كتاباً موقوتاً

كتاباً موقوتاً

17/12/2012

حبُّ الدُّنيا المذمومة


حبُّ الدُّنيا المذمومة
العلاج، قَطْعُ الشَّواغل
_______الإمام الخميني قدّس سرّه_______


إنَّ الإنصراف عن الدُّنيا بأيِّ مقدارٍ كان، سيؤدّي حتماً إلى الإلتفات إلى الآخرة بنفس المقدار.
في هذا السِّياق، تقدِّم «شعائر» مقتطفاً من كتاب (سرّ الصَّلاة) للإمام الرّاحل روح الله الخميني قدّس سرّه، يسلِّط الضّوء على أهمّيّة صرف الهمّة والجهد في تخفيف اشتباك القلب مع علائق الدُّنيا المذمومة، لينعمَ بحقيقة العبادة.


إنَّ العلاج لِمطلَق العبادات على الطَّريق الكلّي، هو أن يقوم الإنسان بقطع الشَّواغل الدّاخليّة والخارجيّة التي أهمّها الشّواغل القلبيّة، والسَّبب العمدة للشّواغل القلبيّة منحصرٌ في حبِّ الدّنيا وهمِّها. فإذا كان همّ الإنسان تحصيل الدّنيا والوصول إلى زخارفها فيتوجَّه القلب بالفطرة إليها وتكون هي الشُّغل الشَّاغل له، فإذا انصرف من بعض الأمور الدّنيويّة يتوجَّه إلى الأخرى.

إقطع شجرة الدُّنيا من القلب

ومَثَلُ القلب مثل طائر يطير على الدَّوام من غصنٍ إلى غصنٍ؛ فما دامت شجرة الأمل للدّنيا وحبُّها قائمة في القلب على ساقها، فطائر القلب متعلّق على أغصانها، فإذا قطع هذه الشّجرة بالرّياضات والمجاهدات، والتّفكُّر في عواقب الدّنيا ومعايبها، والتّدبُّر في الآيات والأخبار وحالات أولياء الله، يَسكن القلب ويكون مطمئنّاً، ويمكن أن يوفَّق للكمالات النفسانيَّة التي من جملتها حضور القلب بجميع مراتبه، وإلَّا فبمقدار التّوفيق في تقليله يكون موفّقاً في النّتيجة.
وإذا تأمّل أحدٌ تأمُّلاً قليلاً في عواقب أمر أهل الدّنيا وعشّاقها، والمفاسد التي بَرَزَت منهم، والعار الذي بقي تذكاراً لهم وقد سوّد صفحات التاريخ وشوّه وجهه، وكلُّها كانت من حبّ الدّنيا، وتفكَّر في الأخبار والآثار التي وَرَدت من أهل بيت العصمة والطَّهارة في ذمّ حبِّ الدّنيا والمفاسد التي تترتَّب عليها في الدِّين والدُّنيا، فإنَّه ليصدّق بأنَّ قطع هذا الفساد عن صفحة القلب ومَحْو هذه الظُّلمة والكدرة عن فضاء القلب لازم بكلِّ قيمةٍ وضغطٍ ورياضةٍ متيسّرة وممكنة، وهذا الأمر ممكن إلى حدّ ما بالإقدام عليه وصرف الهمّة إليه وإن كان تركه المطلق لا يتأتَّى من كلِّ أحد، ولكنَّ تقليله وقطع أغصان هذه الشّجرة وإسقاط أوراقها ممكن جدّاً، بل يمكن أن يقال أنَّه أمر سهل. ومن المعلوم أنَّ الإنسان إذا لم يكن أكبر همّه الدّنيا ولم تكن وجهة القلب متوجِّهة بتمامها إلى زخارف الدّنيا، فيمكنه أن يقسّم حالاته وتفكُّرات قلبه فيُخلِص قلبه أحياناً للعبادة. ولعلّه إذا كان بصدد ذلك وواظب قلبه مدّة وحافظ على قلبه، يصل إلى نتائج حسنة، ويصل بالتّدريج إلى قطع جذور هذا الفساد.

الدُّنيا دنياوان، مذمومة ومحمودة

وليعلم أنَّ الدّنيا المذمومة على لسان الأولياء إنّما هي العلاقة والحبّ والتّوجّه إليها، وإلَّا فأصل عالَم المُلك ومشهد الشّهادة الذي هو من مشاهد جمال الحقّ الجميل، ومهد تربية الأولياء والعرفاء والعلماء بالله، ودار لتكميل النّفوس القدسيّة البشريّة ومزرعة الآخرة، من أعزّ المشاهد والمنازل عند الأولياء وأهل المعرفة.
ومن المعلوم أنّه ليس للعلاقة بالدّنيا دَخْلٌ في إقبالها وحصولها؛ فرُبَّ ذوي علاقة فقراء لم يكن لهم من الدّنيا سوى فسادها ونكبتها، وأشخاص بلا علاقة ذوي مُلْكٍ وحشمةٍ قد جمعوا بين الدّنيا والآخرة ونالوا سعادة الدّارَين.
وبالجملة ما هو شوك طريق الوصول إلى الكمالات والّشيطان القاطع لطريق مقام القرب والوصول، ويصرف الإنسان عن الحقّ ويحرمه لذّة المناجاة معه ويُظلِم القلب ويكدّره، فهو حبّ الدّنيا الذي جعلته الأحاديث الشّريفة رأس كلّ خطيئة ومجتمع المعاصي.

***


فعلى الإنسان أن يقلّل عند العبادة من اشتغالات القلب وخواطره ويخصِّص وقتاً للعبادة تكون شواغله فيه قليلة، ويكون القلب في ذلك الوقت أكثر اطمئناناً وأَسْكَن من سواه من الأوقات، وهذا أحد أسرار الوقت. (مختصر)

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

17/12/2012

دوريات

نفحات