مرابطة

مرابطة

منذ 5 أيام

العالم من عير إسرائيل



بَلَغَت نهاية عمرها الافتراضي
العالم من غير «إسرائيل»
______بقلم: المستشرق د. كيفِن بارِت*______


سيغدو أسهل من ذي قبل لِصُنَّاع السّياسة الأمريكيّين، في حَذْوهم حَذْو كيسنجر ووكالات الإستخبارات الستّ عشرة، أن يدركوا ما هو واضح: أنَّ «إسرائيل» قد بلغت نهاية عمرها الإفتراضي.
ما يلي، مقالةٌ للمستشرق د. كيفن بارِت حول ما أوردته «نيويورك بوست» نقلاً عن هنري كيسنجر، حيث قال حرفيّاً: «في عشر سنين، لن يكون هناك إسرائيل».

لقد شَيْطَنت وسائل الإعلام الغربيّة الرّئيس الإيراني أحمدي نجاد لتجرُّؤه على تصوُّر العالم من غير وجود «إسرائيل». بَيْد أنَّ هنري كيسنجر ومجتمعَ الإستخبارات الأمريكي متَّفقون جميعاً على أنَّ «إسرائيل» لن تكون موجودة في المستقبل القريب. فقد أورَدَت «نيويورك بوست» كلمات كيسنجر حرفيّاً، إذ قال: «في عشر سنين، لن يكون هناك إسرائيل».

ومقولة كيسنجر هذه واضحة حاسمة. إنَّه لا يقول إنَّ «إسرائيل» في خطر، ويُمكن إنقاذها إن منحناها ترليوناتٍ إضافيّةً من الدولارات وسَحَقْنا أعداءها بجيشنا. ولا يقول إنَّنا إذا انتخبنا صديق نتنياهو القديم مِت رومْني، أمكن إنقاذ إسرائيل بطريقة ما. ولا يقول إنَّنا إنْ قَصَفْنا إيران فستتمكَّن «إسرائيل» من البقاء. كذلك فإنَّه لا يعرض وسيلة للخلاص. إنَّه ببساطة يقرِّر حقيقة: في العام 2022، لن تكون «إسرائيل» موجودة.

الاستعداد لشرقٍ أوسطيٍّ بعد «إسرائيل»

لعلَّ المجتمع الاستخباري الأمريكي يوافق على ذلك، وإن لم يكن تحديداً في العام 2022. ذلك أنَّ 16 وكالة استخباريّة أمريكيّة تتمتَّع بميزانيّات يفوق مجموعها 70 مليار دولار، أصدرت تحليلاً من 82 صفحة عنوانه، «الاستعداد لشرقٍ أوسطيٍّ بعد إسرائيل».
يرى التّقرير الإستخباري الأمريكي أنَّ 700 ألف مستوطن إسرائيلي قد استَوْلوا بشكلٍ غير قانوني على أراضٍ مُغتصَبة من أراضي عام 1967 يعُدُّها العالم كلّه جزءاً من فلسطين، لا من «إسرائيل»، ولن يرحلوا بطريقة سلميّة. ولمَّا كان العالم لن يقبل مطلقاً وجودهم المستمرّ على أراضٍ مغتصبة، فقد غدا حال «إسرائيل» كحال جنوب أفريقيا في أواخر ثمانينات القرن العشرين.
وحسب التّقرير الإستخباري الأمريكي، فإنَّ الائتلاف اللِّيكودي الحاكم في «إسرائيل» ماضٍ في دعمه وتجاهله لِما يقوم به المستوطنون الخارجون على القانون من عنفٍ جامحٍ وأعمالٍ مُنتهِكةٍ للقانون. ويَذكُر التّقرير أنَّ وحشيّة المستوطنين وإجرامهم، وتزايد البنية التّحتيّة للفصل العنصري، ومنها جدار الفصل والحواجز التي تتزايد وحشيّة، لا يمكن الدِّفاع عنها أو دعمها، وغير متوافقة مع القِيَم الأمريكيّة.
في الماضي، كانت النُّظُم الاستبداديّة تَكتُم التّطلُّعات الدّاعمة للقضيّة الفلسطينيّة لدى شعوبها. بَيْدَ أنَّ هذه الدّكتاتوريّات أخذت تنهار بانهيار شاه إيران المؤيِّد لإسرائيل عام 1979 وقيام جمهوريّة إسلاميّة ديمقراطيّة، لم يكن لحكومتها إلَّا أن تعكس معارضة شعبها لـ«إسرائيل». وتتسارع اليوم في المنطقة كلّها العمليّة عينها، أي الإطاحة بالمستبدِّين الذين تعاملوا مع «إسرائيل»، أو تحمَّلوها على الأقلّ. أمّا النّتيجة، فستكون بقيام حكومات أكثر ديمقراطيّة، وأكثر إسلاميّة، وأقلّ ودّاً لـ«إسرائيل».
ويقول التّقرير الإستخباري الأمريكي إنَّ الحكومة الأمريكيّة، في ضوء هذه الحقائق، لم تَعُد، ببساطة، تملك الموارد العسكريّة والماليّة للإستمرار في دعم «إسرائيل» ضدّ رغبات أكثر من مليار إنسانٍ في جوارها. ولأجل تطبيع العلاقات مع 57 دولة إسلاميّة، يقترح التّقرير أنَّ على الولايات المتَّحدة أن تَتْبَع مصالحها الوطنيّة وتسحب دعمها لـ«إسرائيل».
والطَّريف أنَّه لا هنري كيسنجر ولا مَن حرَّر التّقرير الاستخباري المذكور أَلْمَح إلى أنَّهم سيندبون موت «إسرائيل». وهذا جدير بالملاحظة حين نعلم أنَّ كيسنجر يهودي وكان دائماً يُعَدُّ صديقاً -ولو كان أحياناً صديقاً قاسياً- لـ«إسرائيل»، وأنَّ جميع الأمريكيّين، بِمَن فيهم الذين يعملون في الوكالات الاستخباريّة، قد تأثَّروا بوسائل الإعلام المؤيِّدة لـ«إسرائيل».
فما الذي يفسِّر هذا الأمر؟

عوامل الرِّضا عن زوال «إسرائيل»
إنَّ الأمريكيين المهتمِّين بالشُّؤون الدّوليّة -والمؤكَّد أنَّ منهم كيسنجر ومَن كتبوا ذلك التّقرير الإستخباري- قد ملُّوا من العناد والتّعصُّب «الإسرائيليَّين». إنَّ أداء نتنياهو الشاذّ، والذي استثار سخرية واسعة في الأمم المتَّحدة حين لوّح بصورة كرتونيّة لقنبلة بطريقة جعلت منه كريكاتيراً لـ«صهيوني مجنون»، كان الأخير في سلسلة الزلَّات التي وقع فيها القادة «الإسرائيليُّون» الذين بدوا ميَّالين للمبالغة.
هناك عامل ثانٍ يتمثَّل في الحقد الذي يحمله الأمريكيّون على قوة الضّغط الإسرائيليّة التي تهيمن هيمنة متغطرسة على فعل الشّيء ذاته مع إيران، تزداد صحوة النّاس ويشتدُّ يقينهم بأن أناساً مثل داوْد وطومس وسانشيز إنمك سانشيز صائبون.
تتعاظم قوّة ردّة فعلٍ غير مرئيّة على الأغلب، تشبه موجةَ جزْرٍ تنساب تحت سطح البحر. وفي كلّ مرة تصفع قوّةُ الضّغط الإسرائيليّة أحد النّاس، مثل مورين داوْد، التي لاحظت مؤخَّراً أنَّ المُتعصِّبين الإسرائيليّين أنفسهم الّذين جرُّوا الولايات المتّحدة إلى حرب العراق يحاولون اليوم أن يفعلوا الشّيء ذاته مع إيران، تزداد صحوة النّاس ويشتدُّ يقينهم بأنّ أناساً مثل داوْد وطومس وسانشيز إنّما يقولون الحقّ.
أمَّا السَّبب الثّالث من الرِّضا عن زوال «إسرائيل»، فيَتمثَّل في أنَّ المجتمع اليهودي الأمريكي لم يعد مُتوحِّداً في دعمه لـ«إسرائيل»، خاصّة على مستوى قيادته اللِّيكوديّة الهَوَى. فالصّحفيّون والمحلِّلون اليهود المُحنَّكون، من أمثال فيليب فايس، أصبحوا يدركون حمق القيادة «الإسرائيليّة» الحاليَّة وغياب الأمل في ورطتها. وحسب تقارير حديثة، لم يعد دارجاً بين الشّباب اليهود الأمريكيّين أن يُعيروا «إسرائيل» اهتمامهم.
أخيراً نأتي إلى الأقل وضوحاً -لكنّه الأقوى- من سبب رضا كيسنجر ووكالة الاستخبارات المركزيّة عن تداعي «إسرائيل»: إنَّها المعلومة التي أخذت تَتَسلَّل بعناد أنَّ «إسرائيل» وأنصارها، لا المسلمين الأصوليِّين، هم مَن نفَّذوا اعتداءات الحادي عشر من أيلول ذات العلَم الزَّائف.
ليست المجموعات المعادية للسّاميّة، بل المراقبون من ذوي المسؤوليّة العليا، مَن يقول هذا بشكلٍ متزايد. فقد ظهر في برنامج الإذاعي ألن سَبْرُسْكي، وهو نصف يهودي ومدير سابق لمديريّة الدّراسات الإستراتيجيّة في كليّة الحرب التّابعة للجيش الأمريكي، وقال إنَّه بحث مع زملائه «الحقيقة المؤكَّدة تماماً» التي تُفيد بأنَّ «إسرائيل» وأنصارها مَن نفَّذ اعتداءات التّاسع من أيلول. كذلك ظهر على برنامج الإذاعي ألن هارت، المراسل السّابق لهيئة الإذاعة البريطانيّة في الشرق الأوسط (وصديق غولدا مئير وياسر عرفات) وأعلن أنَّه أيضاً يعلم أنَّ «إسرائيل» وشركاءها قد نسَّقوا أحداث التّاسع من أيلول.
واليوم لدينا مرشَّحة للرِّئاسة، ميرلن ميلر، التي يُقال إنَّها أكَّدت أنَّ «إسرائيل»، لا القاعدة، قد قامت باعتداءات الحادي عشر من أيلول.
والغاية من اعتداءات الحادي عشر من أيلول «أن يُعمّد بالدّم» ميثاق عاطفي قوي، لا تُفصم عراه بين الولايات المتّحدة و«إسرائيل»، في محاولة يائسة لتوكيد بقاء «إسرائيل» على قيد الحياة بشنِّ حربٍ أمريكيّة طويلة على أعداء «إسرائيل».
لكنَّ أعداداً متزايدة من الأمريكيِّين، ومنهم مجتمع الاستخبار الأمريكي عموماً، يدركون اليوم أنَّ أعداء إسرائيل (العالم المسلم برمَّته الذي يَعدّ أكثر من مليار ونصف مليار نسمة، ومعهم معظم العالم غير الأوروبي) ليسوا بالضّرورة أعداء الولايات المتَّحدة. وإذ يتنامى الإدراك بأنَّ أحداث الحادي عشر من أيلول لم تكن اعتداءً إسلاميّاً أصوليّاً، بل كان عملاً خيانيّاً دمويّاً جباناً قام به أنصار «إسرائيل»، سيغدو أسهل من ذي قبل لِصُنَّاع السّياسة الأمريكيّين، في حَذْوهم حَذْو كيسنجر ووكالات الإستخبارات الستّ عشرة، أن يدركوا ما هو واضح: أنَّ «إسرائيل» قد بلغت نهاية عمرها الإفتراضي.

توضيح: شكَّك البعض في صحَّة ما نُسب إلى «كيسنجر» حول زوال إسرائيل في السنوات العشر القادمة، وبمراجعة بعض مَن تابع ذلك وجدنا تأكيد الصّحيفة التي نشرت النّص وأنَّ عبارة كيسنجر كانت بالإنجليزيّة كما يلي:
»In 10 years, there will be no more Israel».
Page 12 of the September 18 issue of the "New York Post".

«شعائر»

______________________
* نقلها إلى العربية: بسام أبو غزالة


اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  إصدارات

إصدارات

منذ 5 أيام

دوريات

نفحات