقف فيها يلقي بظلاله على سائر الحواضر.
2- إظهار أن استعادة يزيد - عبر ابن زياد - للإمساك بزمام الأمور، تحقق بالأساليب الملتوية : استدراج هانيء والغدر به، تخاذل المذحجيين، تواطؤ عدد من شيوخ القبائل كمحمد بن الأشعث، وتدليس شريح الخ.
3- تقديم التفسير الظاهري المقبول إجمالاً لتوجه الإمام الحسين عليه السلام إلى العراق، وضواحي الكوفة، لتجري أحداث كربلاء في قلب العالم الإسلامي، وعلى مشارف العاصمة العسكرية الأبرز.
4- جعل الكوفة المختبر الذي يكشف تفاعلات النفس البشرية حين توضع أمام خياري الجهاد والقعود، وإثراء حركة الممانعة بالدروس العملية، وهو ما مكن عدداً من كبار القادة العسكريين "فرسان المصر" من اللحاق بسيد الشهداء عليه السلام، وترك الباب مفتوحاً على مصراعيه للأجيال القادمة، فكانت حركة التوابين وحركة المختار، وكانت وما تزال كل التجليات الكربلائية.
5- تقديم التفسير الظاهري لاصطحاب الإمام الأهل والعيال معه، وهو ما مكنهم من إيصال رسالة كربلاء إلى المسلمين في عصرهم وفي كل عصر، ولولم يكن إلا الخطب الثلاث للسيدة زينب والإمام السجاد عليهما السلام، في الكوفة والشام لكفى.

ولو أن الإمام عليه السلام لم يقدم كل ما يمكنه لرعاية بوادر المعارضة في الكوفة وتناميها، لكان من الطبيعي أن يستشهد في مكة، أوفي غيرها بما يشبه الإغتيال ولو كان عبارة عن مبارزة تتوفر دواعي كتمان أحداثها.

هكذا ندرك بوضوح كيف تتجلى روعة التخطيط في كل مفصل أقدم عليه سيد الشهداء عليه السلام، وندرك أن هذه الرعاية الدقيقة للحراك الكوفي كانت ضرورة لابد منها، بل كان من شأن الإعراض عنها أن يلحق بالنهضة الحسينية أفدح الخسائر.

* إتمام الحجّة :
كان الإمام الحسين عليه السلام أعرف الناس بأهل الكوفة، فمراراتهم ما تزال في لهاته، وكان لابد من إلقاء الحجة عليهم، وإتمامها، ولو أنه بايعه منهم أضعاف من بايعه لما تغيّر رأيه فيهم، هذا ما ينبغي الجزم به، دون أدنى تردد، انطلاقاً من معتقدنا في علم الإمام، وهذا الحشد الهائل من النصوص التي تقف بنا عند العديد من تفاصيل ما دار بين الإمام وكل من نصح بعدم التوجه إلى الكوفة، وهو حافل بالكثير مما ،تناقله الرواة من أقواله عليه السلام التي يصرّح فيها بعلمه باستشهاده، وخذلان أهل الكوفة له، ومن ذلك ما حدّث به بعض الرواة فقال: حججت فتركت أصحابي، وانطلقت أتعسّف الطريق وحدي، فبينما أنا أسير إذ رفعت طرفي إلى أخبية وفساطيط، فانطلقت نحوها حتى أتيت أدناها فقلت: لمن هذه الأخبية ؟ فقالوا: للحسين عليه السلام، قلت: ابن علي وفاطمة ؟ قالوا: نعم، قلت: في أيّها هو؟ قالوا: في ذلك الفسطاط، فانطلقت نحوه فإذا الحسين مُتّكٍ على باب الفسطاط يقرأ كتاباً بين يديه، فسلمت فرد علي، فقلت: يا ابن رسول الله، بأبي أنت وأمي، ما أنزلك في هذه الأرض القفراء التي ليس فيها ريف ولا منعة ؟ قال: إن هؤلاء أخافوني، وهذه كتب أهل الكوفة، وهم قاتليّ، فإذا فعلوا ذلك ولم يدعوا لله محرماً إلاّ انتهكوه، بعث الله إليهم من يقتلهم حتى يكونوا أذلّ من قوم الأمَة .
(52)

وفي بعض مراحل الطريق قال عليه السلام لمن أشار عليه بعدم التوجه الى الكوفة إلا بعد سيطرة من يدعي نصرته عليها: يا عبدالله ليس يخفى عليّ الرأي، وإن الله تعالى لا يغلب على أمره، ثم قال عليه السلام والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا سلّط الله عليهم من يذلّهم حتى يكونوا أذلّ فرق الأمم .(53)

إلى غير ذلك من نصوص مشهورة، تكشف بوضوح أن بيعة الكوفيين له لم تكن لتغير من رؤيته صلوات الله عليه، للأمور على الإطلاق. و قد تقدم في الحديث حول ظروف إرسال الشهيد مسلم مزيد إيضاح، كما تقدم في ترجمة الشهيد مسلم قول الإمام له: " وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء".(54)

وفي ساحة المعركة في كربلاء، الكثير من تصريحه بعلمه عليه السلام بما انطوت عليه أضلاع الكوفيين، فقد خاطبهم بقوله: " أجل والله الخذل فيكم معروف ( غدر فيكم قديم) وشجت عليه أصولكم وتأزرت عليه فروعكم. وفي رواية: وشجت عليه عروقكم وتوارثته أصولكم وفروعكم وثبتت عليه قلوبكم و(غشي) صدوركم فكنتم أخبث ثمر، شجاً للناظر و أكلة للغاصب، ألا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً فانتم والله هم ". (55)

وهو تصريح واضح الدلالة بأن هذا رأيه فيهم أولاً و آخراً، فهو لم يفاجأ بانقلابهم على الأعقاب، لأنه لم يخدع بهم بل انخدع لهم، أي أنه جاراهم فظن الجاهل أنه لا يعرف حقيقتهم، وإنما دعاه إلى ذلك ألا تكون لهم الحجة، ومن فرائد ما روي عنه في هذا المجال، ما أجاب به عمر بن سعد حين لمَّح له إلى غدر أهل الكوفة، وذلك عند اجتماعه به في كربلاء، فقال عليه السلام: "من خادعنا في الله انخدعنا له". (56)

وخلاصة القول: إن الإمام عليه السلام كان يريد أن تستفيد الأمة من الممكن من الحراك الكوفي، وكان يريد أيضاً إتمام الحجة حتى لايقال إن فرصة ذهبية ضاعت ولم تحظ بالرعاية المطلوبة.

* تنفيذ المهمة: الخطوط العامة
ولا ينفصل الحديث عن إتمام الحجة عن مهمة الشهيد مسلم في الكوفة، ولا يصعب أبداً الجزم بأن مهمة الشهيد كانت تتجاوز ظاهر ما ورد في رسالة الإمام، لتشمل ماحدثه الإمام به، وما يقتضيه أن الشهيد هو "أخو الإمام وثقته" فقد يفرض تطور مسار الأحداث اتخاذ إجراء معين لا يدخل في باب التعرف على حقيقة موقف أهل الكوفة، بل يدخل في باب السيطرة على الوضع فيها تمهيداً لقدوم الإمام.

إن من أوضح الواضحات أن إتمام الحجة لا ينسجم مع تعريض أهل الكوفة لشفرة الجزار دون العمل في كل مرحلة من مراحل تواجد الشهيد مسلم بما ينسجم مع تصاعد حركة البيعة وتفاعل أخبار ذلك ولو كانت من حيث المبدأ طي "الكتمان" فإن الكتمان في الحركة الإجتماعية نسبي.

كان إتمام الحجة على أهل الكوفة يعني: التعرف إلى حقيقة موقفهم عن كثب، وأخذ البيعة منهم، و إعدادهم للمواجهة، وكان الشهيد مخولاً بتوقيت هذه المواجهة و اتخاذ القرار المناسب، إلا أن المحور في ذلك كله هو رأي أهل الكوفة.

ولا يستند ذلك إلى التخمين بل يستند إلى الثابت مما قام به الشهيد مسلم في الكوفة، فهو بالإضافة إلى تدارس الوضع مع المعنيين في اجتماعات دورية، قد عيّن من يأخذ البيعة ممن يريد أن يبايع، كما عين من يقوم بمهمة استلام الأموال وشراء السلاح.

ولماذا المال والسلاح إذا كانت المهمة تقتصر على دراسة الوضع وتكوين صورة دقيقة عنه؟

قال الشيخ المفيد والطبري حول الشهيد أبي ثمامة الصائدي: "وهو الذي كان يقبض أموالهم وما يعين به بعضهم بعضاً ويشتري لهم السلاح، وكان بصيراً وفارساً من فرسان العرب و وجوه الشيعة ". (57)

وقد قال ابن زياد للشهيد هانيء: "جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدورحولك". (58)

ولئن كان شراء السلاح لا يدل على توقيت للسيطرة على الكوفة، فإن جمع الرجال "في الدور حولك" مختلف الدلالة جذرياً، فهو ينبيء عن قرب موعدٍ كان التداول فيه قائماً.

وكان الشهيد مسلم بن عقيل يرى المبادرة إلى الخروج على النظام، الاّ أنّ الكوفيين لم يوافقوا على ذلك. يقول ابن شهراشوب: " لما دخل مسلم الكوفة سكن في دار سالم بن المسيب فبايعه اثنا عشر ألف رجل، فلما دخل ابن زياد انتقل من دار سالم إلى دار هانيء في جوف الليل ودخل في أمانه وكان يبايعه الناس حتى بايعه خمسة وعشرون ألف رجل فعزم على الخروج، فقال هانيء : لا تعجل ". (59)

وربما كان الفشل هو النتيجة الطبيعية لتضييع هذه الفرصة الفريدة، ولله أمر هو بالغه.

لئن كان الإعداد اللازم استدعى تأخير السيطرة على الكوفة في آخر أيام النعمان بن بشير -الوالي آنذاك كما سيأتي- فما هو مسوِّغ تأخير ذلك في أول أيام دخول ابن زياد إلى الكوفة.

ولست هنا بصدد إدانة الشهيد هانيء، فهو أجل قدراً من أي تشكيك فيه من حيث سلامة المعتقد، بل أنا بصدد الإلفات إلى ما يرجح أنه قد نتج عن اختيار التأخير، فقد كان الإطمئنان إلى أن الكوفة طوع البنان، أكثر مما ينبغي، ولذلك فإن هذا التأخير قد أفسح في المجال – على ما يبدو- لهذا الإنقلاب المدوي على الأعقاب.

ينبغي أن يسجل لثقة الإمام الحسين عليه السلام أنه لم يخطيء التوقيت، وأن الكوفة تجرعت غصص عدم إصغائها لحسن اختياره، فجرعت الأمة غصصاً تبقى حرارتها في قلوب المؤمنين إلى يوم الدين.

ولم أجزم بأن الفشل كان نتيجة ذلك وإنما رجحته لاحتمال أنه كان بالإمكان أن يتصرف الكوفيون لو أمروا بمهاجمة القصر في هذه المرحلة كما تصرفوا بعد اعتقال الشهيد هانيء، فيتسللون لواذاً تاركين الأمر للسلاطين. و" ما لهم وللسلاطين"!
 

الفهارس


(1) قال السيد بحر العلوم: "ولم يعلم حال هاني بن هاني السبيعي إلى أين انتهى ، ولم يذكر في عداد أصحاب الحسين عليه السلام الذين قتلوا معه في المعركة". الفوائد الرجالية4/51. وأما سعيد بن عبدالله فهو الحنفي الشهيد عند صلاة الظهر.
(2) الشيخ المفيد، الإرشاد 2/ 39. والطبري4/262. واللفظ للشيخ، ومابين القوسين إضافة من الطبري.والبحار 44/334. وانظر في مهمة مسلم: المسعودي، مروج الذهب3/54.
(3) أبو حنيفة الدينوري، الأخبار الطوال230
(4) إبن أعثم، الفتوح5/31. والخوارزمي، مقتل الحسين 284(الفصل العاشر).
(5) الشيخ المفيد، الإرشاد2/39. والطبري4/263. باختلاف واللفظ للشيخ.
(6) الأربلي، كشف الغمة2/235
(7) الشيخ المفيد، الإرشاد2/39-40.
(8) ثمة اختلاف في المصادر حول من كان مع الشهيد مسلم لدى توجهه إلى الكوفة، ويبدو أن أكثر هذا الإختلاف ناشيء من التصحيف. جاء في هامش البحار:" في المصدر- أي الإرشاد للشيخ المفيد- : وعبدالله وعبد الرحمن ابنا شداد الارحبي . وفى المناقب ج 4 ص 90 وهكذا تذكرة خواص الأمة لسبط ابن الجوزى ص 139 و140 نقلاً عن ابن اسحاق " وعبد الرحمن بن عبدالله الأرحبي " ولعله الصحيح لما سيجئ بعد ذلك أنه عليه السلام أرسل مسلم بن عقيل مع قيس بن مسهر الصيداوي، وعمارة بن عبدالله السلولي، وعبد الرحمان بن عبدالله الأزدي [ الأرحبي ] فإن الظاهر أنهم هم الذين جاءوا من الكوفة رسلاً إليه". البحار44/333 الهامش. وأما عمارة بن عبيد السلولي فلم يعلم له أثر في أحداث كربلاء بعد دخوله الكوفة مع الشهيد مسلم إلا أنه في بيت هانيء اقترح على الشهيد قتل ابن زياد، وسيأتي ذلك في الحديث عن" الإغتيال". انظر: اليوسفي، ت: مقتل أبي مخنف92/93 الهامش. والطبري5/354 و363(ط: دار التراث-بيروت). وانظر: الطبسي (الشيخ نجم الدين) الأيام المكية من عمر النهضة الحسينية هامش 42-43 (الطبعة الأولى، دار الولاء، بيروت1423هـ2002م ).
(9) يأتي مزيد بيان حول الرسول في ترجمة الشهيد قيس فلاحظ.
(10) الشيخ المفيد، الإرشاد2/40 والمجلسي، البحار44/335.وفي مناقب ابن شهراشوب3/242: إلا الجبن والفشل". وفي الطبري 4/263 الخبيت. وهو تصحيف، والخبت بفتح أوله وتسكين ثانيه، وآخره تاء مثناة (...) ما تطامن من الأرض وغمض فإذا خرجت منه أفضيت إلى سعة وهو بصحراء بين مكة والمدينة. الحموي، معجم البلدان 2/ 343. وقال السيد المقرم: " في الطبري ج6 ص198، وابن الأثير ج4 ص9 الخبيت بالخاء المعجمة والباء الموحدة ثم المثناة من تحت وبعدها المثناة من فوق،.(أقول: انظر: إبن كثير، البداية والنهاية8/163(نسخة المعجم) وفيه: بطن خبيت) أضاف السيد المقرم: وفي إرشاد الشيخ المفيد الخبت بالخاء المعجمة ثم الباء الموحدة وبعدها تاء مثناة من فوق، وفي نص الأخبار الطوال ص 232 الحربث بالحاء والراء المهملتين ثم الباء الموحدة وبعدها ثاء مثلثة وهو غير مراد قطعا لأن الحربث كما في تاج العروس ومعجم البلدان نبت طيب،.( أقول: في الأخبار الطوال230 من نسخة المعجم: بطن الحريث بالياء المثناة قبل الثاء لا الباء الموحدة، وهو مطابق لما نقله عنه في هامش البداية والنهاية8 /163.) أضاف السيد المقرم: وأما ما في الإرشاد فيمكن إرادته لأنه في تاج العروس ج1 ص614 ذكر من معانيه المتسع من الأرض والوادي العميق الوطيء ينبت العضاة وقرية لزبيد في البر مشهورة وماء لكلب كما أن الأول يمكن ارادته لأن الخبيت كما في معجم البلدان والمعجم مما استعجم للبكري ماء لبني عبس وأشجع يقع في العالية وهي الحجاز، وفي المستعجم أنه موضع على بريدين من المدينة ".
(11) الدينوري، اللأخبار الطوال230.
(12) المجلسي، البحار44/335.
(13) الطبسي (الشيخ نجم الدين) الإمام الحسين في مكة المكرمة52. فقد استعرض رأي الشيخ القرشي ورجحه. انظر: القرشي(الشيخ باقر شريف) حياة الإمام الحسين عليه السلام2/343-344(ط:41413هـ1992م ).
(14) انظر: المقرم، الشهيد مسلم بن عقيل 64-80.
(15) الكمره إي، (الميرزا خليل) عنصر شجاعت (م.م) 4/ القسم الخاص ب " مسلم وأسرارالكوفة، العاصمة العاصفة" 396 فما بعدها.
(16)الطبري4/441.
(17) المسعودي، مروج الذهب2/ 366 (ط: دار الأندلس- بيرت) وقد ورد فيه عن حرب الجمل: "ثم بعث( علي عليه السلام) إلى ولده محمد ابن الحنفية، وكان صاحب رايته: إحمل على القوم، فأبطأ محمد بحملته، وكان بإزائه قوم من الرماة ينتظر نفاد سهامهم، فأتاه علي (عليه السلام) فقال: هلا حملت؟ فقال: لا أجد متقدماً إلا على سهم أو سنان، وإني منتظر نفاد سهامهم وأحمل. فقال: احمل بين الأسنة، فإن للموت عليك جُنة. فحمل محمد فشك بين الرماح والنشاب فوقف، فأتاه علي عليه السلام، فضربه بقائم سيفه وقال: أدركك عرق من أمك، وأخذ الراية وحمل، وحمل الناس فما كان القوم إلا كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.
(18) البلاذري، أنساب الأشراف77.
(19) السماوي، إبصار العين.
(20) المسعودي، مروج الذهب 3 /54.
(21) الإرشاد2/41. والطبري4/264. وسيأتي توضيح في استبعاد ذلك .
(22) الطبري4/263. وانظر: الشيخ المفيد، الإرشاد2/41 باختلاف. واللفظ للشيخ.
(23) الطبري4/264. ولم يورد الشيخ المفيد خبر هذا المجلس.
(24) المصدر.
(25) لايمكنني الجزم بأن الشيخ المفيد قد اعتمد نص الطبري كما يتبناه بعض المحققين، وإن كان التشابه بين النصين يبلغ جدود التطابق غالباً، إلا أن ذلك يرجع إلى اتحاد المصادر التي أخذ منها الشيخ المفيد والطبري، بل يمكن ترجيح أن الشيخ لم يعتمد نص الطبري أبداً، ويؤكد ذلك أن مثل الشيخ المفيد لايمكن أن يعتمد في مثل الحديث عن كربلاء سيد الشهداء مصدراً فرعياً بالنسبة إلى الكلبي والمدائني اللذين صرح الشيخ المفيد في بداية سرد وقائع كربلاء أنه اعتمدهماوغيرهما "من أصحاب السيرة".. أنظر: الشيخ المفيد، الإرشاد32:1
(26) الشيخ المفيد، الإرشاد2/41. والطبري4/264.
(27) الدينوري، الأخبار الطوال231.
(28) إبن حبان(الوفاة354) الثقاة2/307.
(29) إبن شهراشوب، مناقب آل أبي طالب3/242. وقال الفتال النيسابوري في روضة الواعظين/173: "فأقبل مسلم حتى أتى الكوفة فنزل دار المختار بن أبي عبيدة، وهي التي تدعى دار سلام بن المسيب". وهكذا نكون أمام: مسلم وسالم وسلام، والأرجح أن المراد: مسلم بن المسيب الذي كان والياً على شيراز وقتل عام 128كما في الطبري6/39".
(30) الطبري 4/122.
(31) الطبري4/286
(32) المقرم (السيد عبد الرزاق الموسوي) مقتل الحسين أو حديث كربلاء330نقلاً عن شرح النهج. انظر:2/293 قول ميثم للمختار، ونقلاً عن الإرشاد. انظر:1/234 كسابقه، ونقلاً عن البحار.. انظر:المجلسي، بحار الأنوار 45/353. وانظرابن نما، ذوب النضار69 والبحراني، العوالم، الإمام الحسين عليه السلام 672. ويأتي تفصيل ذلك ومصادره، في"تداعيات الإنهيار الكوفي" وترجمة الشهيد ميثم.
(33) المسعودي، مروج الذهب 3/ 54.
(34) الطبري4/258 و259. وابن حجر، تهذيب التهذيب2/301. والإصابة2/69.
(35) ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة2/ 15.
(36) الشيخ عباس القمي، نفس المهموم83 (مكتبة بصيرتي- قم،1405).
(37) إبن كثير، البداية والنهاية8/163. وقد نبه إلى رأيه السيد المقرم.
(38) المسعودي، مروج الذهب3/54. وابن شهراشوب، المناقب3/242.والطبري4/258. وابن حجر، الإصابة2/69 وكلاهما برواية الدهني عن الإمام الباقر عليه السلام. والمزي، تهذيب الكمال6/424.
(39) المصدر(المسعودي) بصيغة : وقيل. والشيخ المفيد، الإرشاد2/41. وابن حبان، الثقاة2/307. والدينوري، الأخبار الطوال235.و241. والقندوزي، ينابيع المودة لذوي القربى3/55.
(40) إبن شهراشوب، المناقب3/242. عن مرحلة ما بعد انتقاله إلى دار الشهيد هانيء. وانظر: الدينوري الإمامة والسياسة2/4 (أكثر من ثلاثين ألفاً).
(41) إبن نما الحلي، مثير الأحزان17. وليلاحظ أنه يورد ذلك عن الفترة التي سبقت وصول الشهيد مسلم إلى الكوفة. والسيد الأمين، لواعج الأشجان38 عن الشعبي. والذهبي، سير أعلام النبلاء3/307 في عدد من خرج مع الشهيد مسلم لمحاصرة دار الإمارة.
(42) الشيخ المفيد، الإرشاد2/71. وابن نما، مثير الأحزان، وعنه: البحار44/343.
(43) الطبري4/258-259.
(44) الشيخ المفيد، الإرشاد2/41 دون ذكرنص الرسالة.
(45) إبن شهراشوب، المناقب3/243.
(46) إبن نما، مثير الأحزان21.
(47) الطبري4/297 وسيأتي نص آخر أورده أيضاً، وابن كثير، البداية والنهاية8/181.باختلاف يسير، واللفظ للأخير.
(48) الطبري4/281. وقد ذكر الشيخ المفيد أن مسلماً كتب إلى الإمام قبل شهادته بسبع وعشرين ليلة لكنه أيضاً لم يورد نص الرسالة. انظر: الإرشاد2/71.
(49) إبن شهراشوب، المناقب3/243.
(50) الطبري4/297. وابن كثير، البداية والنهاية8/181.و انظر الإرشاد 2/70 وفيهما: فاكتموا أمركم".
(51) الطبري4/298. وابن كثير، البداية والنهاية8/181والإرشاد2/70 وفيهما أن الذي حمل الرسالة هو الشهيد قيس، ولكن الشيخ المفيد- ذكر أن الذي حملها هو الشهيد عبدالله بن بقطر، أو الشهيد قيس بن مسهِر.
(52) المجلسي، البحار44/368. والزرندي الحنفي، نظم درر السمطين214. باختلاف، وفيه "قرم الأمة" وتفسيره نقلاً عن الأصمعي بخرقة الدورة الشهرية للمرأة إذ تلقى. وانظر: المحدث القمي، نفس المهموم176 نقلاً عن البحار وفيه توضيح نقلاً عن السيد ابن طاوس وغيره.
(53) الشيخ المفيد، الإرشاد2/76.
(54) الخوارزمي، مقتل الحسين 284(الفصل العاشر).
(55) جاء النص مضطرباً في مظانه التي أوردته، إلا أنه لايقدح في وضوح المعنى العام. أنظر: إبن شعبة الحراني، تحف العقول241. والمجلسي، البحار45/8. والسيد محسن الأمين، لواعج الأشجان13. واللفظ له بتصرف يسير.
(56) سبط ابن الجوزي (581-654 هـ). تذكرة الخواص248. ( المعروف بتذكرة خواص الأمة في خصائص الأئمة، ط: النجف، أفست: مكتبة نينوى الحديثة، طهران، ناصر خسرو).
(57) الشيخ المفيد، الإرشاد2/46. والطبري4/271.
(58) المصدران: الإرشاد48 و الطبري273.
(59) إبن شهراشوب، مناقب آل أبي طالب3/242.